البعض منا يحاول إنقاذ المعاني والقيم الجوهرية للإنسانية ويوظفها لمقاومة الجنون واللامعقول والعبث في عالم يتعطل به منطق الأشياء. عالم تتراكم به ثروات الأغنياء، ويتعمق به فقر الفقراء. عالم يتواصل إخفاقه في القضاء على أوبئة وأمراض قاتلة وفي وضع نهاية لوفاة الأطفال وفي التخلص من المجاعات، على الرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي المذهل وفائض الموارد في بلاد الأغنياء. عالم يدمر سكانه النظام الإيكولوجي الذي يمكنهم من الحياة، بينما تتجادل حكوماتهم ببدائية بشأن نسب التلوث المقبولة وحصص التلويث المقننة. عالم تعلن قواه الكبرى منذ 2001 عن حرب على الإرهاب لا هوادة بها، وفي 2021 تستعيد طالبان السيطرة على أفغانستان وتواصل عصابات الإرهاب ارتكاب جرائمها التي لا هوادة بها ولا حدود لها.
عالم يتنصل من مناهضة التمييز على أساس الدين والمذهب والعرق والرأي ويحتفي بحكام وحكومات وبسياسيين وأحزاب يستندون إلى رؤى تمييزية ويروجون لكراهية الآخر، من حاكم الطائفة العلوية إلى الحكومات السنية التي تواجه الدولة الشيعية وأعوانها في بلاد العرب ومن سياسيين يريدون بناء جدار للفصل العنصري بين أغنياء الشمال وفقراء الجنوب إلى أحزاب تطالب بمنع الهجرة وترك الأطفال والنساء والعجائر لمعانتهم مع الحروب الأهلية وصنوف الدمار والخراب بعيدا عن الغرب.
البعض منا يحاول إنقاذ المعاني والقيم الجوهرية للإنسانية إزاء كل صنوف الجنون واللامعقول والعبث هذه. غير أن منطق الأشياء الذي يبحث عنه سرعان ما ينقلب على أعقابه خاسئا وهو حسير. فقد أوشكت الأفكار الكبرى على الانهيار التام. تنهار الفكرة الديمقراطية على وقع سيطرة من «معهم» على العمليات الانتخابية، ونزوع الحكومات المنتخبة إلى انتهاك الحقوق والحريات وإخضاع مواطنيها للتنصت الشامل باستدعاء الخوف من العنف وخطر الإرهاب، وصعود النازيين الجدد والعنصريين الجدد والمجانين الجدد مثل فراوكه بتري (المسؤولة المهمة في الحركة اليمينية المتطرفة «البديل لألمانيا» التي طالبت الشرطة الألمانية بإطلاق النار على اللاجئين الذين يحاولون اختراق الحدود).
تنهار أفكار المساواة والعدالة ذات الخلفية اليسارية إما على وقع انحسار الحكومات التي تطبقها، أو بسبب فشلها التنموي الذريع، أو بسبب تورط نخبها في فضائح فساد واستغلال منصب كارثية. تنهار جاذبية الالتزام العالمي بحق الشعوب في تقرير مصائرها إن لتحايل الأقوياء على حق الضعفاء في تقرير المصير من الشعب الفلسطيني إلى الشعب الكردي، أو لتنصل الأقوياء من حق الشعوب المغلوبة على أمرها في طلب الحرية كما في سوريا واليمن وغيرهما.
عالم تتراكم به ثروات الأغنياء، ويتعمق به فقر الفقراء. عالم يتواصل إخفاقه في القضاء على أوبئة وأمراض قاتلة وفي وضع نهاية لوفاة الأطفال وفي التخلص من المجاعات
تنهار الإيديولوجيات الدينية التي استغلتها حكومات مستبدة وسلطوية لتمرير ظلمها وجرائمها، وتشبثت المؤسسات التي تمثلها برفض الاعتراف بالحقوق المتساوية للناس إن بغض النظر عن النوع أو بمعزل عن التفضيلات الجنسية (حقوق المثليين).
تنهار، أخيرا، الفكرة الوطنية التي سعت شعوبنا في بلاد العرب خلال السنوات الماضية إلى إنقاذها بطلب الحرية وبالبحث عن عقد اجتماعي جديد يتجاوز حكم الفرد واستبداد الأجهزة الأمنية ويؤسس لدولة وطنية عادلة وديمقراطية، وانتهى بنا الحال، بعيدا عن استثناءات محدودة، إلى الاعتذار عن المحاولة الديمقراطية أو الانزلاق إلى غياهب حروب العنف والإرهاب وحروب الكل ضد الكل. تعطل منطق الأشياء.
منذ أيام قليلة، انتهيت من إعادة قراءة رواية «1ق84» للأديب الياباني هاروكي موراكامي (نشرت 2009). وما أن ابتعدت عن قراءة النص البديع حتى أدركت سبب جمع هذه الرواية الطويلة (1157 من القطع المتوسط) ذات اللغة والرمزية المركبتين بين تحقيق مبيعات عالمية هائلة (أكثر من مليون نسخة في اليابان بعد مضي شهر واحد على النشر، ومئات الآلاف من النسخ باللغات الإنكليزية والإسبانية والفرنسية) وبين الحصول على العديد من الجوائز الأدبية المرموقة. أنه الجنون الذي يحاصر الإنسانية، أنه اللامعقول الذي أحاط بكافة جوانب حياتنا اليومية وأعجزنا عن إنقاذ المعاني والقيم الجوهرية، أنه تعطل «منطق الأشياء» الذي يصفه موراكامي وينطبق على واقع العالم في القرن الحادي والعشرين؛ هذا هو سبب نجاح الرواية.
يقدم الأديب الياباني موراكامي وصفا لتعطل منطق الأشياء في حياتنا البشرية ولاختفاء الحدود الفاصلة بين اللامعقول والعبثي وبين العقلاني والرشيد. على لسان الشخصية النسائية المحورية (أومامه) يورد موراكامي في خواتيم روايته عبارات مثل «لم يعد لشيء منطقه منذ ظهر القمرين، هما سرقا المنطق من كل شيء» (صفحة 1102 من النسخة الإنكليزية) و«يصعب جدا أن نفسر منطقيا غير المنطقي» (صفحة 1104) «نحن نشير إلى هذا العالم بمسميات مختلفة. أسميه أنا 1ق84، بينما يسميه هو مدينة القطط. غير أن كل هذا يعني شيئا واحدا فقط» (صفحة 1135 و1136) «لا أعتقد إنني أستطيع أن أشرح لك كل شيء قبل أن نصل إلى هناك. ليس لدينا متسع من الوقت. ربما لن يسعفني كل وقت هذه الدنيا لكي أشرح لك» (صفحة 1137) وغيرها من العبارات المشابهة الدالة على تعطل منطق الأشياء التي يأتي بها الرجل المحوري في الرواية (تينغو كاوانا). موراكامي هو فرانتس كافكا معاصر. ولامعقول روايته يماثل لا معقول روايات كافكا «التحول» و«الحكم» و«في مستعمرة العقاب» ويكتسب قيمته الإنسانية والأدبية من تقاطعه مع الجنون الذي يحاصرنا.
كان جنون القرن العشرين، بحربيه العالميتين وبجرائم الإبادة التي ارتكبها الحكم النازي وبالقنبلتين الذريتين اللتين ألقيتا على اليابان وبالتسابق إلى أسلحة الدمار الشامل وبحروب الإبادة في فيتنام ومواقع أخرى، هو دافع العديد من النخب الفكرية والأدبية لاكتشاف كافكا بعد وفاته (1924) وحافر الكثير من دور النشر العالمية لترجمة أعماله من اللغة الألمانية إلى لغات أخرى. واليوم، يدفع جنون القرن الحادي والعشرين إلى اكتشاف موراكامي وقراءة أعماله.
كاتب من مصر
شخصية (بيل غيت) كمثال عن ما كتب عنه (د عمرو حمزاوي) في مقال بعنوان (تعطل منطق الأشياء) في جريدة القدس العربي، البريطانية، وهو المصري/الفرنسي، وتحت حكم الرئيس (إيمانويل ماكرون) بالذات،
الذي وزير داخليته، للتغطية على تقصير/فساد/غش (الموظف) الفرنسي، يتم وضع كل اللوم على (اللاجئ)، والمسلم، وبداية بالمرأة، في موضوع النقاب من جهة، والموظف (الإمام) لو استخدم لغة القرآن وإسلام الشهادتين في كلمة صلاة عيد الأضحى، يتم إلغاء الإقامة، والعمل على تسفيره، من الدولة، بلا أي حق أو حقوق أي تطبيق عملي لمفهوم (تعطل منطق الأشياء) سبحان الله،
وفي الجانب الآخر، يتم لوم (بيل غيت) لأنه ناجح، ولأنه يستثمر أمواله، في إيجاد علاج الأمراض المستعصية، أي تطبيق عملي لمفهوم (تعطل منطق الأشياء)،
عند تفكير ومنطق أهل نظرية المؤامرة، أو التشكيك من أجل التشكيك، بلا منطق أو موضوعية،
بسبب أن مؤسسات الدولة العميقة (ترفض) الترتيب الجديد للعالم،
تحت قيادة صندوق النقد والبنك الدولي وأخيراً معهد الحوكمة الكندي وشروطهم الخمس في الوصول إلى الدولة الذكية المؤتمتة السعيدة:
– الشفافية،
– اللا مركزية،
– حاضنة التقنية،
– الحوكمة الرشيدة،
– حق تعليم لغات الأقليات نفس حق تعليم اللغة الأم في أي دولة،
فقد ضاعت (هيبة الدولة) في الصين في هونغ كونغ يوم 1/7/2019، عند نجاح أهل الفوضى، في الوصول إلى مجلس ممثلي الشعب،
وضاعت (هيبة الدولة) في أميركا يوم 6/1/2021، عند نجاح أهل الفوضى، في الوصول إلى مجلس ممثلي الشعب،
وضاعت (هيبة الدولة) في الكيان الصهيوني، يوم 6/9/2021، في نجاح هروب أهل المقاومة في الضفة، من أكثر سجون الكيان الصهيوني، ظلماً.??
??????