القاهرة ـ «القدس العربي»: وسط تصاعد التوتر بين القاهرة وتل أبيب على خلفية رفض رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الانسحاب من محور فيلادلفيا الحدودي ومعبر رفح، تفقد رئيس أركان الجيش المصري الفريق أحمد خليفة، الخميس الماضي، الأوضاع الأمنية وإجراءات التأمين على الحدود مع قطاع غزة. وجاءت الزيارة غير المعلنة مسبقا بعد ساعات تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تمسكه باستمرار احتلال محور فيلادلفيا الحدودي بين قطاع غزة ومصر، رغم اعتراض القاهرة.
وقال متحدث باسم الجيش المصري العقيد غريب عبد الحافظ، في بيان، إن الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة قام بزيارة مفاجئة لتفقد الأوضاع الأمنية وإجراءات التأمين على الحدود مع قطاع غزة، وفق وكالة الأنباء المصرية الرسمية.
وأفاد في بيان ثان، أن رئيس أركان الجيش المصري تفقد إجراءات التأمين على الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي، وبدأت الجولة بالمرور على القوات المكلفة بتأمين معبر رفح البري.
وحسب البيان، أكد الفريق أحمد خليفة، أن المهمة الرئيسية للقوات المسلحة هي الحفاظ على حدود الدولة على كافة الاتجاهات الإستراتيجية، وأن رجال القوات المسلحة قادرون على الدفاع عن حدود الوطن جيلاً بعد جيل.
وشدد على أهمية التحلي بالعلم والإرادة والحفاظ على اللياقة البدنية العالية لضمان تنفيذ كافة المهام باحترافية عالية. ووفق البيان حضر الجولة التفقدية قائد قوات حرس الحدود ونائب رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة والقائم بأعمال رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية وقائد الجيش الثاني الميداني وقادة القوات الخاصة وعدد من قادة القوات المسلحة.
ويرفض رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الانسحاب من محور فيلادلفيا الذي سيطرت عليه قوات الاحتلال في السابع من آيار/مايو الماضي.
خرائط تحدد بقاء الجيش الإسرائيلي في المحور
وقبل أيام صادق مجلس الوزراء الأمني في إسرائيل على خرائط تحدد بقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا على حدود قطاع غزة مع مصر.
وكان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، قال إن حركة حماس تحصل على السلاح من مصر عبر محور فيلادلفيا.
وزعم نتنياهو انه يرغب في إعادة الأسرى مشددا على ضرورة عدم التخلي عن محور فيلادلفيا باعتباره شريان الحياة حماس
وزاد نتنياهو: حرصنا على أن لا يدخل دبّوس إلى غزة من جانبنا لكنهم سلحوا أنفسهم عبر محور فيلادلفيا ومصر.
وردا على تصريحات نتنياهو، قالت مصر إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يروج الأكاذيب عن تهريب السلاح من مصر إلى قطاع غزة للتغطية على فشله في القطاع.
ونقلت قناة «القاهرة» الإخبارية عن مصدر رفيع المستوى قوله، إن إسرائيل فشلت في القضاء على مافيا تهريب السلاح من كرم أبو سالم إلى قطاع غزة.
وزاد: الحكومة الإسرائيلية فقدت مصداقيتها بشكل كامل داخليا و خارجيا ولا تزال مستمرة في ترويج أكاذيبها للتغطية على فشلها، ونتنياهو يمهد من خلال ادعاءاته بتهريب السلاح من مصر لإعلان فشله الأمني والسياسي وعدم العثور على الرهائن أو تحقيق أي انتصار عسكري بغزة والضفة.
وتابع المصدر، أن هناك استياء من كافة الأطراف لاستمرار رئيس وزراء إسرائيل في إفشال الوصول لاتفاق هدنة.
وواصل: نتنياهو يسمح بتهريب السلاح من داخل إسرائيل إلى الضفة الغربية ويتغاضى عن عمليات بيع السلاح للضفة لإيجاد المبررات لعدوانه على الشعب الفلسطيني.
وكانت مصر جددت تأكيدها على ثوابت ومحددات أي اتفاق للسلام وفي مقدمتها رفض الوجود الإسرائيلي في محور فيلادلفيا ومعبر رفح.
ونقلت قناة «القاهرة» الإخبارية عن مصدر رفيع المستوى قوله، إن استمرار الحرب الحالية واحتمالية توسعها إقليميا أمر في غاية الخطورة وينذر بعواقب وخيمة على المستويات كافة.
وأضاف، أن الحكومة الإسرائيلية هي المسؤولة عن عدم الوصول إلى اتفاق هدنة وتسعى لفرض واقع جديد على الأرض للتغطية على أزمتها الداخلية.
وكانت عدة دول عربية أعلنت تضامنها مع مصر، ووصفت اتهامات نتنياهو بتهريب السلاح عبر محور فيلادلفيا بمزاعم لا أساس لها، تستهدف عرقلة جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة للتوصل لصفقة تبادل تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة.
من جانبه أكد دياب اللوح، سفير دولة فلسطين في القاهرة أن الدولة الفلسطينية تقدر الدور الذي تقوم به مصر، الشقيقة الكبرى «قيادة وشعبا» تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، مقدما الشكر لمصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي وقف سدا منيعا أمام تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين وإفراغ قطاع غزة.
وأعرب السفير الفلسطيني – في مقابلة مع قناة «القاهرة» الإخبارية مساء الجمعة، عن شكره لمصر قيادة وشعبا على هذا الموقف الوطني القومي الأصيل الذي ثبت ورسخ الوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية المحتلة، موجها الشكر أيضا للفلسطينيين الصامدين على أرضهم في قطاع غزة، في ظل الحرب الشرسة القائمة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي، كما قدم التحية والتقدير للسطة الفلسطينية، بقيادة الرئيس محمود عباس الذي قال «لن نترك أرضنا ولن نغادر وطننا».
وأكد سفير دولة فلسطين في القاهرة أن موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية «مشرف».. وقال: مصر شريك وليست «وسيطا» للشعب الفلسطيني، فهي صاحبة اليد النظيفة في السجل الكفاحي الوطني الفلسطيني وقدمت الشهداء والجرحى والأسرى، وخاضت حروبا، وتدعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ونيله استقلاله الوطني وإقامة دولته المستقلة.
وثمن مواقف الرئيس السيسي الداعمة – بقوة – لرؤية حل الدولتين، لاسيما رؤيته في إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وطنية كاملة على الأراضي التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كمدخل لتوفير وبناء الأمن والاستقرار والسلام العادل والشامل في المنطقة.
ولفت السفير الفلسطيني إلى تبرع مصر بمبلغ نصف مليار دولار، لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال والعدوان الإسرائيلي في حرب 2021 على قطاع غزة، حيث باشرت مصر ببناء ثلاث مدن في قطاع غزة تتضمن مئات بل آلاف الوحدات السكنية لإعادة تسكين المواطنين الفلسطينيين الذين دمرت بيوتهم، وأيضا إعادة تأهيل الشباب الفلسطيني.
وقال، إن مصر شيدت بنية تحتية مكتملة لهذه المدن، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي – للأسف الشديد وخلال الحرب الشرسة التي يشنها على الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر الماضي – قام بتدمير هذه المدن والشوارع والطرق والبنى التحتية التي شيدتها مصر لخدمة أبناء الشعب الفلسطيني.
وتتمسك مصر بضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من محور فيلادلفيا ومعبر رفح التي سيطرت عليهما في السابع من أيار/مايو الماضي.
نقطة خلاف رئيسية
ويعد المحور الذي يبلغ طوله نحو 14 كيلومترا على الحدود بين قطاع غزة ومصر، نقطة خلاف رئيسية في مفاوضات وقف إطلاق النار المتعثرة.
وتطالب أحزاب المعارضة المصرية بتجميد اتفاقية السلام الموقعة عام 1979 والمعروفة بـ«اتفاقية كامب ديفيد» بعد اختراق الاحتلال لها ونشر قوات في المحور الحدودي.
وتقسم اتفاقية السلام، شبه جزيرة سيناء إلى 3 مناطق، الأولى، بجوار قناة السويس، مسموح فيها بتواجد 22 ألف جندي مصري و230 دبابة، والمنطقة ب وعرضها 109 كيلومترات ومسموح فيها بـ4 آلاف عسكري حرس حدود فقط، والمنطقة ج، عرضها 33 كيلومترا بجوار فلسطين، وغير مسموح فيها إلا بقوات الشرطة فقط، بالإضافة إلى بعض القوات المصرية التي سمحت بها إسرائيل لمكافحة الإرهاب.
في المقابل تنص الاتفاقية على شريط حدودي من الجانب الآخر عرضه 3 كيلومترات، وقيدت وجود إسرائيل العسكري بـ4 آلاف عسكري حرس حدود فقط ولا يجوز لإسرائيل وضع مدرعات في هذه المنطقة، ومحور فيلادلفيا يقع في هذا الشريط الحدودي.