يمارس الروائي، غالبا، «السرقة الأدبية» دون أن يلقى عليه القبض نقديا.. أما السرقة المباحة فهي من الروائي الأكبر في تاريخ الأدب والوحيد الذي يستحق «جائزة نوبل» في الرواية! وأعني بذلك «القدر»، فهو الروائي الأول، وكل ما نفعله حقا- نحن الأدباء- هو (السرقة) من إبداعه في اللعب بمصائر الناس، محاولين أن نضفي على ذلك أفكارنا الوطنية أو العاطفية، أو الفكرية والسياسية.
ها هي البريطانية كاي لونغستاف (46 سنة)، جميلة، شقراء، طويلة القامة، رشيقة، وتعمل مضيفة جوية، تقع عن باخرة (نورويجن ستار) السياحية، كانت ثملة، وقبل سقوطها تشاجرت مع حبيبها الذي رافقها في رحلة (عاطفية!) إلى مدينة فينيسيا وسواها، لم تقُل بعدَ نجاتها أقفزت من ارتفاع عشرين مترا من الباخرة إلى الماء المظلم لتموت انتحارا أم دفعها حبيبها من الباخرة في غمرة الشجار الثمل، أم زلّت بها قدمها وسقطت؟!
وتم إبلاغ قبطان باخرة (نورويجن ستار) عن سقوط راكبة في البحر، فعاد بالباخرة بحثا عنها ولم يجدها، فقد ابتعدت بها الأمواج زهاء كيلومتر عن مكان سقوطها، وهكذا تم إبلاغ ما حدث للمسؤولين عن الإنقاذ في تلك المياه الإقليمية، وتابعت الباخرة سيرها.
صباح اليوم التالي، عثرت عليها قــــوارب الإنقــــاذ، وقالت لحظة نجاتها إنها سعيدة لأنها ما زالت حية بعد أكثر من تسع ساعات قضتها «كاي» وحيدة في ظلمة البحر تطفو وتسبح. وحين نجت روت (ميتاتها العديدة) وحيدة في البحر المظلم طوال ساعات حتى طلع الفجر ولم تلتهمها سمكة قرش ولم تتجمد بردا ولم تخر قواها.
تروي الناجية، سعيدة الحظ بنجاتها، حكاية تلك الساعات المرعبة في البحر، تقول إنها كانت تغني كي لا تموت بردا.. وإنها مارست اليوغا.. ولعلها صلّت.. وقال الأطباء إنها كانت سعيدة الحظ لأن حرارة الماء كانت 20 درجة مئوية وكان البحر هادئا.. ثم إنها شابة أربعينية بكامل صحتها الجسدية والعقلية.. أما جنون الحب فليس عاهة!
ما الذي لفتني في تلك الرواية التي خطها القدر؟ هل مر عمرها أمام عينيها في ومضات وهي تواجه احتمالية الموت؟ هل صلّت؟ قالت الصحافة الغربية التي كتبت عنها إن نجاتها معجزة.. أما أنا فوجدت في ما حدث مشروعا لسرقة أدبية من القدر، وذلك لعمل روائي ليس عنها بالذات، بل عن بطلة أو بطل أختاره لرواية أسميها «عشر ساعات مع الموت»، مثلا.
القدر بالتأكيد هو الروائي الأول في التاريخ، الذي يهدي الأدباء منجما من ماس الكتابة، عليهم أن يحسنوا السرقة منه! وأنا من أصحاب السوابق في السرقة الأدبية من روايات القدر، ولا أدري لماذا يمارس البعض حماقة السرقة من الآخرين ومنجم الماس هذا أمامهم. والمهم فنيا صقلها في رواية قد أستوحيها من قصة «كاي» التي كتبها القدر، وفي وسعي تحويل المشرفة على الموت إلى صياد فلسطيني رمت به الغطرسة الإسرائيلية في البحر، وخلال الساعات التي قضاها في ليل الأمواج، يتذكر معاناته الطويلة مع الاحتلال الإسرائيلي الذي ينتهك إنسانية الفلسطيني بعدما احتل وطنه ورمى به إلى بحر الأحزان والانتهاكات، والعالم لاه عنه وعن عدالة قضيته، ثم يصلي لخالقه وهو يواجه الموت غرقا.
وفي وسعي الاحتفاظ ببطلة عانت انتهاكات بعض مجتمعاتنا العربية لحقوقها، بما في ذلك محاولة تزويجها- مثلا- من عجوز ثري، فرمت بنفسها في الماء ثم ندمت وقررت المقاومة.
في حكاية «كاي» التي خطها القدر مجال كبير للسرقة الأدبية، وتضمينها ما يريد الكاتب تحميلها من أفكار.. فلمَ إذن تلك السرقات الأدبية من الزملاء الأدباء؟
يمكن للكاتب أن يجد في حكاية «كاي» ما يبرر اعتقاده- بصفته روائيا- بوجود شخص (منحوس) وآخر (محظوظ)، بما في ذلك حكاية أخرى خطها القدر-مثلا-عن رجل فاز مرتين بجائزة اليانصيب الكبرى في خمسة أشهر، وتحول من فقير أفريقي مهاجر إلى كندا إلى ثري كبير، هو ميليغ (28 سنة)، وكانت الجائزة الأولى مليون دولار ونصف والثانية نحو ذلك تقريبا.
القدر يكتب بأبجدية البشر حكايات كثيرة تغري (بالسرقة الأدبية) بعد إضفاء أفكارنا الشخصية عليها ورؤيتنا للدنيا ولمصائر البشر، سياسية كانت أم اقتصادية أم فكرية.
وهذه مثلا حكاية المرأة الفرنسية، جاكلين سوفاج، التي جاء مؤخرا من حولها، وهو (ايف رينيه)، إلى فيلم تلفزيوني (تمثيل مورييل روبان)؛ فهي التي أطلقت النار على زوجها السكّير (في حكاية هزت فرنسا وصحافتها) وقتلته بعدما ضربها وأذلها وأهانها طوال 47 سنة، واغتصب خلالها أولادهما.. وانتحر ابنهما الأكبر «باسكال» صبيحة قتلها لزوجها، ولكن حُكم عليها بالسجن.
رئيس الجمهورية، أولاند، أصدر عفوا عنها قبل انتهاء ولايته استجابة لتظاهرات نسائية لصالحها ولعرائض نسائية. وصدرت عنها رواية بلسانها بعنوان: «كنت أريد أن يتوقف ذلك»!
وهكذا، فأنا لست الوحيدة التي تمارس السرقة الأدبية من القدر.. بل وأشجع القارئ عاشق الكتابة على ممارسة تلك السرقة الحلال المباحة!
بسم الله الرحمن الرحيم {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59]. الحظ بالإسلام محكوم بقضاء الله وقدره (الإيمان بالقدر خيره وشره) ولا حول ولا قوة الا بالله
بسم الله الرحمن الرحيم: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الزمر:42} النوم كالموت المؤقت !! ولا حول ولا قوة الا بالله
السرقة الفكرية أو الأدبية أو العلمية هي إدعاء شخص صراحة أو ضمنيا بكتابة ما كتبه آخر أو النقل مما كتبه آخرون كلياً أو جزئياً بدون عزو أو اعتراف مناسب؛ أي باختصار العزو المزور أو إعطاء الانطباع بأنك كتبت ما كتبه غيرك. ويعد من أعمال النصب والاحتيال.
السرقة الأدبية أو الانتحال هي “تملك غير شرعي” و “سرقة ونشر” للغة أو أفكار أو عبارات مؤلف آخر، وادعاء بأنها هي عمله الأصلي وتظل السرقة الأدبية معضلة مع عدم وضوح تعريفاتها وقوانينها.
السرقة الأدبية تعتبر غش أكاديمي وخرق في أخلاقيات الصحافة. تعرض السرقة الأدبية بفاعلها إلى العقوبات مثل الغرامات و الحرمان وقد تصل إلى الفصل من الجامعة. مؤخرا تم اكتشاف حالات سرقة أدبية بشكل مبالغ فيه. – عن الويكيبيديا – ولا حول ولا قوة الا بالله
غريبة ومثيرة هي قصة السيدة البريطانية كاي لونغستاف مع القدر والبحر ..
لكنها ليست اكثر اثارة وجمالية من رحلة الاستاذة غادة السمان ..
ان القدر حليف الاستاذة غادة السمان خلال رحلتها في فضاء الحرية ..
ظل قدر غادة السمان متلازماً مع بحر بيروت ، ومن قبله مع ساحل اللاذقية موطن والدتها ..
لابحر في بيروت / كوابيس بيروت / بيروت 75 / رحيل المرافئ القديمة / القلب نورس وحيد / السباحة في بحيرة الشيطان / البحر يحاكم سمكة …
لم يجف البحر في قاموس سيدة الادب العربي ، ولم تسجل محاكاة اطول واعمق مما سجله ابداعها ، الذي اضاء على سواحل البحر المتوسط خمسون قنديلاً ، ولازالت هنالك اعمدة تتأمل المزيد من القناديل .
اقول لهم كما السيدة فيروز ( شايف البحر شو كبير )
الكاتب الذي يسرق من أديب اخر هو شخص لا يمتلك أهم مميزات الكاتب والمبدع وحتى الفنان هي تلك العين التي تلتقط وتراقب مايدور حولها تلفتها التفاصيل الروتينية ولغة الجسد ،طريقة الكلام ،الشخصيات المهمشة.. كل هؤولا قد يخرج صوتهم يوما ما على الورق.
المبدع الحقيقي هو القادر على تطويع القدر ومخزون المشاهدة لديه في تقديم أفكاره..
يَا سَيدتي!
اسْعفيني …
مِن مَرَاسمِ طُقوسِ سَناكِ لا تُعْفيني …
يَا سَيدتي!
اسْعفيني …
إِلَى شِعابِ قَلبِكِ انْفيني …
يَا سَيدتي!
اسْعفيني …
فِي خُصْلَةِ شَعركِ أَخْفيني …
إِنْ جَرفتِ؛
نَشَدتُكِ اللهَ مِن شِعابِ قلبِكِ؛
لا تَجْرفيني …
وَإِنْ أَقْصيتِ؛
نَشَدتُكِ الأقْصَى مِن مَنْصِبِ نُصْبِ صَبَابَتِكِ لا تُقْصِيني …
بَرقَ البَريقْ!
يَا بَرقَ البَريقْ!
أَنا فِي بَحرِ الحبِّ غَريقٌ ..
غَريقٌ ..
غَريقْ ..
.
.
.
ارْحَمْ يَا بَرقَ البَريقْ!
وَقَدَتْ حَرائقُ الحَريقْ ..
اتَّقَدتْ فِي قَلبٍ تَوفيقْ!
يَا بَرقَ البَريقْ!
أَنتَ لِي الرَّفِيقْ …
أَتُسائلُني مَتى أُفيقْ؟!
لَيتَ شعري …
مَتى وَميضُكَ يُضيئُ لِي قَارعةَ الطَّريقْ؟!
البَحرُ عَميقٌ…
عَميقٌ…
عَميقْ!
اما قصة ( كاي ) ذكرتني بكتاب كتبته اللبنانية المغتربة ليلى سلوم الياس ( الحلم الفالكابوس السوريون الذين ركبوا متن التايتنك ) وتتناول فيه قصص الناجين من الموت من العالم الثالث الذين لم يهتم احد لقصصهم لانهم لا ينتمون لعرق ( جاك ) الفقير الذي احبته ( روز )..
تقول ليلى ( ركاب التايتنك الذين جاؤوا من هذه المنطقة. لاولئك الذين يشككون بصحة استخدام كلمة ” سوري ” للركاب الذين ركبوا متن التايتنك فإن وثائق وكالات الغوث، ولوائح الركاب الذين اشترو البطاقات وسجلات السفينة في نيويورك تفيد بأنهم من العرق والجنسية السورية فهؤلاء المسافرون كانوا مواطني بلاد الشام بصرف النظر عن حقيقة أن الكثير من القرى التي نشأوا فيها تقع اليوم في لبنان ).
وفي مكان آخر تقول نقلا عن أهالي بعض الصيغ والقرى اللبنانية انه عندما بدأت السفينة تغرق وصل أحدهم إلى ” المجوز” وصاح دبكة ياشباب !
وطوال المدة التي استغرقتها دراما تلك الليلة ظلت أنغام المجوز تصدح إلى أن وصل الماء إلى اكتافهم. كانوا كتفا بكتف قد امسكو بأيدي بعضهم بعضا واخذو يضربون الأرض بأقدامهم في تناغم تام يشجع بعضهم البعض الآخر على الجلد في لحظاتهم الأخيرة رقصوا ورؤسهم شامخة تتحدى الموت وواجهوا النهاية ثابتين
المشهد الأخير الذي تذكره الناجون
قد يستعين بعض الكتاب بالتأريخ ويستوحي منه ويضيف اليه شئ من الخيال كما في سلسلة الكاتب جرجي زيدان التي لا يخلوا منها بيت . او قد يعيش الكاتب الاحداث بطريق الصدفة أو قد يخطط لها كما في معظم كتابات الأديبة غادة السمان التي تضيف اليه شيئا من الخيال حيث يصعب على القارئ التمييز فيما بين الواقع والخيال ، وهذا هو سحر الإبداع وجمال الرواية !
أفانين كبة
كندا
«من أخَذَ معنًى بلفظِهِ كان سارِقًا، ومن أخَذَهُ ببعضِ لَفْظِه كان له سالخًا،
ومن أخذَهُ فكساهُ لفْظًا أجْوَدَ من لفْظِه كان هو أوْلَى به مِمَّن تَقَدَّمَه».!
أبو هلال العسكري
كتاب الصناعتين.