رمضان كريم، وكريم جدًا، تسيل فيه الدماء إلى الرُكب، دماء المسلمين، صائمين ومفطرين، مؤمنين ومشكّكين.
في رمضان الكريم بالذات أحلم بفصل الدين عن الدولة، وأبغض أن يرتدي البعض رداء الدين لتحقيق مآرب سياسية، أو من يتغطّون في السياسة لتحقيق مآرب دينية، لا أحب هذا التداخل المتفاقم بين الدين والسياسة، لأن هذا يفشل السياسة ويفسد الدين، بغض النظر عن هذا الدين أو الذين يتبنونه ويعتبرونه ملكية خاصة لهم، فهذه الظاهرة لا تخص صنفًا واحدًا من البشر، وليست حكرًا على المسلمين، فهي موجودة لدى اليهود بشكل وثيق، فكل ساسة إسرائيل يعزفون على وتر أورشليم الموحدة والهيكل والشعب المختار والحق التاريخي التوراتي في’أرض إسرائيل’ أرض الميعاد! ولهذا تجري الآن عملية تهويد هائلة ومصادرات لما تبقى من أرض عربية لا تقل عن ما حدث عام النكبة.
هذه العلاقة موجودة في أمريكا بقوة بين الخرافات الدينية والسياسة وتداخل المسيحية المتجددة مع الصهيونية، وسيطرة اللوبي الصهيوني على القرار الأمريكي، ولا أعرف ماذا يحدث في ديانات أخرى، ولكن أجزم بوجود مثل هذه العلاقة، و’مثل ما عندك في تايوان’.
هناك من يحلم باستعادة أمجاد العرب من خلال الإلتصاق بالدين أكثر وأكثر، ولكن الدين نفسه شُعبٌ وفرق وتفسيرات لا أول لها ولا آخر!
فما هو الصحيح، هل هو اتجاه حزب الله أم اتجاه الأسير والإخوان؟ الفقيه أم المرشد أم الأزهر! السلفية أم الأكثر سلفية أم طالبان أم مجموعات حوار الأديان وتبييض وجه الصهيونية!
كل يدعي أنه يملك الحقيقة، والجميع يقول إن مرجعيته هي كتاب الله وسنة نبيه، فمن نصدّق! الجميع يهنئ الجميع بحلول الشهر الفضيل، والجميع يتمنى الخير واليمن والبركات للمسلمين وحتى للبشرية جمعاء، ولكن الدماء تسيل والمدن تدك بمدافع المسلمين وطائراتهم، لتدفع مئات آلاف المسلمين إلى دائرة الفقر واليتم والترمل والثكل والفساد والذل في هذا الشهر الفضيل بالذات.
في رمضان الكريم كثير من الدعاء وطلب الرحمة والغفران، نرى المساجد والميادين على كثرتها مكتظة، الكتف على الكتف، ويطيح الإمام أن من حقك أن تسجد على ظهر أخيك، ولكن لا شيء يتحرك أو يتغيّرعلى أرض الواقع، بل يزداد الوضع سوءًا، حتى صرنا نشكك بأن الدعوات تنقلب إلى عكسها على الأمة، وأن الله غير راض، وكثرة الصراخ وحشد الصفوف والفقهاء و’العلماء’ لا يغني عن الصدق والحقيقة.
إلى جانب هذا، فإن العداء للإخوان المسلمين والحركات الإسلامية لا يعني أنك ديمقراطي ومتنوّر بالضرورة، وإعلانك بأن’القومية العربية هي ما يوحدنا’ لا يبرر ذبحك لكل من يعترض على بقائك في السلطة، ولا يخفف من وطء جريمتك!
فالجرائم التي ترتكب باسم القومية والوطنية وحتى الديمقراطية لا تقل بشاعة عن تلك التي ترتكب باسم والدين.
وسؤال للسيد رمضان الطيب، رمضان الذي نحبه، رمضان الذي نختار علاقتنا به كعلاقة خاصة جدًا ليس لمخلوق الحق أن يتدخل فيها!هل كان الجيش المصري سيتدخل بهذه الصورة لو كان الحكم بيد فئة أخرى غير فئة الإخوان المسلمين، أما كان سيصبر ثلاثين عامًا كما صبر على النظام السابق الذي كان أقل حرية بكثير من نظام الإخوان، وأكثر فسادًا وتواطؤا مع عدوانية إسرائيل، بل وكان متأهبا للتوريث لولا تدخل الشعب!
وهل كان سيظهر صحافي مثل باسم يوسف يشرشح الرئيس دون أن يسجن أو يتم إخفاؤه أو إرساله إلى العالم الآخر في حادثة ‘عفوية’!
وسؤال آخرللسيد رمضان،هل يرضيك أن يقوم الإخوان المسلمون بأول تجربة لهم في الحكم بتهميش نصف الشعب المصري والاستئثار بمفاتيح السلطة!
وسؤال آخر! لماذا أيدت السعودية ودول الخليج الإنقلاب أو (اللاإنقلاب)! وهل ينتقص هذا من الثورة المصرية الثانية ويشكك بمصداقيتها كما جرى التشكيك بالثورة السورية لأنها ‘دُعمت’ من الجهات نفسها!
حضرة السيد رمضان، هل تذكر عندما كنا نتحلق حول طبق الطعام البسيط بخشوع شديد، ولم يكن في البيت مصلّون سوى الجدّ، لا مساويك ولا دشاديش ولا مسابح تعج بها الأدراج ولا عطور من العُمرة ولا ماء زمزم! هل تذكر كيف كنا نستمع ونستمتع بترتيل القرآن الكريم قبيل الأذان من صوت العرب من القاهرة، ننتظر بتلهف حتى يأتي صوت المؤذن فيهبط الخشوع والسكينة على الأرواح والأنفس كلها!.
هل تذكر سيد رمضان كيف كنا نشعر بالعزة القومية والكبرياء رغم الهزائم، لقد كان هناك أمر ما يقول لنا إن الهزيمة العسكرية أمام العدو هي أمر ثانوي وعابر وممكن التغلب عليه طالما أننا موحدون في الألم والفرح! طالما أننا غير مهزومين من داخلنا.
قد نختلف مع الحركات الإسلامية، ولكن من الظلم الفظيع وتشويه الحقيقة البسيطة اتهامهم بأنهم صنائع أمريكا وإسرائيل، وخصوصًا من قبل جهات لا تستحي بخدماتها غير المحدودة لإسرائيل وأمريكا بالذات، بل ومن جهات لا شك حول خيانتها.
سيد رمضان هل هذا أنت رمضان نفسه الذي كان؟ بالتأكيد أنك أنت أنت، ولكن نحن الذين تغيّرنا ولوينا عنق معادلة الإيمان وفق أهوائنا وأطماعنا وأحقادنا.
سلمت يداك أستاذ سهيل إنه مقالٌ يخرج من الأعماق ويحلل واقعنا المؤلم .ولكن هل نستسلم ؟هل نقنط ؟ حاشى لله .إن أملنا كبيرٌ في هذه الأمة وستستعيد بهاؤها وماضيها المشرق بأذن الله
دام رمضان قلمك، وكل عام ونحن صاءمون. و يا ليتنا نصوم الحرب، الصراعات المذهبية والطائفية. يا ليتنا نصوم الذل والهوان الى الأبد. يا ليتنا نفطر الفكر، الرقي والتقدم، نفطر التسامح، المساواة، الحرية والحب؛ و نصوم ماعدا ذالك…
قليل تلك المقالات التي تجعلك ان تكملها
اسئلة هادئة منطقية وواقعية تحتاج عقولا بقدرها
مقال رائع يستحق القراءة و تساؤلات يفرضها الواقع الاليم و تشرذهم ربابنة السفينة
لا استطيع الا ان اشد علي يدك فمهما اختلفت معك في بعض الامور الا انك في النهايه اصبت.. اللهم اهدي امتنا الي الخير
عندما كنت في عمر الشباب قرأت تاريخ العرب في الأندلس و دول الملوك والطوائف وكان ذالك سبب القضاء على العروبه والأسلام ومنذ ذالك الحين لم يتغير وضع العرب ان العربي هو الوحيد الذي لم يتعلم دروس التاريخ الا يومنا هذا
دعنا نختبىء تحت رحمتك يا رمضان !!
رمضان هو ملاك صالح تلقي به مسارات الكواكب حيثما قضت جدوال الحساب والفلك واصرت على ميلاده بين الأكوان ، هو رجل صالح معمر في التاريخ لا يشيب ولا يصغر ، لا ينتهي ولا يكبر ، يحمل من بين يديه حفنة من ضوء إلهي بعثت بها الرسل خلاصة كلماتها وكامل رسالتها بهيئة رقمية مشفرة لا يمكن كتابتها على أقراص الدي في دي ، ما أن تلتقيه حتى يحدثك عن شفقته على أقوام قد بادت وأقوام تعشعش بين شقوق التاريخ والصخور تستعد كي تلقى ذات المصير دون الإستماع لنصائحه المعتادة .
لم يلتق به أحد من قبل ولكن بعض الراحلين اقسموا انهم شاهدوه في اللحظات الأخيرة وهو يتوارى عن الأنظار هربا من عيونهم ، لو سألته عمن يعرف فسوف يعدد لك أسماء من مثل ابراهيم ونوح ولوط وهود وصالح ومحمد ويعرف من بعدهم أن غزو التتار أفضى إلى ممالك الشيطان ومستعمرات الخطايا وأنها أصبحت مدن ممنوعة عليه ومحرم عليه النظر فيها .
بحلول رمضان في ساحة الزمن المهدور في اليوم العربي والشهر العربي المنثور لا شك أنه يعود أكثر قهرا وأكثر كبدا وأقل حظا ، كيف لا وهو يطل كل سنة على حال عربي يسير من السيء نحو الأسوأ ويتصعد من الصفر نحو الحضيض ، كيف لا وهو يذرف دمعــا على خرابات الآرواح والمدن المدمرة والشعوب التي تتسلق أسوار الشيطان فوق موائد الرحمن كي تنعم بغرفة أو أثنتين من غرفات الملذات وتنهش شيئا من لحم بعضها أو تنال شيئا من غنائم الهواء أو تتبارك بدماء الذبائح .
بحلول رمضان جمعت السماء الشياطين والمردة من الجن والعفاريت وكبلتهم في سجون الله ولكن العرب أطلقوا شياطينهم وشحذوا أنيابهم وقتلوا انسانيتهم في كل فضاء وكل أمــل جديد يعيشون فيه ، بحلول رمضان أنارت السماء فوانيس الرحمة والمغفرة وفتحت أبواب التوبة وكسرت بلورات الظلام لكن العرب آثروا أن يقصفوا تلك الفوانيس ويرجموها حتى الموت قذفا لها بالخطيئة والكبائر وعصيان القبيلة ، كيف لا وهم قرروا أن الظلام ابقى وعبادة الأوثان أقرب وأحسن والجهل أجمل وأكحل .
بحلول رمضان مسحت السماء دموعا تلتهب تحت أجنحة الانكسار والافتقار لكن العرب اشعلوا دمشق والقاهرة وبغداد واستنجدوا بسحر هاورت وماروت كي تبقى الدموع ايقونة على بوابات العواصم والشهداء بواكي يرتجون الصدقة عنــد قصور الملوك .
رمضان في رحلته الأخيرة قبل ايام أقسم بألا ييأس أو يستسلم من مهمته السنوية التي لم تتوقف منذ الانفجار الأعظم وخاطب نفســـه مصبرا إياها : ألم يكن في الأرض من هم أشــد من هؤلاء فجورا ومعصية ؟ ألم يكن في الأرض من هو اشــد منهم كفرا وتزمتا وعنادا ؟ ماذ تغني النذر وماذا نفع الصخر ثمود ؟ هي أيام وسأرحل !! وسأعود بعد سنين تتلوهــا السنين و الحجج ولن يكون لهم من أثر !!
It’s amazing how you analyzed the whole situation. Loved it
لم اقرا كل المقاله,,اكتفيت بعده اسطر….اعدك ان مشينا على الدين الاسلامي الحقيقي والصحيح..فلن يصل الينا احد…هاتلي دوله عربيه ايا كانت وباي عهد كان ازدهرت كما ازدهر العرب بالحكم الاسلامي… وشكرا..
الى الاخ خليل: أوافقك الرأي لكن الازدهار الذي تتحدث عنه كان عندما كانت الدولة مدنية وتعترف بالاختلافات …. ان عدت للتاريخ ستجد أن الازدهار كان بالعصر العباسي بعهد المأمون الذي كان معتزليا !!
اسئلة منطقية تجسد الواقع الذي حصل في مصر ولكن هذا السؤال :
(هل يرضيك أن يقوم الإخوان المسلمون بأول تجربة لهم في الحكم بتهميش نصف الشعب المصري والاستئثار بمفاتيح السلطة!) يثير في الاذهان سؤال اخر هو : هل كان سينجح الانقلاب لو ان الاخوان قاموا فعلا بتهميش نصف الشعب المصري واستأثروا بمفاتيح السلطة ؟ ان نجاح الانقلاب ونتائجه التي بدأت تتوضح تؤكد ان ادعاءات اخونة الدولة والاستئثار بالسلطة لم تكن صحيحة ، وانما كانت وسيلة لاثارة الراي العام ضد الاخوان وتشويه تجربتهم في الحكم وافشالها قبل ان تنضج وتظهر ايجابياتها فتصير مثالا وقدوة للشعوب العربية الاخرى التي يراد لها ان تبقى ترزح تحت نير الظلم والاستبداد.
الدجاجه ام البيضه ,,, سؤال يطرح دائما للتعجيز او ليفخر سائله بالمعرفه ,,, المشكله سيدي الكاتب ب (العرب ام الاسلام ) (الاسلام فقط) ( العرب والاسلام )
(العرب فقط) .