أنطاكيا- “القدس العربي”: الرحلة نحو أوروبا شاقة وطويلة ومكلفة، وتعتبر الحدود اليونانية- التركية هي الخطوة الأصعب والأخطر في طريق الهجرة الطويل.
“القدس العربي” التقت أحد الشبان السوريين الذين حاولوا العبور نحو اليونان. أمجد (24 عاماً) من محافظة الرقة السورية، روى لنا تفاصيل محاولته الفاشلة للوصول إلى أوروبا، ويقول: ” فشلت أولى محاولتي منذ يومين، لقد دخلت الأراضي التركية منذ حوالي شهر، كنتُ قبلها أقيم في دمشق، انتهت فترة تأجيلي الدراسية عن الخدمة العسكرية فسافرت نحو ديرالزور، وعبرت بمساعدة مهربين إلى أن وصلت لمناطق سيطرة (قسد) ثم مناطق المعارضة شمالاً في رأس العين، ثم بعد معاناة وصلتُ إلى تركيا، كان طريقاً شاقاً، كانت رحلتي تلك في كفة والطريق نحو اليونان في كفة أخرى”.
يروي أمجد تفاصيل رحلته بعد تجاوز الحدود التركية نحو اليونان، حيث نهر إيفروس الذي يفصل بين البلدين. ويقول: “في طريقنا نحو نهر إيفروس، كانت جموع المهاجرين بالعشرات يختبئون بين الأحراش على جانبي النهر، هم من جنسيات شتى، منهم عراقيون وسوريون ومصريون ومغاربة وأفغان وباكستانيون وأفارقة، منهم من سيعبر وحده في مجموعات تتحرك بواسطة “GPS” ومنهم من يرافقهم مهربون، عبرنا إيفروس مع مجموعتنا المكونة من 60 شخصاً أغلبهم سوريون عبر قارب مطاطي، كان يرافقنا مهربان. لفتني منظر شاب صغير لم يتجاوز العشرين من العمر، كان يبكي على ضفة النهر في الأراضي اليونانية، وبحسب ما فهمت من بعض الأشخاص، أن شقيقه الأكبر حاول عبور النهر سباحةً فغرق وسحبه التيار، حيث يلجأ العشرات من الشباب ممن يجيدون السباحة لعبور النهر بهذه الطريقة من أجل توفير مبلغ 100 يورو، وهي أجرة عبور النهر عبر القارب، لكن للأسف لم يكترث أحد لصرخات ذلك الشاب، الكل كان مشغولاً بنفسه”.
رحلة أمجد ورفاقه تواصلت لسبعة أيام داخل الأراضي اليونانية، واجه فيها مشاهد صادمة، إذ يقول: “في اليوم الرابع وأثناء سيرنا في منطقة أحراش، صادفتنا رائحة قوية، كانت كريهة جداً كلما تقدمنا كانت تزداد حدتها، فجأة صرخ أحد الأشخاص الذين كانوا معنا منادياً: تعالوا شوفوا.. كان يضع يدهُ على أنفه بسبب الرائحة القوية، حينها كانت الصدمة عندما رأينا جثث ثلاثة سيدات وسط أحد الأحراش، مضى على وفاتهن أيام وبدأت جثثهن بالتفسخ، كن محجبات وأغراضهن معهن، ربما تعرضن للسطو، حيث سمعت أن الطريق يعج بالعصابات والمافيات، اقترح أحد الشباب أن ندفن الجثث، لكن المهرب منعنا قائلا: سيعثر عليهن الكوماندوس (حرس الحدود) قريباً وسيعرفون هوياتهن، إن تم دفنهن قد يكون لهن عائلات لن تعرف مصيرهن، اتركوهن وتابعوا، بالفعل واصلنا المسير وتركناهن خلفنا”.
يستذكر أمجد مشهدا آخر لرجل عجوز مصاب في قدمه ولا يقوى على الحراك، “كنا نمشي ليلا وننام نهاراً، في اليوم السادس، وعند مرورنا بإحدى الغابات باحثين عن مكان للراحة صباحاً، وصل لمسامعنا صوت أنين، نهض شابان من ديرالزور للبحث عن مصدر الصوت، عثرا على مهاجر سوري الجنسية في الستينات من العمر، يرافقه ابنه، لقد كُسرت رجلهُ منذ أربعة أيام أثناء سيره، تركتهُ مجموعته التي كانت معه في الغابة مع ابنه ذي الخمسة عشر عاماً، كانت قدمه متورمة جداً ويبدو أنها التهبت، وهناك مؤشر على أنها (غرغرينا) حسبما قال أحد الشباب الذين يرافقوننا وكان ممرضاً من مصر، تركنا عندهم بعض الطعام والماء، ضمّد الشاب المصري قدم الرجل، أما المهرب فقد أخبرهُ أنه سوف يبلغ الشرطة اليونانية عن مكانه لإسعافه وإنقاذ حياته، لكن بعد أن نبتعد عن موقعه، كان المنظر قاسياً جداً ومرعباً”.
لكن رحلة الشاب أمجد لم تصل لهدفها، وفي اليوم السابع وقبيل الوصول لموقع تأتي فيه السيارات لأخذ اللاجئين، فوجئ أمجد ورفاقه بكمين ضخم للشرطة اليونانية، حاولوا الهروب، لكن الكلاب البوليسية حاصرتهم، وكان الشبان منهكين وخائري القوى، “أمسكوا بنا بسهولة وانهالو علينا بالضرب” يقول أمجد، ويواصل: “نقلونا بسيارات نحو مخفر قريب من الحدود مع تركيا كان يعج بالأفغان والسوريين والعراقيين والمغاربة، تمت تعريتنا من ملابسنا وأخذوا جميع مقتنياتنا، حطموا الموبايلات، وبعض الشباب تمت تعريتهم من ملابسهم بشكل نهائي، وأخذوا اموالنا، كنّا حفاة عراة، ثم طلبوا منا العودة لتركيا، عدنا ومشينا طويلا، تورمت أقدامنا من المشي، كانت المسافة حوالي 10 كم، مشيناها حفاة الأقدام، بعض الرجال بدأوا بالبكاء من شدة الألم، تورمت قدماي وبدأت الدماء تسيل منها، وصلنا نهر إيفروس مجددا، كان أمامنا دورية للكوماندوس اليوناني، باشروا بضربنا وشتمنا باللغة الإنكليزية، وطلبوا منا السباحة نحو تركيا، كان التيار سريعا جدا، بعض الأشخاص كبار في السن لم يكونوا يجيدون السباحة، دفعوهم بالنهر عنوة وقالوا لهم “سويم” اسبحوا، قام بعض الشباب بمساعدة من لا يعرف السباحة حتى وصلنا للأراضي التركية، هناك وجدنا بعض الشباب السوريين الذين يستعدوت لعبور نهر إيفروس، وأنا كذلك سأظل أحاول العبور حتى أصل لألمانيا، لا يمكنني العودة لجحيم سوريا أو البقاء في تركيا”.
تكلّف رحلة الوصول نحو دول مثل النمسا وألمانيا حوالي 11 ألف يورو تقريباً عبر شبكات التهريب، فيما يلجأ بعض الأشخاص للعبور نحو أوروبا مشياً على الأقدام، بعضهم يحالفه الحظ بتكلفة قليلة لاتتجاوز 2000 يورو، لكنها رحلة طويلة شاقة.
“عصام” وهو أحد العاملين بالتهريب، أو من يسمونهم بــ”الريبريه”، يقول لـ”القدس العربي” إن الطريق كله يعتمد على الحظ والتوفيق، وإن بعض الناس ينجحون بالعبور والبعض الآخر يفشل، لأن الأمر يحتاج لعزيمة كبيرة وللمال طبعاً. ويعتبر المهرب عصام أن الاتراك متساهلون بعمليات التهريب، “هم لايعترضون أبداً ولا يمنعون أحداً يود المغادرة نحو اليونان، لكن الخطر يكمن في الأراضي اليونانية، أحيانا تصل الأمور حد القتل، وفي كل مرة يمسكون بمهاجرين يقومون برميهم في النهر غير مكترثين بهم إن كانوا يعرفون السباحة أو لا، إنهم عنيفون جداً، وأحيانا يغرق بعض الشباب ويموتون”.
وخلال الشهور القليلة الماضية تم توثيق فقدان وغرق حوالي 23 سورياً في محاولتهم للعبور نحو اليونان، آخرهم الشاب باسل العودة من أبناء بلدة “خربة عمو” بريف القامشلي السورية، حيث غرق في نهر “إيفروس” بعد أن قام عناصر من الكوماندوس اليوناني برميه في النهر في 20 أغسطس/ آب الجاري بحسب ما قال موقع “ديرالزور الآن”، سبقه بعدة أيام الشاب محمد أحمد المحمد العلي، من أبناء الرقة بنفس الطريقة في 5 يوليو المنصرم.
يتعرض المهاجرون لانتهاكات كثيرة تصل للموت على يد حرس الحدود اليوناني، حيث نشرت الصحافة التركية (SON DAKIKA) يوم 23 أغسطس/ آب الجاري، عن فتح النار من بنادق حراس الحدود اليوناني على لاجئيْن باكستانيين، حاولا عبور نهر “إيفروس”، لكن الصحافة اليونانية وعبر موقع (vimaorthodoxias) كذبت الخبر وما نشر في الاعلام التركي، وقالت: “نحن لا نطلق الأعيرة النارية الحية على اللاجئين”، في إشارة ربما لما يفعله حرس الحدود التركي شمالي سوريا، والمتهم بقتل المئات من طالبي اللجوء السوريين الذين يحاولون عبور الحدود السورية نحو تركيا.
يعني بشرفك من هو المسؤول عن هذه الداراما البشرية..كيف تتوقف ومتى تنتهى.. شباب بعمر الزهور..نساء ورجال وشيوخ..تحلم بالوصول إلى بر الأمان.الجنة أمست بعيدة عن التفكير..لكون المرء حينما يتعذب على الأرض يحلم بلقمة الخبز والأمان ومستقبل الأطفال.
ماالسبيل….كل شئ في حكم المجهول.
هذا درس لكل شخص يترك بلده
صدقت،شباب مغرر بهم.
درس لمن يترك بلده ومافائدة بلده وكرامته مهدورة وطعامه مسروق وماله منهوب
لو كان عند هؤلاء بعض افيمان بأن الله رازقهم حيث كانوا على وجه البسيطة لما تجشموا عناء الوصول المميت إلى أوروبا. وعندما يصلون تبدأ المعاناة ولا تنتهي. هناك مثل إنكليزي يقول: “الناس دوماً تعتقد أن العشب أكثر إخضراراً على الضفة الأخرى من النهر” ولكن عبور هذا النهر دونه خرط القتاد أو فقدان الحياة. وهذا لعمري تفكير قاصر وشاذن لو بقوا في تركيا حيث هم كان رزقهم سيأتي لهم لا محالة ولكن الإنسان طُبع على الأمل والطموح والطمع.
عشرة الاف اورو مقابل مغامرة ليست محسومة العواقب اضن انه بامكانه استثمار هذا المبلغ في بلده
و كأنك لم تسمع بالمجازر الجماعية التي يرتكبها النظام في سوريا ولا بالبراميل المتفجرة و لا بالإعتقالات العشوائية ثم تعلق على الموضوع
سعد بن معاذ، تعددت الأسباب والأشكال والموت واحد، نعم إن الاغتصاب شيء مروع ويترك جروحا وندبا مدى الحياة، ولكن الموت في الوطن وأن تدفن على أرضه ليس كما تموت غريبا في قيعان المحيطات وغابات أوروبا! رحم الله الموتى ورزق أهلهم الصبر والسلوان.
الشعب السوري يعاني البؤس في سعيه للهروب من الجحيم إلى الجحيم ، و الأسد مازال يسرح و يمرح و يتمتع بلقب فخامة الرئيس
الله يرحمهم
ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب! عشت في المانيا ٢٢ عام دراسة زواج عمل وتركتها بدون رجعة وبدون ندم! من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلاما! هناك أناس يصدقون أن هناك كرم وجود بدون مقابل ومذلة وهوان!
يا رب يارب يارب كن مع السوريين يارب والله مقال يدمي القلوب
ياالله شو صار فينا
الله يرحم السوريين
كل من يعيب على هؤلاء ما قامو به ادعو الله ان يذيقهم نفس الظروف وان يتذكرو نصائحهم لهؤلاء البائسين
لا أحد يشمت بمصابهم، فلا داعي للتجني والظعاء بالشر على ناصح أمين، وإنما يوعظ من يغامر ويسلم روحه للمهربين!
أين لجان حقوق الإنسان من شهادات اللاجئين الذين تعرضوا للعنف والقتل على حدود الإتحاد الأوروبي في اليونان؟
أين الصحافة الحرة؟ ولا حول ولا قوة الا بالله