لم تكن تظاهرة النساء العراقيات يوم 13 شباط/ فبراير، مليونية بلغة الأرقام والاحصائيات، التي تستهوي زعيم التيار الصدري السيد مقتدى، كلما خطر على باله إطلاق أتباعه في شوارع المدن العراقية. كانت التظاهرة أكبر وأهم من ذلك بكثير. هتفت المتظاهرات بصوت يتحدى كل من يحاول إسكاتهن «صوت المرأة ثورة»، وهو صوت من تطالب بحقها « نازلة آخذ حقي»، وهو مقاومة « الحق سلاحي وأقاوم، أنا فوق جراحي سأقاوم، أنا لن أستسلم لن أرضخ، وعليك بلدي لا أساوم».
في مسيرة سلمية، غير رسمية، لم يشهدها العراق منذ عقود، تعالت أصوات النساء مرددة «هايه بناتك يا وطن هايه»، لتجسد ما هو أعمق من مجرد التحدي المؤقت لرجل دين يرى في مشاركة المرأة في الاحتجاج ضد الفساد والطائفية والاحتلال، وفي مطالبتها مع شقيقها الرجل باستعادة الوطن، دعوة الى « التحرّر والتعرّي والاختلاط والثمالة والفسق والفجور، بل والكفر والتعدّي على الذات الإلهيّة وإسقاط الأسس الشرعيّة والأديان السماويّة والتعدّي على الأنبياء والمرسلين والمعصومين»، حسب تغريدة له بلغت درجة الفتوى بين أتباعه «أفتى» فيها بأن «على المتظاهرين مراعاة القواعد الشرعيّة والاجتماعيّة للبلد قدر الإمكان وعدم اختلاط الجنسين في خيام الاعتصام».
تعامل البعض مع موقف المرأة هذا باعتباره مفاجئا واستثنائيا بينما سيجد من يتابع نضال المرأة العراقية ان صمتها هو الاستثناء، وان هذه التظاهرة وما سبقها من مشاركة يومية في مقاومة الاحتلال الأنجلو – أمريكي والتظاهرات والاعتصامات التي سبقت انتفاضة تشرينالأول / أكتوبر، امتداد طبيعي لنضالها المتميز، كما شقيقاتها في فلسطين والجزائر وتونس ولبنان والسودان وبقية البلدان العربية، في مراحل التحرر الوطني ومحاربة الاحتلال، وما تبعها من مناهضة الحكومات المستبدة وحكومات الاحتلال بالنيابة. ويشكل سكوتها، في السنوات الأخيرة، قطيعة فرضتها وحشية الاحتلال وعملائه، الذين كان واحداً من أكبر أهدافهم اخضاع كل من يفهم معنى الحرية والوطن.
فالفتاة الحاضرة في ساحات التحرير، اليوم، هي إبنة تلك الجدة التي قاومت الاحتلال البريطاني في أربعينيات القرن الماضي، وظن الكثيرون انها استكانت لعبودية الاحتلال والطائفية ونهب الوطن، غير انها خيبت آمال من أرادوها خانعة مستكينة لتثبت أن جذورها تمتد عميقاً في أرض البلد وأهله.
هزت الانتفاضة، عبر صمود المشاركة وبناء الثقة بالنفس وديناميكية الوعي، مفاهيم اجتماعية غالباً ما تبرز خلال التظاهرات والاعتصامات حول دور المرأة ووجوب حمايتها
أثبتت شهور الانتفاضة، أن سيرورة خروج المرأة الى الشارع، ومشاركتها على كل المستويات، ساعدت على تقوية مناعتها ضد الخنوع وعلى تطوير نفسها، ونفض غبار الأوهام التي فرضت عليها لتعيدها عقوداً الى الوراء، من هنا جاءت إضافتها النوعية الى الحراك الذي اختارت المشاركة فيه. فبمساهمتها مع أشقائها ارتقت بالحراك من مستوى الاحتجاج الى التظاهرة الى الاعتصام ثم الى الانتفاضة. وها هي تُبلغ العالم الصامت، بذكوره وإناثه، أنها شريكة في صنع ثورة. ثورة ستعيد للوطن، للعراق، ألقه. العراق الذي كان العالم يعرفه، قبل أن يدخله البرابرة بقناعين: الأول هو قناع الديمقراطية وحقوق المرأة، متمثلاً بالاحتلال الأمريكي، والثاني هو قناع الدين السياسي والطائفة متمثلاً بإيران. بعد 17 عاما من الاحتلال بقناعيه، المعجون ببقايا ما ناضلت ضده منذ بناء العراق الحديث، تمكنت المرأة من الانسلال خارج الجدران الكونكريتية التي نصبها الاثنان حولها، لتنطلق حرة أبية متحدية الخوف والترويع والإرهاب.
من الصعب التنبؤ بما سيجلبه الغد، في ظل الإرهاب الحكومي والمليشياوي المستمر ضد المنتفضين اختطافاً وقتلاً، ومع استمرار فرض الحصار على الساحات وحرق الخيم، والهجوم طعنا بالسكاكين، ومع استمرار التسويف والتحايل السياسي، ولعبة المفاوضات والممانعة بين أمريكا وإيران، إلا أن هناك تغيرات سياسية وثقافية ومجتمعية عاشها العراق منذ خمسة شهور لا يتطرق اليها الشك. جوهرها هو أن عراق الامس لن يتكرر، ودوام القمع وَهم، وأن المرأة العراقية التي استعادت كرامتها بفعل الثورة لن تعود الى ما كانت عليه. فقد هزت الانتفاضة، عبر صمود المشاركة وبناء الثقة بالنفس وديناميكية الوعي، مفاهيم اجتماعية، غالباً ما تبرز، بشكل قوي، خلال التظاهرات والاعتصامات والثورة والمقاومة، حول دور المرأة ووجوب حمايتها.
تستغل السلطات القمعية هذه المفاهيم لتحرم الثورة من نصف قوتها وذخيرتها الحية، تحت ستار القيم والدين والشرف، واستغلال خوف الآباء والامهات على حياة أبنائهم، خاصة البنات لما قد يتعرضن اليه من انتهاكات تمس الشرف، بينما تقوم ذات السلطات بالاعتداء على المرأة وانتهاك كل الاخلاق والقيم، بأشكال متعددة، تصل الى التحرش والمساومة الجنسية أو اعتقالها كرهينة، حين تحاول المرأة، مثلاً، الحصول على أي معلومات عن أحبائها المعتقلين. هذه الشيزوفرينيا المجتمعية ـ الدينية، بصدد المرأة، لا تقتصر على بيانات رجل الدين مقتدى الصدر بل تتعداه الى المنظومة السياسية، بمجملها، لما تشكله من فائدة كأداة قمعية. وما تغريدات الصدر غير الظاهر المعلن، في أساليب تبين ذعر الساسة الحاليين من استرداد المجتمع عافيته، وإعادته النظر في أساليب تفكيره وسلوكه وطقوسه التي أصبحت، خلافا لما هو متعارف عليه، مُسَخَرة للتفرقة بين فئات المجتمع، وخاصة بين الرجل والمرأة.
ان اتهامات السيد مقتدى الصدر المستهدفة لدور شباب الانتفاضة، والمرأة خصوصا، مكملة لمحاولات المحتل الأمريكي الذي أراد تبييض وجهه، متقرباً من المرأة، بمبادرات تراوح ما بين « تمكين المرأة» و « ورشات الديمقراطية»، في الوقت ذاته الذي دمر فيه البلد وسبب قتل ما يزيد على المليون مواطن. الامر المشابه لسياسة المستعمر الفرنسي بالجزائر، حين شنّ حملة «تحرير» موجهة للنساء تحت الاحتلال، تهدف إلى جذبهن بعيداً عن جبهة التحرير الوطني، من خلال مراسيم كان من بينها حق كشف النقاب للنساء في الأماكن العامة، والتعيين الرمزي للنساء المسلمات في المناصب العامة. فشلت حملة المُستعمر الفرنسي في إيقاف مسيرة التحرير، وها هم شباب الانتفاضة، إناثاً وذكوراً، يطالبون بوطنهم، ويدفعون ثمناً غالياً جداً، لإدراكهم أن هيمنة المستعمر، الاقتصادية والثقافية والمجتمعية، مهما كانت دولته أو قوميته أو دينه، تبدأ بواسطة العنف وتخريب البلد وحرمانه من سيادته وموارده، ولا تنتهي بتعيين مستخدمين مأجورين بل تستمر بأشكال تتجدد حسب مقتضيات الهيمنة، بينما تبدأ وتنتهي استعادة الانسان لوطنه باستقلاله وكرامته.
كاتبة من العراق
عندما تعجز آلة القتل والأختطاف والتحشيد الاعلامي لابد من تـشغيل مكائن اخرى وابتكار طرق جديده للصدمه وتلويث السمعه فهذا هو المجال الخصب الذي تكبر فيه الأدمغه. العظماء يوظفون عقولهم لدواء ناجع أو تطور علمي لصالح المجتمع أما السيد وأتباعه فواجبهم يقتضي البطش بمن طالبوا بالكرامه وعدم التبعيه.
تحية للمرأة العراقية الصابرة على أحوال العراق منذ أربعين سنة! وتحية لبنات العراق اللواتي رضعن الصبر والمثابرة والتضحية من أمهاتهن!! وتحية لإحدى قامات العراق الأستاذة والأديبة هيفاء زنكنه, ولا حول ولا قوة الا بالله
يااخت هيفاء..الساحة السياسية العراقية الآن مليئة بالغرائب والتناقضات.بلد لا يزيد عدد سكانه عن الاربعين مليون نسمة يعادل الصين بعدد مشاكله.وحضرتك على اطلاع جيد ومباشر على الوضع الداخلي.لقد ثبت بعد الاحتلال ان العراق اكبر من كل الذين تسلقوا سلمه للحكم.وان المعادلة الوطنية فيه ليست كأي دولة من دول المنطقة ، فهو جمجمة العرب فعلا كما وصفه الخليفة عمر بن الخطاب.لذلك السيد الذي اصبح عبدا لقوى اقليمية وغيره نسميهم في العراق ( سخرية القدر ) اراد الله فضحهم في الدنيا قبل الآخرة.ومنذ خروج نساء العراق بمظاهراتهن البنفسجية ( اختفى ذلك العبد المعمم ) وخنس في جبه بقم ينتظر.في تاريخه المضطرب شهد العراق اكثر مما نشهده اليوم طوال سبعة قرون من سقوط الخلافة العباسية حتى رحيل الاحتلال البريطاني.ويبدو ان الدول الكبيرة المقام في التاريخ تستحق الكثير من التضحيات الحمراء حتى تحافظ على مكانتها في الحاضر والمستقبل….وانت في بريطانيا التي لم تشهد نهضة إلا بعد حربين عالميتين مدمرتين.لقد كانت المقاومة الوطنية ضد المحتل الامريكي ، وقريبا ستعود المقاومة المسلحـة الوطنية ضد ادوات الاحتلال الايراني.وان غدا لناظره قريب.2020 عام الحسم.
الرد على مقتدى الصدر ولكل من باع الوطن ونكل بشباب التغيير ، وأستهدف العراقيين والعراقيات جاء سريعا من العراقيين الغيارى( وهذه أبيات من شباب النجف):
ردناك لايام المحن والشدة
وتتنومس بظهر الوطن وتشدة
كل ضنا راح تصون
ماندري بيك تخون
بايعها كاعك للحزب والشدة”*
# شباب التغيير
*”يقصدون عشرة آلآف دولار”
تحية للجميع
يعني ماذا كان البعض يتوقع من رجل الدين بموقفه سواء كان مقتدى او غيره من خروج المراة للعمل او للشارع للتظاهر
معك حق مع انه يوجد استثاءات