تونس: قدمت هيئة العدالة الانتقالية في تونس، الجمعة، آخر جلسة استماع علنية خصصتها لملف توجيه السلطة للإعلام في الفترة الممتدة من 1955 الى 2013.
وتم انشاء “هيئة الحقيقة والكرامة” في عام 2014 وكلفت “بكشف حقيقة انتهاكات حقوق الانسان” في تونس منذ الاول من تموز/يوليو 1955، أي بعد نحو شهر من حصول تونس على الحكم الذاتي من الاستعمار الفرنسي وحتى 31 كانون الاول/ديسمبر 2013.
وخلال الجلسة الرابعة عشر المخصصة ل”منظومة الدعاية والتضليل الاعلامي” والتي تواصلت الى ساعة متأخرة من الليل، استمع أعضاء الهيئة والحاضرون الى خمس مداخلات لصحافيين عملوا في مؤسسات اعلامية عانت من رقابة وتوجيه السلطة.
من كان يعمل وفقا لتعليمات (السلطة) لا يزال الى اليوم على رأس المؤسسات الاعلامية ويتحكم في الاعلام
وقدم الصحافي، محمد بنور، شهادته عندما كان يكتب بصحيفة “الرأي”، مستعرضا كيف كانت الرقابة من قبل نظام أول رئيس للبلاد الحبيب بورقيبة تتابع كل مراحل الانتاج “هناك رقيب في الجريدة ورقيب في المطبعة وفي كل مكان، حتى وصل الأمر الى تعيين صحافيين من البوليس”.
كما كشف بنور في حديثه أن “تضييق نظام بن علي وصل الى حد اجبار الموزعين على عدم توزيع الصحيفة في الأكشاك بعد اغرائهم بمقابل (…)، ونشر الحوارات مع المعارضين السياسيين كان ممنوعا”.
وتختتم هيئة “الحقيقة والكرامة” السبت أعمالها على أن تجهز مجموعة من التوصيات ترفعها في تقرير للسلطات في البلاد لاحقا.
من جانبه عرض المنجي اللوز تجربة صحيفة “الموقف” (1984) المعارضة وحرمانها من الدعم ومن حصة الاشهار التي كانت توزعها الدولة، خصوصا بعد تغطيتها لما عرف ب”أحداث الحوض المنجمي” في مدينة قفصة (غرب).
وكانت منطقة الحوض المنجمي شهدت في 2008 حركة احتجاج كبيرة قمعت بشكل دموي في عهد الديكتاتور السابق زين العابدين بن علي والذي منع الاعلام من تغطيتها.
وقال اللوز إن النظام كان يمنع حتى القراء من اقتناء الصحيفة ولا يتسامحون مع من يطالعها “يتسامحون مع المخدرات، لكن الموقف لا”، وغلب على حديثه طابع السخرية وهو يسترجع ذكرياته المريرة.
وعرضت الهيئة خلال جلسة الاستماع العلنية شريطا وثائقيا كشفت في جزء منه عن ممارسات وكالة الاتصال الخارجي في “شراء ذمم” الاعلاميين في تونس وخارجها، وعن طريقة توزيع أموال الدعم التي تخضع بالأساس الى مقياس “درجة تشويه المعارضين السياسيين”.
وأنشئت وكالة الاتصال الخارجي عام 1990 وأوكلت اليها مهام التعريف بالسياسة التونسية في الخارج، وكان بن علي ووزير الاعلام آنذاك، عبد الوهاب عبد الله، يشرفان على تسييرها واعطاء أوامر بتقديم حوافز مالية وهدايا لصحافيين ومؤسسات اعلامية دون أخرى، وفقا لما جاء في الفيلم الوثائقي.
من جانبها، أكدت عضو نقابة الصحافيين التونسيين، سكينة عبد الصمد، في شهادتها على ان “”، موضحة أن حكومة الترويكا بعد ثورة 2011 حاولت السيطرة على التلفزيون الحكومي، حيث كانت تشغل وظيفة في قسم الأخبار.
وقدمت “هيئة الحقيقة والكرامة” في افتتاح الجلسة عرضا مسرحيا بعنوان “كرامة”، حاول الممثلون من خلاله وفي طابع غلب عليه السخرية والنقد تجسيد الانتهاكات في مجال حقوق الانسان التي طالت معارضين سياسيين للنظام وعمليات التعذيب التي كانت تمارس ضدهم.
(أ ف ب)
هذا من بركات الثورة المعجزة….ثورة الياسمين اللتى يشكك فيها كثير من ” المثقفين ” للاسف……مرحلة مهمة من مراحل الانتقال الديمقراطى…….هل يمكن مثل هاته الهيئة فى البلدان العربية……?
يبدوا أن تونس الحبيبة ماضية فى مسيرتها وهى عصية على كل المتآمرون……باذن الله…..