سابق لأوانه الحكم على مشاركة المنتخب الجزائري في نهائيات كأس أمم افريقيا الجارية بكوت ديفوار، بعد تعادله في مباراته الأولى أمام أنغولا، وصعب جدا التكهن بالوجه الذي سيظهر به أمام بوركينا فاسو وموريتانيا في ظل تباين المردود بين شوطي المباراة الأولى، والتطور الكبير الذي تشهده الكرة الافريقية لمنتخبات كانت توصف بالضعيفة والمغمورة، وصارت تسيل العرق البارد لمنتخبات نيجيريا والكاميرون وغانا ومصر وتونس، مثلما فعلت غينيا الاستوائية وغينيا وكاب فيردي وموزمبيق وناميبيا، وهي المعطيات التي جعلت مباريات كأس أمم أفريقيا، أقوى وأكثر إثارة من مسابقة كأس أمم آسيا التي تجري في نفس الوقت، وتم فيها احترام سلم المستويات في جولاتها الأولى، التي تألقت فيها كوريا الجنوبية وايران واليابان واستراليا والسعودية بدون إشكال.
بعض محللي المباراة الأولى للخضر أمام أنغولا ثمنوا الوجه الجيد للمنتخب الجزائري في الشوط الأول، وبرروا التراجع في الشوط الثاني بجفاف أرضية الميدان وارتفاع درجة الحرارة والرطوبة، وكذا قوة المنظومة الدفاعية للمنتخب الأنغولي الذي لم يتلق أي هدف طيلة خمس مباريات سابقة، كما لفت البعض الآخر الانتباه إلى أن المنتخب الجزائري كان دائما يجد صعوبة في مباريات افتتاح المسابقة القارية، قبل أن يدخل الأجواء مع مرور المباريات، ويتحسن مردوده حتى ولو كان المنافس القادم منتخب بوركينا فاسو الفائز على موريتانيا بصعوبة في مباراته الأولى، والذي يعتبر أحد أقوى المنتخبات الإفريقية خلال السنوات الماضية.
البعض الأخر لم يتردد في انتقاد تراجع المستوى الفردي والجماعي في الشوط الثاني، وانتقاد خيارات المدرب، وتغييراته التي جاءت متأخرة، وأخرى في غير محلها حسب أغلبية المحللين الذين انتقدوا مردود قائد الخضر رياض محرز الذي كان متواضعا في نظرهم، والأخطاء التي ارتكبها بن ناصر وبن طالب في تمرير الكرات واعادة بناء اللعب، وعدم قدرة يوسف عطال على مجاراة وتيرة المباراة التي كانت عالية ومتعبة لكل من بونجاح وبلايلي، وبقية اللاعبين الذين لم يقدروا على اضافة هدف ثاني رغم دخول أدم وناس وسليماني وزروقي وعوار، أمام منافس قوي بدنيا ومنظم دفاعيا، ومزعج في الهجمات المعاكسة بدون أن يصل الى درجة الخطورة على مرمى الحارس ماندريا.
أغلب التحليلات ركزت على ضعف المردود البدني بسبب الحرارة والرطوبة، وربما بسبب تحضيرات شاقة ومتعبة في التربص التحضيري الذي سبق البطولة وجرى في العاصمة التوغولية لومي، كما أن تلقي بن ناصر وبن طالب وبن سبعيني وعطال لبطاقات صفراء قلصت من اندفاعهم خوفا من الطرد، بينما ركز البعض الآخر على المردود المتواضع لرياض محرز، الذي كان على المدرب تعويضه في الشوط الثاني بأدم وناس في الجهة اليمنى، وتحويل شايبي الى الجهة اليسرى، مع اقحام سليماني مكان بونجاح، وفيغولي وزروقي مكان بن طالب و بن ناصر.
الحقيقة أن نتيجة التعادل أمام أنغولا لم تكن سيئة رغم أنها كانت تحمل طعم الخسارة، لكن لا يمكن الحكم على المنتخب الجزائري بشكل قطعي قبل مواجهته الثانية التي ستشهد عودة المهاجم محمد لمين عمورة الذي سيكون بمثابة الورقة الجديدة للمدرب جمال بلماضي ، المطالب بمزيد من الجرأة في خياراته لتدارك ما فات وتجنب نكسة ثانية على التوالي في نهائيات كأس أمم أفريقيا يصعب تجرعها هذه المرة، وتقبلها من طرف وسائل إعلام وجماهير لم تبخل بدعمها في الظروف الصعبة.
إعلامي جزائري