تقسيط الغرامات وللجيش والشرطة ركوب القطارات مجانا… وكتّاب يطالبون بعدم التستر على الحقائق

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: الدولة لن تتراجع عن التقدم للأمام، نحو مواجهة كل أشكال الاعتداء على حقوقها، كما أنها لا تعبأ بأي تهديدات تصدر عن أطراف من تيارات شتى، ولن تأخذها شفقة بحيتان الأراضي، ولا بالمنتمين للإخوان، أو سواهم من قوى المعارضة، الناشطين في استغلال ما يجري على الأرض من تفاقم في الخلاف بين السلطة والأغلبية الغاضبة بسبب عمليات الهدم التي ظلت مستمرة للعديد من المباني المخالفة، قبل أن تتوقف اخيرا، كانت تلك رسائل صحف يومي السبت والأحد 12 و13 سبتمبر/أيلول».

رسائل السلطة للمعارضة والإخوان: الدولة ليست ضعيفة… والأغلبية غاضبة… ومصر رايحة على فين

ووسط حالة من الغموض تحيط بأسباب القرارات، التي تصدرها السلطة الحاكمة، دعا كتّاب بعضهم من المنتمين لنظام الحكم، إلى أن تتخلى الحكومة، ومَن وراءها، عن حالة التكتم التي تحيط بغرفة صناعة القرار، وعلى رأس الداعين لإعلان الحقائق للناس مرسي عطاالله في «الأهرام» الذي طالب بضرورة التخلي عن حالة الغموض التي تحيط بالقرارات، التي تهم عصب الحياة بالنسبة للمصرين.
واهتمت الصحف بقضية جندي القطار الذي واجه صعوبات في دفع قيمة التذكرة، حيث أشارت «المصري اليوم» إلى أن والدة الجندي عبدالله محمد عنتر، بطل واقعة قطار، دخلت في نوبة بكاء على الهواء خلال برنامج «التاسعة». فيما قالت شقيقته «عايزين نرجّع حق أخويا ونرد كرامته، كسر خاطره عشان غلبان، الكمسري أهانه قدام الناس، والله يا حبيبي انت فخر وشرف ليا ولبلدك». جدير بالذكر أنه عقب واقعة جندي القطار.. قررت هيئة السكك الحديد، أن يكون ركوب القطار مجانا لأفراد الشرطة والجيش.

لماذا التكتم؟

خرج مرسي عطالله عن صمته أمس الأحد في «الأهرام» مطالبا بمصارحة الناس بالحقائق: «ليست هناك الآن قضية أحق بالعناية، وأجدر بالاهتمام من قضية نشر الحقيقة، وتفسير الإجراءات التي تقوم بها الدولة تباعا، من أجل صنع التغيير المنشود لبناء دولة عصرية. إن نشر الحقيقة وتفسير الإجراءات، أصبحا الآن ضرورة لتأمين المشاركة والحماية الشعبية، لما يجري على أرضية صلبة من الفهم الصحيح لأهمية وقيمة ما يتم من خطوات، للانتقال بمصر إلى واقع حضاري يعم خيره على كل المصريين. لقد حان الوقت الذي تتحتم فيه صياغة إطار واضح لخطاب إعلامي صادق وصريح، يسهم في توسيع قاعدة المعرفة لدى الناس، اعتمادا على أن واقع الحال هو دائما شاهد لا يكذب، وأن الرسالة الإعلامية هنا لا تنطلق من فراغ، وإنما عليها أن تنطلق من مواقع الإنجاز والتشييد والبناء، التي ترد على دعاوى الهدم والإزالة. أتحدث عن الحاجة إلى خطاب إعلامي رصين يرتفع إلى مستوى الخطاب السياسي الحازم والصريح، وبما يسهم في ضبط المزاج العام، الذي يقود المجتمع على الطريق الصحيح، ويجنبنا أي نوع من الفراغ يسمح للهمس والغمز واللمز بالانتشار الخبيث. لعلي أكون أكثر وضوحا وأشد صراحة عندما أقول: إن الشعب يحتاج، بل إنه يريد أن يعرف حقيقة ما يتم من سياسات وإجراءات تمس حياته المعيشية، بأسلوب علمي رصين، يساعد على فهم واستيعاب الضرورات، التي قد تبيح بعض المحظورات، تحت رايات المصلحة العليا للوطن والمواطن، على حد سواء. وفي اعتقادي أن الوسيلة الوحيدة لنشر الحقيقة وتقديم التفسيرات الصحيحة والمنطقية لدواعي ودوافع الإجراءات الضرورية، تتمثل في نزول وسائل الإعلام إلى الشارع، والدخول في حوارات عاقلة وبناءة تسمح بإبداء الرأي والنقاش، تحت رايات وضوابط أدب الحوار. ومن المهم أن يكون الخطاب الإعلامي عقلانيا وليس تعبويا».

انتهى زمن النهب

حرص ياسر رزق في «الأخبار» على بث رسالة تحذير للمخالفين وشملها بتهديد للإخوان والمعارضين: «من الآن فصاعدا، لن يُسمح بالبناء على قيراط واحد جديد من الأرض الزراعية.. ولن يقبل نظام 30 يونيو/حزيران أن يخسر سباقه مع الزمن، نعيش أجواء ضجيج وصخب، حيث تتوارى أصوات المنطق، وتتعالى دعاوى الباطل، وحيث تصعب التفرقة بين صيحات الإعجاب وصياح الاستياء..هذه أمارات المراحل الانتقالية في حياة الشعوب، لاسيما بعد أيام الغضب والانتفاض والثورة والتحولات السياسية. تلك الأجواء الملبدة بغيوم كثيفة، تخيم على الوعي الفردي والجمعي، تكبل الفعل بقيود التلكؤ، وتكبح حركته بلجام التردد، وفي الوقت ذاته، تطلق العنان لردود الأفعال، لتجمح بدون روية، وتنطلق بمبالغة تخرق قانون المساواة في المقدار والتضاد في الاتجاه.. هذا هو الطقس السياسي الاجتماعي الذي نعيشه، ويزيد من ضراوته، وجود جماعات معادية للدولة والشعب والنظام، تركت في رعونة ترعى حيث شاءت، في أمن وأمان واستقرار البلد، وهى تتدثر بغطاء من غفلة الآخرين، وتنفث سمومها بين الناس، في الشارع وفي المصلحة الحكومية، وفي الفضاء الإلكتروني.. ليس غريبا إذن تلك الضجة الكبرى التي صاحبت قرارات الدولة الخاصة بالتصدى لمخالفات البناء على أراضي الدولة، والأرض الزراعية خصوصا وعلى غيرهما».

دعاية سوداء

تابع ياسر رزق في «الأخبار»: «أصحاب المال من المخالفين في المدن الجديدة والمنتجعات، ظنوا أنهم في مأمن من الإزالات، فالدولة في حالة بناء، وظنوا أنهم في مأمن من الغرامات، بسبب أصواتهم العالية، وقدرتهم على النفاذ بمطالبهم إلى السلطة، وأن نفوذهم هو جدار حماية لهم من أن تطالهم أي إجراءات، وراهنوا على أن الضغط على الحكم، من شأنه أن يؤدي إلى ليونة في المواقف، وتراجع عن القرارات. أبناء الطبقة الوسطى وما دونها، الذين يحوزون وحدات سكنية أقيمت بالمخالفة لشروط الترخيص والبناء، تصوروا أن الدولة التي تنشئ وحدات لسكان العشوائيات الخطرة المهددة لحياة قاطنيها، وتسلمها لهم مجانا بالأثاث والأجهزة والمفروشات، لن تطالبهم برسوم أو غرامات، وأنها ستغض الطرف عن هذه المخالفات، ونسوا أن أحد أغراض إزالة تلك العشوائيات بجانب توفير حياة كريمة لأبنائها هو إزالة القبح والأدران، من أحياء العاصمة والمدن الكبرى. أما أصحاب الأوهام من تجار الدين والسياسة، قيادات وكوادر جماعة الإخوان، فقد تلقفوا تلك الإجراءات، مستغلين النزعة الطبيعية عند قطاعات واسعة من المواطنين، بعدم سداد الغرامات والرسوم الحكومية، ومستثمرين عدم التمهيد الإعلامي لتلك القرارات، وأخذوا يحاولون تأليب المواطنين، سواء المخالفين أو غير المخالفين على الحكومة، وعلى النظام في مجمله، عبر حملة ممنهجة منسقة تنطوي على الشائعات المروجة عن طريق الاتصال المباشر والفيديوهات المزورة، التي يتم بثها عبر الفضائيات الممولة قطريا، والمستضافة أردوغانيا، وكذلك عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي يقوم عليها عقائديون مدربون على أعمال الدعاية السوداء والحرب النفسية».

أقرب للجباية

أعرب محمد أمين في « المصري اليوم» عن امنيته لو شارك في جولة رئيس الوزراء ليطرح السؤال الأهم: «لماذا يذهب كل السكان إلى الأحياء، ولا يذهب مالك العقار لسداد رسوم المخالفات؟ هل خشيتم من التلاعب لأنه يعرف الموظفين الذين تعامل معهم أثناء استخراج الترخيص؟ ولماذا كانت كل هذه البلبلة؟ وتابع الكاتب: أتحدث عن المدن وعواصم المحافظات.. فقد عشت التجربة بنفسي، وأصبحت مهددا لأنني اشتريت شقة من أحد الملاك المقاولين، وقيل إن الكل لا بد أن يتصالح.. ودعوت إلى اجتماع الملاك.. وجلسنا نبحث الأمر، وانقسم السكان إلى فريقين، فريق لا يريد أن يتحرك باعتباره شأن المالك.. وفريق يريد أن ينجز المهمة حتى لا يتعرض للضرر. وكنت من الفريق الذي يؤيد التصالح، التزاما بقرارات الدولة.. ولكن كان لي رأي: لماذا لا توضع يافطة من الحي على كل عقار.. تحدد إن كان العقار صالحا أم مخالفا؛ حتى لا يقع أحد في الفخ، ويكون طلاب السكن على بينة؟ لست مع إقامة المباني على أرض زراعية إطلاقا، تحت أي مبرر، حتى لو كان لفشل الحكومة في حل أزمة الإسكان.. وقد قال رئيس الوزراء، إن المدينة بالكامل على أراض زراعية.. فأين كانت الأجهزة المحلية والمدينة تنمو كل يوم أمام أعين الحكومة؟ فالحكومة تتحمل جزءا من المشكلة، والأحياء التي قبضت الرشاوى لتسمح بالبناء.. هذه حقيقة. ويتفق الكاتب مع رئيس الوزراء في رغبته في إصلاح المنظومة وتقنينها.. ولكن لا بد من تخطيط المدن قبل البناء عليها، ولابد من تنظيم الشوارع.. غير مقبول كل هذا البناء العشوائي على الثروة العقارية، والأراضي الزراعية.. فما حدث إهدار للثروة، وخطر على المواطن، وخطر أكبر على الأراضي الزراعية.. ولا بد للدولة أن تسبق المواطن بالتخطيط.. ولكن الغاية من قانون التصالح بدت كأن الدولة تمارس الجباية للأسف».
ما يمكن إنقاذه

أما عن الأخبار الطيبة، التي أعلنها رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي فأولها يخبرنا به كرم جبر في «الأخبار»: «50 جنيها الحد الأقصى لغرامات المباني في الريف المصري كله، أيا كان موقعه أو تميزه، يعني البيت الذي يحتوي مخالفة 100 متر تكون الغرامة 5 آلاف جنيه، على ثلاث سنوات، ومن يدفع الثمن مرة واحدة يتم خصم 25٪. وكذلك تخفيض يصل إلى 70٪ في قيم التصالح في المحافظات، والمعروف أن الحد الأدنى للمخالفات في المتر كان 50 جنيها والأقصى 2000 جنيه، والهدف التخفيف عن كاهل معظم المخالفين. وهذا معناه التيسير على المخالفين، لأن هدف الدولة ليس الجباية، ولا الدخول في خصومة مع الناس، وإنما وضع حد لهذا الملف الشائك. ومن الأخبار السارة ايضاُ: تجميد الموقف تماما ووقف عملية الهدم، وتبسيط إجراءات تقديم المستندات، والاكتفاء بأي مستند إلى حين استكمال الأوراق وإتمام التصالح، والاكتفاء بمهندس مسجل في نقابة المهندسين لتقديم شهادة صلاحية المبنى، بدلا من المكاتب الاستشارية. كان ذلك في بنها في مؤتمر حضره رئيس الوزراء ووزير الدفاع وعدد من الوزراء لشرح خطة «إنقاذ ما يمكن إنقاذه» أو وقف نزيف الأراضي الزراعية. ومن المعلومات المهمة التي قالها رئيس الوزراء، إن الدولة والحكومة ليس بينهما وبين الناس خصومة، ولكن الهدف تقنين أوضاع المباني المخالفة، التي تشكل نحو 50٪ من مساحات المباني في مصر، وأصبحت تهدد باغتيال الحياة نفسها. وكشف الكاتب عن أن نصف مدن وقرى مصر، إذا وقع فيها حريق أو حادث، لن تستطيع سيارة حريق أو إسعاف أن تدخلها، علاوة على صعوبة توصيل المرافق لها، خصوصا الغاز الطبيعي الذي يشترط مساحات معينة للشوارع».

لا مفر

أكد مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، على أن مصر فقدت على مدار الـ40 عاما الماضية، ما يقرب من 400 ألف فدان من أجود وأخصب الأراضي الزراعية على مستوى العالم، منها 90 ألفا خلال الفترة من 2011 حتى الآن في الدلتا ووادي النيل من الأراضي، التي حبانا بها الله على مدار آلاف السنين. وأعرب الدكتور مصطفى مدبولي خلال لقاء عدد من رؤساء التحرير وفقا لـ«المشهد» عن أسفه إزاء ما يمكن أن يتم بذله لتعويض أو استبدال هذا الفاقد من الأراضي الزراعية، لأننا نحتاج إلى منظومة من العمل الشاق والهائل، لعمل بنية أساسية كبيرة تكون قادرة على استصلاح أراضي الصحراء، التي لا تتمتع بجودة الأراضي الزراعية المتوافرة في الدلتا ووادي النيل، والتي تكونت وتشكلت عبر السنين، لافتا إلى أن تكلفة استصلاح الفدان الواحد تتراوح ما بين 150 إلى 200 ألف جنيه، حتى يكون قابلا للزراعة، مُعبرا عن ذلك بقوله: «لتعويض ما فقدنا مؤخرا من أراضٍ زراعية وصلت إلى 90 ألف فدان، نحتاج إلى 18 مليار جنيه، لاستصلاح أراض صحراوية بعيدة، تستغرق المزيد من الجهد والوقت، ولا يعتبر ذلك إضافة أراض جديدة، بل مجرد تعويض لما فقدناه، من أجل استيعاب احتياجات ومتطلبات الأجيال القادمة، من تأمين غذائهم. كما أشار رئيس الوزراء إلى صعوبة ومشقة السباق، الذي تخوضه الدولة مع المواطن، وذلك نتيجة زيادة حجم المخالفات التي يتم رصدها، واعتبار ذلك وضعا قائما ومستمرا، موضحا أن الدولة تتحرك فقط لتعالج هذه المشكلة، وما ينتج عنها من تداعيات، متطرقا للجدل الكبير الذي ثار خلال الأيام الماضية، حول اختيار هذا التوقيت للتعامل مع ملف مخالفات البناء، والتشديد في التعامل مع هذه المخالفات.

ضد الحيتان

الذين يعارضون خطوة الحكومة، في حملتها ضد مخالفات المباني لا يدركون، كما اعترف عماد الدين حسين في «الشروق» بأن النسبة الأكبر من قيمة التعديات هي لحيتان كبيرة أو متوسطة، وليس معظمهم فقراء. من بنى برجا بصورة عشوائية أو بغير ترخيص، ليس فقيرا. ومن بنى على أرض زراعية، ليس فقيرا جدا، بل هي أرض يملكها، وكان يعرف من البداية أنه مخالف للقانون. تقديري أنه لا وجه للتعاطف مع كل هذه الفئات. لكن أفهم التعاطف مع أي مواطن اشترى شقة في عقار مخالف، وهو لا يعرف أنه مخالف، أو يعرف ولم يكن أمامه من سبيل. وحسنا أقر مصطفى مدبولي في اجتماع مجلس الوزراء يوم الأربعاء الماضي، حينما قال إن المخالفات يتحملها صاحب أو مالك المبنى، وليس شاغل الوحدة السكنية. يقول المعارضون للحكومة في إزالة التعديات، إن مثل هذه الحملات قد تؤدي إلى تداعيات سياسية واجتماعية خطيرة. هو قول منطقي، لكن اعتماده يعني أيضا أننا مضطرون لتأجيل العديد من الإصلاحات لأنها جميعا قد تؤدي إلى تداعيات اجتماعية وسياسية وأمنية. وهذا القول ردده كثيرون قبل وأثناء تطبيق عملية الإصلاح الاقتصادي، خصوصا تحرير سعر العملة. وسائر أنواع الإصلاحات والإجراءات التي شهدتها مصر طوال العقود الماضية. مرة أخرى أتفق مع أي شخص يلوم الحكومات السابقة أو الحالية، التي سمحت بفساد المحليات ويطالب بمعاقبة هؤلاء الفاسدين، أو يقول إنه مع تطبيق القانون بكل قوة، لكنه في الوقت نفسه يطالب بمساندة غير القادرين على دفع قيمة المخالفات، لكن أن اصطف مع المخالفين للقانون بالحق والباطل، لمجرد أنني أعارض الحكومة، فهو أمر غريب، وينزع المصداقية عن أصحابه. علينا أن نساند تطبيق القانون ونطالب الحكومة في الوقت نفسه، بكل أنواع المساعدة للفقراء والمتعثرين من المخالفين.

السودان المنسي

تساءل فاروق جويدة في «الأهرام»: «لا أدري لماذا غضب النيل لقد ظل هادئا وديعا سنوات طويلة، ثم اختار السودان أطيب الشعوب العربية وأكثرها كرما. جاء النيل غاضبا واقتحم مدينة الخرطوم وارتفع فيها 17 مترا، في سابقة لم تحدث منذ مئة عام. أمام هذه المحنة المفاجئة كان السودان يحاول أن يبني مستقبلا جديدا فيه المزيد من الرخاء والحرية.. إن العالم كله يدرك حجم معاناة الشعب السوداني في سنوات الفقر والبطش والاستبداد وحكم الفرد. كان السودان يسعى إلى أن يخرج من عنق الزجاجة، وتمت مصالحة تاريخية بين الجيش والقوى المدنية، وأوشك السودان بالفعل أن يعيش لحظة استقرار تاريخية، وقد تمنيت لو أن السودان عبر نحو مستقبل أفضل. لقد اجتاح النيل الأراضي السودانية وأغرق آلاف البيوت، وقتل المئات من أبناء الشعب الطيب المسالم.. لقد أخذت الحرب الأهلية عشرات السنين من الشعب السوداني، وضاعت ثرواته ما بين الحرب والنهب والفساد. إن النيل الذي جاء قاسيا متحديا، وأغرق الشعب الآمن، سوف يعود إلى رشده وحكمته، ربما جاء ثائرا كي يطهر الأرض من سنوات الظلم والقهر والاستبداد، لكي يبدأ السودان عصرا جديدا أكثر عدالة ورخاء وحرية.. وأضاف الكاتب: إنها تجربة مريرة وقاسية، وهذا النيل الغاضب لابد أن نبحث عن أسباب غضبة، هل قصرنا في حقه، هل تركنا الغرباء يستبيحون حرمته، هل كان يستحق منا رعاية وحماية أكثر؟ إن غضبة النيل ليست أمرا بسيطا، لأن الأنهار تغضب حين يغيب العدل. من كل قلبي أدعو للشعب السوداني الشقيق لأن يتجاوز محنته، وأن يعود النيل حكيما عاقلا من أجل بناء سودان جديد، قلبي وملايين المصريين مع السودان الشقيق. إن العالم العربي ينبغي ألا يتردد في تقديم الدعم للشعب السوداني لأن الظروف صعبة».

شكرا للرئيس

من بين الداعمين للرئيس والحكومة الحالية وجدي زين الدين رئيس تحرير «الوفد»: «استطاع الرئيس السيسي مع عزيمة الشعب العظيم، أن يغير صورة مصر تماما أمام الدنيا كلها. واستطاعت مصر الجديدة أن تعيد هيبتها وكرامتها أمام العالم أجمع، من خلال إنجازات الداخل والخارج، ولذلك وجدنا السياسة الخارجية المصرية هي أيضا تتحقق فيها معجزات، بعدما أعادت مصر علاقاتها القوية والمثبتة مع كل دول العالم، عربيا وإقليميا ودوليا، وهي علاقة قائمة على الندية، وتبادل المصالح المشتركة بما يحقق الخير والنفع للأمة المصرية، وباقي دول العالم، التي باتت تربطها علاقات قوية مع مصر. وهل أحد كان يتصور أن تعود علاقات مصر مع دول العالم بهذا الشكل المبهر؟ فخلال 6 سنوات أو أقل قليلا، صنعت مصر معجزات يتحدث عنها العالم الآن باندهاش، ويتساءل كيف لهذه الأمة المصرية، أن تنجح في مدة زمنية قليلة في تحقيق كل هذه الإنجازات؟ يتم هذا كله وهناك أخطار بشعة تهدد البلاد من كل اتجاه، وأهل الشر الذين يستشيطون غضبا، يسعون بكل السبل والطرق إلى تشويه كل هذه الإنجازات، وعلى رؤوسهم جماعة الإخوان الإرهابية وتوابعها ومؤيدوها، وهنا يثور التساؤل المهم والحيوي، هل الإعلام المصري بظروفه الحالية، وهل النخبة المصرية بكل ثقافاتها قادرة على التصدي لأهل الشر وأعوانهم؟ وهل استطاع الإعلام الآن توصيل الإنجازات إلى الدنيا كلها، وهل أدى دوره المنوط به في مساندة الدولة المصرية وتأييدها؟ وهل استطاع الإعلام أن يساير كل هذه الإنجازات، ويلحق بقطار الإنجاز الذي يسعى إلى الوصول لمحطة تأسيس الدولة الديمقراطية العصرية الحديثة؟ لن أجيب عن هذه التساؤلات، لأن الشعب المصري الواعي الذي يتمتع بالكياسة والفطنة، يعرف الإجابة، لكن الأمر يحتاج إلى وقفة متأنية».

فيها حاجة حلوة

أشاد محمد مهاود مدير تحرير «الوفد» بسيدة القطار قائلا في «الوفد»: «ما حدث في قطار المنصورة – القاهرة هو درب من الجنون أن يتعامل كمساري القطار مع أحد جنودنا البواسل بهذا السلوك المشين، السيئ، ولا نقبله بأي حال من الأحوال. في واقع الأمر كان تصرف الجندي مثالا يحتذى به، فلم يصدر منه لفظ أو يتهكم على الكمساري وصاحبه، وامتثل لأمرهما بأن يسلم نفسه للشرطة العسكرية، بدون أي اعتراض. تابع مهاود، وعندما هم بالنزول من القطار قامت السيدة صفية أبوالعزم «المحلاوية» الأصيلة بالتصدي للكمساري لتدفع ثمن تذكرة الجندي. وأصدرت القوات المسلحة بيانا لتؤكد على أن جميع أفرادها يتحلّون بالانضباط الذي هو من التقاليد الأصيلة للمؤسسة العسكرية، وأن جنودها هم عصب القوات المسلحة، على مرّ العصور، وهم حماة الوطن الذي نعيش فيه. إن ما فعلته السيدة صفية أبوالعزم هو تعبير عن الأم المصرية الأصيلة، التي تربت على الوطنية الخالصة، تربت على الدفاع عن أولادها ووطنها وأرضها بالغالى والنفيس. موقف السيدة صفية كان دويا على المستويات العربية كافة، لأنه عكس حنان وعاطفة الأم المصرية الجياشة، وأثبت للعالم أن المرأة المصرية تبني ولا تهدم. وجاء موقف السيدة العظيمة ليمحو موقف سيدة المحكمة، رئيسة النيابة المريضة. ووجه الكاتب تحية خاصة إلى سيدة القطار: أقول لها لقد أعطيت للرجال درسا قاسيا في النبل والأخلاق والوطنية، إن فعلتك يا سيدتى ذبحت الرجال الذين جلسوا يتفرجون عليكِ وكأنهم في واد آخر، ولم يتحرك منهم رجل محترم ليدافع عن الشاب، كما فعلتِ سيدتي. لن أقول إنك بمئة رجل، ولكن سيدتي أنت أمة بأكملها، وموقفك النبيل يؤكد أن مصر فيها حاجة حلوة».

بؤس متكرر

مشهد محزن، لم يكن الأول، والأكثر إيلاما أنه لن يكون الأخير وفق ما أكدت هالة فؤاد في «المشهد»: «يقف المحصل في الأتوبيس أو القطار، يمرّ على الركاب.. يمارس عمله الروتيني بلا صخب، ثم يتوقف فجأة عند أحدهم، يبدو الحوار في البداية هادئا ثم ترتفع وتيرته تدريجيا.. فيلتفت بقية الركاب للضجيج الذي يفتعله المحصل، بتعنته في المطالبة بثمن التذكرة، بينما يبدو العجز وقلة الحيلة على الراكب البسيط، يتلعثم، يرتبك، يتصبب عرقا، يتمتم بكلمات غير مفهومة، محاولا تبرير عدم تمكنه من دفع ثمن التذكرة، يتذرع أحيانا بأنه سينزل في أقرب محطة، أو يفتعل النسيان فيفتش في جيوبه عله يقنع المحصل بأنه فقد التذكرة. صحيح أن هناك من يصم أذنه ومشاعره ويتنحى جانبا، ويضع أذنا من طين وآخرى من عجين، مبتعدا عن تفاصيل، يرى أنها لا تخصه ولا يستطع المشاركة فيها، ربما لأنه يرى أن حاله لا تختلف كثيرا عن ذلك المأزوم بثمن تذكرة، أو لأن شعورا بالسلبية بات هو المسيطر على كل ردود أفعاله، يمنعه من المشاركة حتى بالكلمة الطيبة، ومحاولة تهدئة الموقف. تلك السلبية بلغت ذروتها ليشهد الجميع موت أحد الركاب، وإصابة آخر بعدما أجبرهما محصل القطار على القفز منه، ولم ينتظر وصوله للمحطة.. في واقعة شهيرة لم نكد ننسى تفاصيلها، حتى داهمتنا واقعة أخرى مستفزة ضحيتها، مجند بسيط لم يملك مثل كثيرين غيره ثمن التذكرة، ليقوده حظه العاثر لمحصل سليط اللسان غليظ القلب، وينتهي المشهد هذه المرة بتدخل سيدة رحيمة آثرت أن تدفع ما يعجز عنه المجند».

لهذا السبب هرولنا

عاد عباس الطرابيلي بالتاريخ للوراء، عقب معاهدة كامب ديفيد مؤكدا في «المصري اليوم»: «الفصائل الفلسطينية عاقبت مصر وقادتها عندما نظرت إلى القضية نظرة واقعية، ووقعت اتفاقيات وغيرها، بالذات بعد أن عرفنا أن أمريكا – وهي أقوى قوة عالمية تقف مع إسرائيل- لن تسمح بتدمير إسرائيل، ولا حتى بإلقائها في البحر. وربما، والكلام ما زال للطرابيلي، بسب الانقسامات الفلسطينية – الفلسطينية.. ونسيان معظمها الدور القتالي لها ضد هذا العدو.. ربما هذا هو الذي أدى بمصر ومنذ أواخر السبعينيات إلى تغيير سياستها تجاه إسرائيل.. رغم تمسك مصر بتحرير القدس ومسجدها الأقصى.. وضرورة قيام الدولتين في فلسطين. ولم يكن أحد يتخيل أن دول الخليج يمكن أن تجلس مع الإسرائيليين يوما ما، وتتفق وتوقع الاتفاقيات.. ولكنها سياسة الأمر الواقع، أو هي «الواقعية السياسية». وسأل عباس الطرابيلي، هل كان تطاحن الفلسطينيين أنفسهم أهم أسباب هذا التغير؟ أم أن هذه الواقعية مطلوبة الآن لأنها تعني الوصول إلى قيام الدولة الفلسطينية بجوار الدولة الإسرائيلية».

حياة بلا حياة

رائد سلامة صاحب العلامات المضيئة، والتجارب المؤلمة يكتب في «درب»عن قسوة احتمال الحياة: «شَعُر بأنه موجودٌ في هذه الدنيا فقط كي يغادرها، لا شيء ذو بال يفعله على الإطلاق، لم يكن يجد معنى للأشياء، هَواء البحر العجوز ودخان التَبغٍ وبُنُ القهوة، لم يعُد لأي شيء رائحةٌ ولا مَذَاق، كل الألوان باهِتةٌ وكل الأصوات محضُ ضوضاءٍ، وكل علامات خطواته فوق الرمال بَدَدَتها الريح، ليس هناك من هدفٍ يسعى إليه ولا أثرٍ يتركه. لم تكن هناك من فائدة تُرجى على الإطلاق، بعدما خاض معارك العُمرِ المُفعَمة بالأمل والحُلم، وحبات مَطَرٍ لم يَأت، مَهزوما مُثخَنا بنُدُوبِ الجسد وتباريح الرُوح كان، استَسلَم فرَفَعَ الراية، وألقى ما كان يحسَبُهُ آخر أسلحته.
لم يكُن يُغادِر غرفة مَكتَبِه، أصبحت الأيامُ عبئا ينوء بِحَملِه كَاهِلُه، لم يَكن يفعل سوى بذل مزيد من الجهد في إيجاد طريقة لتمرير الأيام واحدا وراء الآخر، كان يعلم أن اليوم الذي يمضي، إنما هو يَخصِمُ من رصيدِ وجودِهِ جزءا يقتربُ به من الفناء، كان يمارس طقس الرحيل بكل الإخلاص، ينام طوال النهار، حيث صخب الناس، ويسهر في هدوء الليل يقرأ بلا عقلٍ، ويكتب بلا رُوحٍ منتظرا شروق الشمس كي ينام ثانية مُنجِزا أهم أعماله، الانتهاء من يومٍ آخر».

عبد مأمور

يرى محمود خليل في «الوطن»: «القسوة في حياة المصريين ظاهرة مصنوعة تدخل في صناعتها مجموعة من الموروثات والضغوط، التي تدفع صاحبها إلى الاستقواء على الغير، في المواقف التي يشعر فيها بأنه الأقوى، والاستسلام له والانبطاح أمام (هذا الغير) حين يحس أنه الأضعف. ممارسة القوة أو الضعف مسألتان نسبيتان. وعندما تشتد الحياة بضغوطها على الفرد يبدأ في التسليم بهذه الثنائية النسبية، فيمارس القوة في اللحظات التي يشعر فيها بالسيطرة على المواقف، إنها ببساطة ثقافة «عبدالمأمور».. ذلك المثل الذي ظل أجدادنا يرددونه عبر عقوة طويلة، وما زال يحيا ويرعى في حياتنا حتى الآن. في قرى مصر كان الخفراء يذهبون للحجز على ما يملكه الفلاح، من بهائم وأدوات زراعة وغلة وملابس وغير ذلك، إذا امتنع أو عجز عن دفع «الضريبة» للملتزم. وعندما كان أحد بسطاء القرية، يلوم الخفير على قسوته وهو ينفذ حكم الملتزم، بتجريد الفلاح مما يملك، كان يرد بهذه العبارة: أنا عبد المأمور. الخفير «المستقوي» على الفلاح الضعيف كان معذورا، لأن يد شيخ الخفر غليظة، وهي قادرة على إلهابه بقسوة إذا قصّر في أداء المهمة الموكلة إليه. وشيخ الخفر قوي على الخفير، لكنه ضعيف مهزوم أمام العمدة، والعمدة قوي على شيخ الخفر وشيخ البلد، لكنه ريشة لا تقوى على الصمود أمام رياح الغضب التي تخرج من فم الملتزم، والملتزم ضعيف أمام الوالي، والوالي ضعيف أمام السلطان صاحب الباب العالي، والسلطان ضعيف أمام حريمه، والحريم ضعيفة أمام الأبناء، والأبناء ضعاف أمام رغباتهم.. وهكذا تدور الدائرة بلا انقطاع. أصل مثل «أنا عبد المأمور» هو عبارة «أنا عبد مأمور» التي وصف بها أمين الوحي جبريل عليه السلام نفسه، وهو ينقل وحي السماء إلى الأرض، لكن يبدو أن المزاج المصري حرفها ليضيف الألف واللام إلى كلمة «مأمور» ليفهم منها أن الشخص من هؤلاء هو عبد من يأمره ويملك عقابه. نحن في حاجة إلى إحلال عبارة «الحق أحق أن يتبع» مكان المثل المقيت الذي يقول أنا عبد المأمور».

سيئ الحظ

هنعمل جلسة مساج بسرعة وهتكون بداية العلاج من كورونا، تلك الكلمات بمثابة خديعة، وفق ما أكده محمد سيف في «الوطن» استخدمها ممرض للتحرش بفتاة حسناء داخل مستشفى خاص في الدقي، وأن الطالبة فوجئت بتصرف الممرض، وعندما تحرش بها وهتك عرضها، ارتابت في الأمر فامسكت هاتفها للاتصال بعمتها المتعافية من كورونا، وكانت محتجزة في المستشفى ذاتها، فخشي الممرض أنها تقوم بتصويره فترك المستشفى وهرب. 48 ساعة على اتهام الفتاة رسميا للممرض، وسرعان ما ألقت المباحث القبض على المتهم، وبمواجهته حاول التنصل من الجريمة، لكن كاميرات المراقبة أظهرت اصطحابه للفتاة داخل المستشفى، وقررت النيابة حبسه على ذمة التحقيقات، بتهمة هتك العرض. وحكت الطالبة تفاصيل الواقعة أمام جهات التحقيق، بقولها إن أسرتها تقيم في دولة خليجية، وإنها تقيم في مصر برفقة عمتها، التي كانت مريضة بفيروس كورونا، وتم شفاؤها، ثم شعرت الطالبة بأعراض وارتفاع درجة حرارة، فتوجهت إلى المستشفى يوم الاثنين الماضي؛ لأجراء التحاليل والأشعة اللازمة، للتأكد من مدى أصابتها بالفيروس، ودخلت إلى غرفة العلاج؛ فأوهمها ممرض بضرورة عمل «مساج» كنوع من التأهيل للعلاج، ولكنها فوجئت بقيامه بملامسة أجزاء حساسة من جسدها، وموضع عفتها؛ فأخرجت هاتفها المحمول لمراسلة عمتها، فاعتقد الممرض قيامها بتصويره، فتركها وخرج من الغرفة، خشية تصويره. وأفادت التحريات بأن الفتاة أخبرت عمتها بما تعرضت له، ما دفعها لاستدعاء ممرض اخر للسؤال عن زميله فأخبرهم أن أخلاقه جيدة، وتزوج في شهر أغسطس/آب الماضي، ولا يمكن قيامه بتلك الأفعال، ثم قامت عمة الفتاة بالشكوى لمدير المستشفى، الذي أخبرها أنه سيقوم بفصله من العمل، وعندما علم الممرض المتهم بما يحدث في المستشفى، لم يذهب إلى العمل مرة أخرى. كانت أجهزة الأمن في الجيزة قد ألقت القبض على ممرض في مستشفى في منطقة الدقي لاتهامه بالتحرش بفتاة، 23 عاما، مريضة بفيروس «كورونا» أثناء حجزها في المستشفى. وذكرت تحريات وتحقيقات المباحث، أن الواقعة بدأت بورود بلاغ من طالبة جامعية، 23 سنة، أثناء حجزها في مستشفى في الدقي لإصابتها بفيروس كورونا، بقيام ممرض بالتحرش بها وملامسة مناطق عفتها، وانتقلت قوة أمنية من المباحث إلى المستشفى، وقامت بتفريغ الكاميرات ومناقشة الشهود، وأمكن تحديد الممرض البالغ من العمر 35 سنة، وجرى ضبطه وإحالته للنيابة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية