جثّة شاسعة

حجم الخط
3

لا أتذكّرُ ما فعلت بي الحروبُ القديمةُ
أذكرُ أنّ حربًا استبدلت قلبي بحجرٍ
وحربًا قضمت أصابعي
قبلَ أن تجعلَ ناياتي قطعَ غيارٍ لأسلحتِها
وأخرى ملأت فمي رصاصًا مُذابًا
وعينيَّ بياضًا حارقًا
وأذني شعاراتٍ نيِّـئة.
* * *
لم أمتْ بعدُ كما تعلمين..
ثمّةَ من هم جديرون باهتمام الموتِ أكثرَ مني:
بيتٌ يشبه رائحةَ الأمهاتِ
حديقةٌ بكاملِ عصافيرها
وناسٌ مطمئنون إلى عدالةِ الله.
* * *
كانت الحربُ مختلفةً تمامًا هذه المرةِ
لم تلسعْ كفي بنارِها
بل اجتثت ذراعي ورمتها في النار
لم تمسحْ بكفها الخشنة وجهي
بل ضربتني بـ«المَهّدَّةِ»
لم تصرخْ بي لأبتعدَ عن طريقها
بل جعلت دباباتها تحرثُ صدري
لم تترك خلفها جرحًا هنا أو خرابًا هناك
بل تركت عتمةً دامسةً وجثَّـةً هائلة.
* * *
– من أين تأتي الحرب؟
– من حيث تأتي الصدفةُ
– وإلى أينَ تذهبُ؟
– إلى حيثُ ثمّةَ ناسٌ كالكرنفالات، يغنون ويعشقون، ولا يتأخرون عن الموت ومواعيده
– وأنتِ.. أينكِ؟
– أبحثُ عن ناس كالكرنفالاتِ، لأغني لهم.
* * *
العالمُ يتأمَّـلُ غيابَـكِ.. ويتحطم.

٭ شاعر من عمّان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عزالدين الماعزي:

    جميل

  2. يقول سعيد أصيل:

    جميل، الشاعر نضال!….
    ستظل الحرب هي الحرب، بأشكالها وآثارها…
    لكن تمة حروب أخرى تقتل الإنسان فينا وتترك له جتثه يعيد تشويهها بالمساحيق المعروضة عليه بستى طرق التسويق التجاري والقيمي واللاأخلاقي…!
    تمة جرح سيظل ينزف….

  3. يقول محمد عبد الوهاب:

    رائع .. رائع نحن في السودان عانينا ليس من حرب واحدة بل عدة حروب. لم اطلع خلال أزمنة حروبنا على شعر تغلغل داخلي مثل ما فعلت قصيدة نضال.

إشترك في قائمتنا البريدية