لندن ـ «القدس العربي»: خلص تقرير متخصص صادر عن مركز فلسطيني يرصد شبكات التواصل الاجتماعي إلى وجود «اتجاهات مقلقة في انتشار خطاب الكراهية والتحريض على العنف باللغة العبرية» وذلك على شبكة «إكس» العالمية.
ونشر المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي «حملة» ومقره مدينة حيفا الفلسطينية التقرير الذي تناول تأثير سياسات الإشراف على المحتوى في شبكة «إكس» (تويتر سابقاً) على الحقوق الرقمية الفلسطينية، ونهج المنصة في التعامل مع قضايا مثل خطاب الكراهية، التحريض على العنف، والأخبار المضللة.
وخلص التقرير إلى انتشار خطاب الكراهية والتحريض على العنف باللغة العبرية ضد الفلسطينيين، وكذلك انتشار التحريض على الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة، وقال إن «منصة إكس أصبحت حاضنة للمحتوى الضار والعنيف».
وتقر الورقة بدور المنصة كمكان للحوار المفتوح والآراء المتنوعة، حيث كان هناك تفاؤل حذر حول المنصة بين المستخدمين الفلسطينيين؛ فوفقاً للبيانات كانت وتيرة تقييد أو إزالة المحتوى الخاص بالفلسطينيين على «إكس» منخفضة مقارنة بمنصات الإنترنت الكبيرة الأخرى. ومع ذلك، تثير الورقة مخاوف بشأن قمع الخطاب الناقد لإسرائيل، كما أن المخاوف المتزايدة والأدلة التحليلية تشير إلى «تأثير مثبط» على المناقشات المتعلقة بحقوق الفلسطينيين.
ومن خلال البحث في الاعتبارات الأخلاقية المحيطة بالإشراف على المحتوى، تدعو الورقة إلى تحقيق شفافية على مدى أوسع، مساءلة، وحوكمة أخلاقية للتعامل مع التحديات المتطورة للحوار الإلكتروني.
ولا تزال «إكس» منصة رائدة على الإنترنت لتبادل المعلومات، فهي الوجهة المفضلة للصحافيين ولمن يسعى للحصول على تحديثات الأخبار الحية، كما أنها الطريقة المفضّلة للعثور على البيانات العامة. في حين أن عدد مستخدمي «إكس» النشطين شهرياً، البالغ عددهم 556 مليوناً، ضئيل مقارنة بالمنصات الأكبر عبر الإنترنت، مثل «فيسبوك» و«إنستغرام» و«تيك توك» فإنها في مكانة رائدة في النشر السريع للأخبار، وتظل مصدراً مهماً للمحتوى الأصلي. مع ذلك، تشير الورقة إلى أنه لا يزال هناك العديد من المشكلات على هذه المنصة، ما يشكك في التزامها بسلامة المستخدم وحماية الحقوق الرقمية.
وهناك العديد من الأسباب للقلق، بما في ذلك الكم غير المسبوق من خطاب الكراهية والمعلومات المضللة التي تنتشر على منصة إكس. وهناك أيضاً أسباب للتفاؤل، لا سيما في سياق الحقوق الرقمية الفلسطينية، إذ تبدي انفتاحاً نسبياً على الأصوات الفلسطينية مقابل عمليات إسكاتها الملحوظة على المنصات الأخرى، وفقاً للورقة التي نشرها المركز.
وتساهم هذه المنصة في تعزيز الصحافة الفلسطينية الشعبية ومناصرة حقوق الإنسان كرد على وسائل الإعلام الرئيسية التي غالباً ما تسيء تفسير الرواية الفلسطينية وتخرجها عن سياقها، وتنشر عبرها الأدلة المتعلقة بالتحريض وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. من المحتمل أن تورط هذه الأدلة مسؤولين إسرائيليين في إجراءات محكمة العدل الدولية بشأن الانتهاكات البينة لاتفاقية منع الإبادة الجماعية أثناء العدوان المتواصل على غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
تغييرات كبيرة
ومنذ استحواذ إيلون ماسك على المنصة، كانت هناك مخاوف متزايدة بشأن ما يمكن أن تصبح عليه هذه. لم يضيع ماسك أي وقت في تنفيذ تغييرات جريئة على المنصة، من تعديل واجهة النظام الأساسي، إلى إصلاح سياسات الإشراف على المحتوى. كان قلق مستخدمي «تويتر» كما قلق العديد من المدافعين عن الحقوق الرقمية، مبرراً. ومع ذلك، فإن الغياب النسبي لحملة قمع ممنهجة ضد الخطاب الفلسطيني، مقارنة بالمنصات الرقمية الأخرى، جدير بمزيد من التحليل.
وعندما أعرب ماسك عن نيته الاستحواذ على المنصة، كان ذلك نابعاً من عدم رضاه الواضح عن تعاملها مع مسائل حرية التعبير والإشراف على المحتوى، وأعرب عن نيته إجراء تغييرات كبيرة، مؤكداً أنه يعتبر حرية التعبير ضرورة مجتمعية لتسود ديمقراطية فعّالة. استحوذ ماسك أخيراً على الشركة في تشرين الأول/أكتوبر 2022.
وتزامن دفع ماسك لزيادة حرية التعبير على منصة إكس مع تسريح جماعي لموظفين، ما أثر على العديد من الأقسام داخل الشركة، حيث تظهر التقارير أن أكثر من 3 آلاف متخصص في الثقة والسلامة غادروا «إكس» منذ الاستحواذ، ما أدى إلى القضاء تقريباً على طواقم العمل المسؤولة عن إيقاف المحتوى الضار عبر الإنترنت. وفككت طواقم عمل حقوق الإنسان والاتصالات، وأيضاً مجلس الثقة والسلامة، وهذا خلق ظروفاً مناسبة لعاصفة من المعلومات المضللة وخطاب الكراهية والتحريض والمحتوى الذي يجرد الإنسانية عبر الإنترنت.
ووثق مركز «حملة» خلال الأشهر الأولى من عام 2023 ارتفاعاً غير مسبوق في خطاب الكراهية والتحريض على العنف، لا سيما على «إكس». وتزامن ذلك مع تكثيف الهجمات العنيفة التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون على المجتمعات الفلسطينية في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة.
وبلغ هذا القلق ذروته ليلة 27 شباط/فبراير، خلال الاعتداء على قرية حوارة، حيث وثق المرصد 15250 تغريدة نشرت باللغة العبرية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الماضي، تضمنت تحريضاً مباشراً على الفلسطينيين، وتحديدا على قرية حوارة، حيث انتشرت وسوم تدعو مثلاً إلى «محو حوارة». وأشار مركز حملة إلى أن التحريض الإسرائيلي على العنف ضد الفلسطينيين في الفضاء الرقمي يرتبط ارتباطاً مباشراً بالعنف الذي يتعرض له الفلسطينيون على أرض الواقع. ودق مركز «حملة» ناقوس الخطر مرة أخرى محذراً من أشكال الكلام التحريضي باللغة العبرية على منصة إكس في سياق العدوان الإسرائيلي على غزة. إذ رصد المركز ما يقرب من 3 ملايين حالة محتوى عنيف باللغة العبرية تستهدف الفلسطينيين في «إكس» بين 6 تشرين الأول/أكتوبر و31 كانون الأول/ديسمبر.