جهاديو سورية يستعرضون قوتهم ويواجهون اختبار الحكم في الرقة شرق البلاد

حجم الخط
0

عمان ـ من خالد يعقوب عويس ـ (رويترز) – بعد شهر من اسقاطهم تمثال الرئيس السابق حافظ الاسد الذي كان يوما مرهوب الجانب بات السكان في مدينة بشرق سوريا يعيشون تحت حكم نظام جهادي قد يكون مثالا لما ينتظر البلاد اذا اطيح بالرئيس الحالي بشار الاسد نفسه.
تقوم ألوية اسلامية متشددة بتسيير دوريات في الشوارع التي خلت من الشرطة النظامية. وحلت محكمة دينية محل نظام قضائي منهار وفرت الاقليات وفقا لما قاله نشطاء مدنيون في الرقة وهي اكبر مدينة تسقط في ايدي المعارضة منذ اندلاع الانتفاضة في مارس آذار 2011 ضد حكم اسرة الاسد الممتد منذ اربعة عقود.

ومن شأن استعراض الجهاديين للقوة الى جانب غياب الائتلاف الوطني السوري المدعوم من الغرب بما يمثله من تجمع رئيسي للمعارضة السياسية ان يعزز تفوق الاسلاميين في شمال البلاد وشرقها. لكن تجربة الرقة التي تشهد مظاهرات واضرابات تظهر ان الحكم الاسلامي بدأ بداية صعبة.

فالشرق الذي يمثل كل انتاج سوريا من النفط واغلب انتاجها من الحبوب يقع على الحدود مع قلب المنطقة السنية في العراق حيث ينشط ايضا الجهاديون السنة الذين يعارضون الحكومة الشيعية المدعومة من ايران في بغداد.

وقال نشطاء بالمعارضة في المنطقة انه منذ سقوط الرقة وهي تدار فعليا من جانب لواء احرار الشام – أحد افضل التشكيلات المعارضة تنظيما – وحلفاؤها الاسلاميين.

وقالوا ان جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة لديها حضور قوي في المدينة وتتعاون مع احرار الشام. واعلن جناح تنظيم القاعدة في العراق اليوم الثلاثاء ان جبهة النصرة هي الان فرعه في سوريا وان الجماعتين تعملان الان تحت اسم الدولة الاسلامية في العراق والشام.

وقال الناشط معن خضر ان احرار الشام سارع بالسيطرة على ادارتي الكهرباء والمياه اللتين توفران الخدمة دون انقطاع تقريبا فيما يرجع الى حد بعيد الى سيطرة الجهاديين على سد رئيسي للطاقة الكهرومائية على نهر الفرات يقع على بعد 40 كيلومترا الى الجنوب الغربي في بلدة الطبقة.

وقال خضر ان عمليات النهب في الرقة كانت محدودة للغاية خلافا لبلدة تل ابيض على الحدود مع تركيا الى الشمال.

واضاف انه رغم ان جبهة النصرة تحاول تقييد مبيعات السجائر التي تعتبرها مخالفة للتعاليم الاسلامية لكنها واحرار الشام لم يحاولا الى حد بعيد فرض القيم او الزي الاسلامي على الرقة وهي بالفعل مدينة سنية قبلية محافظة.

وقال خضر “(لواء) احرار الشام تعلم فيما يبدو من تل ابيض ومنع الفوضى.

“هم اكثر تطورا من النصرة ودعايتهم في المنشورات وملصقاتهم من القماش المشمع. وهم لا يرتدون الملابس السوداء مثل النصرة لكنهم لا يزالون يريدون دولة اسلامية.”

ورفض متحدث باسم الجماعة في الرقة الخوض في خططها السياسية. وقال “اولويتنا هي المساعدة في استعادة الخدمات في الرقة ومواصلة جهدنا العسكري لاسقاط النظام.”

غير ان نشطاء قالوا ان احرار الشام وجبهة النصرة هيمنتا على مجلس محافظة الرقة الذي تشكل حديثا بدعم من الائتلاف الوطني المعارض الذي عين رئيس وزراء مؤقتا للمحافظة الشهر الماضي ليدير المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

ورغم وجودهم في المدينة نفى عبد الله الخليل رئيس المجلس ان يكون للجهاديين المتشددين اي نفوذ كبير هناك.

وقال الخليل وهم محام تحدى الاسد في 2007 بالمطالبة بحق الترشح للرئاسة بدلا من اجراء استفتاء يضمن انتخاب الاسد لفترة ولاية رئاسية جديدة ان احرار الشام وحدة مقاتلة وانها انتقلت الى الضواحي. واضاف ان ما يقال عن وجود جبهة النصرة المتشددة غير صحيح. واجبر على الفرار من البلاد لفترة وجيزة.

وقال ان بعض المواطنين في الرقة انضموا لجبهة النصرة لكنهم لا يشاركونها الايديولوجية.

ويقول نشطاء ان الجهاديين جعلوا الناس يشعرون بوجودهم الشهر الماضي عندما رفعوا علما اسود اسلاميا في الساحة التي كان يقوم فيها تمثال الاسد الامر الذي اغضب الجماعات المدنية.

واندلعت مشاجرات واحتجاجات. وتم حل الخلاف عندما وافق الجهاديون على ترك الطرف الاخر يرفع علم الانتفاضة المناهضة للاسد المكون من اللونين الابيض والاخضر.

ووصف ناشط آخر الحل الوسط بأنه “انتصار محدود” لليبراليين الذين كانوا مؤثرين في حركة الاحتجاجات السلمية ضد الاسد لكن تأثيرهم تراجع بعدما حمل الثوار السلاح.

وفي علامة اخرى على عدم الرضا عن النظام الجديد قالت مصادر في الرقة ان بضع مئات من الموظفين الحكوميين الذين لم يحصلوا على رواتب الى جانب بقية موظفي القطاع العام منذ سقوط المدينة تظاهروا واحرقوا السيارات الخاصة بمسؤولي المعارضة الاسبوع الماضي.

وفي ظل الاقتصاد السوري الذي يستلهم النظام الاشتراكي يعتمد الشرق على الدولة التي تدعم محصولي القمح والقطن وتوفر بعض الوظائف.

وتفاقم الفقر والبطالة بشدة في السنوات العشر التي سبقت الانتفاضة في ظل نقص المياه التي اجبرت مئات الالاف على ترك منازلهم.

ويقول خبراء ان دعم القمح كان العامل الرئيسي وراء الازمة حيث شجع على الفساد ودفع المزارعين الى حفر الاف الابار بصورة غير قانونية الامر الذي ساعد في نضوب المياه الجوفية. لكن الدعم جلب الولاء لاسرة الاسد.

فقد قام الاسد الذي كان واثقا ان الرقة تقف الى جانبه بظهور نادر في المدينة العام الماضي وحياه انصاره المبتهجون.

ووضع حافظ الاسد الاساس لهذا الولاء قبل عقود مستخدما اسلوب العصا والجزرة لبناء شبكة من التحالفات مع القبائل السنية في الرقة وبقية الشرق وهو ما دعم هيمنة الاقلية على هيكل السلطة.

وانتقل العلويون الى محافظة الرقة لتولي الوظائف في القطاع العام والجهاز الامني عندما بني سد الطبقة في السبعينات وانتقل السنة الذين كانوا يعيشون في المنطقة قبل السد لمسافة ابعد نحو الشرق.

ومع تقدم المقاتلين العرب فرت الطائفة العلوية في الطبقة مثلما فعل المسيحيون بعد تدنيس كنيسة وفقا لما قاله الناشط محمد القاسم.

وقال القاسم “هناك تقدم لكني اخشى من اننا نتجه الى التصادم في الرقة بين دعاة الديمقراطية المدنيين والسلفيين وجبهة النصرة.

“نحن في مرحلة اسقاط النظام وهي سهلة مقارنة بإعادة البناء وهي مشكلة كبرى ..في بلد همش فيه النظام السكان سياسيا.”

ويقول ناشطون ان الاسد عندما رأى قاعدته تضاءلت في الشرق وضع الكرة في ملعب المعارضة بالتخلي فيما يبدو عن محاولة استعادة الرقة.

ومع تعرض القوات الموالية له للانهاك يجد الاسد نفسه مضطرا للتركيز بصورة اكبر على منع سقوط مدن كبرى على طول الطريق السريع الذي يربط درعا ودمشق وحمص وحماه وحلب.

وقالت مصادر ان الجيش يستخدم الغارات الجوية والصواريخ الطويلة المدى لضرب الرقة وبلدات اخرى سقطت في يد المعارضة مراهنا على ان ذلك سيقوض اي ادارة للمعارضة وسيجعلها تفقد الدعم الشعبي.

وقال مسؤول زراعي ان المعارضة ستضطر ايضا للتعامل مع قطاع زراعي انهار بعد اختفاء الاسمدة المدعومة والوقود.

وقال المسؤول “المحصول قد يهلك هذا العام.”

وربما تأتي بعض الاغاثة من الدول الغربية التي تعهدت بزيادة الدعم للائتلاف الوطني السوري ظنا منها ان الاموال ستقوي العناصر “المعتدلة” في المعارضة لكن نشطاء يقولون ان الجهاديين ممولون تمويلا جيدا على ما يبدو.

وقال دبلوماسيون غربيون ان الغرب يريد ان تذهب الاموال عن طريق وحدة تنسيق المعونات وهي وحدة غير حزبية بالائتلاف المعارض ترأسها سهير الاتاسي عضو الائتلاف الوطني السوري.

وقال دبلوماسي اوروبي ان توصيل المساعدات للهياكل المحلية الناشئة اكثر فاعلية من ايصالها لحكومة انتقالية تضع خططا مبالغا فيها.

وقال الدبلوماسي “عليك ان تبدأ صغيرا. المعارضة تريد عادة ان تنشئ قوة شرطة قوامها خمسة الاف فرد عندما يمكن ان تبدأ بخمسين. يمكن ان يكون لديك سلطة تنفيذية دون ان تسميها حكومة انتقالية وتواجه المخاطر السياسية المرتبطة بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية