زلزال سياسي كبير حصل في الجزائر يوم الجمعة 22 فبراير/شباط. فقد تمكن الجزائريون أخيرا من تكسير الصورة النمطية التي لصقت بهم وبحراكهم السياسي لعقود، وهم يعبرون عن همومهم العامة وهم يحتجون، من دون خوف. صورة جديدة وجميلة مرشحة لكي تتكرس يوم الأحد 24 فبراير في المدن الجزائرية وبين أبناء الجالية الجزائرية في المهجر في المدن الفرنسية وكندا. تأكيدا لقوة الأواصر التي تربط تاريخيا المهاجرين الجزائريين ببلدهم الأم.
فقد ترسخ مع الوقت، أن الجزائري «عنيف» عندما يخرج للشارع ولا يعرف كيف يعبر عن موقفه، هو الذي لا يملك همًا سياسيا بالأساس، بل مطالب اقتصادية واجتماعية حياتية، لا يحسن في الغالب التعبير عنها. يقبل أن يتفاوض حولها مع نظام سياسي ـ اقتصادي ريعي، عرف على الدوام كيف يبتزه على حساب مواطنته وحقوقه السياسية الشرعية، قبل أن يعود إلى موجات أخرى من المنازلات الدورية، بقيت لعقود، من دون أفق ومعنى سياسي واضح.
صورة نمطية زادها سوءا ما حصل في التسعينيات، عندما تمكنت حركات سياسية إسلامية، جذرية، من ركوب هذا الحراك الاجتماعي، الذي بادر إليه شباب الأحياء الشعبية في المدن الكبرى. حركات دينية كانت هي نفسها من دون برامج ولا قيادات فعلية، استغلت قوة دفع هذا الحراك الشعبي عندما كان في حالة صعود لتدخله في نفق المواجهة العنيفة مع الدولة الوطنية ومؤسساتها الأمنية، وأجزاء مهمة من المجتمع، لتعيش الجزائر ما عرفناه بعد ذلك من اضطراب وحالة فلتان أمنى دام سنوات.
الشارع لن يقبل بأقل من سحب ترشح بوتفليقة للعهدة الخامسة التي ورطت الجميع بمن فيهم الأطراف الرسمية
كل هذه الصورة النمطية بتفاصيلها تهشمت هذه الجمعة في شوارع المدن الجزائرية وساحاتها العامة، فقد خرج الجزائريون بالآلاف في الكثير من مدن البلاد، شرقا وغربا، وفي منطقة القبائل التي لم يتم عزل حراكها هذه المرة، كما كان يحصل في السابق، تماما كما توقعت الأسبوع الماضي على صفحات «القدس العربي»، فقد كنا أمام سوسيولوجية حراك اجتماعي متنوع وسلمي لم تعرفه الجزائر من قبل. يجب العمل من قبل الجميع ان يستمر كما بدأ ولن يحصل له تحريف عن مساره. الكرة الآن في ملعب الأطراف الرسمية لمعرفة ما هي القراءة التي ستقوم بها لهذا الحراك، من الآخر ومن دون نقاشات تجاوزتها الأحداث. الشارع لن يقبل بأقل من سحب ترشح بوتفليقة للعهدة الخامسة التي ورطت الجميع بمن فيهم الأطراف الرسمية التي أيدته حتى الآن ودافعت عنه لسنوات. أطراف ظهرت وهي تعلن عن تأييده لهذا الترشيح وكأنها في مأتم حقيقي، ترفض منذ أيام الظهور على قنوات التلفزيون للدفاع عن مرشحها، ولا تملك الشجاعة السياسية لمواجهة المواطنين الغاضبين. مطلب سحب ترشح بوتفليقة الذي يملك كخلفية برنامجا سياسيا لم تتبلور ملامحه بالتفصيل المطلوب، لكنه يحتوي كحد أدنى ما اتفقت عليه المعارضة في لقاء زرالدا في يونيو/حزيران 2014 الممثلة لأغلبية أطياف المشهد السياسي الوطني، الذي يمكن أن يلتحق به من كان متغيبا عن هذه الفعاليات، والذي يمكن تلخيصه في إصلاحات سياسية جوهرية تُحول الانتخابات إلى وسيلة فعلية للتغيير السياسي والتداول السلمي على السلطة، بعد أن يعهد بتنظيمها إلى هيئة وطنية مستقلة بعيدا عن أيادي التزوير الوطني والمحلي، المتمثلة في الإدارة والهيئات الأمنية والقوى السياسية الفاسدة، تكون بديلا عن المهازل التي تعود عليها النظام السياسي منذ الاستقلال، وهو ينظم انتخاباته المزورة للإرادة الشعبية، التي كانت السبب الرئيسي في تشويه الحياة السياسية وابتعاد المواطن عن الحياة السياسية وكل مؤسساتها المعبرة عنها كالحزب والانتخابات عن النقاش العام.
انتخابات لن تتم إعادة الاعتبار لها وتوظيفها التوظيف الصحيح، من دون إدخال إصلاحات سياسية على المنظومة السياسية ككل، التي أصبحت أكثر من ضرورية ويجب ان يتفق عليها الجزائريون بسرعة، كاحترام الدستور، وفصل السلطات، وتحديد العهدات الرئاسية، واحترام الحريات الفردية والجماعية، وغيرها من الآليات المعروفة التي نجحت عند غيرنا وليس مطلوبا أن تفشل عندنا. بعد ان بيّن هذا الترشيح لرجل مريض ومٌقعد، استمر على رأس الدولة عشرين سنة واغتصب الدستور أكثر من مرة للبقاء مدى الحياة، على رأس السلطة، مستوى ضعف وهشاشة مؤسسات الدولة التي مكنت فردا وشللا قليلة العدد من التلاعب بها بعيدا عن كل رقابة قانونية. ترشيح بيّن للجزائريين أن مؤسساتهم السياسية مريضة، يحب إصلاحها بسرعة، خوفا على دوام الدولة الوطنية ذاتها. فالمرض لا يعاني منه الرئيس فقط، بل النظام السياسي وقد يصل إلى الدولة ذاتها إذا لم يتم تدارك الأمر بسرعة.
من بين هذه المؤسسات المريضة الحزب السياسي، الذي يمكن أن يستغل أجواء ما بعد المسيرات الشعبية، والصعود السياسي للشارع لكي ينفتح على المجتمع وقواه الحية، وهو المطلوب ليس من قبل أحزاب المعارضة فقط التي يجب أن تستغل هذه اللحظة لكي ترتبط بالقوى الشعبية الفاعلة على مستوى الشارع، بل كذلك من قبل أحزاب المولاة التي منحت صورة في غاية البشاعة عن العمل السياسي لسنوات وزادت الحياة السياسية قتامة لدى المواطن الجزائري الذي توجه صوب الشارع للتعبير عن مواقفه السياسية. بشاعة يمكن تعميمها على المؤسسات الإعلامية العامة التابعة للنظام، والخاصة التي فضحت انحيازها للفساد مسيرات جمعة الغضب الشعبية. فقد تيقن المواطن أن هذا النظام الذي يطالب بتغييره هو سبب هذه الكأبة التي يعيشها المشهد الإعلامي الوطني. كما بدأت تعبر بصدق بعض الأصوات الحرة، عن ذلك من داخل هذه المؤسسات الإعلامية التي تخندقت بشكل مفضوح كمؤسسات ومصالح مالية مشبوهة في صف الفساد والمفسدين، ضد طموحات المواطن، الذي ينتظر ان تتوسع دائرة الأصوات الحرة هذه الأيام تحت ضغط الحدث الوطني المهم الذي يعيشه الشارع الجزائري، فلا مهنة ولا إعلام حقيقي من دون حرية. لتبقى مسؤوليات المؤسسات الرسمية أكثر من مهمة في هذه اللحظة السياسية التي تمر بها الجزائر، وهي تقوم بقراءة ما حصل هذا الأسبوع، بعد ان تأكد للجزائري أنه يعيش حالة «يتم مؤسساتي». عبر عنه المواطن وهو يتوجه نحو الشارع للتعبير عن همومه ومطالبه، وهو رافع هاتفه الشخصي وسيلته الأساسية للتواصل والتعبير في عصر الوسائط الاجتماعية والإنترنت التي أرادوا حرمانه منها.
كاتب جزائري
أعتقد أن الحركات التي تبنت الإنتفاضة الشعبية التي صاحبت الإنتقال الديموقراطي في بداية التسعينات لم تعوزها القيادات التي تحضى بثقة الشعب بقدر ما كان يعيبها عدم الأخذ بأسباب النصر عندما لم تولي اهتماما لنفوذ جهات أجنبية وتدخلها تحت الستار في رسم خارطة البلد السياسية فكان الرهان فقط على السند الشعبي الداخلي مغامرة غير محسوبة العواقب مما أدى إلى أجهاض أول تجربة ديموقراطية عرفها الوطن العربي في التاريخ الحديث.
من جهة أخرى الحكم على تيارات تحمل مشروع تغيير نالت ثقة غالبية الشعب في انتخابات نزيهة بإنها راديكالية أو غير مؤهلة هو حكم على اختيارات فئات عريضة من الشعب بالقصور وعدم النضج والقدرة على اختيار الأنسب هي نفس الحجة التي تحاول الأنظمة المستبدة إلصاقها بشعوبنا وتقدم نفسها كبديل لا محيد عنه يحجر على الشعوب حماية لها من الفتن والفوضى!؟
هناك من لا يزال مفتونا بالتجربة السياسية الفاشلة والشعبوية وغير المدروسة لجبهة الانقاذ في التسعينات بالرغم من عديد الاثباتات الموثقة عن كم الفراغ الذي كان يعم تلك الحركة ايدبولوجيا وفكريا وسياسيا واستراتيجيا وفتحها المجال للعديد من القوى الاجنبية المعادية للوطن كي تنفذ أجنداتها المدمرة للدولة الجزائرية.
تبوأت تلك الحر كات السياسبة واجهة الاحداث في التسعينات بفضل الزخم الشعبي الذي باعته الوهم مستغلة ميوله الطبيعية نحو التدين وتمسكه بقيمه الروحية فحولته الى قطيع لا يملك سوى السمع والطاعة عبر فكر راديكالي مزق المجتمع الجزائري فتسببت في موت عشرات الالاف من الشباب المخدوع.
من غير المفهوم أن يدافع البعض عن تلكم التجربة السلبية التي قتلت حلم الجزائريين في التحول نحو الديمقراطية بسلاسة وأجهضت حركة الوعي الجديد بالذات الجزائرية بكل موروثاتها الدينية والثقافية وشكلت كارثة حقيقية على كل المستويات..من غير المفهوم أن يستمر البعض في نشر الخلط بين بين حب الدين والممارسة السياسبة السليمة بفكر ديني وبين تجربة سياسية مخادعة لم
الشعب وحده – عبر انتخابات نزيهة – بمجموع فئاته هو الذي يقرر ويفرز ويرتب المرشحين .. تعبنا من ادعاءات نخبوية تحقر من وعي الشعوب ونضجها على اعتبار انهم هم وحدهم من يحتكرون الحقيقة والحكمة والتصنيف
على جميع النخب الانصياع لارادة الشعب .. والكف غن النظر اليه لاعتباره قاصرا يمكن استغفاله او الضحك عليه
وعلى هذه النخب ان تنزل الى الشارع وتحتك بالناس وتشرح برامجها بدلا من ان تظل تتماحك في مببرات لفشاها في كس اصوات الشارع
الديمقراطية هب الديمقراطية .. بعض المنادين بها يرفضها تماما ويخترع لها تأويلات وتفسيرات ونقائص في سبيل الانقضاض عايها لأنه لم تأت به .. حدث عندنا في مصر تماما كما حدث في بداية التسعينات في الجزائر .. عندما تحالفت ارادة العسكر من مجموعة تدعي زيفا بالنخبة الليبراية والعلمانية واليسارية والفوقية والتحتية وبتحريض وتواطؤ اقليمي وغربي لينقضوا على ارادة الشعب الذي اختار فئة من اليشر لا تتناسب مع ايديولجياتهم الرثة
لا يمكن أخذ صوت الشعب بالمطلق وإلا فإن لا أحد يمكن أن ينتقد وصول هتلر إلى الحكم ولا وصول الشيطان نفسه.. القضية ليست ببساطة الخطاب الاخلاقي السطحي عن ضرورة احترام اختيار الشعب لأنه ليس قاصرا..
يجب ملاحظة أن حديثي عن التجربة السياسية لجبهة الانقاد في التسعينات كان بعد ما تبينت الحقائق عن تلك التجربة من خلال أبحاث موضوعية موثقة تتحدث عن عملية خداع للشعب تمت على مستوى دولي كان ضحيتها العمل السياسي الاسلامي في الجزائر كأحد المقومات المدنية للديمقراطية فيها.
أذكرك يا عزيزي أن الحزب الفائز بأصوات الشعب وقتها كان نفسه لا يؤمن بالدبمقراطية وأن يعض التيارات داخله كانت تعتبر الديمقراطية كفرا يما في ذلك حق اختيار الشعب لممثليه الذي تدافع عنه هنا وتتهمني أنني أدعو لمصادرته وتقولني ما لم أقل.
أنا تحدثت عن حزب بعينه دون غيره كانت ممارسته الشعبوية وبالا على التجربية الديمقراطية في الجزائر وهي تجرية لا تشبه في خصوصباتها لا مصر ولا غيرها وهو مصدر الكثر من سوء الفهم لما حدث في التسعينات.
من حق الشعب أن يختار من يحترم اختياراته وحقه في الاختبار ولبس من يجبره على اتباعه بقوة السلاح أو بقوة المقدس الديني00 لا فرق.
السلطة حتى اليوم تبدو أنها غير قلقة بشأن الإحتجاجات مادامت عفوية وغير مهيكلة, فالأحزاب السياسية المحسوبة على المعارضة تقف موقف المتفرج مع بعض التصريحات المحتشمة: الحزب الإسلامي “حمس” اكتفى بدعوة النظام للحكمة في تعاطيه مع الإحتجاجات, زعيمة حزب العمل اليساري المعارض السيدة لويزة حنون إتخذت موقفا حذرا أيضا من هذه الإحتجاجات داعمة حق التظاهر السلمي لكنها أبدت في نفس الوقت التوجس بتساؤلها في حوار صحفي من يقف وراء الدعوة لهذه الإحتجاجات! فيما حزب القوى الإشتراكية المعارض إتخذ مسافة بينه وبين ما يقع في الساحة واستقر رأيه على الدعوة إلى مقاطعة الإنتخابات الرئاسية المقبلة.
الواضح أن الفعاليات السياسية المعارضة لولاية خامسة للرئيس بوتفليقة لم ترد المغامرة بتبني هذه الإنتفاضة الشعبية العفوية والنزول للشارع لدعمها والإلتزام بالنضال السلمي والمنظم لدعم المتطلبات الشعبية المشروعة في موقف مريب لا يمت بصلة إلى الحس الوطني الصادق.
رغم أن مطالب المحتجين لا تتجاوز رفض دعم ترشيح الرئيس لعهدة خامسة لأسباب موضوعية لا يختلف عليها أثنان تتعلق بأوضاعه الصحية التي لا تسمح له بممارسة مهامه الدستورية, غير أن السلطة لم تبدي أي نوع من المرونة واستمرت في تحدي الإرادة الشعبية ومطالب مشروعة. فماذا لو أن المتظاهرين رفعوا سقف مطالبهم وطالبوا بتغيير جدي للوضع السياسي يبدأ بانتخابات نزيهة وشفافة وبفصل السلط ثم ملاحقة الفساد والريع؟
أعتقد أن رياح التغيير بعيدة المنال وقدرنا في بلاد المغرب العربي وبلاد العرب عامة أن نقبع تحت ظل أنطمة استبدادية وفاشلة مادام حكامنا مدعومين من طرف قوى استعمارية يخيروننا كلما انقشع شعاع الإنعتاق بين التسلط مع إستقرار وسلم اجتماعي نسبيين أو الفتنة والهلاك!!
اقتبس السطرين الاخيرين من تعليق الاستاذ رشيد الصنهاجي
**
الحكم على تيارات تحمل مشروع تغيير نالت ثقة غالبية الشعب في انتخابات نزيهة بإنها راديكالية أو غير مؤهلة هو حكم على اختيارات فئات عريضة من الشعب بالقصور وعدم النضج والقدرة على اختيار الأنسب هي نفس الحجة التي تحاول الأنظمة المستبدة إلصاقها بشعوبنا وتقدم نفسها كبديل لا محيد عنه يحجر على الشعوب حماية لها من الفتن والفوضى!؟
في نشرة إخبارية على قناة اجنبية،، ظهر احدهم يتكلم ك ” مناضل ” في جبهة التحرير فقال دون خجل: لا يجب الالتفات إلى المحتجين، فهم قلة مدفوعة من طرف جهات تنفخ في الرماد لإشعال نار الفتنة في الوطن …
نفس المناضل قال يوما، من على نفس المنبر : على الضمير العالمي أن يصحو وعلى الأمم المتحدة أن تستفيق لتيستمع إلى أصوات هؤلاء المحتجين ….
قال مناضلنا هذا الكلام عندما خرجت مجموعة من 16 فردا للاحتجاج تحت الطلب في مدينة العيون.
في الواقع، لم أجد من وصف أو نعت يليق بهؤلاء ” المحللين والمناضلين ” خير مما قاله الكاتب توفيق رباحي على صفحات هذه الجريدة المحترمة : انهم شهود زور .
ولله في خلقه شؤون.
هؤلاء أسوء من شهود الزور. ..أخي حنفي..لأن المزور في شهادته يستعمل الحيل والأساليب الشيطانية لتزييف الحقيقة من غير أن يستهين بذكاء الضحية….الذي يقيم له ألف حساب. ..؛ اما أصحابنا فإنهم يعتبرون المتلقي ساذجا أو مسطولا بالضرورة. ..وعليه أن لايجادل بأي شكل اذا قالوا له بأن الفيل يطير…والكرسي بالعجلات يحكم ويصدر القرارات. ..ويترشح ويفوز. …!!!! السنا في زمن العجائب والمصائب. …وغياب الفرسان والخيول عن المضامير. …واحتكارها من طرف من يمتطون المكانس لعلها تطير…!!!!
اذا كنتم في الجزائر ترغبون في المسنين كرئساء دول على الاقل اختاروا الاخضر الابراهمي مازال بعقلو ويعرف ما يقول