كييف: تعثّرت مجددا، الأحد، عمليات إجلاء المدنيين من ماريوبول التي تحاصرها القوات الروسية، وبينما شدد الجيش الروسي الطوق على العاصمة كييف، تتخوّف أوكرانيا من استهداف وشيك لمدينة أوديسا الساحلية رغم تكثيف الجهود الدبلوماسية.
ومن المقرر عقد جولة ثالثة من المحادثات بين أوكرانيا وروسيا الاثنين، وفقا لعضو الوفد الأوكراني الى المحادثات ديفيد أراخاميا الذي لم يدل بمزيد من التفاصيل.
زيلينسكي: روسيا “تتهيّأ لقصف أوديسا”
ولم تؤد الجلستان السابقتان على الحدود الأوكرانية البيلاروسية ثم على الحدود البولندية البيلاروسية، إلى وقف القتال، لكن الطرفين اتفقا على إقامة “ممرات إنسانية”.
وفي اليوم الحادي عشر من الحرب، أعلنت الأمم المتحدة أن عدد اللاجئين الفارّين من الغزو الروسي لأوكرانيا تجاوز 1,5 مليون، ما يخلق “أزمة لجوء تعد الأسرع تفاقما” في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وأعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأحد عن “قلقها البالغ” إزاء تقارير تفيد بانقطاع التواصل مع أكبر منشأة نووية في أوروبا بعدما سيطرت عليها القوات الروسية في إطار غزوها لأوكرانيا.
وحذّرت روسيا، الأحد، البلدان المجاورة لأوكرانيا من مغبة استقبال طائرات مقاتلة لكييف تمهيدا لاستخدامها ضد القوات الروسية، متّهمة رومانيا، البلد العضو في حلف شمال الأطلسي، والتي سرعان ما “رفضت” اي تهديد بحقها.
وفي حين لا تدل أي مؤشرات على تهدئة وشيكة، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن روسيا “تتهيّأ لقصف أوديسا”، المدينة التاريخية المطلة على البحر الأسود والتي تضم ميناء، مشددا على أن الخطوة ستشكل “جريمة حرب. ستكون جريمة تاريخية”.
ويقطن قرابة مليون شخص في أوديسا، المدينة الواقعة على ساحل أوكرانيا الجنوبي والتي تضم ناطقين بالروسية والأوكرانية وأقليات بلغارية ويهودية.
رئيس بلدية ماريوبول فاديم بويتشينكو: المدينة تعاني وضعا صعباً في ظل “حصار إنساني”
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأحد “توقف” ثاني محاولة لإجلاء نحو مئتي ألف مدني من مدينة ماريوبول الاستراتيجية التي تحاصرها القوات الروسية في جنوب شرق أوكرانيا.
وأفادت بلدية ماريوبول بأن الممر الإنساني كان مفترضا أن يفتح عند الساعة 12,00 (10,00 ت غ) لإتاحة إجلاء المدنيين إلى مدينة زابوروجيا التي تبعد نحو ثلاث ساعات.
وكتب الحاكم الأوكراني لمنطقة دونيتسك بافلو كيريلنكو على فيسبوك أن “الرتل لإجلاء المدنيين لم يتمكن من الخروج من ماريوبول اليوم لأن الروس جمعوا قواتهم وبدأوا بقصف المدينة”.
واتّهم قائد الانفصاليين الموالين لروسيا إدوارد باسورين القوات الأوكرانية بعدم التقيّد بوقف إطلاق النار الموقت، وفق ما نقلت عنه وكالة تاس الروسية للأنباء.
وقال رئيس بلدية ماريوبول فاديم بويتشينكو على موقع “يوتيوب” مساء السبت إن ماريوبول تعاني وضعا “صعب جداً” في ظل “حصار إنساني”.
وأضاف أن القصف في الأيام الماضية تسبّب في سقوط “آلاف الجرحى” في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 450 ألفا على سواحل بحر أزوف.
ومن شأن سقوط مريوبول في قبضة الروس أن يشكّل منعطفا في الحرب التي بدأت في 24 شباط/فبراير.
فهو سيتيح ربط القوات القادمة من شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا والتي استولت على ميناءي بيرديانسك وخيرسون الرئيسيين، والقوات الموجودة في دونباس في الشرق حيث مناطق انفصالية موالية للروس. وسيكون في إمكان هذه القوات المعززة حينها الصعود باتجاه وسط أوكرانيا وشمالها.
وأعلن الرئيس الأوكراني أن ضربات صاروخية روسية دمّرت الأحد مطار فينيتسيا في وسط أوكرانيا.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت تدمير المطار العسكري في ستاروقسطنطينوف، الذي يبعد 130 كلم عن فينيتسيا.
وتواصل القوات الروسية زحفها إلى كييف حيث تواجه مقاومة شرسة.
ولم تتعرض العاصمة لقصف ليل السبت الأحد، ولكن قتالا عنيفا يدور في محيطها، وفق الإدارة الإقليمية الأوكرانية، لا سيما حول الطريق المؤدي إلى جيتومير (150 كلم غرب كييف).
وقالت ناتاليا ديدنكو (58 عاما)، “إنهم يقصفون المناطق السكنية: المدارس، الكنائس، الأبنية الكبيرة، كل شيء”.
على بعد 25 كلم غرب العاصمة، قال جندي أوكراني لوكالة فرانس برس إنه ينتمي إلى مجموعة تراقب جسرا مفخخا بالكامل، وهو الأخير الذي لا يزال قائما بين الجسور التي توصل الى كييف. وأضاف “إذا رأينا أن الروس يتقدمون، سنفجره”.
وتستمر المعارك في تشيرنيغيف أيضاً (على مسافة 150 كيلومترا شمال العاصمة)، بحسب الإدارة الإقليمية الأوكرانية.
وأكدت موسكو الأربعاء مقتل 498 عسكريا روسيا وسقوط 2870 قتيلا في الجانب الأوكراني. من جهتها، أفادت كييف الأحد بمقتل أكثر من 11 ألف عسكري روسي، دون التحدث عن خسائرها العسكرية. ومن الصعب التحقق من صحة هذه الأرقام بشكل مستقل.
وأعلنت الأمم المتحدة مقتل 351 مدنيا وجرح أكثر من 700 آخرين، مشيرة الى أن “الحصيلة أكبر بكثير على الأرجح، وعمليات التحقق منها لا زالت جارية”.
وأعلن الجيش الأوكراني عن “هجوم مضاد” لقواته في منطقة خاركيف (شرق) التي هي في مرمى نيران الجيش الروسي منذ أيام.
وأكد رئيس بلدية المدينة أوليغ سينيغوبوف أن “كل محاولات العدو لاقتحام” خاركيف باءت بالفشل وأن كل قوافله العسكرية “دمّرت بالكامل”.
وتعم حالة من الفوضى في محطات القطارات في المدن الأوكرانية المهددة بتقدم القوات الروسية، مع سعي نساء وأطفال إلى الرحيل بحثا عن الأمان بعد وداع أزواجهن وآبائهن الذين بقوا للقتال.
وقال أندري كيريتشينكو (40 عاماً) وهو عامل بناء في دنيبرو (وسط)، “نرسل زوجاتنا وأطفالنا إلى لفيف، أو ربما أبعد، ونبقى هنا… إنه وضع مروع”.
وأرسلت فرنسا “منتجات طبية مختلفة” بينها اليود لأوكرانيا تحسباً لوقوع أي حادث نووي خلال المعارك مع الجيش الروسي، وفق ما أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان مساء الأحد.
وقال لودريان إنه يؤمن بالنصر النهائي لأوكرانيا على الغزو الروسي، لكنه حذر من حدوث دمار هائل وسقوط الكثير من الضحايا المدنيين جراء حصار المدن الكبرى.
وقالت الأمم المتحدة إن 1,5 مليون شخص غادروا البلاد منذ بدء غزو أوكرانيا بينما هناك أكثر من مليون نازح في الداخل.
ويستدعي تدفّق اللاجئين تعبئة كبيرة، خصوصا في الدول المجاورة لأوكرانيا، على غرار مولدافيا التي زارها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد غداة زيارة أجراها لبولندا.
وأعلن أن واشنطن ستقدم 2,75 مليار دولار (2,51 مليار يورو) كمساعدات إنسانية.
دبلوماسيا، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأحد محادثات هاتفية استمرت ساعة و45 دقيقة مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي بادر للاتصال به.
وأفادت الرئاسة الفرنسية بأن بوتين نفى خلال المحادثات مع ماكرون أن يكون جيشه قد “استهدف مدنيين” في أوكرانيا، كما شدد على أنه “ليس في وارد” مهاجمة المحطات النووية. وكان بوتين قد أجرى السبت محادثات استغرقت حوالى ثلاث ساعات في موسكو مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الذي عرض القيام بوساطة، مشددا على العلاقات المتينة للدولة العبرية مع روسيا وأوكرانيا.
وتحدث بينيت الذي كان أول مسؤول أجنبي كبير يزور موسكو منذ الغزو، بعد ذلك عبر الهاتف إلى الرئيس الأوكراني قبل أن يتوجه إلى برلين حيث أطلع المستشار الألماني أولاف شولتس على محادثاته.
والأحد دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى “وقف شامل وعاجل لإطلاق النار” في أوكرانيا أثناء مكالمة هاتفية الأحد مع نظيره الروسي، وفق ما أفاد مكتب إردوغان.
واعلن وزير المال الألماني كريستيان ليندنر الأحد أن العقوبات الجديدة التي فرضتها مجموعة السبع ضد روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا “ستؤثر قبل كل شيء على المتمولين” الذين “استفادوا من بوتين”.
وحذر بوتين من مغبة فرض أي دولة منطقة لحظر الطيران فوق أوكرانيا، حتى لا تصبح في مواجهة مباشرة مع روسيا.
كذلك قال الرئيس الروسي إن العقوبات الغربية التي تؤثر بشكل كبير على القطاع الاقتصادي والمالي الروسي “تقترب من ان تكون إعلان حرب”.
وهدد بأن أوكرانيا قد تفقد “وضع الدولة” إذا واصلت رفضها تلبية المطالب الروسية.
وتطالب موسكو خصوصا بأن تكون أوكرانيا “محايدة وغير نووية” وبإخلائها من السلاح، بينما تعتبر كييف التي تريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي أن هذه مطالب غير مقبولة.
وتستمر الشركات الأجنبية بمغادرة روسيا بكثافة.
وآخر هذه الشركات، المجموعتان الأميركيتان للبطاقات المصرفية فيزا وماستركارد اللتان أعلنتا السبت تعليق عملياتهما في روسيا.
وعلق نظام الدفع PayPal أيضًا خدماته في روسيا، وفق بيان لرئيسه دان شولمان.
في روسيا، طلب البنك المركزي من المصارف الأحد التوقف عن نشر أرقام ميزانياتها المالية. وانهارت العملة الروسية بعد فرض عقوبات دولية ضد موسكو، وتم استبعاد بعض أكبر المصارف في روسيا من نظام “سويفت” المالي العالمي.
وتُكثف السلطات الروسية الإجراءات للحد من هروب رؤوس الأموال.
وأعلن تطبيق “تيك توك” للتواصل الاجتماعي الأحد أنه علّق إمكانية نشر مقاطع فيديو جديدة على منصّته في روسيا.
كما أفادت وسائل إعلام أميركية الأحد بأن منصة الفيديو على الإنترنت نتفليكس علقت خدمتها في روسيا احتجاجا على غزوها لأوكرانيا.
وعلى الرغم من الحظر الإعلامي الذي تفرضه السلطات الروسية حول المعلومات المتعلقة بالحرب الدائرة في أوكرانيا، تتواصل التظاهرات في روسيا، وقد أوقف الأحد أكثر من 2500 شخص في 44 مدينة، وفق منظمة أو.في.دي إنفو التي أفادت باعتقال أكثر من عشرة آلاف شخص منذ 24 شباط/فبراير.
في الوقت نفسه، شهدت أوروبا تظاهرات مناهضة للحرب، مع نزول عشرات الآلاف إلى الشوارع في العواصم الأوروبية للاحتجاج على ما يجري في أوكرانيا.
(أ ف ب)