تونس ـ «القدس العربي»: طالبت جمعيات تونسية مختصة بمراقبة الانتخابات، البرلمان بالتراجع عن مناقشة مشروع قانون يتعلق بتعديل القانون الانتخابي، قبل أقل من أسبوعين على الانتخابات الرئاسية.
وبدأت لجنة التشريع العام في البرلمان، الإثنين، بمناقشة مشروع القانون المتعلق بتعديل القانون الانتخابي، ويتضمن فصلاً يتعلق بإحالة صلاحيات الفصل في النزاعات الانتخابية من المحكمة الإدارية إلى محكمة الاستئناف، إضافةً إلى نقل مراقبة تمويل الحملات الانتخابية من محكمة المحاسبات.
وتوجعت خمس منظمات، بينها مرصد شاهد وشبكة “مراقبون”، برسالة إلى البرلمان، عبرت فيها عن مخاوفها بشأن “نزاهة العملية الانتخابية، وعدم ضمان الشفافية والمساءلة”.
واعتبرت أن توقيت المبادرة التشريعية التي تقدم بها 34 نائباً “يثير تساؤلات حول دوافعها ومدى استجابتها لضرورات موضوعية. فتعديل قانوني في هذه الفترة قد يُعتبر خطوة مشبوهة تهدف إلى التأثير على المسار الانتخابي لصالح أطراف معينة. كما أن استعجال النظر في مثل هذه القضايا دون إتاحة الوقت الكافي للنقاش والتشاور يطرح علامات استفهام حول مصداقية الإجراءات التشريعية في هذه المرحلة الحرجة”.
ودعت البرلمان إعادة النظر في هذا المقترح لعدة أسباب، أبرزها أن “تعديل القانون الانتخابي قبل أسبوعين فقط من موعد الانتخابات يُعدّ إجراءً غير مقبول يتعارض مع أفضل الممارسات لضمان انتخابات حرة ونزيهة. إن أي تغيير للقواعد الانتخابية في هذا التوقيت الحساس، قبيل يوم الاقتراع، يُعتبر انتهاكاً خطيراً لمعايير نزاهة العملية الانتخابية ويهدد الثقة في أسس الديمقراطية”.
كما اعتبرت الجمعيات المذكورة أن قرارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، باعتبارها هيئة عمومية وفق ما ينص عليه الفصل الأول من قانونها الأساسي “تعتبر قرارات إدارية تستند إلى الأسس القانونية التي تحكم عملها. وبالتالي، فإن الطعن في هذه القرارات يجب أن يتم أمام القضاء الإداري، الذي يمتلك الخبرة اللازمة في التعامل مع هذا النوع من النزاعات. نقل هذا الاختصاص إلى القضاء العدلي ليس مجرد تغيير إجرائي، بل يمكن أن يؤدي إلى خلل في النظام القانوني ويعرّض فصل السلطات للخطر. هذا الانتقال يهدد بتشويش الحدود الفاصلة بين الاختصاصات، مما يؤثر سلباً على فعالية وشفافية العدالة الانتخابية”.
وأشارت إلى أن “النزاعات الانتخابية تتميز بطبيعتها الفريدة مقارنة بالنزاعات المدنية أو الجزائية، حيث تتطلب فهماً عميقاً ودقيقاً للإجراءات الانتخابية والمعايير القانونية ذات الصلة. إن المحكمة الإدارية تتمتع بخبرة متعمقة في هذا المجال، بفضل التدريب المتخصص الذي تلقاه قضاة هذه المحكمة في معالجة القضايا الانتخابية. بالمقابل، يفتقر القضاء العدلي إلى هذا النوع من التخصص والخبرة الضرورية، مما يجعل تحويل هذه القضايا إلى محكمة لا تتوافر لديها الأدوات القانونية والقدرات اللازمة للتعامل معها بشكل فعّال أمراً غير مناسب. هذا التحويل قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مستندة إلى فهم دقيق لطبيعة النزاع الانتخابي، مما يهدد نزاهة العملية الانتخابية ويقوض الثقة في النظام القضائي ككل”.
كما اعتبرت المنظمات المذكورة في رسالتها أن “نقل اختصاص النظر ومراقبة تمويل الحملات الانتخابية إلى محكمة الاستئناف ينطوي على مخاطر كبيرة تتعلق بضعف الرقابة وعدم الشفافية، حيث تفتقر هذه المحكمة إلى الخبرة اللازمة في هذا المجال. كما أن عبء العمل الإضافي قد يؤدي إلى تأخير البت في القضايا، مما يؤثر سلباً على الجداول الزمنية للانتخابات. هذه الأمور قد تؤدي إلى فقدان الثقة في نزاهة العملية الانتخابية وتعزيز الشعور بعدم العدالة، مما يستدعي ضرورة الإبقاء على هذا الاختصاص في يد جهة متخصصة مثل محكمة المحاسبات”.
ودون النائب بلال المشري: “لم أكن يوماً شاهد زور ولن أكون. حين تولى الأمور الكبرى للحمقى النتائج هكذا تكون. لن أنخرط في مقترحات العبث”.
كما عبر النائب ياسين مامي عن استغرابه من “فتح دورة برلمانية استثنائية مستعجلة لمناقشة مبادرة تعديل القانون الانتخابي قبل أسبوعين من موعد الاقتراع، فضلاً عن إسناد المبادرة إلى لجنة التشريع بدل لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين الانتخابية”.
وأضاف، في تصريح إعلامي: “من غير الأخلاقي أن يتم تغيير قانون اللعبة أثناء سير العملية الانتخابية معبراً عن تمسكه بضرورة أن تستمع اللجنة إلى جميع الأطراف ذات العلاقة بالقانون والمسار الانتخابي على غرار المحكمة الإدارية وهيئة الانتخابات”.
وتظاهر آلاف التونسيين، الأحد، للتنديد بمشروع القانون البرلماني الجديد، محذرين من محاولة ل”التلاعب” بالانتخابات من قبل السلطات التونسية.
وكانت حملتا المرشحين العياشي زمال وزهير المغزاوي أصدرتا، السبت، بياناً أكد رفضهما لمشروع القانون البرلماني الذي اعتبرتاه “مسّاً بمؤسسات الدولة و تجاوزاً للقضاء الإداري المسؤول تقليدياً عن النظر في النزاعات الانتخابية”.
كما أكد المرشحان نيّتهما تشكيل فريق قانوني مشترك للطعن في هذا القانون، في حال صدوره أثناء العملية الانتخابية الجارية.