رام الله- عوض الرجوب:
في 6 ديسمبر/ كانون ثاني 2017، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مدينة القدس عاصمة لإسرائيل، والمباشرة بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة الفلسطينية المحتلة.
وجاء في نص الإعلان: “عام 1995، تبنى الكونغرس قانونا يحث الحكومة الفيدرالية على نقل السفارة الأمريكية (من تل أبيب) إلى القدس، والاعتراف بأن تلك المدينة ذات الأهمية الكبيرة، هي عاصمة إسرائيل”.
وأضاف: “مرّر الكونغرس هذا القانون بأغلبية ساحقة من الحزبين (الجمهوري والديمقراطي)، وأعيد تأكيده بالإجماع من قبل مجلس الشيوخ قبل 6 أشهر فقط، لذا، قررت أنه حان الوقت للاعتراف رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل”.
وفي 18 مايو/ أيار 2018، قام ترامب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وذلك بالتزامن مع الذكرى التي تحتفل فيها إسرائيل باستقلالها المزعوم.
في المقابل، أعلنت السلطة الفلسطينية قطع اتصالاتها مع إدارة ترامب، واستمرت القطيعة حتى اليوم.
لم يكن قرار الاعتراف هو الوحيد لإدارة ترامب بحق القدس، بل تبعته قرارات أخرى، ولحقت به دول عربية أعلنت التطبيع مع إسرائيل واعترافها بخطة ترامب أو ما عرفت “صفقة القرن” التي تعتبر القدس عاصمة لإسرائيل.
ففي 7 سبتمبر/ أيلول 2018 أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية حجبها 25 مليون دولار، كان من المقرر أن تقدمها مساعدة للمستشفيات الفلسطينية في القدس، وعددها 6 مستشفيات.
وفي 30 يونيو/ حزيران 2019، شارك السفير الأمريكي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، الذي يعتبره الكثير من الفلسطينيين أحد ممولي الاستيطان الإسرائيلي، في حفريات تحت الأرض في حي سلوان الفلسطيني في القدس الشرقية، مفتتحا نفقا في البلدة القديمة أسفل بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى.
وفي يناير/ كانون ثاني الماضي أعلن ترامب خطته المعروفة بـ”صفقة القرن” وتنص على تجنب التقسيم المادي للقدس وأن تظل عاصمة لدولة إسرائيل، وأن تبقى السفارة الأمريكية فيها.
كما نصت الخطة على إخضاع جميع الأماكن المقدسة في القدس لنفس أنظمة الحكم الموجودة اليوم مع تقسيم المسجد الأقصى وجعله مفتوحا “للمصلين المسالمين والسياح من جميع الديانات”.
وأعلن الرئيس محمود عباس، مرارا، رفض الفلسطينيين لـ”صفقة القرن”، لأنها تُخرج القدس واللاجئين والحدود من طاولة المفاوضات.
وفي 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، سمحت واشنطن لمواليد القدس من الأمريكيين، بتسجيل إسرائيل مكانا للميلاد، وهي خطوة يراها الفلسطينيون تكريسا لاعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة مزعومة لدولة الاحتلال.
ماذا بعد فوز بايدن؟
في أبريل/ نيسان الماضي تعهد المرشح الديمقراطي الفائز بالرئاسة الأمريكية جو بايدن بإبقاء السفارة الأمريكية في القدس.
وقال إن السفارة الأمريكية في إسرائيل “ما كان ينبغي أن تُنقل من مكانها قبل التوصّل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط (..) أما وقد حصل ذلك فأنا لن أعيد السفارة إلى تل أبيب”.
كما وعد في الوقت نفسه، بإعادة فتح قنصلية أمريكية في القدس الشرقية (لتقديم الخدمات للفلسطينيين)، وبذل جهود لإبقاء حل الدولتين قابلا للتطبيق.
اتفاقيات التطبيع
خلت اتفاقيتا تطبيع العلاقات التي وقعتها إسرائيل مع دولتي الإمارات والبحرين، من أي إشارة إلى إقامة دولة فلسطينية أو أن تكون القدس الشرقية، عاصمة لفلسطين.
ويأخذ الفلسطينيون على اتفاقيتي الإمارات والبحرين مع إسرائيل، عدم الإشارة إلى الموقف العربي المعلن، بالتعهد بالعمل لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967.
وبحسب قرارات جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الاسلامي والأمم المتحدة، فإن القدس الشرقية، حيث يتواجد المسجد الأقصى، هي مدينة عربية فلسطينية محتلة، وجزء لا يتجزأ من الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967.
ويقول الدكتور جمال عمرو، المحاضر بجامعة بيرزيت، إن ترامب قاد في سنوات حكمه الأربع الماضية ضد فلسطين “معركة من شقين: معنوي بمسار التطبيع وإحباط الفلسطينيين، ومادي بمشاريع وقرارات على الأرض”.
وأضاف: “سفير أمريكا في القدس ديفيد فريدمان شارك بيديه في حفريات أسفل الأقصى (أواخر يونيو2019)، إلى جانب سارة زوجة (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو”.
وتابع: “مقابل تعظيم كل شيء يهودي، لا تضع الولايات المتحدة أي قيمة للمسلمين ومقدساتهم في القدس، بل ويستباح المسجد الأقصى”.
وقال عمرو إن “اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي المسمى بالاتفاق الإبراهيمي، حصر المسجد الأقصى بـ2% فقط من مساحته الكلية وهي المصلى القبلي”.
وفي منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، وقّعت الإمارات والبحرين اتفاقيتي التطبيع مع إسرائيل في البيت الأبيض، برعاية الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، متجاهلتين حالة الغضب في الأوساط الشعبية العربية.
وأشار عمرو إلى أن “من أخطر ما في اتفاقيات التطبيع المشاريع الهائلة على القدس، ومنها تجديد الإمارات للحواجز العسكرية لتصبح معابر دولية، وإلغاء فكرة وجود عاصمة فلسطينية شرقي القدس”.
وفي 22 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الأربعاء، عن بالغ قلقه إزاء خطط تل أبيب وأبو ظبي لإنشاء صندوق استثماري سيمكن من “تحديث” نقاط التفتيش العسكرية (الحواجز) التي تقيمها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويحيط بشرقي القدس عدد من الحواجز العسكرية الإسرائيلية ولا يسمح لسكان أراضي السلطة الفلسطينية بدخولها إلا في حالات خاصة وبموجب تصاريح تصدرها سلطات الاحتلال.
وقال الدكتور جمال عمرو إن “موضوع الوصاية الأردنية (على المقدسات) بات في خطر شديد”، مشيرا إلى وجود “عملية مساومة وابتزاز خطير للأردنيين للتخلي عن الوصاية، مقابل المال”.
ويحتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس، بموجب اتفاقية وادي عربة للسلام، التي وقعها مع إسرائيل في 1994.
كما وقّع الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مارس/ آذار 2013، اتفاقية تعطي الأردن حق “الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات” في فلسطين.
يهودية القدس
من جهته، يقول الخبير في القانون الدولي حنا عيسى، إن إعلان القدس عاصمة لإسرائيل “جزء من رزمة قرارات وإجراءات شهدها عهد ترامب في القدس”.
وقال إن “اعتبار القدس يهودية، بما ينفي الوجود المسيحي والإسلامي، أخطر بكثير من قرار نقل السفارة الأمريكية”.
وذكر أن قرار الإدارة الأمريكية بإمكانية تسجيل مواليد القدس على أنهم مواليد إسرائيل “فيه اعتداء على مكان المدينة القانونية والدولية”.
وتابع أن العرب “لا يساندون الوصاية الهاشمية لملك الأردن على الأقصى والمقدسات”، بل هناك مؤشرات “على المساس بهذه الوصاية وبعض الدول العربية (لم يسمها) تحاول لأن تعلب دورا في القدس”.
ومطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، أُعلن عن تأسيس صندوق “أبراهام” للتنمية، بشراكة إماراتية إسرائيلية، ومقره القدس، لتنفيذ استثمارات في مجالات تنموية متعددة.
وفي 17 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، قالت حركة حماس إنها تنظر “بخطورة” لـ “الدور الإماراتي المشبوه في دعم المستوطنين في القدس والضفة الغربية”.
جاء ذلك بعد نشر شركة الاتحاد للطيران الإماراتية المملوكة بالكامل للحكومة الإماراتية، إعلانا عن رحلات تعتزم تسييرها في مارس/ آذار القادم إلى إسرائيل، تضمن صورة “الهيكل الثاني” اليهودي، وأحد الأزقة بالقدس القديمة المحتلة، باعتبارهما من المعالم الإسرائيلية، قبل أن تقوم الشركة بحذفه لاحقا.
(الأناضول)
وماذا فعل الفلسطينيون خلال هذه السنوات الثلاث ؟