يدعى حسين، وهو ابن 30. حاصل على الشهادة الشجامعية الاولى في التاريخ وفي العبرية. وهو أعزب، ولكن قريبا، مسألة بضعة ايام، سيتزوج من ليلى، ابنة عمة بعيدة، بعد مغازلات هاتفية لا تنقطع. حسين لا يعمل. وهو يخطط، في اللحظة التي تتاح له لان يعلم قليلا في مدرسة في مدينة مولده جنين. حاليا يقرأ. يقرأ كثيرا. يتعلم عن العالم، عن الشرق الاوسط، قليلا عن اوروبا، كثيرا عن امريكا الشمالية. وهو سيزورها، كما أقسم غير مرة، سيطير فورا ما أن يتحرر. منذ 14 سنة وهو يحلم بامريكا الشمالية في غرفة غير مهواة في سجن عوفر. قبل 14 سنة، في صباح شمسي من تشرين الثاني الجاف (المجمون حذروا من الجفاف ولكن المتوسط السنوي تحطم في كانون الثاني)، صعد حسين الى الباص وطعن جنديا في نومه. وقد توفي الجندي متأثرا بجراحه. وامسك بحسين وارسل الى السجن المؤبد. مرت 14 سنة. ولم يتبقَ من الجندي غير صورة باهتة في أرشق الصحيفة، تقرير موجز عن الجنازة وابوين كبيري السن، تعبين من أن يغضبا. حسين بالذات نضج. وقد فهم أنه اخطأ، وانه سار في عاصفة نفسية نحو دوامة عنف لا يتحكم بها أحد. ولد من جنين، يصف نفسه ويشرح ان كفى، العنف لم يؤدِ بالشعب الفلسطيني الى اي مكان، كفى سفك دماء. يجب التقدم، يقول، لانشاء عائلة، لنيل الرزق، للمغفرة، لصنع السلام. ‘ بعد يومين سيخرج حسين من بوابات سجن عوفر. رئيس الوزراء، السياسي المحنك، رجل اليمين بمعنى، هكذا يعتبر اتفق على اربع نبضات. 104 مخربين، معظمهم قتلة متقاعدين. مع انه في الماضي كتب، خطب، حذر بحماسة المعارض الجارف من الخطر في تحرير المخربين، ما بالك مع دم على الايدي، من حقنة التنشيط للارهاب، من الاستسلام المخجل. وها هو، رئيس الوزراء نضج. فهو على كرسيه منذ زمن طويل، والامور التي ترى من الكرسي، اي من هناك، لا ترى من هنا. ‘ عمليا، اكثر مما نضج، رئيس الوزراء الخائف. الامريكيون يضغطون، الفلسطينيون يهددون، في اوروبا يحيكون له تنديدات بـ 14 صيغة مختلفة. صعب عليه. صعب عليه مع الخوف، مع الضغط، مع هؤلاء الاهالي، الشائخين، الذين يقفون مرة اخرى امام بوابات ديوان رئيس الوزراء مع الصورة، الاسم، العمر ووصف العملية. سنحرر بسرعة، يفكر، من الافضل في الفجر. في غضون يومين الامر سيهدأ. سيتحدثون عن الميزانية فجأة. عن اسعار القهوة. على مسافة بضع كيلو مترات من هناك، قلب حسين، يهدد بالانفجار من الانفعال. بعد يومين سيلتقي الجميع. العائلة، ليلى، سينثرون عليه الارز والسكاكر، هكذا يتخيل، سيرفعوه على الاكتاف. احد ما سيطلق عيارات فرح في الهواء. سيكون فرح. 14 سنة وهو ينتظر ذلك، يعد كل يوم، كل ساعة، منذ ذاك الصباح في 2013، صباح شمسي من تشرين الثاني الجاف.