تمرد المدللين

حجم الخط
0

أعلن 43 مواطنا يرفضون مساعدة اسرائيل على جمع معلومات عن الارهاب الفلسطيني، أعلنوا الجمعة برسالة قصيرة جدا أنهم لن يخدموا بعد الآن الخدمة الاحتياطية في الوحدة الاستخبارية 8200. إن معارضة استمرار الوجود الاسرائيلي في يهودا والسامرة شيء، لكن معارضة حماية حياة الاسرائيليين من الارهاب في غزة شيء آخر.
تساعد الوحدة الاستخبارية 8200 منذ 14 سنة على حماية معرفتي اهارون بيرتس، الذي يتلقى القذائف الصاروخية في قلب سدروت ولا يهرب، وأحباء نفسي الذين عرضوا أنفسهم للخطر في حرب الدخول الى الانفاق في غزة كي لا يستطيع المخربون الخروج في قلب ناحل عوز وصوفا وكفار عزة. لكن جزءا صغيرا من اولاد القشدة في الوحدة لا يريدون المشاركة في ذلك ولا يجب ارغامهم.
برغم أن الرفض الجماعي للقيام بواجب امني يعتبر تمردا في دولة قانون، لا داعي الى بلوغ ذلك. بل يُحتاج الى خفض الرتب العسكرية وشهادة اعفاء طول الحياة ثم الوداع بلا لقاء.
قرأت ما يدعيه من متحدثهم هو المحامي المعروف بتمثيله للفلسطينيين، ميخائيل سفراد، الذي عبر عن آرائهم في «يومان» آيلاه حسون في القناة الاولى. فقد سمع أحدهم أنهم جندوا مُخبرا للشباك بعد أن عرضوا على قريبه المصاب بالسرطان علاجا طبيا في اسرائيل؛ وسمع آخر – ويا للهول – أحاديث حميمة بين زوجين يشتبه فيهما أنهما مخربان.
وهذا ادعاء كاذب لأنه في التنصتات التي تقوم بها الشرطة بمقتضى القانون لمواطنين اسرائيليين يُسمع مثل ذلك الكلام ولا يجوز لها استعماله. هل سمع أحد أن اسرائيل ضغطت على امرأة فلسطينية لأنهم استمعوا دون قصد الى حديث حميم بينها وبين زوجها؟ هراء.
كان يجب على الجيش الاسرائيلي أن يعمل بصرامة، لكن موشيه يعلون وبني غانتس وأفيف كوخافي مُنحوا سعة الصدر. ويعلون يتذكر رسائل كهذه فيها استغلال الخدمة العسكرية للالتزام بموقف سياسي. وكان ذلك في عهد اريئيل شارون، ووجدت اشاعات غير مكفوفة الزمام تبين من الذي قام من وراء المبادرة، وحدث شيء ما مشابه الآن – مع أناس آخرين – وينوي يعلون أن يستوضح الامر.
إن الوحدة 8200 مؤلفة من «اولاد عجيبين» في مجال الهاي تيك. وقد نبه غابي اشكنازي في سنواته الطيبة حينما كان رئيسا للاركان الى أنه يدرك لماذا يضغط آباء كثيرون جدا من نوع بارز من المواطنين كي يخدم أبناؤهم في الوحدة 8200. إنها خدمة جليلة وضرورية للجيش الاسرائيلي وليست خطرا ايضا على الجندي في الجبهة الداخلية، وحينما يحين وقت التسريح من الخدمة يتمتع خريج الوحدة باحتمال نيل مصدر رزق حسن، عال. ولو أُرسل جنود الوحدة 8200 لقضاء ثلاثة أشهر دوريات وكمائن على حدود غزة قبل أن يجلسوا بالقرب من طابعة الحاسوب لكان عدد الرافضين أقل كثيرا.
ويستطيع الجيش الاسرائيلي من جهة اخرى أن يفخر بأنه ليس فيه تصنيف سياسي، وأن معارضين للوجود في المناطق يجندون لوحدة حساسية جدا.
إن مثل هذه الرسائل هي ثمرة تربية لا يوجد فيها تأكيد صهيوني، ويصعب التأثير على الوالدين الذين اصبحوا اكثر انانية مما كانوا في الماضي، لكن هناك مكان للادعاء على وزراء التربية وعلى الجهاز الذي يتولون اموره أنهم لم يُنشئوا شبابا يفرقون بين واجبهم الديمقراطي أن يخدموا في الجيش الاسرائيلي بكل عمل وبين وجهة نظرهم الشرعية التي ترفض الاحتلال.
ويجب أن يفهموا في واقع الامر أنه حينما يحين اليوم المأمول الذي تنشأ فيه دولتان للشعبين ستحتاج اسرائيل الى الزيادة في عمل الاستخبارات من نوع 8200 الى أن تبنى الثقة المداسة بين اليهود والفلسطينيين. وسنضطر الى أن يتغلغل هذا الفهم الى اذهان «الاولاد العجيبين»، سنضطر الى أن نجرب صعوبة وقبح .

اسرائيل اليوم 14/9/2014

دان مرغليت

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية