“تطهير عرقي”: يعلون يؤكد والوثيقة دليل.. وتنافس على منصب “المتحدث باسم الأبرتهايد”

حجم الخط
0

حبكات موشيه يعلون تعد مادة لكوميديا سياسية ناجحة: جنرال قديم مصاب بجنون العظمة يفقد مكانته عقب مشعل نار أذكى منه. وهو منذئذ، مستعد للصراخ بأن الليل حالك عند الساعة العاشرة صباحاً. لكن ما يثير الضحك بنسبة أقل هي صرخات النجدة، وكأن أقوال يعلون عن “التطهير العرقي” في غزة جاءت كالبرق في يوم صاف، ولا يدور الحديث عن أماني لبعض من الوزراء الكبار ممن يمسك بعضهم بالحكم من مكان حساس.

لقد ظهر هذا الإحساس منذ بداية الحرب، حين خرجت إسرائيل للدفاع عن حدودها بعد المذبحة الأكثر رعباً التي ترتكب ضد اليهود منذ المحرقة. في وثيقة وضعتها وزارة الاستخبارات (رحمها الله) ونشر عنها في “كلكليست” في نهاية أكتوبر 2023، أوصيَ بأن “تعمل إسرائيل على إخلاء السكان المدنيين (في غزة) إلى سيناء”، حيث تقام “مدن خيام” في المرحلة الأولى، ثم “مدن في المنطقة المأهولة من جديد”. في ظل الصدمة والهزة والغضب، ولأن “وزارة الاستخبارات” كانت بدعة حتى في حياتها، لم يحظَ النشر باهتمام زائد. في أكتوبر الماضي، أنهت غيلا جمليئيل، التي وقفت في حينه على رأس وزارة الاستخبارات إغلاق دائرة وأعلنت في القناة 12 بوجوب جباية “ثمن إقليمي” من غزة على 7 أكتوبر.

جمليئيل نفسها أقل أهمية من سمكة مغلفة بصحيفة، لكنها جزء من ميل. فقد انقضت سنة ونيف منذ أن دخلت إسرائيل إلى غزة، وفي هذه الأثناء يقع أمران دراماتيكيان: الأول، أن الجيش الإسرائيلي بالفعل يخلي السكان المدنيين في شمال القطاع، ويفرض حصاراً في المنطقة وينفذ أعمال تموضع في الجبهة (بناء بنى تحتية، شق طرق وما شابه)؛ والثاني أن أخيلة اليمين للسيطرة على شمال القطاع وإقامة مستوطنات هناك تنال زخماً، وتتلقى المزيد من التعابير العلنية، وبالمقابل لا تستجاب برفض من رئيس الوزراء. اليوم، وفقاً للأعمال الكبرى التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في شمال القطاع وطريق المفاوضات المسدود لوقف النار وإعادة المخطوفين والمخطوفات، تبدو إسرائيل أقرب إلى تحقيق الوثيقة إياها منها إلى اتفاق يسمح للسكان الفلسطينيين من رجال ونساء العودة إلى بيوتهم. كيف قال عميت سيغال، الذي يعرف بضعة أناس مهمين حين تحدث عن “تفريغ القطاع”؟ “ليس هذا سوى مشروع تجريبي ومقدمة”.

وها هو وزير المالية يعلن، الأسبوع الماضي، بأنه “يمكن ويجب احتلال غزة” و”يمكن خلق وضع تكون فيه غزة بعد سنتين أقل من نصف سكانها الحاليين”. وزير الإسكان أمسك بالنظارة وأعلن بأن “الاستيطان يأتي رداً على المذبحة” (ملاحظة جانبية: إذا كان الجنرال غولدكنوف يبدي اهتماماً الآن، فإن تجنيد الحريديم أيضاً قد يكون جواباً على المذبحة). الوزير بن غفير، الذي لا يكترث بحياة المخطوفين والمخطوفات اكتراثه بقشرة ثوم عفنة، قياساً بحلم ترحيل الفلسطينيين، قال أمس إنه “يعمل بكد مع رئيس الوزراء للدفع قدماً بـ “تشجيع الهجرة” من غزة”، وأضاف بأن نتنياهو “يبدي انفتاحاً معيناً للموضوع”. ماذا يفكر نتنياهو؟ وإذا كان يعقوب بردوغو لا يسأل، فهو لا يجيب. المرة الوحيدة التي تناول فيها مسألة الاستيطان في القطاع بصوته كانت قبل نصف سنة، وعندها قال إن “هذا غير واقعي”. ما هذا “غير واقعي”؟ إذن، ستعمل دانييلا فايس ليكون هذا واقعياً؛ فهي جيدة بهذا.

وعليه، حتى لو كان يعلون متهكماً ومثيراً للشفقة، فإن الربط بين حكم متطرف وأفعال على الأرض يستوجب بحثاً واسعاً، معمقاً وثاقباً في مسألة “متى تنتهي حرب الدفاع ويبدأ مشروع استعماري؟ مهما كان الجواب، فإن شيئاً واحداً فقط لا يمكن قوله، “لم نعرف”.

عيناب شيف
يديعوت أحرونوت 2/12/2024

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية