لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “إندبندنت” مقال رأي لجمايما غولدسميث، الزوجة السابقة للسياسي ورئيس الوزراء الباكستاني سابقاً، عمران خان، قالت فيه إن الإسلاموفوبيا التي يتعرّض لها المسلمون، وأطفالها منهم، لا تقلّ خطراً عن معاداة السامية.
وجاء مقالها بعنوان “لديّ عائلة مسلمة ويهودية، وأريد أن أتحدث عن معاداة السامية والإسلاموفوبيا”، وقالت فيه: “سأحاول توضيح موضوع عن الشرق الأوسط، وهو في الوقت الحالي خطير، ولكن هذا ما أريد قوله: معاداة السامية في تزايد في كل مكان، وهي مخيفة للشعب اليهودي. ومعاداة السامية مشكلة لا يعترف بها داخل المجتمعات المسلمة، ولديّ تجربة مباشرة في هذا، فقد تم استخدام يهوديتي كهراوة ضد زوجي السابق عمران خان في باكستان، التي تمت فيها فبركة نظريات المؤامرة الصهيونية حولي، وأثارها الساسة في المعارضة والإعلام المتحزّب”.
غولدسميث: استُخدمت يهوديتي كهراوة ضد زوجي السابق عمران خان في باكستان، التي تمت فيها فبركة نظريات المؤامرة الصهيونية حولي
وقد قاد هذا، كما تقول، إلى “عقود من التهديدات بالقتل والاغتصاب والعنف ضدي وأولادي، ولا تزال مستمرة حتى اليوم، ورغم طلاقنا، فقد بلغت الحملة ذروتها في محاولة اغتيال عمران خان، في العام الماضي. وبعد الهجوم اعترف القاتل المفترض، في شريط في فيديو، أن ما دفعه لإطلاق النار على عمران هو قبوله بإسرائيل”.
وتقول الكاتبة إنها شاهدت كيف يستخدم المتعصّبون كلمة “صهيونية”، ومصطلح “إسلامية”، “كورقة تين من أجل التعبير عن التحيّز ضد جماعة يهودية أو مسلمة. صحيح أن تهمة معاداة السامية استخدمها البعض كهراوة من أجل إسكات النقد للحكومة الإسرائيلية. ففي الوقت الذي يمكنك فيه انتقاد الجمهورية الإسلامية في باكستان بدون أن تتهم بأنك معاد للإسلام، أو إسلاموفوبي، يجب أن تكون قادراً على انتقاد أفعال إسرائيل في غزة بدون تصنيفك كذباً بمعاداة السامية. وقالت إن السماح بوصف كل واحد ينتقد إسرائيل بأنه معاد للسامية، يسهل على الآخرين رفض معاداة السامية، ما يقوّض خطورة مشكلة حقيقية للغاية”. و”بشكل متساو، فإن معاداة المسلمين في تزايد، وأثّرت على الكثير من الناس الذين أحبهم، بمن فيهم أولادي”.
ففي الولايات المتحدة، تعرّض ثلاثة فلسطينيين لإطلاق النار، وطعن طفل عمره 6 أعوام حتى الموت، وجرحت أمه، فقط لأنهم مسلمون. وفي الوقت نفسه يفكر ترامب بإعادة قانون منع المسلمين، لو عاد للرئاسة، وفازت أحزاب يمين متطرفة بأجندة معادية للمسلمين بالانتخابات في أوروبا. و “كما رأيت إحجاماً من أصدقائي المسلمين عن الاعتراف بأن كراهية السياسة الإسرائيلية لم يعد تمييزها عن الهجمات الأوسع ضد الإسرائيليين أو اليهود، فقد لاحظت نفس عدم الاستعداد من بعض أصدقائي اليهود للقبول بأن الإسلاموفوبيا هي أمر حقيقي”.
غولدسميث: عقود من التهديدات بالقتل والاغتصاب والعنف ضدي وأولادي، لا تزال مستمرة حتى اليوم
وأعطت الكاتبة مثالاً: “تلقيت رسالة واتساب نشرت بشكل واسع، والتي لم يرسلها شخص متعصب ما، ولكن من شخص أعرفه. منتج أمريكي معروف، إلى كل المتابعين له، ووصفت المسلمين بـ “المشكلة”، و”بمخالب”، يقومون بـ “غزو” الغرب، و”يعملون بسرية، وينجبون، للحصول على الهيمنة وفرص قوانينهم وبنية عنف”، وجاء في الرسالة: “لو احتفظت بالإيميل لنفسك فأنت جزء من المشكلة، مرّره!”. وقد شعرت بالرعب، ليس لأن اللغة فيها هي نفس التي استخدمت لتجريد اليهود من إنسانيتهم على مدار التاريخ، لكن لأن المرسل هو يهودي، وقد كافحت لدفع أصدقائي اليهود للشعور بنفس الغضب الذي شعرت به، وأعرف أنهم سيفعلون هذا لو تم استبدال كلمة “مسلم” بـ “يهودي””.
وتقول جمايما غولدسميث إن الغضب الانتقائي واضح عند الجانبين: “إنه مقياس لعمق تعنّتهم الأيديولوجي، وقصر النظر القبلي والخوف، الذي ألهبته خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي والخطاب المتهور، حيث أصبح الكثير من الأشخاص الأذكياء والمتعاطفين غير قادرين على فهم الحقيقة البسيطة: أنه يمكنك معارضة كل من معاداة السامية المتزايدة والكراهية المتزايدة ضد المسلمين”.
ويمكنك أن تنفعل، وتشعر بالرعب من “ذبح” “حماس” للإسرائيليين، وشجب القتل الإسرائيلي المستمر لآلاف الأبرياء من الفلسطينيين. ولكن هذا الصراع جعل كل طرف أصمّ ومنيعاً للشعور بمعاناة ومخاوف الطرف الآخر. وأشارت الكاتبة لوقفة احتجاجية أمام 10 دوانينغ ستريت، يوم الأحد، للتعبير عن المقت لكل الكراهية العنصرية والدينية، وليس اعتبار طرف ما كريهاً أو مقيتاً، ما يعني أنك جزء من المشكلة. وهي دعوة للتخلي عن القبلية والأعلام، وتأكيد أن الجميع، ممن أصابهم النزاع، يمكنهم العيش مرة أخرى معاً.