الناصرة- “القدس العربي”:
تشهد القائمة العربية المشتركة في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) توترا وتجاذبات بعضها معلن على خلفية تباين في المواقف والرؤى والاجتهادات والسعي للنجومية الفردية وسط تردي شعبيتها في الشارع طبقا لاستطلاعات رأي متتالية ومعايير أخرى.
وقال النائب أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة في خطابه في الهيئة العامة للكنيست إن “قوتنا في القائمة المشتركة تكمن في وحدة نوابها وعملهم المهني ونشاطهم الدائم دون توقف، خاصةً في أزمة الكورونا يعملون من أجل مجتمعنا ويطورون كافة مجالات الحياة لكافة المواطنين”.
وذكر بعض نواب المشتركة وآخر فعالياتهم: “النائب يوسف جبارين منذ أن أخذ على عاتقه رئاسة لجنة حقوق الطفل قبل ثلاثة أشهر وهو يعمل على دعم نضالات الأطفال المستضعفين في ظل جائحة الكورونا، حيث يعمل بشكل دؤوب على إيجاد حلول للطلاب الذين لا يملكون الأدوات للتعلم عن بعد، هي واحدة من عدة قضايا يتابعها في اللجنة”. كما أشار عودة إلى أن النائب أحمد طيبي رئيس الكتلة، فقط قبل أيام حارب من أجل المعلمين والمعلمات العرب الذين يعانون من تمييز مستمر في توظيفهم وطالب بلجنة تحقيق برلمانية. حرصه على المعلمين والمعلمات يعكس روح القائمة المشتركة كافة”.
وتابع: “أقام النائب سامي أبو شحادة منتدى من أجل تقليل انتشار الأمراض الوراثية والتقليل من وفيات الأطفال العرب. والنائب إيمان خطيب ياسين رئيسة اللجنة الفرعية لتحسين المواصلات العامة في المجتمع العربي، أنا أعلم أنها ستقوم بعمل هام وجدّي من أجل تطوير المواصلات العامة لكافة المواطنين وبالأخص لتقليل الفجوات بين مستوى المواصلات العامة في المجتمع العام والمجتمع العربي”. كما قال عودة في خطابه إن فقط بالأمس تابع النائب سعيد الخرومي نشاطه المثابر في اللجنة الخاصة لتطوير المجتمع العربي في النقب.
وأضاف: “يوم أمس رأينا ثمار عملنا المشترك في تمديد الخطة الاقتصادية للمجتمع العربي 922 لاستمرار تمويل السلطات المحليّة العربيّة. أريد أن أبارك كل من عمل على هذا القرار على مدار أشهر عديدة أمام وزارة المساواة الاجتماعية ووزارة المالية، وأخص بالذكر اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، جمعيات المجتمع المدني ونواب القائمة المشتركة”.
جدل داخل المشتركة
كما قال أيمن عودة رئيس “المشتركة” إنه متأكد أن وحدة المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل ستثمر إنجازات عديدة أخرى مثل إيقاف هدم البيوت وتجميد قانون كامينتس، النضال ضد الجريمة والعنف وحتى الاعتراف بالقرى غير المعترف بها في النقب.
واختتم عودة خطابه قائلاً: “أنا أنظر إلى يميني ويساري وأرى كيف استطاع نتنياهو تفكيك كافة القوائم، كيف سلخ الراب بيرتس الى الائتلاف وكيف استطاع تفكيك “أزرق- أبيض” وميرتس وحزب العمل. في المعارضة بقيت قائمة واحدة فقط التي حافظت على وحدتها شامخة، وتقف أمامه مع قيم أخلاقية وديموقراطية وهي القائمة المشتركة، كلي فخر بوحدة المشتركة ونشاطها. سنبقى موحدين وصامدين مع مبادئنا وسنبقى أمامه لنطرح بديلا حقيقيا للسلام والمساواة للديمقراطية والعدل الاجتماعي”.
وجاءت تأكيدات أيمن عودة على تماسك ووحدة المشتركة بعد تعرضها لانتقادات واسعة من قبل جمهورها الذي يحتج على عملها الفرداني غير الجماعي والمعوز للخطة والرؤية وتغليب الوطني الجامع على الحسابات الحزبية والشخصية.
وشهدت القائمة المشتركة التي تجمع القومي والشيوعي والوطني والإسلامي في قائمة واحدة جدالات داخلية تسللت للإعلام بعضها معلن بلغ حد التراشق أحيانا على خلفية اختلاف وخلافات في وجهات نظر حول قضايا مختلفة مثل قانون “تقويم المثليين” وتغييب نصف نوابها عن تصويت على قانون لدعم الطلاب الجامعيين.
بالإضافة لذلك تشهد “المشتركة” نقاشا جديدا بعد مبادرة النائب منصور عباس رئيس كتلة الحركة الإسلامية داخل “المشتركة” لطرح خط براغماتي يرتأي التعامل مع حكومة نتنياهو مقابل تلبيتها مطالب هامة تتعلق بحقوق المواطنين العرب وهذا ما يثير احتجاج بقية زملائه فمنهم من يعارض الفكرة ويعتبرها انتهازية وغير أخلاقية ومنهم من يطالب بأن يكون الأداء جماعيا وبعد مناقشته داخليا.
من جهته يقول منصور عباس إنه لا يرى فارقا جوهريا بين اليمين واليسار الصهيونيين ولذلك فإن ما يوجهه هو احتمال وخيار تحقيق المطالب والحقوق المدنية الخاصة بالمجتمع العربي في البلاد.
ردا على سؤال “القدس العربي” قال النائب منصور عباس إنه مقتنع بطريقه البراغماتي لأن توجيه الشتائم لنتنياهو وحكومته ربما تكون عملية شعبوية لكنها عميقة وتبعد الحلول عن القضايا الملحة الحارقة مثل الانتشار الخطير للجريمة والعنف بالمجتمع العربي أو تحويل ميزانيات متساوية للحكم المحلي العربي، منوها أنه يكمل طريق رئيس الحركة الإسلامية الراحل عبد الله نمر درويش الذي أيد المشاركة في انتخابات البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) لاعتبارات براغماتية لأن فلسطينيي الداخل يقيمون “في بطن الحوت” وأن الأمور بخواتيمها ولابد من إبداء مواقف لينة وبراغماتية أكثر دون فقدان البوصلة والتنازل عن ثوابت أساسية.
الجبهة: لا يمكن تطبيع الاحتلال وسلب حقوق الشعب الفلسطيني
من جهتها ترى الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في بيان أعقب اجتماع مكتبها السياسي أمس أن تطبيع العلاقات بين حكومة إسرائيل وأنظمة عربية ليس “اتفاقيات سلام” بل هو جزء من “صفقة القرن” الأمريكية الرامية إلى تطبيع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة وتصفية الحقوق الوطنية والتاريخية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، مؤكدة أن هذه السياسة تخدم ترامب ونتنياهو والأنظمة الظلامية المتعطشة للسلاح وتشكّل خطرًا على شعوب المنطقة.
وقالت إن السلام الحقيقي، السلام الشامل والمستدام في المنطقة كلّها، أساسه إنهاء الاحتلال وتفكيك الاستيطان وقيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل على حدود الرابع من حزيران 1967 عاصمتها القدس الشرقية، والحل العادل لعودة اللاجئين حسب قرارات الأمم المتحدة. واعتبرت الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة أنّ هجمة نتنياهو وحكومته على حقوق الشعب الفلسطيني، هي الوجه الآخر لعملة الهجوم على الهامش الديمقراطي وعلى الطبقات المستضعفة التي تدفع ثمن أزمة كورونا الصحي والاقتصادي وثمن الفشل الحكومي المدوّي في إدارة الأزمة، موضحة أن نتنياهو وأعوانه وضعوا نصب أعينهم إعادة ترتيب الخريطة السياسية بما يتّسق ومصالحه القضائية والسياسية في ظل محاكمات الفساد.
حق لا منةّ
وقالت إن القائمة المشتركة، التي منعت نتنياهو من تحقيق مبتغاه في المعارك الانتخابية الأخيرة، ستواصل الإصرار على دورها السياسي لمقاومة سياسة نتنياهو. وتابعت في رد غير مباشر على توجهات منصور عباس: “إنّ مطلب الساعة هو الحفاظ على وحدة القائمة المشتركة – وهي وحدة تقوم في جوهرها على مفهوم وحدة نضال الجماهير العربية وكل القوى الديمقراطية في إسرائيل، ضد الاحتلال ومن أجل السلام، ضد التمييز ومن أجل المساواة، ضد الفاشية ومن أجل الديمقراطية، وضد الاستغلال ومن أجل العدالة الاجتماعية. إنّ أي محاولة لتشويه هذا الجوهر أو الشذوذ عنه، تحت أية ذريعة، تضرب القائمة المشتركة وتخدم نتنياهو”.
وطبقا للجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة فقد تجاوبت الخطة الاقتصادية الحكومية (خطة 922) جزئيًا مع مطالب مدنية هامة للسلطات المحلية العربية ولتطوير القرى والمدن العربية.
وتابعت: “إنه جزء من نضال الجماهير العربية الشامل والمتواصل والتراكمي من أجل المساواة الجوهرية التامة وغير المشروطة في جميع مناحي الحياة. إن القرار الأخير لتمديد الخطة هو ثمرة نضال مشترك برلماني وجماهيري ومهني قادته القائمة المشتركة واللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية. لقد أرست الجبهة معادلة المساواة في الحقوق القومية والمدنية للجماهير العربية، كما صاغت ثقافة نضال هذه الجماهير بهامات مرفوعة، كأصحاب حق وليس كأيتام على مائدة هذه الحكومة أو ذاك الوزير”.
ترامب وماكرون
وتدين الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة التي يرأسها النائب أيمن عودة موجة رِهاب الإسلام الجديدة التي يقودها ترامب وماكرون في الولايات المتحدة وفي أوروبا، والتي تتكامل مع مصالح القوى الإقليمية التي تجيّر الدين لمآربها السياسية.
وتدعو الجبهة إلى تكثيف النضال العربي اليهودي المشترك ضد الاحتلال وموبقاته، بما في ذلك النضال ضد الاعتقالات الإدارية ولإطلاق سراح ماهر الأخرس المضرب عن الطعام منذ نحو مائة يوم. وتحيي الجبهة دور كوادرها في هذا النضال، لا سيما النائب عوفر كسيف الذي أضرب عن الطعام دعمًا لحق عائلة الأخرس في زيارته في المستشفى. كما تدين الجبهة المساس المتعمّد بالرموز الدينية الإسلامية وبالرسول العربي الكريم، كما ترفض جريمة قتل المعلم الفرنسي.
وقالت إن محاولات فرض معادلة “صراع الحضارات” والأديان من جديد تهدف في حقيقتها إلى طمس جوهر الصراع بين المستَغلين والمستغِلين، بين المستفيدين من النظام العالمي والاقتصادي القائم وبين ضحايا هذا النظام أصحاب المصلحة في تغييره.
في المقابل يرى بعض المثقفين العرب داخل أراضي 48 تحدثت إليهم “القدس العربي” أن ما يطرحه النائب منصور عباس من خط براغماتي أو طريق جديد مغاير لا يميز بين “الليكود” و”أزرق- أبيض” من ناحية الجوهر السياسي، لتحقيق الحقوق المدنية للفلسطينيين في إسرائيل جدير بالنقاش والحوار الهادئ رغم أن بعضهم يستبعد قيام الحكومة الإسرائيلية بتلبية هذه الحقوق من خلال مثل هذا الخط، فيما قال بعضهم الآخر إن هذه الطريق ربما توصل إن تبنتها “المشتركة” بشكل جماعي ودون أن تثق بوعود الحكومة ورئيسها إذ ينبغي في الأول تلبية بعض الحقوق والمطالب الهامة للمواطنين العرب مسبقا.
*بارك الله في (القائمة المشتركة) اعانهم الله
ونصرهم على الصهاينة المجرمين.
كل التقدير والاحترام لهم.