لندن- “القدس العربي”:
مسألتان لا يمكن إسقاطهما من الحساب السياسي عندما يتعلق الأمر بالمعطيات الشرسة التي برزت في المشهد السعودي مؤخرا.
المسألة الأولى لها علاقة بـ”التسريبات الأمريكية” التي تم تصديرها لولي العهد الشاب الموصوف بالتهور محمد بن سلمان في اللحظات الأخيرة عن ما يجري في “مجلس البيعة” بالتزامن مع تلك الرسائل “الأمريكية” أيضا التي وصلت للأمير المخضرم أحمد بن عبد العزيز وأوعزت له بـ”التحرك”.
يعني ذلك أن غطاءين أمريكيين توفرا وليس بالضرورة من نفس الجهة أو المؤسسة الأمريكية.
الغطاء الأول للأمير أحمد بن عبد العزيز لكي يتحرك في فضاء مجلس البيعة. والثاني للأمير الشاب محمد بن سلمان حتى “يتحرك ضد التحرك” الأول.
بالمواصفات السياسية والإعلامية المهنية وكما فهمت “القدس العربي” من تقرير “معمق جدا” صدر عن مركز يرصد الأحداث في مقر السفارة الأمريكية في القاهرة تحديدا، يعبث الأمريكيون بالطرفين على الأرجح.
وذلك لا يحصل مجانا أو بدون هدف لأن الأميرين أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف تحركا في إطار “غمزة أمريكية”، ثم تحرك ضدهما وبخشونة الأمير بن سلمان بغمزة موازية في معطيات رصدتها أجهزة استخبارات تتابع تفاصيل التفاصيل.
وقد لا ينتج هذا الإيعاز المتعاكس عن “تناقض أو تعاكس” في الروايات الأمريكية بقدر ما يعتقد المجتمع الاستخباري الدبلوماسي بأنه ناتج عن “سعي أمريكي” لخلط الأوراق في الداخل السعودي بعيدا عن التحالف العاطفي المالي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
قد لا ينتج هذا الإيعاز المتعاكس عن “تناقض أو تعاكس” في الروايات الأمريكية بقدر ما يعتقد المجتمع الاستخباري الدبلوماسي بأنه ناتج عن “سعي أمريكي” لخلط الأوراق في الداخل السعودي
بمعنى آخر هي لعبة محفوفة بالمخاطر يديرها الأمريكيون على الأرجح عن بعد.
وتلك لعبة تبرز إلى سطح الأحداث فيما يشغل فيروس كورونا العالم، وفيما الوضع السعودي الداخلي “هش للغاية” جراء أزمة اقتصادية طاحنة جدا بدأت تثير ارتياب الشارع السعودي وهي نفسها الأزمة التي يعتقد أنها تقف وراء الأمر المباشر للأمير بن سلمان بالإعلان وبكثافة عن حملة تجنيد رابعة باسم القوات المسلحة السعودية.
واليوم إزاء كل هذه التطورات المتلاحقة لا بد من التوقف عند تداعيات الأزمة الداخلية، حيث الشرخ اليوم لم يعد أفقيا فقط داخل الأسرة المالكة بقدر ما تحول إلى شرخ عمودي وينطوي على “مواجهة صريحة” أقرب إلى كسر عظم ولمرة واحدة، ستختم المشهد بما يمكن أن يلحق ضررا كبيرا بالوضع الداخلي الحائر.
النتائج المتوقعة منحصرة تماما اليوم بخيارين لا ثالث لهما فالأمير محمد بن سلمان سيسعى لاستغلال المشهد لكي “يحسم الشرعية” تماما لصالحه محاولا إغراء الدول الغربية والشارع السعودي بمظاهر الانفتاح التي يدعمها والتي تغضب المؤسستين الدينية والاجتماعية المحافظة.
التقدير الأولي العميق لمراكز القرار في دول صديقة مثل الأردن ومصر تؤشر على أن الأمير بن سلمان سيمضي قدما في اعتقالاته الجذرية وسيعتقل المزيد من الضباط والأمراء وخصوصا الأمراء الضباط حيث الطبقة التي تشكل خطرا على عهده.
وسيصبح الأمير الشاب “أخشن” قريبا أملا في الحسم وفي لعبة متتالية هندسية قد تخلط أوراق الاستقرار الداخلي ومفتوحة على احتمالين.
وإذا أخفق الأمير الشاب في الحسم وتمكنت الجبهة المضادة من التكاتف ضده في مرحلة ضعف والده الملك وابتعاده عن الساحة، سيختفي تماما من المشهد لكي يبدأ مشهد جديد.. هذا حصريا ما يتوقعه تقرير أمريكي تحدث عن عملية “اعتقال أمراء” مباشرة بعد تحركات للأميرين أحمد وبن نايف في صفوف “قبائل” وفي صفوف جميع تواقيع “فردية” من أعضاء في “مجلس البيعة”.
الامر ليس لعبة امريكية و لكنه انقسام حاد في الحياة السياسية الامريكية بين ترامب و ادارته من جهة و الحزب الديموقراطي منجهة..فهؤلاء يحركون اصدقائهم و اولئك يحركون اصدقائهم..اي ان الصراع السياسي الامريكي الداخلي قد توسع الى حلبات صراع خارجية بالوكالة. و قد رأينا هذا جليا في الموقف مما سمي صفقة القرن
فخار يكسر بعضه
و قد يكون الأمر نوع من الصفقة بين طلب أمريكا ترامب من م. ب. س افشال مفاوضات الاوبك،ولأن ذلك في جانب منه كبير مضر للاقتصاد السعودي،وبين ان الأمير المتهور وجدها فرصة لعقد صفقة ينفذ طلب أمريكا ترامب،مقابل ضوء أخضر منه (أي ترامب) بتنفيذ ضربة الاعتقالات هذه تمهيداً للقضاء على اية معارضة لتوليه العرش
.
و هذا يفسر بشكل كبير الصمت ” المحايد” للحكومة الأمريكية لحد اللحظة تجاه هذه الاعتقالات
كذلك لا يستبعد مطلقاً،وجود جناح اخر في الحكومة الأمريكية من جانب الاستخبارات على الأغلب،كان داعماً بطريقة او بأخرى لجناح الأمراء المعتقلين،و ربما سرب إليهم ضوء أخضر كذلك للتحرك،كون أن هذا الجناح يفكر بطريقة مختلفة و مضادة لنوع العلاقة مع السعودية عن الرئيس الأمريكي نفسه،حيث أن وجود سلطة محافظة متأنية تتجلى فيها حكمة شيوخ من نوع ما،هي ما تعودت عليه أميركا طيلة تأريخ العلاقات مع السعودية و ليس هذه الطريقة الاندفاعية الرايكالية و المتهورة على يد الأمير الصبي و التي تكاد في كل مرة تعصف بمستوى العلاقة مع الامريكان لصعوبة إيجاد مبررات لسياساته الحمقاء كحليف امام الشعب الامريكي.
و لولا أن ترامب هو من في البيت الأبيض و هو على ما يبدو من نفسة الطينة المتهورة،لما استمر بن سلمان ولياً للعهد إلى هذا الوقت.
عندما يرهن الطرفين أنفسهم لأمريكا، فلا عجب أن تتلاعب أمريكا بكلاهما. العميل لا يحترم وإنما يستعمل لخدمة مصالح أسياده. ما جزيرة العرب بحاجة له هو قائد قوي وطني نظيف شريف مستقل ينتمي للشعب لخدمته والحفاظ على مصالحه وإنتمائه العربي. مثل هذا القائد سوف يقود ليس فقط جزيرة العرب وإنما العالم العربي والإسلامي بأكمله لما سوف يتمتع به من إحترام ولما تتمتع به جزيرة العرب من حب وقداسة وتقدير.
الراعي و البقرة الحلوب ……
د.أثير الشيخلي حضرتك مخطأ بقولك : و لولا أن ترامب هو من في البيت الأبيض و هو على ما يبدو من نفسة الطينة المتهورة،لما استمر بن سلمان ولياً للعهد إلى هذا الوقت.الصحيح العكس.يبدو لا تعرفوا قدرات آل سعود.هم قادرون على تغير السياسة الدولية في 24 ساعة. بيدهم خزائن الأرض..فلا يخدعكم العقال والعباءة.هم دهاة وقساة وبراغماتيون.
سينتهي حكم ال سعود وستقسم الجزيرة العربية كما كانت سابقا الى ولايات قبل توحيدها من الملك عبد العزيز