تعهدات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار لتمويل “الاستجابة الإنسانية” في اليمن

أحمد الأغبري
حجم الخط
1

صنعاء- “القدس العربي”: فشل مؤتمر المانحين لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن 2023، أمس الإثنين، في جنيف، بالحصول على تعهدات تغطي حتى نصف تمويل وكالات الإغاثة الأممية العاملة في البلد كما حددتها المنظمة الدولية.

وانتهى المؤتمر، الذي عُقد برعاية حكومتي سويسرا والسويد بالشراكة مع الأمم المتحدة، بتعهد 31 جهة دولية بـ 1.2 مليار دولار، بما نسبته 28% من أصل 4.3 مليارات دولار طلبتها الأمم المتحدة لتمويل جهود وكالاتها في اليمن لهذا العام.

نسبة التعهدات لم تتعد 28% من 4.3 مليارات دولار طلبتها الأمم المتحدة 

وبهذا تسجل الأمم المتحدة عجزاً قوامه 3.1 مليارات دولار سيكون له انعكاساته على الجهود الإنسانية لمنظماتها في اليمن، التي تعد واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في العالم على الرغم من حالة “اللاحرب واللاسلم” التي أوقفت القتال إلى حد كبير في الشهور الأخيرة.

ويشهد اليمن حرباً منذ عام 2015 تسببت بأكبر مأساة إنسانية في التاريخ الحديث حسب الأمم المتحدة؛ وهي المأساة التي أصبح فيها ثلثا السكان في حاجة للإغاثة ضمن خطة تديرها الأمم المتحدة.

ومن أبرز التعهدات الدولية بتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2023: الولايات المتحدة 444 مليون دولار، الاتحاد الأوروبي 207 ملايين يورو، ألمانيا 120 مليون يورو، بريطانيا 88 مليون جنية إسترليني، الإمارات 325 مليون دولار لمشاريع التعاقد في اليمن، إيطاليا 50 مليون يورو منها 5 ملايين لخطة الاستجابة الإنسانية، كندا 46 مليون دولار كندي، السويد 25 مليون دولار، والدنمارك 23 مليون دولار.

 تقول برنامج “أوتشا” الأممي في بيان مشترك مع حكومتي سويسرا والسويد، أمس: “تحتاج وكالات الإغاثة 4.3 مليارات دولار أمريكي هذا العام لمساعدة 17.3 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد. تزيد الاحتياجات الإنسانية العالمية القياسية من دعم المانحين بشكل لم يسبق له مثيل، ولكن بدون الدعم المستمر لعملية الإغاثة في اليمن، ستظل حياة ملايين اليمنيين على المحك، وستصبح الجهود المبذولة لإنهاء الصراع مرة واحدة وإلى الأبد أكثر صعوبة”.

وفي عام 2023، تقدر الأمم المتحدة أن يكون هناك 21.6 مليون شخص في اليمن ممن سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية وإلى دعم في مجال الحماية، وهو ما يقرب من ثلاثة أرباع السكان.

“وجلبت الهدنة التي استمرت ستة شهور العام الماضي بعض الراحة لليمنيين إلا أن المعاناة استمرت على نطاق واسع، ويرجع ذلك أساساً إلى تدهور الاقتصاد في البلاد وانهيار الخدمات الأساسية. يزيد من المأساة اليمنية أن البلد في طليعة أزمة المناخ العالمية مع تكرار الكوارث الطبيعية مثل الجفاف الشديد والفيضانات التي تهدد حياة الناس وسلامتهم”.

وفي الجلسة الافتتاحية للمؤتمر حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، من أن أكثر من مليوني شخص وقعوا في المجاعة بسبب فشل الهدنة في اليمن، ووصف المساعدات لليمن بـ “ضماد مؤقت” وليست علاجاً‎، على حد تعبيره.

 وقال غوتيريس: “إنها تبدأ بتمويل ندائنا بالكامل والالتزام بصرف الأموال بسرعة (…)معاً، دعونا أخيراً ندير موجة المعاناة. دعونا نعطي الأمل لشعب اليمن”.

وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث: “يجتمع العالم مرة أخرى اليوم لإظهار التزامه بمساعدة الشعب اليمني على الخروج من هذه الأزمة الرهيبة. وهذا يعني مواصلة الجهود، بل ومضاعفتها بالفعل، لإيجاد طريق إلى السلام. وهذا يعني تمويل عملية المساعدة حتى تتمكن البرامج المنقذة للحياة من الاستمرار في تفادي الأسوأ. وهذا يعني دعم وكالات المعونة أثناء عملها لتقديم استجابة قائمة على المبادئ في جميع أنحاء البلاد”.

رئيس مجلس الوزراء في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، معين عبدالملك، قال في كلمته في المؤتمر، إن “أي تراجع للدعم يتبعه توقف برامج ومشاريع حيوية تمس حياة مئات الآلاف إن لم يكن ملايين اليمنيين”.

 وأشار إلى أن “الشعب اليمني بطبيعته منتج ومثابر، وينبغي أن تكون الأولوية في الحفاظ على كرامته من خلال مشاريع مستدامة مرتبطة بفرص الدخل واستعادة دورة الإنتاج والعمل، وأهمية الموازنة بين العمل الإغاثي والتنموي، وعدم التساهل مع أي تلاعب بالمساعدات أو استخدامها في تأجيج الصراع”.

وتحدث في المؤتمر ممثلو عدد من الدول المانحة كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا والدنمارك وهولندا وقطر والإمارات وغيرها، والذين أكدوا أهمية استمرار جهود السلام وصولاً إلى وقف شامل لإطلاق النار ومفاوضات سياسية شاملة.

وأوضح وزير الخارجية الأمريكي، انتوني بلينكن، أن اليمن لديه أفضل فرصة سياسية لإنهاء الحرب، مؤكداً استمرار الولايات المتحدة في الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب، مطالباً بتوقف هجمات الحوثيين على الموانئ اليمنية.

وفي عام 2022، قدّم المانحون أكثر من 2.2 مليار دولار من أصل 4.27 مليارات دولار أمريكي. وقدمت أكثر من 200 منظمة إنسانية المساعدات في جميع مديريات اليمن البالغ عددها 333.

الأمن الغذائي

وتشير بيانات حديثة للأمم المتحدة مع قرب نهاية العام الماضي، إلى تحسن طفيف في توقعات الأمن الغذائي، حيث انخفض عدد الأشخاص الذين يعانون من ظروف شبيهة بالمجاعة من 161.000 إلى صفر. لكن هذا التقدم لا يزال هشاً للغاية ويمكن أن ينعكس بسرعة إذا اضطرت وكالات الإغاثة إلى تقليص البرامج أو تعليقها بسبب فجوات التمويل.

وقالت الأمم المتحدة: “في حين أنه من الضروري الحفاظ على الأنشطة المنقذة للحياة، لا يمكن لعملية الإغاثة أن تستمر على هذا النطاق لفترة أطول. هناك حاجة أيضاً إلى استثمارات متسقة وواسعة النطاق لإعادة بناء واستعادة اقتصاد اليمن والخدمات الأساسية والتنمية. سيساعد هذا في تقليل معاناة الناس على المدى الطويل – بالإضافة إلى حجم النداء الإنساني وسعره”.

 إلى ذلك، قال برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في بيان له اليوم الإثنين إنه على مدار العام الماضي، انخفض عدد الأشخاص الذين يعيشون في ظروف تشبه المجاعة من 161 ألفاً إلى صفر، لكنه حذر من أن المكاسب قد تنقلب.

وقال مدير البرنامج في اليمن، ريتشارد راجان: “نسمع تقارير تفيد بأن انعدام الأمن الغذائي آخذ في الازدياد”.

وأوضح البرنامج، الذي يقدم مساعدات لـ 13 مليون في اليمن ويسعى للحصول على 2.9 مليار دولار هذا العام، أن نقص التمويل ترك معظم أنشطته عند مستويات منخفضة. منذ يونيو حزيران/ يونيو، تلقى خمسة ملايين شخص نصف احتياجاتهم اليومية وثمانية ملايين يحصلون على ربع احتياجاتهم.

النازحون

إلى ذلك، تدعو المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى بذل جهود أكبر وإلى توفير المزيد من الموارد لتلبية الاحتياجات الإنسانية الحادة والمتنامية داخل اليمن، وذلك بعد تسع سنوات على اندلاع الحرب.

وحسب بيان للمفوضية صدر، أمس الإثنين: “يواجه اليمن أزمة مطولة من النزوح والحماية، حيث يعاني الملايين – بمن فيهم اليمنيون واللاجئون وطالبو اللجوء – من عواقب الحرب وتأثيرات المناخ وتدهور الوضع الاقتصادي”.

 ووفقاً للبيان، فاليمن لايزال واحداً من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث نزح 4.5 ملايين شخص داخلياً ويعيش أكثر من ثلثي السكان تحت خط الفقر. وعلى الرغم من المشقات، فإن المجتمعات اليمنية التي تعاني من الإنهاك تؤوي حوالي 100,000 لاجئ وطالب لجوء من دول أخرى فتكت بها الحروب. وتعتبر المفوضية الوكالة الدولية الوحيدة التي تتولى حمايتهم وترعى احتياجاتهم الإنسانية.

وأشار البيان أنه “قد شهد المدنيون ومضات من الهدوء عندما وقعت الأطراف المتحاربة هدنة في شهر أبريل/نيسان الماضي. وقد أدت الهدنة التي استمرت ستة أشهر وتمت بوساطة الأمم المتحدة إلى انخفاض عدد الضحايا في صفوف المدنيين”.

وطوال فترة الهدنة -حسب البيان- انخفض معدل النزوح الداخلي الجديد بنسبة 76 %. وفي الغياب الحالي لهدنة رسمية وفي ظل الوضع السياسي والأمني الهش فإن حياة السكان تشوبها حالة من الإرباك وعدم اليقين – حيث لا توجد اتفاقية رسمية للسلام، لكن الصراع لم ينشب مجدداً – وهو ما يزعزع الاقتصاد وكافة جوانب الحياة.

وقالت مايا أميراتونغا، ممثلة المفوضية في اليمن: “يجب ألا ننسى محنة أولئك الذين هم في أمس الحاجة للمساعدة في اليمن. لقد طال تأثير حجم هذه الأزمة كل أسرة في جميع أنحاء البلاد – بعد تسع سنوات من هذا الصراع”.

وأضافت: “نحن نعرف جيداً القصص التي تفطر القلوب، حيث فقد الكثيرون منازلهم وعزيزهم وسبل عيشهم. إنهم يفتقرون إلى شبكة أمان اجتماعية أو الوصول إلى الخدمات الأساسية، مما يجعلهم أكثر عرضة لجميع أنواع التهديدات والمخاطر، وهو ما يؤدي إلى حدوث ضوائق نفسية شديدة”.

ووفق بيان المفوضية، فهناك ما يصل إلى 93 % من العائلات اليمنية النازحة ممن لديها فرد واحد على الأقل من أفراد الأسرة يمر بحالة ما من الضعف، كشخص يعاني من إصابة أو من ضائقة نفسية، أو طفل يعمل، أو مسن لا يحظى بالرعاية. ويؤدي تأثير النزاع والنزوح المطولين، إلى جانب الافتقار إلى سبل العيش والخدمات الأساسية والغذاء، إلى زيادة المخاطر التي تعتري الحماية، كخروج الأطفال من المدارس حيث ينتهي المطاف بالعديد منهم للعمل لإعالة أسرهم من خلال التسول؛ وتتولى الأرامل وغيرهن من النساء غير المتزوجات مسؤولية رعاية أسرهن، فيما يتحول الزواج المبكر للفتيات إلى استراتيجية من أجل البقاء بالنسبة للكثيرين.

وأكد البيان أن الاحتياجات آخذة في الازدياد. وأضافت أميراتونغا: “نحن نرى نازحين يمنيين وهم يكافحون لإيجاد الحلول. يحاول الكثيرون العودة إلى حياتهم من خلال التوجه إلى ديارهم في المناطق المدمرة، أو الاندماج في المجتمعات المحلية في أماكن النزوح أو الانتقال إلى أماكن أخرى في البلاد. إنهم أيضاً بحاجة إلى الدعم لإعادة بناء حياتهم”.

 وقال البيان: “حتى الآن من هذا العام، لم تحصل المفوضية سوى على 8 بالمئة فقط من مبلغ 320 مليون دولار أمريكي والذي تحتاجه لتغطية عملها في اليمن في عام 2023”.

الصحة

وأطلقت منظمة الصحة العالمية نداء يوم الأحد 26 فبراير/شباط لجمع 392 مليون دولار لتجنب “الانهيار المحتمل” للقطاع الصحي في اليمن. ما يقرب من نصف المرافق الصحية في البلاد تعمل جزئياً أو معطلة تماماً بسبب نقص الموظفين والأموال، والكهرباء، والأدوية، والإمدادات، والمعدات.

وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن، أدهم عبد المنعم إسماعيل: “اليمن بحاجة إلى دعم عاجل وقوي (…) لتجنب الانهيار المحتمل لنظامه الصحي”.

وقال في بيان: “هناك حاجة إلى تمويل جديد بمبلغ 392 مليون دولار” لضمان استمرار المرافق الصحية في تقديم الخدمات إلى 12.9 مليون شخص.

ووفقاً له، فإن 540 ألف طفل دون سن الخامسة يواجهون سوء تغذية حاداً مع خطر مباشر للوفاة.

ويشار إلى أن المملكة العربية السعودية تجري مع الحوثيين محادثات مباشرة برعاية عمان بالتوازي مع جهود الأمم المتحدة الساعية لوقف رسمي لإطلاق النار وصولاً إلى مفاوضات سياسية شاملة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قلم حر في زمن مر:

    ما لم توقفوا هذه الحرب العبثية على أطفال اليمن المساكين البؤساء الفقراء المقهورين الجياع فلا نفع لأموالكم ردوها على جوعتكم ???

إشترك في قائمتنا البريدية