“توتر مكتوم” بين المغرب وموريتانيا.. “البوليساريو” تتحرك في نواكشوط

حجم الخط
7

الرباط- محمد لخلوفي:
ألقت تحركات لجبهة “البوليساريو” في موريتانيا بظلالها من جديد على العلاقات المغربية- الموريتانية، التي شهدت طيلة العقد الماضي حالة فتور؛ بسبب ارتباطات الجبهة بالنظام والقوى السياسية في نواكشوط.
وفي الآونة الأخيرة، شهدت العلاقات بين الجارتين تحسنا ملحوظا، وزار المتحدث باسم الحكومة المغربية، حسن عبيابة، نواكشوط في نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، وعقد لقاءات مع وزراء موريتانيين.
وقال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في سبتمبر/أيلول 2018، إن “البلدين تحدوهما رغبة في ألا تبقى العلاقة بينهما في وضع استقرار (فقط)، بل يجب أن تتطور”.
وثمة نزاع بين المغرب و”البوليساريو” على الصحراء الغربية بدأ عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، وتحول النزاع إلى صراع مسلح، استمر حتى 1991، ثم توقف بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة.
وتواصل “البوليساريو” تحركات على المستوى الإقليمي، لحشد الدعم لمؤتمرها الخامس عشر، بين 19 و23 ديسمبر/ كانون أول الحالي.
وقادت تحركات “البوليساريو” ما يسمى وزير خارجيتها، محمد سالم ولد السالك، إلى لقاء مع الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، إضافة إلى زعماء أحزاب موريتانية، بينها حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل- إسلامي) المعارض، الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع حزب “العدالة والتنمية (إسلامي)، قائد الائتلاف الحكومي بالمغرب.

علاقات متقلبة
وفق خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول في وجدة شرقي المغرب، فإن “مستوى العلاقات المغربية- الموريتانية متذبذب ومتقلب جدا لاعتبارات موضوعية”.
وأرجع شيات ذلك، إلى أن “نواكشوط لا تبدي موقفا ثابتا من قضية الصحراء، وتريد أن تبقي الموقف متذبذبا بين التجاذب الجزائري المغربي، وهو ما يشكل حجر الزاوية في الدبلوماسية الموريتانية، لأنها تعتقد أنها تربح أكثر مما لو تخندقت في أحد الجانبين”.
ويصر المغرب على أحقيته في إقليم الصحراء، ويقترح حكما ذاتيا موسعا تحت سيادته، بينما تدعو “البوليساريو” إلى استفتاء لتقرير مصير الإقليم، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تؤوي النازحين الفارين من الإقليم.
وتابع شيات: “هذا الأمر تعزز على المستوى السياسي من خلال التأثير على الاتجاهات اليسارية، التي تميل إلى طرح البوليساريو، سواءً في موريتانيا أو في الجزائر، بل تعدى الأمر، وهو الملاحظ أخيرًا، إلى الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية”.
واستقبل رئيس حزب “تواصل” (إسلامي)، محمد محمود ولد سيدي، في نواكشوط، ما يسمى وزير خارجية “البوليساريو”، القيادي في الجبهة، محمد سالم ولد السالك.
وسلّم “ولد السالك” لرئيس “تواصل” دعوة لحضور مؤتمر “البوليساريو” المقبل.
وبينما التزمت الحكومة المغربية الصمت تجاه تحركات “البوليساريو” في موريتانيا، فإن حزب “العدالة والتنمية”، وصف خطوة استقبال حزب “تواصل” الموريتاني لـ”ولد السالك” بـ”الخاطئة”.
وأضاف “العدالة والتنمية”، في بيان، أن هذه “الخطوة لا تنسجم سياقياً مع العلاقات التاريخية بين الحزبين، وتؤثر سلبا عليها”.
ودعا قيادة حزب “تواصل” إلى “تصحيح ما ينبغي تصحيحه”.
ووصف الباحث الموريتاني، محمد المختار الشنقيطي، اللقاء بين “ولد سيدي” و”ولد السالك” بـ”الخطأ الفادح”.
وأضاف الشنقيطي، في تدوينة على حسابه في “فيسبوك” آنذاك، أنه “ليس يليق بالإسلاميين الموريتانيين الإغراق في التكتيكات الحزبية، على حساب قضايا الأمة الاستراتيجية الكبرى”.
وزاد بقوله: “أما حق تقرير المصير الذي تلوح به البوليساريو ومناصروها فليس حقا مطلقا في القانون الدولي، بل هو مبدأ تقرَّر في صدر القرن العشرين لتسهيل تحديد الحدود بين دول العالم، وقد تراجع هذا المبدأ -باكتمال رسم الحدود بين الدول- لصالح مبدأ سيادة الدول وحوزتها الترابية”.
وشدد الشنقيطي على أنه “بمنطق المصلحة الوطنية الموريتانية المحضة، فمصلحة موريتانيا وأمنها في سد هذه الثغرة إلى الأبد باتفاق دول الإقليم على ضم الصحراء للمغرب نهائيا، وفك الاشتباك بين الجارتين الكبيرتين الجزائر والمغرب”.
ورأى أن الواقعية السياسية “تدل على أن قضية الصحراء حُسمت لصالح المغرب عسكريا ودبلوماسيا، وقد تراجعت عدد من الدول الأفريقية عن العلاقات مع البوليساريو”.

خياران أمام الرباط
في حقيقة الأمر فالمغرب، حسب شيات، “له خياران في التعامل مع المستجدات الأخيرة، الأول هو أن يصعد من الناحية الدبلوماسية، ويدخل بذلك في نفق جديد مع موريتانيا”.
واستدرك: “لكن هذا ليس في صالح السياسة الخارجية ولا في صالح انفتاحها الإفريقي خاصة، أما الخيار الثاني فهو التزام الصمت والتريث على الأقل في اتخاذ القرار، وهو ما يتخذه المغرب حتى الآن”.
ورأى أنه “غالبا ما تفهم موريتانيا الصبر والصمت المغربي باعتباره ضعفا.. للمغرب كما للجزائر آليات للضغط على هذه الدولة، وعليه استعمالها، خاصة على المستوى الاقتصادي”.

توطيد العلاقات
وصف نبيل الأندلوسي، نائب رئيس لجنة الخارجية بمجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية بالبرلمان)، العلاقات المغربية- الموريتانية بأنها “علاقات تاريخية تتسم بترابط شعبي وثقافي تعززه القيم المشتركة بين شعبين جارين بسبب الانتماء الحضاري والمصالح الاستراتيجية المشتركة والجوار الجغرافي”.
وأضاف الأندلوسي أن “هذا الترابط حاصل رغم بعض حالات خفوت العلاقات في الغالب بسبب القضية الوطنية الأولى بالنسبة للمغرب (الصحراء)، إلا أن الأصل هو حرص الدولتين على توطيد العلاقات الدبلوماسية والأخوية بينهما”.
وتابع أن “المبادلات التجارية بين الدولتين، التي فاقت 200 مليون دولار السنة الماضية، بالإمكان تقويتها أكثر بمنطق الاستفادة المتبادلة، وصيغة (رابح – رابح) التي باتت تميز العلاقات الاقتصادية المغربية الثنائية”.
وزاد بأن “العديد من شركات القطاع الخاص (المغربية) تنشط بشكل إيجابي في قطاعات عديدة استراتيجية في موريتانيا، منها الاتصالات، والبنية التحتية، والصناعات المرتبطة بتحويل المنتجات السمكية”.
وشدد الأندلوسي على أن “العلاقات بين الدول المغاربية عموما، وليس فقط بين المغرب وموريتانيا، يمكن أن تخلق ثروة هائلة وتنعش اقتصاديات الدول الخمس (المغرب، الجزائر، ليبيا، موريتانيا وتونس)”.
وختم بأن هذه الدول “تضيع الكثير من مقدراتها وإمكانياتها بسبب مشاكل سياسية مفتعلة غالبا، ومنها مشكل الصحراء، وهو ما يحرم شعوب المنطقة حقها في التنمية والاستفادة من ثروات بلدانها”.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الصحراوي الحر:

    السلام عليكم
    العلاقات الدبلوماسية بين الدول لا تبنى على أهواء الناس فكل بلد يريد مراعاة مصالحه والدفاع عنها وليس مصالح الأخرين على حساب مصالحه. مايربط شعب الصحراء الغربية بشعب موريتانيا أكثر بكثير من روابط الحدود والجوار بل يتعدى ذلك إلى روابط الدم والثقافة والمصير المشترك وهو ما لا يتوفر بين الشعب الصحراوي والمغرب الذي لا يتعدى الحدود. والقاسم المشترك الجيوسياسي هو أن المغرب كان يعتبر موريتانيا جزء من مايسميه المغرب الكبير وهي أطروحة حزب الأستقلال التوسعي وهو نفس الشئ الذي يحصل مع الصحراء الغربية ، وهناك الكثير من الموريتانيين الذين يرون أن إقامة دولة صحراوية مستقلة سيشكل حصن حصين للسيادة الموريتانية من الأطماع التوسعية المغربية.

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      هناك سؤال:
      لماذا حاربت البوليساريو موريتانيا قبل محاربتها للمغرب؟ أم لأن الجبهة الموريتانية كانت الأسهل, رغم مقتل قائدها هناك!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول علي زمور:

    المشكلة هي أن المغرب لم يهضم بعد أن موريتانيا دولة ذات سيادة .كذلك الأحزاب المغربية لها نفس الشعور .الدولة المغربية و الأحزاب المغربية كلها تنظر إلي موريتانيا باستعلاء و علي انها قاصر و علي انها ابنه الصغير الذي لم يعرف كيف يخطو خطواته الاولي .هذا ما جعل موريتانيا تتوجس من المغرب وهي غير مطمئنه مما قد يصدر منه في قادم الأيام. موقف موريتانيا من القضية الصحراوية هو الحياد .وهو ما يعيبه البعض فحسب هولاء الصحراويين هم الأقرب نسبا و ثقافتا و عمقا الي موريتانيا من غيرها و الاعتراف بالجمهورية الصحراوية بدون فتح سفارة في نواكشوط يعتبر انحياز للمغرب في رأي هولاء

  3. يقول lahcen:

    لابد من إتخاذ الحيطة والحذر في التعامل مع تنظيم البوليساريو المدعوم من طرف النظام العسكري الجزائري ولا احد يمكنه إنكار أو اخفاء غرق الجزائر في مشاكل لا تعد ولا تحصى بسبب تنظيم البوليساريو الذي أصبح يشكل اكبر خطر على مستقبل الجزائر .

  4. يقول هيثم:

    بالنسبة لنا نحن المغاربة لا شيئ يزعزع عقيدتنا في مغربية الصحراء ونحن لا نكن للإخوة الموريتانيين إلا الخير والعواطف النبيلة. أما بالنسبة للذين يناضلون على صفحات جريدة القدس فنقول لهم: يا جبل ما يهزك ريح، أو ننشد كما أنشد الأديب اللبناني الكبير ميخائيل نعيمة: سقف بيتي حديد / ركن بيتي حجر// فاعصفي يارياح / واهطلي يا مطر.

  5. يقول علي زمور:

    ياهيثم أن الذي يناضل في الصحف و ياليته نضالا ذا محتواي حقيقي هم انتم .هل قرأت في القدس مقالا منشورات عن الصحراء الغربية أو ما يحيط بها بقلم صحراوي .طبعا لا .ليس السبب هو انعدام الحيلة و لاالكتاب و لا النخبة و لا الحجة المدعومة بالبراهين و القانون الدولي بل لأننا نعمل كثيرا في الميدان ولا نتكلم إلا حين يظن العدو أن الساحة خلت له .افهمت من هو الذي يناضل من المنابر فقط .انتم تعطوا للقضية الصحراوية الزخم و الدعاية مجانية و الحمد لله. يقول المثل الصحراوي (الي يجبر شواي ما ينحرقوا ايديه ) شكرا لك .

  6. يقول BOUMEDIENNE:

    ما ضاع حق ورائه طالب…. والحقوق والقيم، لا تموت بالتقادم، والمثال الجزائري يقول :العود الي تحقروا يعميك…

إشترك في قائمتنا البريدية