تصاعد المواجهة بين المجتمع الدولي والفصائل الولائية في العراق

مصطفى العبيدي
حجم الخط
1

بينما يقترب إعلان النتائج النهائية للانتخابات، تزداد المخاوف من لجوء الفصائل إلى تنفيذ تهديداتها وافتعال أزمات أمنية وسياسية لإفشال العملية الانتخابية وفرض رؤيتها على القوى السياسية الأخرى.

بغداد-»القدس العربي»: تتصاعد احتمالات المواجهة بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة من جهة وبين الفصائل والأحزاب الشيعية وإيران من جهة أخرى، جراء الخلافات حول نتائج الانتخابات ووجود القوات الأمريكية في العراق، وسط تعثر المفاوضات الإيرانية الغربية حول ملفها النووي وتهديدات أمريكية لإيران.
ولعل أبرز محطات الخلاف بين الولايات المتحدة والفصائل الولائية هذه الأيام، هو اقتراب الموعد المقرر لانسحاب القوات الأمريكية من العراق نهاية العام الحالي، حيث تبدو المواجهة غير مستبعدة بين القوات الأمريكية والفصائل التي هددت بشن حرب ضدها إذا لم تنسحب كليا.
فقد أعلن مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية إن «القوات الأمريكية ستبقى في العراق بعد انتهاء العمليات القتالية المقرر في 31 كانون الأول/ديسمبر المقبل، وأنه لا يوجد خروج كامل» مؤكدين أن القوات الأمريكية ستبقى في العراق بدعوة من حكومة العراق لتقديم المشورة والمساعدة وتبادل المعلومات الاستخبارية لدعم قوات الأمن العراقية لدحر تنظيم «الدولة».
وجاء الموقف الأمريكي الأخير في تحد واضح لتهديدات «هيئة تنسيق المقاومة» التي تضم الفصائل الولائية، عندما حذرت في بيان من أن «أسلحة المقاومة ستكون جاهزة لمهاجمة الاحتلال بمجرد أن تحين الفرصة والموعد النهائي، المقرر في 31/12/2021». وعبر البيان عن التشكيك في التزام تلك القوات بالانسحاب، كما أشار إلى أن «الاحتلال الأمريكي زاد من أعداد جنوده ومعداته في قواعده بالعراق».
ولعل احتمال وقوع المواجهة، وراء تحذير السفارة الأمريكية في بغداد، للمواطنين الأمريكيين بعدم السفر إلى العراق بسبب «الإرهاب والاختطاف والصراع المسلح والاضطرابات وفيروس كورونا المستجد».
ولا شك ان التحدي الآخر واحتمال تفجر الصراعات في العراق، هو الخلاف المستعصي حول نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة، حيث تنقسم القوى الشيعية بين داعم لنتائج الانتخابات وأبرزهم التيار الصدري الذي حقق تقدما في الانتخابات، وبين المعترضين عليها، من الفصائل والأحزاب الولائية الخاسرة التي تسعى لأخذ حصة أكثر من استحقاقها الانتخابي، عبر الضغط لانتزاع عدد من الوزارات في الحكومة المقبلة. إلا ان موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، جاء حازما حول كيفية التعامل مع نتائج الانتخابات، مشددا «إن الحل الوحيد لإنقاذ العراق هو تكوين حكومة أغلبية مع وجود معارضة» مبديا الاستعداد لتشكيل حكومة أغلبية أو ان يكون في المعارضة، رافضا طلب الفصائل بتشكيل حكومة توافقية تتقاسم الوزارات وتخالف إرادة الشعب.
وجاء التحذير الأممي من اللجوء إلى «الترهيب» للتلاعب بنتائج انتخابات العراق، ورفض الفصائل لتقرير ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت إلى مجلس الأمن، ليعقد المشهد العراقي المتوتر أصلا.
وبالرغم من تهديدات الفصائل المعترضة على الانتخابات، ومحاولتها الضغط على الحكومة ومفوضية الانتخابات وبعثة الأمم المتحدة، لتغيير النتائج لصالحها، فإن بلاسخارت ردت على تلك التهديدات من خلال تقريرها حول الانتخابات العراقية، إلى مجلس الأمن، الذي حذرت فيه من «السماح للإرهاب والعنف أو أي أعمال غير قانونية أخرى بإخراج العملية الديمقراطية عن مسارها» مكررة قول السلطة القضائية العراقية، أن «لا دليل على وجود تزوير ممنهج» لنتائج الانتخابات التي أجريت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وفي الوقت الذي لقي تقرير بلاسخارت ترحيبا من حكومة بغداد ومفوضية الانتخابات وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي طالب التزام النصائح الأممية حيال الإسراع في إعلان النتائج الرسمية، و»الابتعاد عن المهاترات السياسية والعنف وزعزعة الأمن» فإن الفصائل الخاسرة في الانتخابات، واصلت مهاجمة الممثلة الأممية، وتصر على رفض نتائج الانتخابات مع التلويح بالحرب الأهلية. وبينما يقترب إعلان النتائج النهائية للانتخابات، تزداد المخاوف من لجوء الفصائل إلى تنفيذ تهديداتها وافتعال أزمات أمنية وسياسية لإفشال العملية الانتخابية وفرض رؤيتها على القوى السياسية الأخرى.
ومن جهة أخرى، يبرز ملف إيران النووي وخلافاتها مع الغرب، تحديا جديا وتهديدا باحتمال وقوع المواجهة في العراق والمنطقة، في أعقاب تهديدات أمريكية وإسرائيلية واضحة باللجوء إلى الخيارات العسكرية لوقف البرنامج النووي الإيراني إذا فشل المسار التفاوضي، وما يتبع ذلك من تداعيات على المنطقة باكملها.
وفيما هددت وزارة الخارجية الأمريكية، انه «إذا لم يظهر الإيرانيون الرغبة في التوصل لاتفاق سنلجأ لوسائل أخرى نناقشها مع حلفائنا» فإن القيادة العليا للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، أكدت أن إيران قريبة للغاية من إنتاج سلاح نووي، مشيرة إلى ان قواتها مستعدة لخيار عسكري محتمل في حالة فشل المحادثات بين طهران والقوى العالمية. وكان تصريحا حازما من قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال كينيث ماكنزي، لمجلة «تايم» الأمريكية، عندما شدد «ان الرئيس الامريكي جو بايدن قال إن الإيرانيين لن يمتلكوا سلاحا نوويا، وان الدبلوماسية في صدارة هذا الأمر، لكن القيادة المركزية لديها دائما مجموعة متنوعة من الخطط التي يمكننا تنفيذها، إذا تم توجيهها». وما عزز مخاوف المواجهة، إعلان مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، عقب زيارته إلى طهران «عن فشل التوصل إلى اتفاق» في المحادثات مع إيران، مبديا قلق المجتمع الدولي من تقدم إيران في برنامجها النووي وتقييد عمليات التفتيش، وذلك قبل أيام من موعد اجتماع المفاوضين الإيرانيين والأوروبيين يوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، حول هذا الملف.
وهكذا فإن العديد من التحديات مثل وجود القوات الأمريكية وتعثر المفاوضات الإيرانية الغربية إضافة إلى احتمال إفشال الفصائل للانتخابات، كلها تمثل تحديات جدية على أوضاع العراق الهشة، ومخاوف من تفجير النزاعات والصراعات وجر البلد نحو مزيد من تدهور الأوضاع، خدمة للأجندات المحلية والخارجية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول احمد الشمري:

    ربما ستقوم مرتزقه ايران واتباع جيش المهدي والمهرج مقتدى الصدر بتفجير او اثنان لاستهداف الامريكان ولكن السوال هو هل سيقوم راعي المقاومه السيد القائد المجاهد الدكتور المهندس الطيار راعي الاصلاحات التي نسمع عنها منذ سنين مقتدى بالهجوم على الامريكان وحمل السلاح ام انه سيقوم بإرسال مرتزقته واتباع جيش المهدي او عشرات المليشيات الذي مالتهم امريكا بسلاح مسروق من الجيش العراقي وفرق الموت الايرانيه التي بدين لها مقتدى هل سيقوم بالهجوم على الامريكان وطلب الشهاده كما يدعي ام انه سيهرب لايران مثل ٢٠٠٥ عندما اتهم بقتل ابن الخوئي

إشترك في قائمتنا البريدية