تغول التجار ومعدومي الضمير بسبب غياب الرقابة وعدم تطبيق القانون وجيوب المصريين خاوية

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: يوماً بعد يوم تكشف الأيام أنه ليس أمام «القاهرة» سوى الانتصار لأفكارها القديمة، حينما كانت حارسة أحلام كل عربي عندما كانت تزرع ما تأكله وتصنع ما ترتديه، قبل أن ينتهي بها المآل للحظة التي تعيشها الآن، حيث باتت الأزمة الاقتصادية تدق باب الجميع، بينما لا يفرق العوز بين فقير ومستور، فالكل أمام الحاجة سواء.

وفيما تغرق العاصمة ومختلف المدن صغيرها وكبيرها خلف لافتات تدعم التعديل الدستوري، وجميعها بصيغ شبه واحدة، وفيما تضيق الساحة بالداعين للتداول السلمي للسلطة، لحد اتهامهم بالعمالة والخيانة، تبدو الأغلبية الفقيرة في حالها غير عابئة حتى بذلك الاشتباك بين سلطة تحد أسنانها على مدار الساعة، ومعارضة تصرخ في البرية، على أمل أن تستدعي روح ثورة يناير/كانون الثاني الغائبة.

المعارضة فشلت في إقناع الجماهير بجدوى أن تقول «لا» ولكل دستور فلسفته فإذا تقوضت أزهقت روحه

ولأن الصحف في الغالب على دين أصحابها باتت جرائد القاهرة تعزف نشيداً جماعياً يطالب الجماهير بعدم التخلف عن التصويت على الاستفتاء المرتقب بشأن التعديلات الدستورية، واحتفت صحف أمس الخميس 18 إبريل/نيسان كذلك بسائر الأصوات التي هتفت لصالح التعديلات ،بينما لم يكن هناك أي مجال للمعارضين، الذين يعتبرون ما جرى يمثل انتهاكاً صارخاً للدستور. فيما بدا رئيس البرلمان الدكتور علي عبد العال أشبه بولي أمر نجح في العثور على عريس لابنته «العانس»، فيما هو يصر في كل موقف على أن مؤسسة الرئاسة لا تتدخل في شأن التعديلات الدستورية، كما أن الرئيس السيسي لا يهتم بأمرها أساساً، وهو الأمر الذي بات محل احتراب يومي بين عبد العال وخصومه، الذين هم بالتأكيد خارج أسوار البرلمان، حيث خرجت التعديلات بدون معارضة تذكر سوى أصوات داخل مجلس النواب أحاط بأصحابها البؤس من كل جانب.. وبعيداً عن الاستفتاء اهتمت صحف أمس بجولات الرئيس السيسي والمشاريع التي يتابع مراحلها كما اهتمت بالأوضاع في السودان وليبيا وإلى التفاصيل:

أحزاب محلك سر

البداية مع عبد الله السناوي الذي لديه في «الشروق» ما يستحق الاهتمام: «على مدى عقود طويلة ومتناقضة في خياراتها الرئيسية لم يحدث مرة واحدة أن نجحت «كتلة لا» في منع تمريرها، مهما بلغت خطورتها وعمق الاستقطاب في بنية المجتمع. بعض الأسباب تعود إلى العزوف العام عن المشاركة في مثل هذه الاستفتاءات بأثر التجارب السلبية المتراكمة، باستثناء ما تولد في أعقاب ثورة يناير/كانون الثاني، من ثقة بأن لكل صوت قيمته في تقرير المستقبل. بعض الأسباب الأخرى تنسب إلى البيئة السياسية، ومدى ما توفره من حرية إبداء الرأي في موضوع يحتمل إجابتين: «نعم» أو «لا»، وهذه مسألة حريات عامة تصون حقوق المواطنين بدون خوف أو خشية أذى، كما أنها مسألة تقاليد يفترض أن تتراكم ويرتفع الوعي العام بأهميتها، حتى يكون المساس بها من المحرمات، وبعض الأسباب الثالثة ترجع إلى مستوى الوعي تحت وطأة العوز وعدم معرفة الحقوق العامة، في المناطق المحرومة الأقل تعليما وصحة بمعايير تقارير التنمية البشرية، والأكثر استعدادا لمجاراة السلطات، أيا كانت توجهاتها، خشية أي أضرار قد تلحق بها. في أجواء يناير بدا أن تجاوز موروثات الماضي ممكن، فقد امتدت طوابير الاستفتاء أمام اللجان لكيلومترات تحت المطر. كان المشهد بديعا واستثنائيا، غير أنه لم تكتب للتجربة أن تأخذ مداها وتتكرس قواعدها. استحالت مشاهد استفتاء مارس/آذار 2011 على تعديلات دستورية محدودة إلى مشاحنات طائفية قادها السلفيون و«الإخوان المسلمون»، كأن الاستفتاء على الدين نفسه. كانت تلك الخطيئة المؤسسة لاختطاف الثورة نفسها. تكرر الأمر نفسه في الاستفتاء على دستور 2012، الذي صاغته الجماعة مع حلفائها، بدون أدنى اعتبار لحقيقة أن الدساتير توضع بالتوافق لا الإقصاء، بالرضا لا التخويف، وإلا فإنها تفقد مشروعيتها وتكون نهايتها مسألة وقت. لكل دستور فلسفته، فإذا ما تقوضت أزهقت روحه».

إفلاس لا بد منه

«عندما تصل فوائد الديون هذا العام إلى 540 مليار، التي تلتزم مصر بدفعها سنويا كفوائد فقط على المبلغ الإجمالي، الذي استدانته، فتخيل مع يسري عبد العزيز في «الشبكة العربية» حجم المبلغ الإجمالي الذي قامت مصر باقتراضه من الخارج، وعليها أن تسدده، حسبما أعلنه النائب سعد بدراوي في الجلسة التي عقدت بناءً عن طلب من الحكومة المصرية، قام بتقديمه وزير المالية من أجل موافقة البرلمان على مبلغ 70 مليارا من أجل استكمال فوائد الديون. فقد زادت الفوائد على الديون من 200 مليار منذ ثلاثة أعوام لتصل إلى 540 مليار هذا العام، مقابل 430 مليارا في العام الماضي، ما يؤكد على أن هناك زيادة كبيرة في فوائد الديون ويثبت استمرارية الاقتراض من الخارج، واعتماد المسؤولين في البلاد على الاستدانة من الخارج، في ظل عجزهم التام عن توفير الإيرادات وعدم قدرتهم على إيجاد حلول للمشاكل المتفاقمة والزيادة المطردة في العجز العام، واستمرارية إغراق مصر في الديون، وفقدانها القدرة على القيام بإصلاحات حقيقية، إلى جانب انعدام في الرؤى لوضع خطط تنموية، في ظل زيادة الفقر وفقدان المواطنين للأمل في مستقبل أفضل. ولكن ما نخشاه هنا أن يكون هذا المنحدر الاقتصادي في الاقتصاد المصري، الذي تعدى (الركود الاقتصادي) ليصل إلى (الاكتئاب) والذي وصل إليه الاقتصاد المصري حاليا، هو مقصود وتوجه مدروس وليس عشوائيا، من أجل أن تكون حجة لفتح الباب لزيادة البيع في الأرض المصرية، وما نخشاه أن يطال ذلك أرض سيناء، ليتم التفريط في جزء منها وتحت أي مصطلح أو مسمى، وذلك بعد بيع جزيرتي تيران وصنافير للسعودية. وهذا ما يسمى ببيع أصول الدولة المصرية».

عيال الدولة

«كان الزعيم عبدالناصر، كما يشير محمود خليل في «الوطن» واعياً بأهمية وجود ظهير شعبي داعم له، بعد أن تخلص من كل القوى التنظيمية التي شكلت سنداً شعبياً للثورة خلال الأشهر الأولى لقيامها. أنشأ هيئة التحرير كتنظيم شعبي يستهدف حشد الجماهير وراء السلطة الجديدة، لكنه لم يحقق الهدف بصورة ترضي جمال عبدالناصر، فلجأ إلى أسلوب جديد، يمكن وصفه بأسلوب «القرارات الشعبية». اتخذ عبدالناصر مجموعة من القرارات التي تمنح المواطن مصالح مباشرة في يده. من بينها على سبيل المثال: قانون الإصلاح الزراعي (سبتمبر/أيلول 1952)، الذي يقضى بوضع سقف لملكية الأراضي الزراعية (200 فدان)، وسحب ما يزيد على ذلك وتوزيعه على صغار الفلاحين، بحيث تكون لكل منهم ملكية صغيرة لا تقل عن فدانين، ولا تزيد على 5 أفدنة، وبعد صدور هذا القانون بأيام اتخذ قراراً بتخفيض إيجار المساكن والمحال التجارية بمقدار 15٪، أضف إلى ذلك القرارات اللاحقة المتعلقة بالعمال (يوليو/تموز 1961) والقرارات المتعلقة بمجانية التعليم وإلزام الدولة بتعيين الخريجين وغيرها. أسهمت هذه القرارات في خلق شعبية جارفة لجمال عبدالناصر لدى فئات ثلاث: العمال والفلاحين والموظفين. وكرّست فكرة «الدولة الراعية» التي تُلزم نفسها برعاية المواطن والانتصار لاحتياجاته اليومية، ورغم وجاهة فكرة «الدولة الراعية» وأهميتها بالنسبة للفئات الأضعف قدرة على القيام بمتطلبات الحياة، إلا أن التوسّع فيها بهدف توسيع الشعبية أدى إلى خلق طبقة ضخمة من «المواطنين الاتكاليين»، أي الذين يعتمدون على الدولة في أكلهم وشربهم وتعليمهم، والحصول على الوظائف وقبض المرتبات آخر الشهر، بغض النظر عن مستوى الأداء. وكانت النتيجة تراجع روح الاجتهاد الفردي وسيطرة إحساس نفسي خطير على المصريين، اعتبروا فيه أنفسهم عيال الدولة».

المهم والأهم

وننتقل الآن إلى التعديلات الدستورية التي يسلم الدكتور محمد السكران في «الأهرام» بأهميتها: «بأهمية مثل هذه التعديلات، بل وأهمية أن تتضمن كل ما يتعلق بالشائعات على اختلاف أنواعها وأشكالها، التي نعانيها بفعل عشرات الظروف والعوامل الداخلية والخارجية، التي تستهدف أبناء الوطن، والنيل من كل ما يبذل من جهد في كل المجالات، وعلى كل المستويات. نقول: إنه مع التسليم بأهمية إصدار القوانين لمواجهة الشائعات، إلا أن هذا وحده ليس كافيا في هذه المواجهة، وإنما لابد من التعامل مع الشائعات، إلى جانب التشريعات، من منظور ثقافي ومجتمعي، يكشف عن أبعادها، والظروف المرتبطة بها، وإثارة الوعي بأخطارها وأبعادها. فالشائعات ـ كما هو معروف ـ تختلف نوعاً، ضعفاً وقوة، وتأثيراً، باختلاف موضوعها، والهدف منها، والجمهور المتعلق بها. ومن المتفق عليه أن أخطر أنواع الشائعات ما يتعلق بالأمن القومي، بمختلف مكوناته ومقوماته، وتلك التي تحظى باهتمام الجمهور، ويتم استغلالها من خلال مختلف وسائل تكنولوجيا الاتصال للنيل من الآخرين على اختلاف مستوياتهم وأوضاعهم الاجتماعية والثقافية والعقائدية، فضلاً عن النيل من مقومات الأمة وأمنها القومي. وفي كل الأحوال فإن هناك من الظروف والعوامل وراء انتشار الشائعات، وفي القلب منها الأبعاد المتعلقة بقوى التآمر على الأمة ومحاولة النيل من وحدتها وتماسكها. والأبعاد المرتبطة بقصور القدرة على النقد والتحليل، وعدم القدرة على التمييز بين الكاذب والصادق من الأخبار، بل وأحيانا عدم الرغبة في بذل الجهد للوقوف على مدى صحة أو كذب هذه الأخبار. وانتشار بعض الأمراض الاجتماعية من سوء الظن وسوء العلاقة بين الناس وانتشار الضغائن والأحقاد والأنانية والأطماع، في ظل غياب الأخلاقيات والقيم الإنسانية. باختصار هناك عشرات الأبعاد والأسباب الثقافية والمجتمعية وراء ترويج الشائعات وانتشارها».

لا مفر منها

في صدارة المؤيدين للتعديلات السياسية المرتقبة وجدي زين الدين في «الوفد»: «بما أن الواقع المصري الجديد المعاش تغير وتبدل في أعقاب ثورة 30 يونيو/حزيران، وأن الأوضاع تشهد حاليًا إصلاحًا اقتصادياً، واستقرارًا أمنيًا كبيراً، والدولة التي تؤسس حاليًا لدولة عصرية حديثة بات من الضروري والمهم إجراء هذه التعديلات الدستورية وفق المتاح حاليًا، في حين أن الأمر كله الآن يقتضي وضع دستور جديد للبلاد، وهذا ما ألمح إليه الدكتور علي عبدالعال، عندما قال إن مصر في حاجة الآن بعد تغيير الأوضاع قاطبة إلى دستور جديد، بل إنه حدد، يجب أن يصدر هذا الدستور في غضون عشرة أعوام. ويرى وجدي أن رئيس حزب الوفد بهاء أبوشقة تحدث أمام البرلمان أيضًا عن قضية بالغة الأهمية والخطورة، وهي أن مجمل التعديلات الدستورية التي وافق عليها البرلمان، تمثل خطوة مهمة في اتجاه تطوير النظام الدستوري المصري، وتأتي في إطار تعميق الممارسة الديمقراطية، وتحسين البنية الدستورية للنظام السياسي، ولذلك فإن التعديلات تثبت أركان وترسخ عمل مؤسساتها وتقويها، وتعزز قيم الديمقراطية، بما يضمن أيضًا تدعيم مسيرة الإصلاح والتنمية الشاملة التي تقوم بها البلاد بعد ثورة 30 يونيو/حزيران. والحقيقة التي لا جدال فيها، وتشهدها مصر أن هذه التعديلات شهدت حراكًا ديمقراطيًا منقطع النظير، من خلال محاور كثيرة، كان أبرزها الحوار المجتمعي الذي قامت به اللجنة التشريعية والدستورية، واستمعت إلى كافة الآراء من جميع الانتماءات السياسية بكل أشكالها وألوانها».

حزب الأقلية

يتعرض المعارضون للتعديلات الدستورية لهجوم واسع من قبل خصومهم، ولنقرأ رأي محمد بركات في «الأخبار»: «في البرلمان، وخلال الجلسة العامة التي جرت (أول أمس) للتصويت على التعديلات الدستورية، ضرب حزب «التجمع الوطني التقدمي الوحدوي» مثالاً عملياً في ضرورة إعمال العقل والتسلح بالمرونة العملية والواقعية، في اتخاذ الموقف الصحيح تجاه القضايا الوطنية العامة، بما يتوافق مع المصالح القومية للوطن والمواطن. وقدم الحزب خلال عملية التصويت على التعديلات، هدية غالية وعملية لكل من يريد التصدي للعمل الحزبي، وممارسة النشاط السياسي من خلال الحزب، الذي يؤمن به ويسعى لنشر مبادئه وتوجهاته، من خلال الموقف الذي اتخذه الحزب في الجلسة. كان الكل يعلم أن حزب التجمع أعلن موقفه الرافض للتعديلات الدستورية، حين عرضها كمقترح على البرلمان، وصوت بالفعل ضد الصيغة المقترحة للتعديلات. ولم يتوقف الحزب عند موقف الرفض الذي اتخذه، بل قدم إلى المجلس رؤيته في ما يخص التعديلات، متضمنة مقترحات الحزب التي يرى وجوب الأخذ بها في التعديلات الدستورية الجاري بحثها ومناقشتها. وطبقا للسوابق البرلمانية، ونظرا للواقع الذي يقول بأن حزب التجمع هو حزب أقلية في البرلمان، كان المتوقع أو المنتظر أن يتوقف الأمر عند ذلك، حيث أن الحزب أعلن موقفه وسجل رؤيته ووجهة نظره في رفض التعديلات، وانتهى الأمر ولم يكن ينتظر شيئا آخر. ولكن ما حدث كان غير ذلك، وكان مفاجأة غير متوقعة من جانب الحزب، كما يقول سيد عبدالعال رئيس الحزب ورئيس هيئته البرلمانية، الذي ذكر أن المفاجأة تمثلت في أن تأخذ الأغلبية بالتعديلات التي قدمها حزب الأقلية، وكان هذا دافعا قويا لكي يعيد الحزب تقييمه للموقف، ويتحول من المعارضة إلى التأييد».

قرار جريء

تنتاب الفرحة طلعت المغربي في «الوفد» بسبب انسحاب مصر من الناتو العربي: «اختلطت أوراق اللعبة، خصوصاً مع التهديدات الأمريكية لتركيا ومصر معاً في الآونة الأخيرة، حيث هددت واشنطن أنقرة بعدم شراء منظومة الصواريخ الروسية إس 400، وإلا ألغت صفقة بيع طائرات إف 35 المتقدمة إليها، كما هددت واشنطن القاهرة بعدم شراء طائرات سو 35 الروسية، وإلا ألغت أيضاً بيع طائرات إف 16 وإف 35 لمصر، ولأن مصر دولة مركزية ومحورية في المنطقة، فقد رفضت الإملاءات الأمريكية، وجاء الرد سريعاً بالانسحاب من الناتو العربي السني لمواجهة إيران، وهو ما أعلنته وكالة رويترز للأنباء مؤخراً على لسان مسؤولين مصريين، وفي تقديري أن القرار المصري بالانسحاب من الناتو العربي السني جاء في وقته تماماً، ويعتبر قرارا صحيحا في التوقيت الصحيح، خصوصاً إزاء تغير المعادلات الإقليمية في المنطقة. فمصر صاحبة القرار في تنويع مصادر السلاح، ومن حقها شراء السلاح من الدولة المناسبة، خصوصاً روسيا التي أثبتت تكنولوجيتها العسكرية تفوقا في السنوات الأخيرة، بعد ثبوت تفوق الطائرة الروسية سو 35 على المقاتلة الأمريكية إف 35. ويبقى الناتو العربي ـ السني صورة طبق الأصل من حلف بغداد في القرن الماضي، الذي شكلته أمريكا من بعض دول المنطقة، لمواجهة النفوذ الروسي المتزايد في المنطقة وقتها، ورفضت مصر الانضمام إلى حلف بغداد، فقد الحلف بريقه حتى تم حله، وأعتقد أن الناتو العربي السني يسير في طريق حلف بغداد، فلا يمكن الحرب في المنطقة بدون مصر».

أقنعة العار

نذهب نحو «المصري اليوم» حيث تبدو مي عزام في قمة غضبها لأسباب بديهية: «ثورات الربيع العربي كشفت أقنعة عدد من الأنظمة العربية التي خلعت برقع الحياء، وأنكرت أحاديث الأخوة، والنتيجة حروب أهلية واستقطاب مجتمعي، بعد سنوات من الدمار اختلطت الأوراق، وتغيرت التحالفات في المنطقة، وتفرق الدم العربي بين القبائل. القضية الفلسطينية لم تعد القضية المحورية عند العرب، وإسرائيل لم تعد العدو الاستراتيجي.. خوف بعض دول الخليج من النفوذ الإيراني وحلفائها في المنطقة، جعل إيران العدو الأول لهم، وقدموها على «داعش». صفقة القرن التي عرضها صهر ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط، جاريد كوشنر، مصطلح يتم تداوله من فترة، والمقصود به صفقة لتبادل أراض تنهي القضية الفلسطينية، ينكره البعض، ويؤكده آخرون، الصفقة ستكون سببًا جديدًا للشقاق بين الدول العربية والتحالفات الإقليمية. وترى الكاتبة أن ما يحدث في ليبيا يهم مصر، خاصة بعد أن تحولت لساحة حرب وصراع بين قوى ليبية تساند كل منها دول كبرى وإقليمية وعربية، مصر ليست لها مطامع في ليبيا، لكنها تطمح إلى استقرار البلد الشقيق، وعدم تعرض حدودنا الغربية لأي مخاطر، حلفاء الأمس قد تتعارض مصالحهم مع مصر في اللحظة الآنية، وهنا لن تجد مصر بديلا من الخروج من تحالفات تمثل عبئا على كاهلها، وتختلف مساراتها مع الأمن القومي المصري. وتشير مي عزام إلى أن صفقة القرن ليست خطة سلام عادل، يعيد بعضا من الحق الفلسطيني المغتصب، لكنها صفقة مشبوهة من التي اعتاد عليها ترامب في شبابه المبكر، وبالنسبة لمصر صفقة خاسرة استراتيجيًا وغير مقبولة».

صرعنا الفقر

الدكتور إبراهيم البهي يعترف في «الأهرام» بأنه بات واحداً من الملايين الذين صرعهم الفقر: «من المؤكد أن الحالة التي أعيشها هذه الأيام يشاركني فيها من المصريين الملايين، فكلما دخل جيبي مبلغ لا يكاد يبقى لساعات إلا وتعود الحالة إلى ما كانت عليه. أصبحت الأموال تتبخر في الهواء كالبخار، لا تكاد الأموال تدخل الجيوب إلا وتجد لها ألف باب وباب لتخرج منه كما دخلت، وفيى كثير من الأحيان لا تصل إلى الجيوب لأن أصحابها من الدائنين يكونون في انتظارها قبل أن تجد طريقها لجيب صاحبها، ماذا حدث للمصريين؟ أصبحت الجيوب فارغة والأعصاب متوترة، لا تكاد تجلس مع صديق إلا وتجده يعاني مما تعانى منه، زيادة الأسعار وغلاء المعيشة وفاتورة الكهرباء والغاز والمياه والإيجار المرتفع لشقته التي يعيش فيها، وزيادة تعريفة المواصلات الخاصة والعامة، كان الله في عون كل أب، وكل أم تعول أسرتها وتربي أولادها. كلما كانت هناك بادرة أمل من الحكومة لزيادة الرواتب يسرع التجار في رفع الأسعار قبل أن تصل الزيادة إلى أصحابها، الغريب أن الشكوى لم تقتصر على المواطنين والآباء والأمهات وحسب، بل وصلت إلى من يقومون برفع الأسعار أنفسهم مثل التجار وملاك العقارات وسائقي السيارات وأصحاب سيارات التاكسي وأصحاب المحال. أصبحت الشكوى عامة، ورغم أنها شكوى حقيقية فإن الوضع العام أصبح في حاجة إلى بحث الأسباب الحقيقية التي وصلت بنا إلى ذلك، فقد أصبح الإنسان لا يستمتع بما يحصل عليه من أموال ورواتب، أحد هذه الأسباب غياب الرقابة وعدم تطبيق القانون على المخالفين من التجار ومنعدمي الضمير الذين يستغلون حاجة الناس في رفع الأسعار بالشكل الذي يناسبهم، كان الله في عون أصحاب الجيوب الفارغة».

صناعة تموت

من أشد الكتاب ألماً أمس الخميس كان حمدي رزق في «اليوم السابع» بسبب التعثر الذي تواجهه صناعة مواد البناء والسيراميك على وجه التحديد: «أصحاب المصانع صامتون أملًا وثقة في تحرك عاجل من رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولي، لبحث موقف هذه الصناعة المهددة بالإفلاس التام، ومعها تضيع فرصة تصديرية مصرية كانت واعدة التوقعات إذا تحركت هذه الصناعة محليًا بحلول جذرية لكانت الحصان الأسود في سياق المنافسات التصديرية عالميًا. الصمت قد يكون من ذهب، ولكن لن يطول الصمت والإفلاس يدق أبواب صناعة السيراميك، حكومتنا الرشيدة، التي تتوفر على دعم الصادرات جميعًا، وتمول فتح المصانع المغلقة بتوجيهات رئاسية لإتاحة فرص عمل جديدة، وتشجع الاستثمارات الوطنية بحزمة حوافز واعدة سبيلًا لجذب الاستثمارات الأجنبية، عليها أن تقف موقفًا منصفًا من صناعة تعاني وبشدة بدون سميع مجيب. دفتر أحوال صناعة السيراميك يستأهل التفاتة من رئاسة الوزراء المهموم بمصير الصناعة المصرية، وتقدير موقف من وزير الصناعة المؤتمن الدكتور عمرو نصار، دفتر أحوال صناعة السيراميك في مصر ليس بخاف على مراقب، وليس محجوبًا عن متابع، وأهل هذه الصناعة أدرى بتحدياتها الراهنة. من المعلومات المحققة والمتاحة أن مصر فيها 33 مصنع سيراميك، بحجم استثمارات يُقدر بنحو 15 مليار جنيه، بإجمالى طاقة عاملة في هذه المصانع يُقدر بنحو 240 ألف عامل وموظف.. بينهم 80 ألفا عمالة مباشرة و160 ألفًا غير مباشرة، لكنها مهددة جميعًا بالتسريح المريع، الذي يعقب الإفلاس المخيف».

أيامه السوداء هلت

«هذه اللقطة التي وصفها رضا محمد في «الشبكة العربية» بالمبهجة للأشقاء السودانيين والمآساوية للبشير، هي التي سوف تبقى وتستمر ويتذكرها الناس، وإن كانت له أي إنجازات، أما بالنسبة للبشير نفسه فسوف تبقى ذكري أليمة وصورة سوداء قاتمة، قد تؤرقه في نومه وصحيانه، ما بقي له من عمر، وقد يؤنبه ضميره ويندم على أنه عاش في خدر ووهم لذة السلطة وسطوة سلطانه واستبداده برأيه، وكذلك سوف يتألم على إعراضه عما طرح أمامه من آراء أرادت الإصلاح السياسي، التي ينبني عليها بالتأكيد الإصلاح الإقتصادي والإنمائي لبلده، كما سوف يندم على أنه لم يستفد من تجارب زعماء آخرين وضعهم التاريخ في أسوأ مكانة، وليس بعيداً ما حدث للرئيس التونسي زين العابدين بن علي، أو الرئيس حسني مبارك أو الزعيم الليبي معمر القذافي، وحتى منذ أيام الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة! الانطباعات أو الذكريات الطيبة والسيرة الحسنة التي يتركها أي رئيس أو زعيم أو ملك لا يقتصر تأثيرها فقط على شعوبهم، أو بلاد الجوار أو القارة التي توجد فيها البلد، وإنما يتذكرها العالم أجمع ويسطرها التاريخ حتي لو لم يحقق هؤلاء الزعماء أي انتصارات، أو الرفاهية الكبيرة لبلادهم، طالما لم يطمعوا في السلطة بطريقة قد تحرم آخرين، أو حتى أجيال جديدة من أخذ فرصتهم في القيادة، أو من يختارون، والجميع يتذكر بكل فخر وخير، وبالأخص شعب السودان الشقيق، عبد الرحمن سوار الذهب الذي تسلم السلطة بعد انتفاضة 1985 في السودان وكان يشغل وقتها رئيس الأركان، ثم سلم بسلاسة وشياكة مقاليد السلطة للحكومة المنتخبة، التي رأس وزرائها الصادق المهدي، فهل يعتبر الزعماء من تجارب الآخرين؟».

أشرار لحد ما

نبقى مع البشير وحزبه الذي لا يعتبره سليمان جودة، كما يؤكد في «المصري اليوم» أن زمانه كان شراً للنهاية: «إن كراهية البشير وأيامه، والرغبة في محاسبته على ما فعل طوال سنواته في السلطة، لا تعني بالضرورة إلغاء ثلاثة عقود كاملة من تاريخ البلد، وإلا فسوف يقع السودانيون في الخطأ نفسه الذي وقعنا فيه، عندما ألغينا الحزب الوطني بعد 25 يناير/كانون الثاني. فالنتيجة كانت إتاحة الفرصة كاملة لحزب الحرية والعدالة الإخواني، وباقي الأحزاب الدينية، للاستحواذ على المشهد السياسي بشكل شبه كامل، وكان من الطبيعي أن تتقدم هذه الأحزاب وحدها لتستحوذ وقتها على مشهدنا السياسي، لأن فراغًا كان قد نشأ عن حل الحزب الوطني، ولأن ملء الفراغ الناشئ عن غيابه كان أمرًا لا بد منه، ولأن حل الوطني جعل الساحة خالية إلا من الأحزاب التي تخلط السياسة بالدين، ولأن الحل المتسرع للحزب أتاح لها البلد على طبق من ذهب. والمنطق يقول إن الحزب.. أي حزب.. يختفي بانصراف الناخب عنه، وليس بقرار إداري، ولو دخل الحزب الوطني، مثلاً، أول انتخابات بعد 25 يناير لكان قد خسر بالثلاثة، وكانت خسارته سوف تدفعه إلى مراجعة نفسه، وأفكاره، وسياساته التي حكم على أساس منها من قبل، وكانت قدرته على استعادة ثقة الناخبين في الانتخابات التالية مرتبطة بقدرته على مراجعة قناعاته بجد، وقدرته على مخاطبة المواطن بما يمس مشكلاته الحقيقية، وقدرته على تقديم حلول عملية لها. وقد كان ذهابه عن الحكم، وعودته إليه، وكذلك ذهاب سواه من الأحزاب وعودتها، كفيلًا بتزويد الحياة السياسية بالحيوية المطلوبة لها.. وبغير ذلك تصاب هذه الحياة بالخمول، والجمود، وتفقد أي قدرة على التجديد الذي يدفع البلاد للأمام».

بين حفتر والسيسي

«لقاء الرئيس السيسي مع المشير خليفة حفتر يتسم من وجهة نظر جلال دويدار في «الأخبار» بالأهمية القصوى، إنه يستمد أهميته توقيتا لتوافقه مع زحف الجيش الوطني نحو العاصمة طرابلس في الغرب الليبي. هذا الحراك يستهدف إنهاء وجود الميليشيات الإرهابية وإعلان استعادة ليبيا لوحدة أراضيها. تصريح المتحدث باسم الرئاسة السفير باسم راضي حول اللقاء اتسم بالدبلوماسية التي تتوافق وسياسة مصر الثابتة القائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بالأخص دول الجوار. رغم ذلك فإنه لا يمكن أن يغيب عن أحد ما تمثله ليبيا استراتيجيا بالنسبة للدولة المصرية. هناك علاقات تاريخية وجيرة تربط الشعبين المصري والليبي. على جانب آخر فإن ليبيا، وعلى أساس هذه العوامل تعد ذات أهمية خاصة للأمن القومي المصري. من هذا المنطلق فإنه وبعيدا عن الدبلوماسية، كان لابد أن تحظى أي تحركات أو مستجدات على الساحة الليبية بكل الاهتمام والترقب والمتابعة، تجاوبا مع هذا الواقع فإنه من الطبيعي أن يلقى زحف الجيش الوطني الليبي نحو العاصمة طرابلس للقضاء على الميليشيات الإرهابية الدعم والتأييد. في الوقت نفسه فإن الشعب المصري لم يتوان عن إبداء هذه المشاعر تجاه أهداف هذا الزحف العسكري الليبي، باعتباره يحقق مصالح الشعب الليبي ومصالحه. حول هذا الشأن فإن الشارع المصري لا يخفي تعاطفه مع جهود المشير حفتر وقوات الجيش الوطني الليبي. هذا الموقف الشعبي المصري نابع من الوعي والإدراك بما تمثله الميليشيات الإرهابية التي تتخذ من طرابلس معقلا لها.. من خطر على أمنه واستقراره. جاء ذلك على ضوء الكثير من الوقائع الإرهابية التي كان مصدرها الحدود الليبية والتي تصدت لها قواتنا المسلحة وأجهزة الأمن».

خطيئة أم ثورة؟

يعد مرسي عطا الله كما يكشف عن نفسه في «الأهرام» أحد أبرز معادي الثورات: «إن ما يجرى في السودان والجزائر شيء أقرب إلى الصراخ السياسي في الشوارع والميادين، بينما الذي تشهده ليبيا أمر جد مختلف تماما، حيث فرضت لغة البارود والمدافع نفسها على المشهد، بسبب تعاظم خطر البؤر الإرهابية في غرب ليبيا، بعد توافد العديد من الفصائل المقبلة من العراق وسوريا صوب الأراضى الليبية، وتمتعها بحاضنة سياسية من القوى الممسكة بزمام السلطة في طرابلس، تحت وهم الاعتقاد بأن ذلك يسهم في إحداث توازن عسكري في مواجهة قوات الجيش الليبي المتمركز شرق ليبيا، تحت قيادة المشير خليفة حفتر قبل الذهاب إلى الحل السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة. وللأسف الشديد فإن شماعة الديمقراطية والحكم المدني التي يتغنى بها الجميع تحت مسمى «الحراك»، سواء كان بالحناجر أو بالبارود ليس هناك ما يدل على جدية وصدق التنادي عليها، وإنما تدل كل التصرفات على عدم التأهل لإيجاد بيئة سياسية واجتماعية واقتصادية تجاري روح العصر الذي نعيشه، نتيجة استمرار الانصياع لمنظومة العقد والرواسب السياسية المتراكمة منذ سنوات، التي تحكم حركة الشارع وتبدد طاقته بعيدا عن جدية الرغبة في الذهاب إلى مرحلة جديدة تتجاوز كل نوازع الثأر والانتقام من الماضي، وبالتالي ترجح كفة المتشبثين بالعناد والجدل، الذين يجنحون بأهداف ومقاصد الديمقراطية بعيدا عن مراميها وأهدافها السامية، لتكون في النهاية مجرد أهداف شكلية شاحبة وباهتة! وليت الذين يتاجرون بلافتات الديمقراطية، يدركون أن حركة الشارع أبعد ما تكون عن الفهم الضيق لبعض النخب السياسية وطموحاتها المنحصرة في بند وحيد اسمه «حق تداول السلطة»، فالذي لا خلاف عليه أن الحراك ينبع أساسا من الرغبة في البحث عن سفينة آمنة للإنقاذ من مخاطر الغرق الاقتصادي».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية