لا تبالي إسرائيل بأي اعتبار إنساني أو حضاري، وحينما قصفت بعلبك وصور عبرت عن لا مبالاتها بالأماكن الحضارية والتاريخية، وحين تريد قتل أحد ضحاياها فهي على استعداد لهدم المدينة كلها التي تشك بأنه فيها، وتهدمها على رؤوس أهلها وأطفالها وأمهاتها، فضلاً عن القيمة التاريخية التي لها، كبعلبك مثلاً المركز الحضاري الاستثنائي.
وكم أحزنني خبر قرأته عن مسعف فلسطيني في “الهلال الأحمر” واسمه عبد العزيز البرديني، الذي كان ينقل شهيدة في غزة وفوجئ بأنها والدته! ونشرت وكالة “وفا” فيديو، وهو يبكي ويصرخ فوق جثمان والدته ويقول إنه لم يكن يدري أنها والدته.
إهانة المعاق
لم تسكت الصحافة الفرنسية عن إهانة المعاق “دومينيك فاروجيا” في مطار أورلي الباريسي. فهو ينتقل في كرسي معدني لعجزه عن المشي، وشاهدته إحدى المضيفات الجويات وسألته مشيرة إلى مقعده المتحرك الذي لا يستطيع الانتقال بدونه لعجزه عن المشي بسبب مرض أصابه بعدما تجاوز الستين من العمر، سألته: “ما هذا؟” مشيرة إلى المقعد. وفتح فمه وكاد يجيبها حين أهانته قائلة: “اسكت أنت. أريد أن أتحدث إلى الشخص المسؤول عنك!” ولم يسكت الرجل دومينيك فاروجيا (الإعلامي) عن تلك الإهانة وتحدث عما حدث له مستنكراً لزملاء إعلاميين، وهكذا قرأت عن استنكار الصحافة لذلك مع نشرها لصورته، وهي مجلة “فرانس ديمانش”، استنكرت الأسلوب (الجوي) في معاملة المعاق كما مع صورة (للمعاق) في كرسيه كما في مجلة “هنا باريس”.
ولا بد من الاعتراف بأن فرنسا تبذل كل ما في وسعها لاحترام المعاقين وتسهيل انتقالهم. ومن أهم الأدلة على ذلك أن باريس بعدما استضافت “الألعاب الأولمبية” للبطولات، قامت باحتضان المبارالامبيك” أي أولمبياد المعاقين، فهم بشر ولديهم طاقات ويستحقون الاحترام والإعجاب بشجاعتهم. ويطالب المعاق دومينيك فاروجيا بجعل المترو يسهل صعودهم إليه وهبوطهم منه كبقية الناس.
أما في عالمنا العربي، فيتم إخراج المعاق من الحياة العامة غالباً. وحين كنت بنتاً صغيرة في دمشق، كانت جدتي تشفق على جيران لنا لأن ابنهم لا يغادر المقعد المعدني ولا يرسلونه إلى المدرسة وليس له أصدقاء. وقد اقترحت مرة أن أزورهم وأكلم المسكين السجين ولعله ذكي وخفيف الظل، ولكن الجيران كلهم كانوا يمتنعون عن زيارتهم.
ترى هل تحسنت العقلية العربية في معاملتها للمعاق؟
كائنات فضائية… ولم لا؟
يسرني أن أقرأ عن العلماء الذين يؤكدون وجود كائنات فضائية خارج الأرض. ببساطة: لن يدهشني ذلك. ففي السماوات الشاسعة كواكب قد لا نراها بالعين المجردة وتقطنها كائنات فضائية ويريد العلماء في جامعة “كورنيلي” الأمريكية مثلاً التواصل معها، ويؤكدون أن ذلك ممكن وسيحدث ذات يوم. الله تعالى الذي خلقنا كبشر قد يكون خلق في كواكب أخرى حيوات أخرى، وأتمنى أن يتواصل العلماء معها قبل أن أموت، فلدي فضول حقيقي لمعرفة المزيد عن هذا الكون الشاسع!
سجنها في المرحاض!
أعود إلى كوكب الأرض وإلى طائرة تحلق فوقه يقودها طيار سريلانكي تشاجر الطيار مع مساعدته فسجنها في مرحاض الطائرة! وهو عمل قد يبدو طريفاً لمن ليس في الطائرة لكنه عمل خطر، وبالذات وقت هبوط الطائرة. فقد يكون الطيار في حاجة إليها وقت هبوط الطائرة، ولكنه أصر على سجنها في المرحاض كما لو أنه تشاجر مع زوجته مثلاً! وهبطت الطائرة بسلام بعد (تحرير) مساعدته السجينة! وقد منع الطيار من ممارسة عمله للتحقيق معه. وأعترفُ أنني كدت أصير مثل الأديب طه حسين المصري الذي كان يرفض ركوب الطائرة ويرحل بالباخرة للعلاج في أوروبا.
فالطائرة يقودها بشر ولهم أمزجة وشجارات يدفع ثمنها الركاب من حياتهم. وتظل أخطر الرحلات الجوية تلك التي قرر قائد الطائرة الانتحار فجعلها تصطدم بالأرض، وانتحر واصطحب معه ركاب الطائرة جميعاً! لماذا لم يرحل عن كوكبنا وحده بعد أو قبل أن يقود الطائرة؟
قمع الموهوبات
إحدى جاراتي (وهن كثر لأنني أعيش في ناطحة سحاب) قرأت بالفرنسية كتاباً صدر عني عن منشورات “الارماتان” الباريسية، وتريد مني أن أقنع أمها بأن تدعها تنشر رواية أنجزت كتابتها، وأعطتني المخطوط لقراءته. وقرأته ووجدتها موهوبة حقاً، ولكنني اعتذرت عن التدخل بينها وبين والدتها. بالمقابل أتساءل: لماذا يقمع بعض الناس بعض أولادهم؟ هل تقمع جارتي ابنتها الموهوبة لأنها امرأة وتريدها أن تتزوج وتعيش حياة هادئة مع أولادها وزوجها؟ ترى لو كانت ابنتها شاباً، هل كانت وقفت الموقف ذاته منه؟ ومن قال للأم إن ابنتها لا تستطيع أن تكون كاتبة مشهورة (أو رسامة أو فنانة) وتعيش حياة زوجية سعيدة (إذا اختارت الزواج). هل المرأة مقموعة في الشرق والغرب قليلاً أو كثيراً؟
لم أنصح الكاتبة الصبية الموهوبة بالتمرد، فذلك خيار على المرء أن يتخذه بنفسه!
عقوبات تسرنا
قرأت أن استخدام الهاتف المحمول خلال قيادة الدراجة الهوائية أضحى مخالفة يعاقب عليها القانون الياباني بالسجن أو بغرامة، وهذا جيد في رأيي حرصاً على حياة المشاة، وبالذات لأنه من المسموح في اليابان ركوب الدراجات الهوائية، وذلك خطر على المشاة بهاتف وبدون هاتف، وفي باريس للدراجات قسم خاص في الشارع كي لا يتسببوا بصدام مع السيارات، فضلاً عن منع قيادة السيارة بعد شرب الكحول.
وثمة نجم فرنسي مشهور كتبت عنه الصحف كلها لم يكتف بشرب الكحول، بل تعاطى معه الكوكايين وغيره من المخدرات، وقاد سيارته فاصطدم طبعاً بسيارة أخرى وجرح سائقها، كما تسبب في إجهاض سيدة حامل كانت جالسة في المقعد الأمامي وجرح صبي في السابعة من العمر كان في المقعد الخلفي وألقي القبض على الفنان الثمل وأعلن ندمه وأسفه، لكن الندم لا يعيد الزمان إلى الوراء ـ كما تخلى عنه أصدقاؤه (ولا ألومهم) وتدمر مستقبله الفني. من طرفي، أترك هاتفي الجوال في البيت لكيلا أضايق الآخرين، وحين أدعى على الغداء مع بعض الصديقات والأصدقاء، أنزعج لانشغالهم عن الحوار فيما بيننا بالحديث على الهاتف الجوال.