بيروت- “القدس العربي”: تصاعدت المواجهات على الجبهة الجنوبية في نهاية الأسبوع، ودخلت “حركة أمل” على الخط واستهدفت سلسلة مواقع عسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي رداً على تماديه في العدوان على القرى الحدودية ورداً على سقوط شهيدين من صفوفها، هما مصطفى عباس ضاهر وعلي خليل محمد، وقد تعمّدت القوات الإسرائيلية قصف أحد المنازل في قرية بليدا، خلال مراسم تشييع شهيدي “أمل” إلى مثواهما الأخير داخل البلدة، إضافة إلى قيامها بعملية تمشيط في محيط الجبانة.
وصدر عن غرفة عمليات “أفواج المقاومة اللبنانية- أمل” بيان جاء فيه: “رداً على تمادي العدو الإسرائيلي في اعتداءاته على القرى الجنوبية، واستشهاد الأخ مصطفى ضاهر والأخ علي خليل محمد في بلدة بليدا، استهدف مجاهدو أفواج المقاومة اللبنانية- أمل، عند الساعة 2:20 من ظهر يوم الأحد، موقع حانيتا في القطاع الغربي بالأسلحة الصاروخية، وحققوا فيه إصابات مباشرة”.
وأطلقت صفارات الإنذار في كريات شمونة ومرغليوت والمطلة في الجليل، وتحدث الإعلام الإسرائيلي عن إطلاق أكثر من 15 صاروخاً من جنوب لبنان.
وترافق ذلك مع قيام الطيران الحربي الإسرائيلي بتنفيذ غارة على ميس الجبل جهة محيبيب وبليدا وانفجار صواريخ اعتراضية فوق حولا وقصف مدفعي معاد على تلة العويضة ومركبا وأطراف مروحين وطيرحرفا وشيحين ووادي حسن ومجدل زون وكفركلا والعديسة ومطل الجبل في الخيام ووادي البياض ووادي السلوقي.
من جهته، أعلن “حزب الله” عن استهداف موقع المرج بالأسلحة المناسبة، ومبنيين في مستعمرة المنارة، رداً على الاعتداءات التي طالت القرى والمنازل المدنية، وآخرها في بليدا وميس الجبل، وأتبع الحزب هذه العمليات باستهداف تجمّع لجنود العدو في موقع العباد وموقع رويسات العلم وموقع زبدين في مزارع شبعا، علماً أن ليل السبت كان ساخناً، وتخلّلته غارة إسرائيلية على الطيبة دمّرت منزلاً، وتسبّبت بسقوط ثلاثة شهداء، وغارة أخرى على المنطقة الواقعة ما بين شيحين وأم التوت وأطراف بلدة مروحين ويارون. وذكر جيش الاحتلال أنه قصف مقرّ قيادة عسكرياً لـ “حزب الله” في منطقة يارون.
ورد “حزب الله” باستهداف قاعدة خربة ماعر وموقع السماقة وموقع الرمثا في مزارع شبعا، وباستهداف مستعمرة أيفن مناحم وتجمع للجنود الإسرائيليين في تلة الكوبرا. ونعى الحزب، في بيان، “المجاهد محمد جودات يحيى “علي الهادي”، مواليد عام 1995، والمجاهد عباس علي مبارك “أبو هادي”، مواليد 1990، وكلاهما من بلدة الطيبة في جنوب لبنان، اللذين ارتقيا شهيدين على طريق القدس”.
وتأتي هذه التطورات الميدانية في ظل حركة دبلوماسية رفيعة المستوى في اتجاه لبنان والمنطقة. وبعد زيارة وزير الخارجية البريطاني دايفيد كاميرون يصل إلى بيروت وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، في أول جولة له في المنطقة بعد تعيينه. أما وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن فلن يعرّج على لبنان، بل أن الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين هو الذي يتولى المحادثات المكوكية بين بيروت وتل أبيب بهدف إرساء الهدوء على الحدود والتمهيد لانطلاق الحل السياسي.
في المواقف، أكد نائب أمين عام “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم “أن الحزب جاهز، وإذا ما وسّع العدو الإسرائيلي عدوانه سيواجه هذه التوسعة بأكبر منها”. وردّ قاسم على تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي قائلاً: “نسمع بعض الإسرائيليين المسؤولين يقولون إنهم لن يتوقفوا عن الحرب حتى لو توقفت في غزة! على مهلكم، من قال إننا ننتظر منكم أن تتوقفوا أو لا تتوقفوا؟ نحن في الميدان إن اعتديتم رددنا عليكم، وإن وقفتم جانباً ندرس كيف نتصرف مع هذا الوجود بالطريقة المناسبة، وإذا فكرتم بإعادة المستوطنين بتصعيد الحرب، فهذا يعني أنكم تفقدونهم أي أمل بالعودة، لأنَّه كلما ازدادت الحرب يعني أن إمكانية عودة المستوطنين ستصبح أعسر”.
من ناحيته، رأى عضو “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب ابراهيم الموسوي أنه “بعد مرور أربعة أشهر على العدوان الصهيوني وحرب الإبادة ضد غزة وأهلها، فإن المقاومة الفلسطينية، وفي طليعتها حركة “حماس”، ما تزال تمسك بالمبادرة العسكرية، وتلحق الهزائم بجيش الاحتلال المتهالك”. واعتبر من بريتال “أن محور المقاومة استطاع أن يكرس مفاهيم ومعادلات جديدة على مستوى المنطقة والعالم، أكدت وتؤكد أننا أمام شعوب لا تُهزَم، ومقاومة لا تُقهر، وأننا أمام تحولات كبيرة، خصوصاً بعد الإنجازات الهائلة لمحور المقاومة وتأثيرها على السياسة العالمية، وهذه التحولات تبشر بولادة معادلات جديدة بما يعيد كتابة واقع جديد سنشهد فيه بإذن الله نهاية قريبة لسياسة الاستكبار العالمي وللهيمنة الأمريكية في المنطقة والعالم”.
في هذا الوقت، أعربت وزارة الخارجية اللبنانية “عن عميق قلقها من القصف الذي تعرضت له كل من سوريا والعراق، وأسفها لما نتج عنه من سقوط عدد من القتلى والجرحى، وما يشكله أيضاً من انتهاك لأمن وسيادة البلدين الشقيقين”. وبررت الوزارة صدور بيانها بالقول: “إن موقفها هذا مبدئي لدى الاعتداء على أي دولة عربية، وقد سبق أن عبّرت عن موقف مماثل لدى انتهاك سيادة وأمن الأردن الشقيق، واستهداف أفراد أمريكيين موجودين على أراضيه”، داعية “إلى ضبط النفس، واحترام أمن وسيادة وسلامة كافة الدول”، ومؤكدة “أن لبنان سبق أن حذر مراراً الجميع من خطر تمدد الحرب وتوسع الصراع”. كما طالبت الوزارة “بضرورة تطبيق وقف إطلاق نار فوري في غزة كمدخل إلزامي لوقف التصعيد، بغية التوصل إلى حل سياسي قائم على قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقة، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.
أما البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، فقد تجاهل الحملة السياسية والتخوينية التي طالته من جمهور “حزب الله”، لكنه انتقد في عظة الأحد “إفقاد لبنان الحياد، وإقحامه في حروب ونزاعات إقليمية لا يريدها، وتحويل لبنان بالممارسة من دولة تفصل الدين عن الدولة إلى دولة دينية طائفية مذهبية”. وقال: “لقد اعتبرنا منذ بداية حرب إسرئيل على غزة بالشكل الوحشي الذي رأيناه ونراه، أنها حرب إبادةٍ للشعب الفلسطيني، وتصفيةٍ لقضيتهم. وأدنّاها تكرارًا. ودعونا إلى التقيّد بالقرار 1701 من الجانبين الإسرائيلي واللبناني، حمايةً لبلدات الجنوب الحدودية من القصف والقتل والتهجير والتدمير. وإنا لم نتوقف يومًا عن المطالبة بوقف النار نهائياً، والذهاب إلى التفاوض والحلول السياسية والديبلوماسية بهدف تثبيت حل الدولتين”.
وأضاف: “ربما لا يتذكر الجميع، أو لا يعرفون أن قرار إنشاء دولة خاصة بالفلسطينيين إلى جانب دولة إسرائيل يرقى إلى القرار 181 الصادر عن جمعية الأمم المتحدة العامة، في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947. وقد قسم هذا القرار فلسطين إلى دولتين: دولة عبرية ودولة عربية، ورسم حدود كل من هاتين الدولتين. واعتبر القرار مدينة القدس مع عشرات الكيلومترات “جسمًا منفصلًا” (corpus separarum)، خاضعًا لنظام دولي برعاية الأمم المتحدة. وسارعت دولة إسرائيل إلى إقرارها عضوًا في منظمة الأمم المتحدة. ولكن بالمقابل لم تتكون الدولة الخاصة بالفلسطينيين حتى يومنا هذا. غير أن المساعي الدولية تطالب بإنشائها في ما يُعرف “بحل الدولتين”. والكل يعلم أنّه شرط أساسي لإنهاء الحرب الدائرة على أرض فلسطين”. وختم: “هنا يُنتظر من لبنان أن يقوم بدور الوسيط سياسياً ودبلوماسياً وفقاً لرسالته. فلا يستطيع القيام بهذا الواجب طالما أنه محروم من رئيس للدولة، وأنّه فقد الحياد بإقحامه في حروب ونزاعات إقليمية لا يريدها”.
وكانت الذكرى السنوية الثالثة لاغتيال المعارض الشيعي لقمان سليم تحوّلت إلى مناسبة للإضاءة على أن التحقيقات مازالت تراوح مكانها والعدالة غائبة.
وكتب رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على منصة “إكس”: “بات اللبنانيون يقولون إن سلاح ميليشيا “حزب الله” هو عين فساد الطغمة الحاكمة”.
أما النائب أشرف ريفي فكتب: “لقمان سليم شهيد الكلمة ورمز الشجاعة وعنوان من عناوين الفكر في لبنان والعالم العربي، اغتاله محور الشر والظلام لأن كلمته كانت أقوى من كاتم الصوت”. وأضاف: “من المعيب أن تنفذ الجريمة ويبقى القتلة ومن أمروا بارتكابها دون عقاب”، خاتماً: “قضية لقمان قضيتنا، ولن نتوقف عن مواجهة محور كاتم الصوت”.