في وسع المراقب المحايد للانتخابات التشريعية الجزائرية التمسك بعدد من الأسئلة البسيطة، التي يمكن، مع ذلك، ترقيتها إلى مصافّ المفاتيح المنهجية لمقاربة الحدث، على نحو تكاملي يمكن في الآن ذاته أن يتيح تجاوزه إلى ما هو أبعد وأعمق.
السؤال الأول هو طبيعة السلطة التي تراقب التصويت، وتديره وتتحكم في عملياته فعلياً، وليس في الظاهر على مستوى «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات»؛ وهل هي، في نهاية المطاف، الأجهزة ذاتها الأمنية والعسكرية والاقتصادية التي قبضت على أعنّة السلطة طوال عقود، وما تزال تقبض على الكثير منها حتى بعد إبعاد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عن المشهد. وسواء اتفق المرء مع التعبير الأقصى الذي استُخدم بين حين وآخر خلال الانتفاضة الشعبية «عصابات المافيا»، أو اكتفى بتعبير ملطّف ليس أقلّ عاقبة يتحدث عن تحالف «مجمّع عسكري/ أمني/ تجاري»؛ فإنّ المآلات تتقارب أو تتماثل بشأن الوفاء بالمطالب الشعبية التي طرحها الحراك حول إصلاح سياسي جذري، أو خيانة الشعارات والمطامح والالتفاف حولها وتفريغها من مضامينها.
السؤال الثاني هو مدى صدقية التمثيل في انتخابات تهبط المشاركة الفعلية فيها إلى معدلات فاضحة، سواء على صعيد النسبة في المدن والمراكز العمرانية، أو في أصقاع الريف ومناطقه الشاسعة الواسعة حيث لا تتحقق أحياناً نسبة الـ1%. والفيصل هنا ليس ديموغرافياً أو جغرافياً، حتى في الأخذ بالاعتبار أنّ الجزائر بلد كبير المساحة مترامي الأطراف، بل هو معطى شديد الارتباط بالسياسة كذلك؛ وهكذا كانت حاله على امتداد تاريخ الجزائر الحديث، خلال أطوار الاستعمار الفرنسي أو بعد الاستقلال.
السؤال الثالث يذهب أبعد من صدقية التمثيل إلى مقدار الحدّ الأدنى من اليقين بأنّ هذه التشريعيات، على شاكلة انتخاب الرئيس الحالي عبد المجيد تبون أو الاستفتاء على الدستور، ليست سوى مناورات مكشوفة الأغراض لتثبيت مظهر زائف وكاذب يفيد بأن تركيب السلطة الحاكمة الراهن قد تبدّل، أو هو ليس إعادة إنتاج للكثير من ركائز النظام القديم. وحين تعزف غالبية صريحة من المواطنين عن الإدلاء بالرأي في أكثر من 1480 قائمة، بين حزبية ومستقلة، تتنافس على 407 مقاعد، فإنّ الاختلال هنا يصحّ وصفه بالعطب البنيوي، ولن تنفع معه عمليات تجميل من أيّ نوع.
ويبقى، بالطبع، سؤال رابع حول شبكة الأحزاب التي طرحت قوائمها حول شعارات، فضفاضة غالباً وغائمة مستعادة مستهلكة، وما إذا كان انحسار الأحزاب التقليدية لصالح أحزاب جديدة متباينة البرامج والعقائد والخطوط السياسية؛ جدير بتفعيل مشهد مشاركة جامد عن سابق قصد، وراكد على سبيل إرسال إشعار إلى أهل التحزّب بأنّ عمليات التجميل فشلت، أو لعلها أسفرت عن وجوه أكثر قبحاً !هذا، بدوره، ليس سؤال توجهات يسارية أو يمينية أو إسلامية أو تكنوقراطية، بل هو جزء من صناعة قاصرة ومفتضَحة تتوسل الإيهام بالتحوّل، في أجواء اعتقالات وترهيب وتنكيل تعطي كلّ معنى نقيض.
وكان جان – بول سارتر، سنة 1961 في تقديم كتاب فرانز فانون الشهير «معذبو الأرض»، قد استبق الزمن فكتب يصف بعض عيّنات النُخَب الوطنية التي عمل الاستعمار على تفريخها بعد جلائه عن المستعمرات: «النخب الأوروبية عكفت على تصنيع نخب بلدية. لقد انتقوا بضعة فتيان واعدين، فشذّبوهم وهذّبوهم وطرقوهم، كما نفعل بقطعة الحديد الحامية، ثم أشبعوهم بمبادئ الثقافة الأوروبية، وحشوا أفواههم بعبارات صائتة، وبكلمات ذات تراكيب معقدة تكاد تعلق بين الأسنان. وبعد إقامة قصيرة في كنف الأمّ الأوروبية، أُعيدوا إلى بلدانهم وقد تمّ تبييضهم. هؤلاء، الأشبه بأكاذيب سائرة على قدمين، لم يعد لديهم ما يقولونه لأخوتهم، إذْ لم يعد في وسعهم غير ترديد الصدى».
وثمة الكثير الذي يجيز البحث عن بعض هذه النماذج في مرشحي تشريعيات الجزائر الأخيرة، وكذلك في مختلف جيوب السلطة وأجهزتها وأطرافها، فضلاً عن الرؤوس.
الإنتخابات تحت حكم العسكر مجرد مسرحية هزلية للضحك على الذقون
الحراك الشعبي في الجزائر نجح في إزاحة العصابة الصغرى المتكونة من شقيق بوتفليقة وبعض الوزراء ورجال الأعمال وغيرهم من صغار السمك الذين تمت التضحية بهم وتقديمهم في مسرحيات محاكمات عسكرية لتصدر في حقهم أحكاما ثقيلة.
لكن الحراك الشعبي لا زال يواجه العصابة الكبرى من حيتان جنرالات العسكر وفي مقدمتهم شنقريحة ومجموعة من جنرالات الجيش المتحكمين في السلطة بالجزائر.
أما المسرحية الهزلية المسماة تنظيم انتخابات فهي محسومة مسبقا لتفريخ مزيد من الدمى للانضمام لتبون الدمية الكبرى لخدمة مصالح العصابة الكبرى من جنرالات الفساد وتسهيل مهمتهم الرئيسية في نهب ثروات الشعب الجزائري المغلوب على أمره.
تنظيم انتخابات تحت حكم عسكر الجزائر مضيعة للوقت وتبذير للموارد في ظل أزمة اقتصادية خانقة يعاني منها الشعب الجزائري الأبي.
عندما يتحقق مطلب الحراك الشعبي : دولة مدنية وليست عسكرية، يمكننا الحديث عن انتخابات حقيقية.
الانتخابات كانت في قمة المهزلة.والشعب الجزائري يطالب برحيل نظام العسكر وزبانيته وإقليم القبايل رافض للانتخابات المفروضة عليه من الجزائر. وفي تصريح مهين لزعيم النظام العسكري بانه لا تهم نسبة المشاركة في إشارة إلى أن الشعب الجزائري لا قيمة له وان المراكز بيد النظام. قمة الديكتاتورية.
المشهد الانتخابي في الجزائر يسروا الناظرين اليه؛ من خلال الشاشات العالمية بساطة عند الجزائرين من رئيسهم وعائلته المحترمة .. انظروا؛ وتأملوا الصورة .. هل تجدون لها مثيل.. على الاقل في الدول العربية..؟؟ ليكن في العلم ان احد ابنائه كان تلميذي..