الناصرة ـ “القدس العربي”: تتسارع المساعي داخل أراضي 48 من أجل إعادة تشكيل إئتلاف الأحزاب العربية في قائمة مشتركة في الانتخابات للبرلمان الإسرائيلي (الكنيست) على غرار انتخابات 2015. وقد دخلت الرئاسة الفلسطينية في الأيام الأخيرة على خط المفاوضات وكانت قد استدعت اليوم رئيس بلدية الناصرة علي سلام وتمت مطالبته بالعمل على تجميع مندوبي الأحزاب العربية حول اتفاق يتيح لهم خوض الانتخابات معا.
وكانت المشتركة قد فرط عقدها قبل نحو الشهر بعدما أعلن رئيس الحركة العربية للتغيير النائب أحمد الطيبي عن انسحابه من “المشتركة” بدعوى أن بقية الأحزاب غمطت حقه وأن حركته تستحق ثلاثة مقاعد بدلا من مقعد ونصف المقعد التي خصصت له في الدورة الماضية، مطالبا بتغيير معيار توزيع المقاعد وترتيبها بين الأحزاب العربية الأربعة. يشار إلى أن الأحزاب العربية توافقت وقتها على ترتيب القائمة المشتركة وفق قوة كل منها في انتخابات 2013 لكن الطيبي قال إن قوته قد زادت، محاولا التدليل على ذلك باستطلاعات رأي تمنحه أربعة مقاعد وأكثر. يذكر أن الأحزاب العربية داخل أراضي 48 دخلت في قائمة مشتركة في الانتخابات السابقة بعد مبادرة الأحزاب الصهيونية لرفع نسبة الحسم إلى 3.5 % في محاولة لمنع دخول العرب للكنيست فتوافقوا على “المشتركة” خوفا من عدم تجاوز نسبة الحسم بحال خاضوا الانتخابات فرادى، وتلبية لمطلب الشارع العربي الذي شدد على الوحدة.
وقال مصدر فلسطيني في رام الله لـ “القدس العربي” إن الرئيس محمود عباس استدعى رئيس بلدية الناصرة علي سلام لمكتبه وأقنعه بوقف التفاوض مع الحركة العربية للتغيير بقيادة الطيبي ووكله بمهمة لم الشمل والبقاء في موقع محايد وهذا ما تم. وبالأمس اجتمع مندوبو الأحزاب الأربعة في ديوان رئيس بلدية الناصرة للمرة الأولى منذ تفكك عقد المشتركة وخروج الطيبي منها واتفقوا على بدء مفاوضات فورية لتشكيل قائمة مشتركة جديدة. وكشف مصدر مطلع على مساعي تشكيل المشتركة لـ “القدس العربي” أن ممثلي الأحزاب الأربعة اتفقوا على تسمية المقاعد الـ 14 الأولى على مبدأ تخصيص أربعة مقاعد للجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة برئاسة أيمن عودة، أربعة مقاعد للحركة الإسلامية برئاسة دكتور منصور عباس، وثلاثة مقاعد للتجمع الوطني الديموقراطي برئاسة دكتور مطانس شحادة وثلاثة مقاعد للحركة العربية للتغيير برئاسة دكتور أحمد طيبي. ونوه المصدر إلى توافق الأحزاب الأربعة على مبدأ أن الحزب الذي ستسند له رئاسة المشتركة الجديدة لابد أن “يسدد ثمن” ذلك بتأخير أحد مرشحيه لنهاية قائمة المرشحين، في أحد الموقعين الثالث عشر أو الرابع عشر علما أن القائمة المشتركة المنحلة قد فازت بـ 13 مقعدا في الانتخابات الماضية أي بزيادة مقعدين عن مجموع ما حققته الأحزاب العربية على انفراد في انتخابات 2013.
لكن المصدر لفت إلى أن ذلك لا يعني الانتهاء من ترتيب أوراق “المشتركة”، وقال إن هناك مواضيع أخرى ما زالت عالقة منها كيفية تحديد بقية المقاعد خاصة في المواقع المتأخرة (12 و 13) علاوة على النقاش حول رئاسة المشتركة حيث يطالب مندوبو كافة الأحزاب برئاسة المشتركة التي شغلها النائب أيمن عودة مندوبا عن الجبهة في المرة الماضية. وتساءل مصدر آخر مقرب من الأحزاب العربية هل يعقل أن تتفق الأحزاب على كون القائمة المشتركة إنجازا هاما على مستوى شعب ومن ثم التفريط به بسبب الخلاف حول رئاسته. وتابع المصدر “حتى الآن الجبهة مصرة على الاستمرار في رئاسة المشتركة فيما تطالب بقية الأحزاب أن يكون هناك تداولا بينها على رئاستها لاعتبار ذلك أمرا طبيعيا بعدما شغلتها الجبهة في القائمة المنتهية لاسيما أن الجبهة حازت على خمسة مقاعد ضمن هذه المقاعد وهذه حصة الأسد”.
وقال مصدر مقرب من التجمع الوطني الديموقراطي لـ”القدس العربي” إنه من غير المعقول أن تطالب الجبهة بحصة الأسد من المقاعد وبرئاسة قائمة مشتركة خاصة أن رئاستها لها قد أثارت جدلا وخلافات حول طريقة قيادتها. وتابع “هذه المرة وبخلاف المرة السابقة لن يكون هناك تناوب بين الأحزاب على أي مقعد كي لا تقع في دوامة جديدة كما حصل بعدما اضطر النائب السابق دكتور باسيل غطاس لتقديم استقالته بعد اعتقاله وإدانته بتهريب هواتف محمولة للأسرى الفلسطينيين خلال زيارته لهم قبل نحو العامين. هذه المرة تضع الحركة الإسلامية خطا أحمر على التناوب”. وهذا ما أكده رئيس كتلة الحركة الإسلامية دكتور منصور عباس لـ”القدس العربي” موضحا أن حركته كانت قدمت مقترحا متكاملا مقبولا على كل الأطراف مع ملاحظات بسيطة حول ترتيب بعض المواقع، لا تتجاوز مقعدين.
وردا على سؤال حول رئاسة القائمة المشتركة تابع عباس “نحن في الحركة الإسلامية نتطلع لرئاستها ولكن من لا يريد بمنصور عباس رئيسا للمشتركة فليقبل إذن بالدكتور مطانس شحادة. الجبهة مصممة على الرئاسة وعلى تخصيص أربعة مقاعد مضمونة وتخصيص لمرشحها جابر عساقلة ابن الطائفة المعروفية كمرشح خامس في المكان الـ 14 أو 15. في المقابل قال النائب أيمن عودة من الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة إنه من غير المعقول أن تسند رئاسة المشتركة لمندوب عن الحركة الإسلامية في ظل وجود مجتمع فلسطيني متنوع طائفيا في الداخل وتابع ” مع ذلك من الطبيعي أن تطرح رئاسة المشتركة للمفاوضات وإن أبدت الجبهة تصميما على تمسكها بالرئاسة لاعتبارها أكبر حزب وله فروع وقواعد ثابتة فإنها تبدي مرونة في المداولات من أجل إنجاز المشتركة كونها مكسبا وطنيا حقيقا في ظل احتمالات إسقاط نتنياهو بفارق مقعد أو مقعدين أو ثلاثة”.
وأوضح عباس أن المفاوضات مستمرة يوم غد الإثنين وقال إنه بالأمس تم إحراز تقدم مهم تمثل بلقاء مندوبي “الرباعية” للمرة الأولى منذ 30 ديسمبر/كانون أول الماضي وتمثل بانتقال الطيبي من مرحلة التصريح بخوض الانتخابات منفصلا الى مرحلة المشاركة بالمفاوضات للمرة الأولى وبالتفاوض على مقاعد حركته وتابع “هذا تحول جوهري في الموقف ووارد أن نحسم أمرنا اليوم لهذا الاتجاه أو ذاك. ورفض عباس التطرق للمعلومات حول توصله لاتفاق نهائي مع التجمع الوطني الديمقراطي لخوض الانتخابات بقائمة ثنائية بحال تعثرت المساعي لخوضها في قائمة مشتركة مكتفيا بالقول “خيارنا الاستراتيجي ما زال أن نخوضها متفقين أربعتنا وكل شيء ما زال مفتوحا وواردا”. ونفى الدكتور منصور عباس وجود دور فعال للسلطة الفلسطينية مؤكدا أن ما يحسم الأمور هو الأحزاب ذاتها وأن تحركات الرئاسة الفلسطينية التي قالت إنها تنتظر اتفاقا نهائيا يعلن عنه أمس، ليست سوى مجاملات. يشار إلى أن أوساطا في الحزب الحاكم “الليكود” قد توجهت اليوم بطلب للجنة المركزية الإسرائيلية للانتخابات طالبة التحقيق بتدخل السلطة الفلسطينية في الانتخابات الداخلية.