تونس.. هل تخلى مؤيدو سعيد عن مساندته؟

حجم الخط
1

تونس- يسرى ونّاس:
مع مرور قرابة شهرين على الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد، بدأت بعض الأصوات والأطراف المساندة له، تبدي “امتعاضا” ولو ضمنيا على الآلية التي يسير بها الرجل عقب تلك الإجراءات.
وفي 25 يوليو/ تموز، أعلن سعيد عن إجراءات استثنائية منها تجميد البرلمان، لمدة 30 يوما (مددت في 23 أغسطس/ آب)، ورفع الحصانة عن النواب، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية، بمعاونة حكومة يعين رئيسها، ثم أصدر أوامر بإقالة مسؤولين وتعيين آخرين.
وفي الوقت الذي شهدت هذه الإجراءات رفضا من غالبية الأحزاب ممن اعتبروها “خرقا للدستور” و”انقلابا”، أيدتها أخرى معتبرةً إياها “تصحيحا للمسار” إلا أن أطرافا من الأخيرة باتت اليوم تطالب بالتسريع في الإعلان عن الحكومة، معربة عن رفضها تجميع السلطات والانفراد بالحكم.

ضبابية وحرص على العودة للقانون
المحلل السياسي التونسي محمد بريّك، اعتبر أن “هناك اليوم قلق لدى الشارع التونسي والمؤيدين للرئيس سعيد، مردّه ضبابية الوضع وعدم وضوح الرؤية، إلا أن الأخير كان حريصا جدا على التأكيد على تطبيق القانون في كل إجراء يتخذه، ولم يُرد أخذ إجراءات أكثر صرامة”.
وشدد على أن “هناك أطرافا أخرى من اليسار ليست مساندة لإجراءات سعيد، وإنما تدفع نحو إجراءات أكثر صرامة من إيقافات وإقالات وتجميد منظمات وأحزاب، إلا أنه لا يزال مشددا على أن كل إجراء يجب أن يخضع للقانون”.
واعتبر بريّك أن “الأحزاب الإسلامية كانت أكثر انضباطا رغم شعورها بالقلق من الوضع والبحث عن مخرج له”.

القطع مع منظومة سائدة
وأشار إلى أن “من يدفع نحو ذلك (الإجراءات التصعيدية) اليوم هدفه القطع مع كافة المنظومة التي كانت سائدة وكافة مؤسسات الدولة، وهو أمر خطر جدا”.
ولفت إلى أن “هناك أطرافا تريد أن تدفع الرئيس إلى الصدام وهو أمر خطر، لكن سعيد كان مصرا على أن يتم كل شيء في إطار القانون وأن تتم المحاسبة في إطار القانون والقضاء”.
واعتبر أن “من ساندوا الرئيس في البداية كان هدفهم القطع مع المنظومة القديمة، وأن سبب ذلك أنهم أحزاب لم تجد فرصة انتخابية”.
من جهته رأى المحلل السياسي التونسي فريد العليبي، أن “السياسة في تونس مثل غيرها من البلدان لا ينبغي الحكم عليها كما تبدو ظاهريا وإنما ينبغي استنطاق بواطنها”.
وتابع: “من ناصروا قيس سعيد لا يزالون يناصرونه وهذا هو الجوهري في المسألة، وأما المطالبة بحل البرلمان نهائيا وإلغاء الدستور الحالي والقيام باستفتاء حول دستور جديد أو الإسراع في تكوين حكومة مصغرة والإبقاء على الدستور الحالي مع تنقيح بعض فصوله فهي مجرد اجتهادات ضمن هؤلاء المناصرين”.

اتحاد الشغل
وعلى صعيد آخر اعتبر بريّك أن “اتحاد الشغل (أكبر منظمة نقابية تونسية) كان منذ البداية مساندا لقرارات الرئيس إلى جانب أحزاب أخرى يسارية، وبعض الأحزاب الوسطية كانوا ينتظرون من الرئيس أن يذهب في إجراءات أكثر جرأة لكنه كان حريصا دائما على تغليب دور القضاء في المحاسبة وتغليب القانون”.
وزاد أن “الحزب الدستوري الحر، أيضًا كان مؤيدًا لقرارات سعيد وكان ينتظر منه إجراءات أكثر جرأة، إلا أنهم لم يجدوا سوى العكس، وهنا يتجلى غضب الاتحاد وفئات أخرى على غرار عبير موسي (رئيسة الدستوري الحر) من أن سعيد ذهب في اتجاه القانون”، وفق قوله.
وفي الإطار ذاته، رأى العليبي أن “الاتحاد مناصر لإجراءات الرئيس مع حرص على تكوين الحكومة في أقرب الأوقات فهناك ملفات مطلبية لمنظوريه يتطلب حلها حوار مع وزراء، لكن الرئيس يتريث في تكوين تلك الحكومة فهو يعطي الأولوية للسياسات على الأفراد كما قال”.
ورغم تأييده منذ البداية، مع اشتراط وجود ضمانات مرافقة للتدابير التي اتخذها سعيد، إلا أن الاتحاد شدد لهجته، إذ انتقد مؤخّرا ما اعتبره “إهدار فرص” إصلاح البلاد من قبل الرئيس قيس سعيد، وعدم اتخاذ الأخير خطوات جديدة لحل الأزمة السياسية القائمة.
يشار إلى أن رئيسة “الحزب الدستوري الحر” وبعد أن رحّبت بقرارات سعيّد بشأن تجميد البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي، إبان إعلانها، إلا أنها أبدت وفي وقت وجيز رفضها الشديد لتلك القرارات خاصة المتعلقة بتعليق عمل المجلس ورفع حصانة النواب.
أحزاب أخرى عل غرار “التيار الديمقراطي” و”التكتل” و”آفاق تونس” ممن أيدوا الرئيس منذ البداية أعربوا قبل أيام عن قلقهم من تجميع السلطات بيد قيس سعيد.
كما عبروا عن رفضهم “دعوات تعليق الدستور” و”حالة الجمع بين السلطة والانفراد بالقرار”، مستغربين “استمرار الفراغ الحكومي ومطالبين بضرورة تكليف رئيس حكومة سريعا لحل أزمات البلاد.

مطالب مشروعة تخفي مآرب أخرى
واعتبر المحلل السياسي محمد بريّك، أن “المطالبة بالتسريع بتشكيل الحكومة وتوضيح الرؤية مشروعَة لكنها اليوم تخفي وراءها مطالب أخرى، فكلهم تجمعوا لمصلحة واحدة وهي إعادة ترتيب المشهد”.
وأوضح أن “من له وزن على الساحة السياسية بات يخاف من فقدان ذلك خاصة ممن كانوا يتصدرون نوايا التصويت قبل 25 يوليو، ومن ليس له وزن فقد أراد أن يستغل الوضع حتى يكون في الصدارة وبالتالي فإن المساندة كانت مشروطة وإن الكل تجمعوا لتقاسم النفوذ”.
فيما رأى العليبي أن “بعض تلك الأحزاب أعربت عن دعمها على أمل مجازاتها بمناصب، وعندما لم تحصل ذلك غيرت موقفها على ذلك يؤدي الى تراجعه في التعامل معها ولكن قيس سعيد لا يصغي لتلك الضغوط فهو يعول على علاقة مباشرة بالشعب”.

الشارع التونسي
وفيما يتعلق بمساندة الشارع التونسي لقرارات سعيد، أوضح بريّك أن “الشعب يريد أن تكون هناك خارطة طريق واضحة يريد أن يعرف جيدا ما إذا كانت المرحلة تقتضي تعديل دستور أم لا، وإن كانت هناك انتخابات فمتى ستكون”.
فيما رأى العليبي أن “الشارع التونسي يقف في غالبيته مع الرئيس وهذا ما كشفت عنه مؤسسات سبر الآراء، وذلك يشير إلى الحديث عن حيرة وتغير موقف الشارع وغموض إنما هي من قبيل التشخيص الخاطئ للوضع السياسي في تونس”.

(الأناضول)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابوعمر:

    راح المسكين في شربة مية…

إشترك في قائمتنا البريدية