غزة: ارتفع عدد الشهداء جرّاء التّصعيد العنيف بين إسرائيل وقطاع غزّة منذ السبت، إلى 23 فلسطينيّاً بينهم نشطاء ينتمون إلى حركتَي حماس والجهاد الإسلامي، وأربعة في الجانب الإسرائيلي، وسط مخاوف من تطوّر الأحداث إلى حرب جديدة بين الطرفين.
وقصفت إسرائيل بالطائرات والمدفعيّة القطاع المحاصر، ونفّذت “عمليّة موجّهة” استهدفت أحد قياديّي حركة حماس، بحجة الرد على إطلاق مئات الصواريخ من غزّة في اتّجاه إسرائيل.
ولا يبدو أنّ أيّاً من الطرفين يتّجه إلى التهدئة، فيما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد مواصلة “الضربات المكثّفة” على غزّة.
وقالت وزارة الصحّة التابعة لحماس في غزة إنّ 19 فلسطينيّاً على الأقلّ قُتلوا الأحد جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع، بينهم تسعة نشطاء في حركتَي حماس والجهاد الإسلامي.
وأضافت الوزارة أنّ امرأةً حاملاً وطفلاً يبلغ من العمر أربعة أشهر هما في عداد الشهداء الذين سقطوا الأحد، غير أنّ الجيش الإسرائيلي رفض التعليق على ذلك.
من جهتها، أعلنت كتائب القسّام الجناح العسكري لحماس، مقتل أحد قادتها حامد الخضري في غارة إسرائيليّة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنّه قتل الخضري في “ضربة موجّهة”، مشيراً إلى أنّه “المسؤول عن تحويل الأموال من إيران إلى منظّمات إرهابيّة تعمل داخل القطاع”.
وكان السّبت شهد مقتل أربعة فلسطينيّين، بحسب السُلطات.
في الجانب الإسرائيلي، قُتل أربعة مدنيّين في سقوط دفعة من الصّواريخ، ثلاثة منهم إسرائيليّون فيما لم تُحدّد جنسيّة الرابع، وفق السلطات الإسرائيليّة.
وأُطلق نحو 600 صاروخ من قطاع غزّة في اتّجاه الأراضي الإسرائيليّة منذ السبت، بحسب الجيش الإسرائيلي الذي أشار إلى أنّ 510 من بينها بلغت الأراضي الإسرائيليّة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنّه ردّ عبر استهداف دبّاباته وطائراته نحو 320 موقعاً عسكريّاً لحركتَي حماس والجهاد الإسلامي. ومن المواقع المستهدفة، نفق مخصّص للهجمات تابع للجهاد الإسلامي يمتدّ من جنوب القطاع حتّى الأراضي الإسرائيلية، بحسب المتحدّث باسم الجيش جوناثان كونريكوس.
وقال سكان إنّ الجيش الإسرائيلي دمّر مبنيَين من طبقات عدّة في مدينة غزة. وأشار الجيش إلى أنّ أحدهما كان مقرّاً لأجهزة عسكريّة وأمنيّة تابعة لحماس.
وأعلن نتنياهو في بداية اجتماع للمجلس الوزاري المصغّر الأحد أنّه أمر “الجيش هذا الصباح بمواصلة ضرباته المكثّفة على عناصر إرهابيّة في قطاع غزة”، و”بتعزيز القوّات حول القطاع بالدبّابات والمدفعيّة وقوّات المشاة”.
وقال رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية مساء الأحد إنّ “العودة إلى حالة الهدوء أمر ممكن والمحافظة عليه مرهون بالتزام الاحتلال بوقف تام لإطلاق النار بشكل كامل”. وأضاف: “دونَ ذلك، سوف تكون الساحة مرشّحة للعديد من جولات المواجهة”.
وكانت الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينيّة أصدرت بياناً السبت أكّدت فيه مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ بالقول إنّ “استهداف عسقلان وأوفاكيم وكريات غات برشقات صاروخيّة” جاء “ردّاً على استهداف الاحتلال للبنايات السكنيّة”. وأضاف البيان: “في حال تمادى العدوّ، سنوسّع ردّنا إلى أشدود وبئر السبع”.
وشدّدت حركة الجهاد الإسلامي على أنّ “المقاومة تقوم بواجبها ودورها في حماية الشعب الفلسطيني والذود عنه ومستعدّة للاستمرار في الردّ والتصدّي للعدوان إلى أبعد مدى (مكانا وزمانا)”.
كذلك، قال الناطق باسم حماس حازم قاسم: “هذا ليس فقط حقّ المقاومة في الدّفاع عن شعبها… هذا واجبها المقدّس في مقابل جرائم الاحتلال وحصاره”.
ووزّع الجناح العسكري للجهاد الإسلامي شريطاً مصوراً يظهر فيه مقاتلون يحملون قذائف ويهدّدون مواقع إسرائيليّة رئيسيّة، بينها مطار بن غوريون الدولي قرب تلّ أبيب.
وقال حزب الله اللبناني الأحد إنّه يدين “بشدّة العدوان الصهيوني الهمجي المتواصل على أهلنا في قطاع غزة (…) في ظل صمت دولي وعربي”.
دولياً، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد جميع الأطراف “الى ممارسة أعلى درجات ضبط النفس وخفض التصعيد فورا والعودة إلى التفاهمات التي تم التوصل إليها خلال الأشهر الأخيرة”.
بدوره، عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد عن “إدانته الشديدة” لإطلاق الصواريخ “من غزّة”، مشدداً على ضرورة “توقّف” العنف.
وكتب ماكرون على تويتر أنّ “فرنسا تدعم وساطة الأمم المتحدة ومصر”، مضيفاً “أؤكّد مجدّداً حقّ إسرائيل في الأمن وشرعيّة تطلّعات الشعب الفلسطيني”.
وجددت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني الأحد الدعوة الى “التوقف فورا” عن إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل، محذرة من الدخول في “نزاع مفتوح”. وأكدت “تمسك الاتحاد الأوروبي بأمن إسرائيل”.
ودانت الولايات المتّحدة السبت إطلاق صواريخ من قطاع غزّة باتّجاه إسرائيل، معبّرةً عن دعمها “حقّ” الإسرائيليّين في الدفاع عن أنفسهم.
ودعا مبعوث الأمم المتحدة في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف “جميع الأطراف إلى تهدئة الوضع والعودة إلى اتفاقات الأشهر الأخيرة”.
ودعا الأردن، الأحد، إلى “وقف العدوان الإسرائيلي” على غزة فوراً، مؤكّداً أنّ “العنف لن يؤدّي إلا إلى مزيد من التوتر والمعاناة”.
وعبرت تونس عن “إدانتها ورفضها لاستهداف المدنيّين”، داعيةً “الى الوقف الفوري للعمليات العسكرية لقوات الاحتلال الاسرائيلي”.
وكانت إسرائيل أعلنت السبت إغلاق معابر البضائع والأفراد مع غزّة وكذلك منطقة الصيد البحري حتى إشعار آخر.
وخاضت إسرائيل وحماس منذ 2008 ثلاث حروب، ويثير التصعيد كل مرة مخاوف من اندلاع حرب رابعة.
وساهم اتّفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس رعته مصر والأمم المتحدة في تهدئة نسبية تزامناً مع الانتخابات التشريعيّة في إسرائيل في التاسع من نيسان/ أبريل.
وسمحت إسرائيل بموجب اتفاق وقف النار لقطر بتقديم مساعدات بملايين الدولارات إلى القطاع لدفع الرواتب وتمويل شراء الوقود لتخفيف حدة أزمة الكهرباء.
وعادت إسرائيل وقلصت الثلاثاء المنطقة التي تسمح لصيّادي السمك قبالة شواطئ قطاع غزة المحاصر بالتحرّك في إطارها، رداً على إطلاق قذيفة صاروخية من القطاع باتجاه الدولة العبرية.
(أ ف ب)