بيروت-“القدس العربي”:أبدى الباحث الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة خوفه من الصراع السياسيّ بين الولايات المُتحدة الأمريكية وإيران والذي قد يُلقي بظلاله على لبنان وعلى مؤتمر “سيدر” واستبعد في حديث لـ”القدس العربي” أن تكون أموال سيدر مضمونة، ورأى أنّ وقع تخفيض التصنيف الائتماني لن يكون كبيراً على الأسواق.
وعن الحذر من التصنيف المرتقب لـ “ستاندارد آند بورز” وكيفية استرداد ثقة المؤسسات الدوليّة ووكالات التصنيف في لبنان قال: “لقد أصبح من شبه الأكيد أن وكالة التصنيف الإئتماني ستاندارد آند بورز ستُخفّض تصنيف لبنان الإئتماني نظرًا لعدّة عوامل على رأسها التخبّط السياسي، وما شهدته الحكومة من تعطيل لمدة أربعين يومًا نتيجة لحادثة قبرشمون، وأيضًا الوضع المالي المُتردّي وغياب السياسات الاقتصادية لتحفيز النمو وغيرها من العوامل. لكن هذا التخفيض المُنتظر، لن يكون وقعه كبيرًا على الأسواق نظرا إلى أنها استوعبت هذا التخفيض كما أثبته تقرير غولدمان ساكس الذي قال إن سندات الخزينة اللبنانية مُقوّمة بأقلّ من أسعارها الحقيقية، إلا أن التداعيات ستُطّرح أكثر في العام 2020 مع ارتفاع كلفة الاستدانة للدوّلة اللبنانية وبالتالي زيادة خدمة الدين العام ومعها عجز الموازنة. أمّا في ما يخص المصارف اللبنانية فإن التداعيات على رأسمالها ستكون محدودة نظرًا إلى أنها مُرسّملة أكثر من متطلبات بازل 3 وبالتالي التداعيات عليها ستكون في الاقتراض المُستقبلي فقط”.
وعن إعلان حالة طوارئ اقتصادية رأى عجاقة أنّه كان يجب أن يتم منذ بدء الأزمة المالية، وبالتالي هذا الأمر هو بمثابة إجراء كان يجب القيام به، إلا أن الحكومات المُتعاقبة للأسف لم تقرأ جيدًا المُستقبل المالي للبنان. الآن ومن خلال التصريحات، يظهر أن كل الأفرقاء يعون حجم الخطورة التي تحيق بمالية الدوّلة، لذا لنأمل أن لا تعطيل في المُستقبل لمجلس الوزراء وأن تعمد الحكومة إلى القيام بإجراءات جذرية لمحاربة الفساد الذي يضمن الخروج من هذه الأزمة.
في الواقع، محاربة الفساد وحدها كفيلة باستعادة ثقة الوكالات الدوّلية والأهم الأسواق المالية التي فقدت الثقة بالحكومات اللبنانية نظرًا إلى تخلّفها عن تطبيق إلتزاماتها من باريس 1 سيدر مرورا بباريس 2 ومؤتمر ستوكهولم وباريس 3″.
وهل تحقّق الانتظام المالي بعد إقرار الموازنة في مجلس النواب؟ أكد البروفسور عجاقة “أنّ الكرة الآن هي في ملعب الحكومة التي من المفروض عليها تطبيق موازنة 2019 بحذافيرها تحت طائلة فقدان ثقة الأسواق بها بالكامل. وهنا يتوجّب القول إنّ الإنتظام المالي هو عبارة اقتصادية لها معنى مُغاير لاستخدامها في اللغة السياسية. فالانتظام المالي لا يُمكن أن يتمّ إلا إذا كان فائض الميزان الأوّلي أعلى من قيمة خدمة الدين العام وهذا ما ركّز عليه تقرير صندوق النقد الدوّلي الأخير. لذا القول إن إقرار الموازنة وحده يُؤمّن الانتظام المالي هو خارج السياق ويدلّ على أن لا معلومات اقتصادية لدى قائله”.
وعما يضمن الالتزام بنسبة العجز المقدّرة؟ أوضح “انّ هناك احتمالات أن تلتزم الدوّلة بالعجز المُتوقّع في الموازنة نظرًا إلى أنها توقّفت عن دفع المُستحقات للموردين وأجّلت المشاريع الاستثمارية، وبالتالي لا تدفع الدوّلة حاليًا إلا مستحقاتها الخارجية، خدمة الدين العام والأجور. وبالتالي نعم هناك حظوظ مُرتفعة للالتزام بهذا العجز. إلا أن هذا لا يعني أن لبنان خرج من الأزمة، لأن عدم دفع المُستحقات يعني أن مُشكلة العجز ستظّهر في موازنة العام المقبل وبالتالي فإن الدوّلة لا تقوم بإجراءات صحيحة بل هي إجراءات مؤقّتة لتفادي المحظور”.
وهل يمكن الافتراض أنْ القيّمين على مؤتمر “سيدر” راضون وأن أموال سيدر أصبحت مضمونة؟ أجاب “أنّ القيمّين على مؤتمر سيدر ليسوا راضين عن مسار الأمور، لأن الإصلاحات الموعودة لم تتمّ، حتى أنّ ملف الكهرباء ما زال في حال غموض ولا نعرف إذا ما سيتم الالتزام بالخطة الموضوعة أو لا. في اعتقادنا أنّ القيمين على مؤتمر سيدر أعطوا الحكومة فترة سماح قبل أن يتمّ أخذ إجراءات”.
واستبعد عجاقة أن تكون أموال سيدر مضمونة قائلاً “لا نعتقد أن أموال سيدر مضمونة نظرًا إلى أن هناك عدداً من الإجراءات التي يجب القيام بها وعلى رأسها تقديم المشاريع. وهذا الأمر لم يحصل حتى الساعة بحكم غياب الحكومة. إلا أن الخطر الأكبر يبقى من باب الصراع السياسي بين الولايات المُتحدة الأمريكية وإيران والذي قد يُلقي بظلاله على لبنان وعلى مؤتمر سيدر”.