جريمة الشارة والثمن

حجم الخط
0

‘إن لائحة الاتهام التي لم يسبق لها مثيل والتي تم تقديمها هذا الاسبوع على ثلاثة من منفذي الجريمة القومية المسماة ‘شارة الثمن’ هي امتحان أعلى لجدية نية المجتمع الاسرائيلي. فهل توجد عندنا في الحقيقة رغبة في اقتلاع الجريمة القومية اليهودية التي هدفها قبل كل شيء المس بالطبيعة الديمقراطية لدولة اسرائيل وفرض تصور عام لمجموعة من الفوضويين على الاكثرية أم يستمر المجتمع الاسرائيلي على الاشارة غمزا الى وجود حكم للارهاب العربي وحكم آخر للارهاب اليهودي؟.
في لائحة الاتهام التي قدمها ‘الشباك’ أمس على يهودا لنسبيرغ من حفات جلعاد وشريكيه بنيامين ريختر ويهودا سبير، تم اتهامهم بتنفيذ عمليات شارة ثمن هي احراق سيارات ورش كتابات جدارية في قرية فلسطينية في تشرين الثاني من العام الماضي. وتصف لائحة الاتهام التي قُدمت الى المحكمة اللوائية أن ‘اعمالهم الموصوفة تضاف الى سلسلة طويلة من اعمال مخالفة للقانون مشابهة حدثت في منطقة يهودا والسامرة في السنين 2010 2013’. وهذه أول مرة ينجح فيها ‘الشباك’ في حل لغز حادثة شارة ثمن باعتراف المشتبه فيهم بذلك الفعل. والى ذلك صنع المتهمون الثلاثة على غير تعمد منهم تاريخا صغيرا: فهم أول المعتقلين الذين حقق ‘الشباك’ معهم بفعل الامر ‘الجديد’ الذي اصدره وزير الدفاع قبل نصف سنة، والذي يُعرف عمليات شارة الثمن بأنها ‘تنظيم غير مسموح به’. إن الحديث عن بديل سياسي مغسول من مصطلح الارهاب صادر عن حكومة خائفة تخشى أن تسمي الولد باسمه لكن ‘الشباك’ بفعل هذا الامر منع الثلاثة من أن يروا محامين مع اعتقالهم في الحال وأبقاهم معتقلين عدة ايام بلا أمر قاض وهو ما لم يكن مقبولا الى اليوم، وقال محاميهم، المحامي عادي كيدار، أمس إن ‘هذه الاعترافات التي أُعطيت، أُعطيت تحت منع اللقاء وتحت استعمال ضغط غير محتمل وتمثيل لمعتقلين كانوا في ظروف مخربين. وحتى لو وجدت اعترافات فستكون لهم مشكلة قضائية في أن يدينهم بهذه الجنايات’.
يبدو أن تغيير القانون مكّن من تقديم لائحة اتهام تشمل اعترافا بالتهمة. فالى الآن لم يعترف أكثر القائمين بشارة الثمن الذين أمسك ‘الشباك’ بهم ومنهم هؤلاء الثلاثة الذين تظهر اسماؤهم منذ زمن في قوائم ‘الشباك’، وأُفرج عنهم فورا الى بيوتهم لعدم الأدلة. وفي اسوأ الحالات بالنسبة اليهم كان سيصدر فيهم أمر إبعاد ينظرون اليه أصلا على أنه توصية فحسب. وإن نظر القانون الاسرائيلي الى هذه الجماعة الى الآن باعتبارها ‘مشاغبي صهيون’ كانت سخرية من سلطان القانون ومن ‘الشباك’ ومن الجيش ومن الشرطة، واسوأ من ذلك أن اغماض العين هذا عن التحرشات التي يقومون بها يجعل دولة اسرائيل تواجه كل يوم خطرا حقيقيا واشتعال الجبهة الفلسطينية والتعرض لقادة اسرائيليين والمس بمقدسات دينية وفي مركزها جبل الهيكل (المسجد الأقصى).
إن هذه الجماعة التي يبلغ عدد افرادها نحوا من 150 ‘جنديا’ يؤازرها بضع مئات من المساعدين والقادة الروحيين بينهم حاخامون معروفون، وهذه هي النواة التي يجب تحطيمها. إن هؤلاء اشخاص معروفون ‘للشباك’ لا يحترمون القانون في دولة اسرائيل وما بقوا يتجولون أحرارا فهم خطر على المجتمع الاسرائيلي لا يقل عن خطر أي تنظيم ارهابي آخر.
وتنقض الآن آلة العلاقات العامة المزيتة لليمين المتطرف في الضفة التي ستبين للجمهور في اسرائيل الظلم الذي وقع على هؤلاء الصدّيقين الثلاثة وتضغط على الساسة لانزال ‘الشباك’ عن أعناقهم، وإن العيون كلها متطلعة الى المحكمة، فحتى لو ضحك هؤلاء الثلاثة كمن سبقوهم طول الطريق الى البيت فانه يمكن الانفصال رسميا عن جهاز تطبيق القانون في الضفة الذي هو متعثر أصلا.
عشية اتخاذ قرارات في قضية التفاوض السياسي مع الفلسطينيين يصبح للائحة الاتهام هذه أهمية أكبر فهي تحدد حدود المنطقة لهؤلاء المشاغبين الذين يقصدون الى تفجير كل قرار للحكومة يكون فيه شيء ما من الانحراف عن تصورهم العام.

يديعوت 6/2/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية