الأمم المتحدة- “القدس العربي”: بدعوة من الجزائر والاتحاد الروسي والصين، بدأ مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم الأربعاء لمناقشة التطورات في منطقة الشرق الأوسط على ضوء قيام إسرائيل باغتيال زعيم حركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران والغارة المميتة على الضاحية الجنوبية في بيروت.
وقد ألقت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية، روز ماري ديكارلو، الكلمة الأولى في الجلسة حيث حذرت من التطورات المثيرة للقلق في الشرق الأوسط والتي استدعت هذه الجلسة الطارئة بعد أكثر من أسبوع لجلسة طارئة حول هجوم الحوثيين على تل أبيب ورداً على الغارات الإسرائيلية التي استهدفت الحديدة.
ديكارلو: الأحداث في المنطقة في تصعيد متواصل والعنف مستمر بلا هوادة في غزة بعد أشهر من الجهود الدبلوماسية الحثيثة
وقالت ديكارلو إن الجميع تابع خبر وفاة إسماعيل هنية، قائد المكتب السياسي لحركة حماس، بالإضافة إلى الحارس الشخصي في طهران. واتهمت إيران في رسالة إلى رئيس مجلس الأمن اليوم إسرائيل بتنفيذ هجوم أدى إلى مقتل السيد هنية واعتبرت ذلك “انتهاكًا خطيرًا” لسيادة إيران وأراضيها وهو ما يشكل “انتهاكا صارخا” للقانون الدولي.
وقالت: “لقد تعهد المرشد الأعلى الإيراني وغيره من كبار المسؤولين بان إيران ستنتقم لمقتل السيد هنية، وحذر إسرائيل “من عقاب قاس بهدف غرس الندم العميق في نفوس مرتكب الجريمة”.
وقالت وكيلة الأمين العام إن رئيس الوزراء الإسرائيلي في بث مباشر قال إن إسرائيل شنت ضربات على ثلاث جبهات ضد حماس وحزب الله والحوثيين، وشدد على أن إسرائيل تخوض معركة وجودية في الحرب مع إيران.
وأكدت وكيلة الأمين العام على أن الأحداث في المنطقة في تصعيد متواصل والعنف مستمر بلا هوادة في غزة بعد أشهر من الجهود الدبلوماسية الحثيثة، وقالت :” لقد تفاقم الوضع عبر الخط الأزرق وداخل لبنان على نحو متزايد وخاصة بعد الحادث المأساوي في مجدل شمس الذي وقع يوم 27 تموز/ يوليو حيث قُتل 12 طفلا وأصيب العشرات في سقوط صاروخ على ملعب لكرة القدم في قرية مجدل شمس الدرزية في الجولان المحتل.
وأضافت ” حسب رواية الجيش الإسرائيلي، فإن صاروخ فلق-1 إيراني الصنع أطلقه حزب الله من شمال قرية شبعا جنوب لبنان. ونفى حزب الله مسؤوليته عن الغارة.. وفي 30 تموز/ يوليو، أصدر جيش الدفاع الإسرائيلي بيانا مدعيا تنفيذ “ضربة مستهدفة” في بيروت قائدا في حزب الله يُزعم أنه مسؤول عن الوفيات في مجدل شمس. وأكد حزب الله مقتل القيادي الكبير فؤاد شكر. وبحسب وزارة الصحة اللبنانية، فإن خمسة أشخاص على الأقل قُتلوا، بينهم طفلان، في الهجوم”.
وتابعت ديكارلو أن هذه الهجمات تأتي في خضم الحرب الدائرة في غزة، حيث تواصل حماس احتجاز الرهائن الذين اختطفتهم من إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وسط استمرار الأعمال العدائية والوضع الإنساني الكارثي للسكان الفلسطينيين في القطاع.
وشددت المسؤولة الأممية على أن هناك حاجة ماسة إلى الجهود الدبلوماسية لتغيير المسار والسعي نحو السلام والاستقرار الإقليميين وكررت دعوة الأمين العام للأمم المتحدة للجميع للعمل بقوة نحو خفض التصعيد الإقليمي لصالح السلام والاستقرار على المدى الطويل للجميع.
وقالت ديكارلو: “يجب على المجتمع الدولي أن يعمل معا لمنع أي إجراءات من شأنها أن تجعل الصراع أكبر وأوسع نطاقا بسرعة كبيرة. إن هناك حاجة إلى عمل دبلوماسي سريع وفعال لخفض التصعيد الإقليمي، حيث يلعب المجلس دورا حاسما في هذا الصدد”.
وقالت ديكارلو : “إنني أكرر دعوة الأمين العام للجميع إلى العمل بقوة نحو وقف التصعيد الإقليمي لصالح السلام على المدى الطويل والاستقرار للجميع ويجب على المجتمع الدولي أن يعمل معا لمنع أي أعمال يمكن أن تجعل الصراع أكبر وأوسع بكثير بسرعة. نحن بحاجة إلى تحرك دبلوماسي سريع وفعال على المستوى الإقليمي من أجل التهدئة. ويلعب هذا المجلس دورا حاسما في هذا الصدد. الوقت هو الآن”.
السفير الصيني أدان بقوة اغتيال القائد إسماعيل هنية كما أدان الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت. كما طالب بوقف إطلاق النار في غزة تنفيذا لقرارات مجلس الأمن الدولي التي تم اعتمادها منذ بداية المواجهات.
السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة: ما يحدث الآن كارثة، لقد ارتكبت إسرائيل عملية إرهابية باغتيال القائد هنية وانتهكت سيادة إيران والعراق
السفير الجزائري، عمار بن جامع، قال إن ما يحدث الآن كارثة. لقد ارتكبت إسرائيل عملية إرهابية باغتيال القائد اسماعيل هنية وانتهكت سيادة إيران والعراق. “هذا ليس عدوانا على شخص بل على أساسيات العمل الدبلوماسي وسيادة الدول التي تقوم عليها العلاقات الدولية”.
وقال إنه يدين بأقسى العبارات هذا العمل الإجرامي الذي قامت به إسرائيل كما يدين العنف الإسرائيلي لذي لا يتوقف في غزة ولبنان واليمن وسوريا والآن في إيران. وتساءل: “أين سيأخذنا هذا الجنون؟ قتل المدنيين في غزة واستهداف الصحفيين واستهداف المدنيين في غزة ولبنان وسوريا. هذه ليست عمليات دفاع عن النفس بل عمليات عدوان ومؤامرات ضد محاولة الولايات المتحدة ومصر وقطر لوقف إطلاق النار. على المجتمع الدولي ألاّ يقف صامتا وكأن الأمر لا يعنيه. يجب أن يكون هناك موقف واضح وندعو لوقف إطلاق النار فورا ورفع الحصار عن غزة. وقف إطلاق النار يبقى حجر الزاوية للهدوء في الشرق الأوسط إضافة إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية والسورية واللبنانية. وندعو إلى محاسبة إسرائيل على افعالها. يجب أن نعمل بحد لإنهاء الاحتلال وإقامة سلام دائم في الشرق الأوسط”.
المندوب الأمريكي، روبرت وود، أكد في كلمته على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس وقال إن هذا ما قامت به ردا على حادثة مجدل شمس والتي استخدم حزب الله فيها صاروخا من صنع إيراني. وقال إن على المجلس أن يرسل رسالة قوية لإيران وحزب الله لوقف مثل هذا الاعتداءات وانتهاك القرار 1701. وقال” “ليس حزب الله فقط من يقاتل إسرائيل بل كذلك الحوثيون. يجب أن تلتزم إيران بقرارات مجلس الأمن ووقف دعم الجماعات التابعة لها. وأكد وود أن الولايات المتحدة ليس لها أي دور في قتل قائد حماس إسماعيل هنية. الولايات المتحدة ستبقى تعمل لاحتواء النزاع ووقف إطلاق النار فورا وإطلاق سراح المخطوفين حسب القرار 3735 (2024). وقال وود إن الولايات المتحدة لا تريد توسيع نطاق المواجهات على جانبي الخط الأزرق وطالب من له تأثير على إيران أن يدفع باتجاه وقف تسليح وتشجيع جماعاته المسلحة في المنطقة.
السفير الروسي لدى الأمم المتحدة: إسرائيل تحاول استدراج إيران للحرب
السفير الروسي أدان استخدام أسلوب الاغتيالات واتهم إسرائيل بمحاولة استدراج إيران للحرب. وقال إنه يدين ضرب الضاحية الجنوبية تلك المنطقة المزدحمة بالسكان وقرب أكبر مستشفيات بيروت. وقال: “نحن نطالب باحترام القرار 1701 (2006) ذلك القرار الذي يطالب إسرائيل بوقف العمليات الهجومية على لبنان وسحب قواتها”. ,اكد أن وقف إطلاق النار في غزة المفتاح لإعادة الأمور إلى مسار يمكن تفعيل المفاوضات لتحقيق السلام عبر حل الدولتين.
السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إرافاني، قال إنه طلب عقد هذا الاجتماع بسبب الوضع الطارئ بسبب قيام إسرائيل بعمل جبان باغتيال قائد فلسطيني كبير هو إسماعيل هنية الذي كان يناضل من أجل حق تقرير المصير لشعبه الفلسطيني. وقال إن هذا العمل هو إرهاب. وأكد أن إسرائيل لها تاريخ طويل من الإرهاب الذي يستهدف الفلسطينيين وأنصارهم.
وقال إن هذا العمل الجبان جاء في لضرب الحكومة الإيرانية وعرقلة عملها في يومها الأول. وأكد أن بلاده تدين هذا العمل واعتبره انتهاكا صارخا لسيادة إيران. “هذا انتهاك للسلام والأمن الدوليين. وعلى مجلس الأمن أن يتحمل المسؤولية. هذا ليس جديدا على إسرائيل. كما أنها ارتكاب غارة جبانة على المدنيين في الضاحية الجنوبية. هذا انتهاك كبير للقانون الدولي وسيادة الدول”.
كما هاجم السفير الإيراني سياسة الولايات المتحدة في دعم إسرائيل مؤكدا أن إسرائيل لا يمكن أن اتقوم بمثل هذا العمل الإرهابي دون دعم لوجستي واستخباراتي من الولايات المتحدة. وقال: “إن ممارسات إسرائيل هي التي تعمل على توسيع المواجهات كما فعلت في سوريا يوم 1 نيسان/ أبريل (قصف القنصلية الإيرانية) حيث فشل مجلس الأمن في إدانة تلك الهجمة الإرهابية. فقد منعت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مجلس الأمن من تبني بيان روسي لإدانة تلك الجريمة”.
السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة: الولايات المتحدة هي التي تحمي إسرائيل من المساءلة عن الجرائم التي ترتكبها في غزة
وأضاف السفير الإيراني أن الولايات المتحدة هي التي تحمي إسرائيل من المساءلة عن الجرائم التي ترتكبها في غزة تحت حجة “الدفاع عن النفس”. وهذا تفسير غير مقبول. هذه الجماعات مثل حماس ليست جماعات إرهابية بل جماعات مقاومة ضد الاحتلال وهذا جزء من القانون الدولي والإدانة لإسرائيل يجب أن تكون واضحة. ويجب أن تفرض عليها عقوبات حتى يثبت المجتمع الدولي أنه لا يستطيع أن يقبل مثل هذه الجرائم وعلى إسرائيل إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية”. وقال في نهاية كلمته إن الجمهورية الإسلامية تؤكد على حقها في الدفاع عن نفسها والرد على العدوان.
مندوبة فلسطين السفيرة فداء عبد الهادي قالت إن حرب الإبادة المستمرة منذ 300 يوم تجاوزت كل القوانين والميثاق والسيادة وتهدد السلام والأمن الدوليين. وقالت رغم قرارات مجلس الأمن والإجراءات المستعجلة من محكمة العدل الدولية، إلا أنها مستمرة في القتل ولا يمضي يوم إلا وهناك مزيد من القتل للمدنيين والصحافيين وعمال الإغاثة ومقرات المنظمات الدولية، وتمارس حرمان السكان من الاحتياجات الإنسانية الأساسية وتشردهم من مكان إلى مكان حيث لا يوجد مكان آمن في غزة.
السفيرة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة: جنرالات إسرائيل لا يترددون في ارتكاب المجازر لأنهم لا يخشون المساءلة ويشعرون بالحصانة
وأدانت عبد الهادي اغتيال إسماعيل هنية وقالت إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أدان اغتيال رئيس الوزراء الأسبق وقائد حركة حماس إسماعيل هنية. وقالت إن فلسطين تدين انتهاك إسرائيل للسيادة الإيرانية واللبنانية والسورية واليمنية. “إسرائيل لا حدود لاستهدافها للمدنيين والأطفال والنساء والموظفين الدوليين، لأن جنرالات إسرائيل لا يترددون في ارتكاب المجازر لأنهم لا يخشون المساءلة ويشعرون بالحصانة.
ونددت السفيرة الفلسطينية بالعنف ليس فقط في غزة بل وفي الضفة حيث سقط إلى الآن 569 من بينهم أطفال، وتساءلت: “إلى متى؟ متى سيتوقف دعم إسرائيل بالسلاح. اسرائيل تعلن أنها ستواصل المجازر أمام الجميع. أنها تعمل على زعزعة المنطقة بأكملها. يجب وقف إسرائيل. السلام والأمن حق للجميع وليس فقط حق لإسرائيل. ليس لإسرائيل حق في الدفاع عن النفس في أراض تحتلها. ليس لها الحق في السيطرة على أرض فلسطين كما نصت على ذلك فتوى محكمة العدل الدولية يوم 19 تموز/ يوليو الماضي
وفي وقت سابق، قال المتحدث الرسمي للأمين العام، ستيفان دوجاريك، إن وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية، روز ماري ديكارلو، ستقدم إحاطة لأعضاء المجلس حول التطورات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك توسيع نطاق المواجهات في الجنوب اللبناني والهجوم على الضاحية الجنوبية في بيروت.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش قد أصدر بيانا واحدا ربط بين استهداف الضاحية الجنوبية واغتيال قائد حركة حماس إسماعيل هنية، داعيا إلى ضبط النفس والعمل على احتواء النزاع وعدم الانزلاق إلى توسيع المواجهات. وقال في البيان: “إن ما تحتاجه المنطقة الآن هو وقف إطلاق النار وإطلاق جميع سراح الرهائن الإسرائيليين ومضاعفة إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة والعودة إلى الهدوء على جانبي الخط الأزرق في جنوب لبنان. لكن ما نشاهد الآن جهودا لتعطيل تلك الأهداف. إن ما يدعو إليه الأمين العام هو أقصى درجات ضبط النفس. إنه يدعو الجميع إلى العمل على تخفيف حدة النزاع في المنطقة من أجل التوصل إلى سلام شامل واستقرار في المنطقة لمصلحة الجميع”.
وردا على سؤال “القدس العربي” حول موقف القانون الدولي من عمليات “الاغتيال” التي ترعاها الدول قال المتحدث الرسمي: “نحن نقف ضد القتل خارج نطاق القانون في كل مكان”. وردا على سؤال آخر لـ”القدس العربي” حول دمج الحادثتين، الضاحية الجنوبية واغتيال هنية، في بيان واحد، وهو أمر غير مألوف. قال دوجريك: “أستطيع أن أقضي وقتا لتبرير الأسباب. نحن نقول ما نراه مناسبا ومن حقك أن تحلل ما تريد وتنتقد ما تريد”.
وأعرب دوجاريك عن تعازيه لاستشهاد صحافيي قناة الجزيرة إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي، اليوم الأربعاء، في مخيم الشاطئ نتيجة غارة إسرائيلية. ودعا إلى حماية حق الصحافيين في تغطية الأخبار بطريقة شفافة، كما طالب بإجراء تحقيق في الحادثة ومثول مرتكبي الجريمة أمام العدالة. وقال: “نحن ندين قتل أي صحافي”.