تونس: تجريم التطبيع مع إسرائيل يثير سجالا سياسيا بين «النهضة» والمعارضة… ودعوات لرحيل حكومة المشيشي

حسن سلمان
حجم الخط
0

تونس – «القدس العربي»: أثارت قضية تجريم التطبيع مع إسرائيل سجالاً سياسياً واسعاً في تونس، خاصة بين حركة النهضة وبعض أطياف المعارضة التي انتقدت مشاركة الحركة الإسلامية في المسيرة التي دعا إليها اتحاد الشغل لنصرة فلسطين، على اعتبار موقفها “المعارض” لمشروع تجريم التطبيع، وهو ما نفته الحركة مؤكدة دعمها لأي مبادرة برلمانية حول هذا الأمر، في وقت دعا فيه حزب التيار الديمقراطي إلى رحيل حكومة هشام المشيشي، والتي حمّلتها مسؤولية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية التي تعيشها البلاد.
وكانت حركة النهضة شاركت في المسيرة الشعبية الكبيرة التي دعا إليها اتحاد الشغل وشارك فيها عدد كبير من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني.
وقوبلت مشاركة النهضة بـ”رفض” من قبل بعض الأطراف، على اعتبار أن الحركة سبق أن ساهمت في إسقاط مشروع قانون لتجريم التطبيع في البرلمان التونسي، وهو ما تسبب بمناوشات بين أنصار الحركة وأنصار الأحزاب الأخرى.
وأصدرت تنسيقية دعم المقاومة الفلسطينية وتجريم التطبيع بياناً اتهمت فيه الحركة بمحاولة “تحريف عنوان المسيرة من المسيرة من أجل تجريم التطبيع إلى مسيرة من أجل دعم الشعب الفلسطيني، خاصة أن الحركة عرفت برفضها لمبدأ تجريم التطبيع وهي التي رفضت إدراجه ضمن نص الدستور، كما سعت إلى تعطيل تمريره كقانون داخل لجان البرلمان أو للجلسة العامة، سواء خلال الفترة النيابيّة السابقة أو خلال الفترة الحالية”.
كما اعتبرت أن إعلان حركة النهضة مشاركتها في مسيرة تجريم التطبيع “يكشف للرأي العام الوطني حجم التخبط والانتهازية وازدواجية الخطاب، فكيف تدعو جمهورها للمطالبة بتجريم التطبيع في حين أنها الطرف الأساسي الذي عطّل تفعيله طيلة العشرية الماضية والذي استقبل كبار الصهاينة على أرض تونس”. وقال هشام العجبوني، النائب عن الكتلة الديمقراطية: “حركة النهضة رفضت تصنيف الكيان الصهيوني كحركة عنصرية في توطئة الدستور، ورفضوا أيضاً مع نداء تونس قانون تجريم التطبيع الذي تقدم في الدورة البرلمانية السابقة وفي النهاية لم يتم تمريره. والآن، بعد الضغط الشعبي، هم يعبّرون عن إدانتهم لجرائم الاحتلال الصهيوني، فالأحرى الآن أن يصوتوا على قانون تجريم التطبيع. قد نختلف في بعض التفاصيل الخاصة في المشروع، لكن في النهاية يجب المصادقة على القانون”.
وكتب القيادي في حركة النهضة، عبد اللطيف المكي، على موقع فيسبوك: “مشاركة حركة النهضة في المسيرة الوطنية التي دعا إليها الاتحاد العام التونسي للشغل تثبيتاً للموقف الوطني التونسي الواحد الداعم للقضية الفلسطينية وإدانة العدوان الصهيوني على فلسطين وأهل غزة”.
وتحت عنوان “لا صوت يعلو فوق صوت فلسطين”، كتب النائب عن الحركة، نور الدين البحيري: “المشاركة في المظاهرة الوطنية التي دعا لها الاتحاد العام التونسي للشغل وتفاعلت معها حركة النهضة إيجابياً دعماً للحق الفلسطيني ورفضاً للجرائم الصهيونية، هو نقطة مضيئة في تاريخ الاتحاد العام التونسي للشغل وحركة النهضة وكل القوى الوطنية، منظمات وأحزاباً وجمعيات وشخصيات، التي تعالت على الحسابات والخلافات والتجاذبات الأيديولوجية والحزبية والفئوية وارتقت إلى مستوى اللحظة التاريخية الحاسمة التي تعيشها الأمة والعالم وما تتطلبه من وحدة كل القوى المناصرة لفلسطين والمعادية للصهيونية”.
وأضاف: “وحدها الأقليات الدّوغمائية حبيسة الأيديولوجات المحنطة وفلول بقايا أحفاد صنائع وأذيال الصهاينة واللوبيات المساندة لها لم يستوعبوا اللحظة ولا متطلباتها حتى وإن حضروا المظاهرة بأجسادهم عجزوا عن رفع أي شعار دعماً لأهلنا في فلسطين وتنديداً بجرائم الصهاينة وبصمت المتواطئين، فتفرّغوا في عزلة تامة عن أغلب المشاركين لبث الفوضى ورفع شعارات تقسيمية أيديولوجية مستفزّة، والاعتداء على تونسيات متحجبات استجبن لنداء الواجب مادياً ومعنوياً وهرسلتهنن (الضغط عليهن) من أجل إفشال المظاهرة والمشاركة في تخفيف الضغط على الكيان العنصري والدول والمنظمات الداعمة لها تحت غطاء العداء للنهضة ورئيسها رئيس مجلس نواب الشعب وقادتها”.
وتابع بقوله: “مشاركة بنات وأبناء النهضة وحرائر وأحرار تونس في مظاهرة دعم فلسطين -رغم أصوات الناعقين الفاشلين- هو تاج على رؤوسنا وتأكيد لمبدئيتنا في دعم القضية وما ارتكبه جماعات الصفر فاصل من تجاوزات سقوط وطني وأخلاقي ووصمة عار ستلاحقهم إلى الأبد. مرّة أخرى أقولها بكل وضوح دون تردّد: التطبيع خيانة عظمى، ومحاولة تقسيم الصف الوطني الداعم للحق الفلسطيني -تحت أي شعار كان- هو خدمة للصهيونية وجريمة أعظم”.
ودعا حزب التيار الديمقراطي إلى رحيل حكومة المشيشي التي حملها مسؤولية الأوضاع السياسية والاجتماعية والصحية المتردية في البلاد.
وقال الحزب، في بيان أصدره الخميس: “يتابع التيار الديمقراطي حصيلة تسعة أشهر من تخبّط حكومة هشام المشيشي التي أودت بالبلاد إلى أزمة صحية تجاوزت فيها الوفيات جراء الجائحة الـ 12 ألفاً بسبب غياب سياسة استباقية في مواجهة الموجتين الثانية والثالثة وتأخر الإجراءات الصحية والتراخي في تطبيقها خضوعاً للمصالح القطاعية والفئوية (…) وأزمة اقتصادية واجتماعية تميزت باستقالة غير مسبوقة للدولة من دورها الاجتماعي أثناء الحجر الشامل أو الموجه وغياب أي إرادة حقيقة للإصلاح الهيكلي والبناء واكتفائها بقمع المطالب الاجتماعية مقابل مواصلة سياسات الامتيازات والمحاباة وحماية أباطرة الريع ومافيات الاحتكار”.
كما تحدث عن “أزمة ثقة بين الدولة والشعب بلغت ذروتها عند العجز المخزي للحكومة عن تطبيق الحجر الشامل الذي أعلنته بغتة ودون أي اجراءات استباقية أمنية واجتماعية واقتصادية، أزمة تجد جذورها في اختزال الحكومة لدورها في سياسة اتصالية خشبية وفي وعود قطاعية وجهوية غير قابلة للتنفيذ وحماية وقحة لمصالح لوبيات الريع والامتيازات التي تقف وراءها”.
وتابع الحزب في بيانه “وأمام استفحال عجز هذه الحكومة، ورئيسها تحديداً، بسبب انعدام كفاءته ونزعته السلطوية، أصبح التيار الديمقراطي متيقناً أن كل يوم تتشبث فيه بالسلطة يكلّف البلاد غالياً في الأرواح وفي الأرزاق. ولذا، واستجابة لدوره الوطني ومسؤوليته السياسية، يدعو التيار الديمقراطي كافة القوى المجتمعية والقوى الديمقراطية داخل البرلمان وخارجه لتوحيد الجهود والتصدي لها حتى رحيلها”.
وتعيش الطبقة السياسية التونسية انقساماً كبيراً، حيث يصطف الائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة مع حكومة المشيشي، فيما تقف المعارضة بقيادة التيار الديمقراطي إلى جانب الرئيس قيس سعيد، والذي دعا في وقت سابق إلى رحيل حكومة المشيشي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية