لم يستسلم جون كيري لحالة الجو الشديدة والتقى في نهاية الاسبوع الاخير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. لكن يوجد في محيطه القريب من يُشبه الخطة الامنية التي يحاول بها اقناع الطرفين، برجل الثلج. فهو يبدو من بعيد بواسطة الجزرة في وسط وجهه مثل انسان لكنه يذوب ببساطة في الايام التالية. إن محاولة عرض ذلك على أنه ‘أفكار’ الجنرال ألين، وليس خطة أمنية يعرضها الامريكيون على الطرفين، قد فشلت. فالجانب الاسرائيلي يرى أن الاقتراح أساس للتباحث ينبغي أن تُعدل فيه سلسلة اشياء طويلة، أما الجانب الفلسطيني فيراه خطة اسرائيلية في رداء امريكي، تثير أفكارا لا يستطيع أي زعيم فلسطيني التسليم بها. ولا يريد أحد أن يمس الامريكيين وسيحاول كل طرف أن يلقي على الطرف الآخر تهمة رفض الخطة، لكن الحديث كما يبدو عن خطأ قاتل للوساطة الامريكية. ‘ ليست المشكلة في الجانب الفلسطيني طلب أن تمكث قوة اسرائيلية كبيرة مدة عشر سنوات بعد توقيع الاتفاق في ارض الدولة الفلسطينية في غور الاردن فقط، بل أن هذه القوة بعد نهاية هذه الفترة ستترك المنطقة فقط اذا ثبت الفلسطينيون لامتحان التنفيذ؛ ولما لم يُقل من الذي يحدد هل نجح الفلسطينيون في مهمتهم فمن الواضح لهم أن الحديث عن أن عمل الحَكَم سيُمنح لاسرائيل. وتستطيع القوة الاسرائيلية أن تمكث في فلسطين الى الأبد اذا لم تُظهر اسرائيل الرضا عن الأداء الفلسطيني. وليس الجانب الاسرائيلي سعيدا لأن الخطة تتحدث عن مكوث جهة عسكرية متعددة الجنسيات في فلسطين، برغم أن الحديث عن أن دورها كله سينحصر في اعداد قوات الامن الفلسطينية، وهو ليس راضيا ايضا عن تحديد بقاء الجيش الاسرائيلي في غور الاردن عشر سنوات خشية أن يوجد بعد انتهاء هذه الفترة ضغط دولي ثقيل لاخراج الجنود من المنطقة. لم ينجح كيري في اقناع الفلسطينيين بقبول اقتراح توحيد اجراءي الافراج عن السجناء وتأجيله الى موعد كان يفترض أن يتم فيه الافراج الاخير. فهم يعتقدون أن الحديث عن نية اشتراط الافراج عن المجموعتين (يوجد في المجموعة الاخيرة فلسطينيون من سكان اسرائيل) بالتوقيع على اتفاق الاطار، في حين يرون أن الافراج عن السجناء هو عوض عن عودتهم الى طاولة التفاوض من غير تجميد البناء في المناطق، وليس هو عوضا عن التوقيع على اتفاق مع اسرائيل. وقد تراجع كيري عن الفكرة آخر الامر. لكن كانت ذروة التوتر بين كيري وعباس حينما قال وزير الخارجية الامريكي للرئيس الفلسطيني في نهاية الحديث بينهما إن نتنياهو ينوي أن يبني ألفي وحدة سكنية اخرى بدل الشقق التي جُمد بناؤها في 2010. وابتسم عباس في البدء وظن أن الحديث عن فكاهة غير ناجحة، لكن حينما فهم أن كيري ينقل رسالة جدية قال إن هذا قلب تام للطاولة. ماذا يكون الآن؟ ينهي كيري جولته الحادية عشرة تاركا خلفه طرفين يبتعد بعضهما عن بعض. ولأنه لا يوجد أمل في التوصل الى اتفاق دائم مفصل بين الطرفين حتى الربيع القريب، يجب عليه أن يبت الأمر بين الاكتفاء بـ ‘اتفاق اطار’ يعالج جميع القضايا في مستوى مبدئي ولا يتناول التفاصيل من نوع خطة ألين الامنية، وبين مسار تدريجي نحو اتفاق دائم تكون خطة ألين فيه تسوية مؤقتة، الى جانب دولة فلسطينية في حدود مؤقتة.