تعقل إيران مطلوب ويخدم المنطقة بأسرها

حجم الخط
18

تشهد منطقة الخليج العربي طرازين من التطورات الهامة التي تتعدى حدود الدول الخليجية وتكتسب بالتالي سلسلة أبعاد إقليمية ودولية واسعة النطاق. ومن الواضح أن مجموعة من العوامل السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية تتجمع على نحو تفاعلي يفضي إلى منح هذه التطورات طابعها التناقضي من جهة أولى، كما يزيد في حجم تأثيراتها على المنطقة والإقليم والعالم من جهة ثانية.
الطراز الأول يميل إلى التهدئة وتخفيف التوتر، وقد تمثل في المقام الأول بنجاح الجهود المكوكية الكويتية بين قطر والسعودية، والتي أثمرت عن إعادة فتح الحدود البرية والجوية بين البلدين، ومشاركة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني شخصياً في القمة الخليجية الـ41 التي احتضنتها السعودية في محافظة العلا، وتشير معطيات كثيرة إلى أنها سوف تكون دورة المصالحة بعد أربع سنوات من فرض الحصار الفاشل على قطر.
الطراز الثاني يتجلى في مناخات التوتير العسكري والأمني بين الولايات المتحدة وإيران، والتي اتخذت مظاهر عديدة كان آخرها المناورات العسكرية باستخدام الطائرات المسيّرة والمضادات الجوية وأداء مهام هجومية وانتحارية، اقترنت بتصريحات نارية حول رفض إيران التفاوض بخصوص برامجها الدفاعية والصاروخية، وأن رد قواتها المسلحة على أي اعتداء سوف يكون شاملاً. في الآن ذاته احتجز الحرس الثوري الإيراني ناقلة نفط ترفع علم كوريا الجنوبية، تحمل 7200 طن من المواد الكيميائية النفطية، واقتادها إلى ميناء بندر عباس بذريعة مخالفة القوانين البيئية البحرية. وقبل هذا وذاك أعلنت إيران أنها رفعت نسبة تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو إلى 20%، مخالفة بذلك نصوص الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع ستة قوى عظمى في صيف 2015.
وضمن المناخات ذاتها أسهم التخبط الراهن الذي تعيشه الإدارة الأمريكية، وخاصة على صعيد البنتاغون والقرارات العسكرية والدفاعية، في زيادة التوتر عبر إعادة حاملة الطائرات «يو إس إس نيميتز» إلى مياه المنطقة بعدما أمر وزير الدفاع الأمريكي بالإنابة بسحبها. وكان مرور الذكرى الأولى لاغتيال قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني قد صب المزيد من الزيت على نيران تتولى إشعالها في العراق الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، ولم تغب دولة الاحتلال الإسرائيلي عن مشهد التوتير فاستغل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قرار زيادة تخصيب اليورانيوم كي يهدد ويتوعد.
من الواضح بالطبع أن مصلحة إيران خلال المرحلة الراهنة تقتضي السير في أجواء التهدئة وليس إذكاء نيران التوتر، إذ أن أي شرارة مواجهة عسكرية سوف تكون في صالح إدارة دونالد ترامب الموشكة على الرحيل، وذلك بغرض وضع المزيد من العصي في عجلة إدارة جو بايدن المقبلة، خاصة وأن الأخير أوحى بأنه سوف يعيد أمريكا إلى الاتفاق النووي. كذلك فإن إشعال الخليج سوف يخدم دولة الاحتلال الإسرائيلي، وليست بعيدة عن المنطق تحذيرات وزير الخارجية الإيراني من أن عملاء إسرائيليين في العراق قد يلجأون إلى قصف مواقع أمريكية هناك لتوريط إيران عبر ميليشياتها.
التعقل مطلوب إذن وهو يخدم المنطقة بأسرها، التي لا تعيش تحولات إيجابية محلية فقط، بل تنتظر آفاق تحولات وشيكة على صعيد الإدارة الأمريكية أيضاً، يمكن لنتائجها أن تنعكس إيجابياً لصالح التهدئة وتخفيف التوتر.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول sad:

    تقصدون ان الانبطاح الايراني هو المطلوب حتي ترضي ماما امريكا عنها؟

  2. يقول سعدون القصيمي:

    إذا لم يرتكب الأحمق ترامب حماقته بمهاجمة إيران رضوخا للمجرمين الإرهابيين الصهاينة برئاسة مجرم الحرب نتن ياهو فالجنوح للسلم من طرف إيران هو الأصوب بطبيعة الحال في انتظار ما يسفر عنه خليفة البيت الأبيض الذي صرّح في وقت سابق بأنه صهيوني أكثر من الصهاينة أنفسهم، أما إذا فعلها الأحمق ترامب فمن واجب إيران الأمني والأخلاقي أن تؤدبه وتؤدب أسياده من قطعان الصهاينة وعبيدهم من الأعراب المذعورة في المنطقة ..!

  3. يقول سامح //الأردن:

    *الطبل الاجوف (ترامب) لن يجرؤ على شن
    حرب شاملة ضد إيران لأسباب عديدة.
    *الحرب دمار وخراب لكامل المنطقة.
    حسبنا الله ونعم الوكيل.

  4. يقول علي:

    إيران عاقلة وحكيمة يشهد بذلك العدو قبل الصديق ، و بعقلها الراجح استطاعت أن تصمد أمام الأعداء طوال أكثر من أربعة عقود و تهزمهم في كل المجالات و آخر إنجازات عقلها لعبها دوراً مهما في إلحاق الهزيمة الإنتخابية الرئاسية بترامب و في هذه الدقائق يخسر حزبه الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي ، و لولا هذا العقل الإيراني الراجج لخسرت إيران حربها الإقتصادية العتيدة مع المهزوم ترامب ، إذا أنتم تقصدون بتعقل إيران تخاذلها و انهزامها مع أمام أعدائها و في الطليعة أمريكا و اسرائيل فإن العقل الإيراني بسبب صبره الإلَهي لا يعرف الإنهزام و التخاذل أمام أعداء الله و رسوله و المؤمنين .
    الأهم من كل ما سلف ، فليس العقل الإيراني هو موضوع الساعة بالنسبة لكم و أنتم سفينة اعلامية تبحر في المياه الإقليمية للجزيرة التي تهتم منذ الأمس بإنجاز قطر النصرَ ضد الحصار ، هذا هو موضوع الساعة منذ الأمس و لا أعرف ما السبب في طي الكشح عنه و استبدال الحديث عن العقل الإيراني به في مثل هذا الوقت ، إن من أسباب إنتصار صمود قطر ضد هذا الحصار هو العقل الإيراني الذي وقف معها عملياً منذ اللحظات الأولى ، إيران هي العاقلة الوحيدة فوق أمواج الخليج المجنونة الهادرة . تحدثوا عن انتصار قطر في معركة الحصار و سقوط المطاليب الثلاثة عشر لدول الحصار .

  5. يقول هوزان هكاري:

    هذا الصراع البارد لا يمكن ان يدوم
    الى امد بعيد،لاينتهي الا بالضغط
    على الزناد آنذاك يعرف كل طرف
    حجمه .

  6. يقول قطز:

    أي نعقل ؟!! وجود المجانيين في المنطقة يخدم أمريكا ع سبيل المثال سياسة ايران ( تصدير الثورة ) تخدم أمريكا وجود كم جونغ اون رئيس كوريا الشمالية ( الوريث العظيم )  يخدم أمريكا وجود القذافي ( ملك الملوك ) يخدم أمريكا وجود صدام حسين البعثي لديه حصانة أكثر من عمر بن خطاب يخدم أمريكا و جود المشير حفتر ( عمر بن المختار ) يخدم امريكا وجود محمد بن سلمان ( أبومنشار ) يخدم امريكا من خلال شراء الاسلحة و هروب رؤوس الاموال بالمليارات إلى بنوكهم و نهب ثروات شعوبهم وو …
    بعيدا عن المجانيين نعود الى الموضوع التعقل بالمختصر المفيد مجلس التعاون الخليجي + تركيا كفيل بتعقل العالم كله و ليس أيران فقط ?

  7. يقول صفي الدين لبات مبارك - موريتانيا:

    من مصلحة العالم إلا تعطى ايران الفرصة اترامب خلال أيامه الأخيرة.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية