تدفع بلدية القدس كل سنة تقريباً مليون شيكل لجمعية “أمانة” التي تعمل على بناء بؤر استيطانية ومستوطنات مقابل تشغيل مركز جماهيري في مبنى بشرقي القدس. هذه المساحة حصلت عليها الجمعية من الدولة بعد مصادرتها من عائلة فلسطينية. “أمانة”، الجمعية الفرعية من مجلس “يشع”، دفعت للدولة مقابل الأرض التي توجد في الشيخ جراح 913 ألف شيكل، وتحصل الآن من البلدية كل سنة على المبلغ الذي دفعته مرة واحدة للبلدية مقابل كل الأرض – مقابل تأجير الطابق السفلي فقط.
“أمانة” هي جمعية تشاركية أنشأتها “غوش ايمونيم” في العام 1979 وهي الجهة الخاصة الأهم في إقامة المستوطنات الجديدة وتوسيع المستوطنات القائمة في الضفة الغربية. في العام 2016 تم التحقيق مع شخصين كبيرين، المدير العام زئيف حيفر (زمبيش)، وأمين الصندوق موشيه يوغف، بتهمة الفساد.
الأرض التي أقامت عليها الجمعية مبنى المكاتب توجد قرب مستشفى سانت جوزيف (مستشفى العيون) والقيادة القطرية للشرطة في حي الشيخ جراح. لقد كانت الأرض بملكية عائلة فلسطينية، عائلة أبو طاعة، التي تعيش قرب المكان. بعد حرب الأيام الستة ضُمت إلى الـ 4 آلاف دونم التي أرادت الدولة مصادرتها في شمال القدس، رغم أن هذا لم ينفذ فعلياً. في العام 1993 منحت الدولة للجمعية إذناً بإعداد خطة لإنشاء المبنى، وفي 2005 وقع اتفاق تطوير بين إدارة أراضي إسرائيل وجمعية أمانة، تعهدت فيه الجمعية بأن تدفع لإدارة أراضي إسرائيل 913 ألف شيكل مقابل استخدام الأرض. ولكن في هذه المرحلة كانت الأرض بصورة رسمية في أيدي عائلة أبو طاعة، حيث إن إجراءات المصادرة لم تستكمل، لذلك رفض مسجل الأراضي طلب “أمانة” لتسجيل الأرض.
حسب ادعاء العائلة ومحاميها، المحامي ستيف بيرمان، إنه ومن أجل السماح بالمصادرة ونقل الأرض لشركة خاصة، غيرت إدارة أراضي إسرائيل تسجيل مجموعة المباني في المكان وشملت قسيمة الأرض التي تعود لعائلة أبو طاعة في المخططات التي شملت المكاتب الحكومية. بعد ذلك وقع وزير المالية في حينه، يوفال شتاينيتس، على أمر المصادرة، وتمكنت “أمانة” من مواصلة الدفع قدماً بالمخطط.
في 2016 رفضت المحكمة المركزية في القدس التماس عائلة أبو طاعة ضد المصادرة ونقل ملكية الأرض لجمعية أمانة. وقبل سنتين تقريباً أوصى قضاة المحكمة العليا المحامي بيرمان بالاستمرار في الالتماس الذي قدمه. “ما الذي ستكسبه؟ حتى إذا تمت الموافقة على الاستئناف. هذا سيتسبب بمزيد من البيروقراطية”، قال القاضي إسحق عميت أثناء النقاش في المحكمة.
في الوقت نفسه استكمل بناء المبنى، وبعد فترة قصيرة وقعت البلدية اتفاقاً مع “أمانة” على استئجار الطابق السفلي الذي مساحته 713 متراً مربعاً من أجل إقامة مركز جماهيري. المركز يخدم سكان الأحياء اليهودية في شمال القدس، “بسغات زئيف” و”نفيه يعقوب” والتلة الفرنسية، وليس الأحياء الفلسطينية المجاورة مثل الشيخ جراح ووادي الجوز. حسب الاتفاق بين “أمانة” والبلدية، تعهدت البلدية بأن لا يقدم المركز خدمات لـ “جمهور ذي طابع جنائي” بما في ذلك معالجة تعاطي المخدرات و/أو ومستهلكي الميثادون أو الكحول. في الاتفاق الأول في 2018 دفعت البلدية مقابل الاستئجار 916 ألف شيكل. وفي 2019 دفعت 930 ألف شيكل.
جرى الحصول على معلومات تأجير المبنى بمساعدة حركة حرية المعلومات.
في حركة “السلام الآن” التي تتابع مكانة المبنى منذ سنوات، قالوا إن الأمر هو “مؤامرة أخرى من المؤامرات بين “أمانة” وبلدية القدس التي تشجعها”. “بعد أن تسلمت الأرض المصادرة بإجراء قانوني مشكوك فيه ودون عطاء، فإن “أمانة” كسبت ثلاث مرات، لقد بنت لنفسها مبنى مكاتب فاخراً داخل حي عربي، وهي تعزز المستوطنة التي أقامتها عن طريق ضخ زوار إسرائيليين إلى المركز الجماهيري في الحي العربي، ودللت نفسها بدخل جيد يساوي مليون شيكل سنوياً، وكل ذلك على حسابنا وبمساعدة مؤسسات الدولة والبلدية”. أما “أمانة” ففضلت عدم الرد.
بقلم: نير حسون
هآرتس 4/12/2019