غزة- “القدس العربي”: لا تزال جهود الوسطاء خاصة المصريين، متواصلة في هذه الأوقات، من أجل العمل على إعادة تهدئة الأوضاع المتوترة في قطاع غزة، فيما يواصل نشطاء المقاومة الشعبية، إطلاق “البالونات الحارقة” صوب أحراش المستوطنات الإسرائيلية القريبة من الحدود، وذلك رغم الغارات الجوية التي نفذتها طائرات الاحتلال، وتهديد وزير الجيش باستمرار تلك الاستهدافات.
ومن المناطق الحدودية القريبة من السياج الفاصل عن المستوطنات، واصل الشبان المشاركون في وحدات “البالونات الحارقة” عمليات إطلاقها، حيث اعترفت جهات إسرائيلية بوقوع حرائق جديدة في عدة أحراش.
وجاءت العملية، رغم التهديدات الإسرائيلية الأخيرة لغزة، باستمرار القصف الجوي لمواقع المقاومة، وتحميل حركة حماس المسئولية عما يجري في القطاع.
وهدد وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس قطاع غزة، بقوله “لن نقبل أي خرق أمني من قطاع غزة وسنرد بقوة”.
وزعم بأن “الردع الإسرائيلي” في قطاع غزة منذ عملية “حارس الأسوار”، ويقصد الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل في شهر مايو الماضي كان “على مستوى عال”.
وقال غانتس مهددا “لسنا مستعدين لقبول أي خرق أمني من قطاع غزة”، وأضاف أن الجيش الإسرائيلي سيرد بقسوة على استمرار إطلاق “البالونات الحارقة” من القطاع صوب مستوطنات الغلاف.
وزير الجيش الإسرائيلي هدد مجددا برد قوي على “البالونات الحارقة”
وفي الوقت ذاته جددت حركة حماس رفضها لتغيير معادلة الاشتباك في غزة، واستمرار قصف القطاع، من قبل الطيران الإسرائيلي، وتمسكها باستخدام كل أدوات الضغط، لثني الاحتلال عن قرارات حصار غزة، وإعاقته المتعمدة لتنفيذ بنود تفاهمات التهدئة.
وفي هذا السياق، ذكر تقرير لصحيفة “معاريف” العبرية أن جيش الاحتلال، غير بعد الحرب الأخيرة على غزة، معادلة الرد، وخلافًا لما حدث في الماضي، حيث اعتمد مهاجمة القطاع، ردًا على إطلاق البالونات الحارقة التي تسبب حرائق في غلاف غزة.
ويستهدف الجيش الإسرائيلي حسب صحيفة “معاريف” حاليا هجمات على مستوى منخفض لا يؤدي إلى وقوع إصابات في الجانب الآخر. ومع ذلك وبالمقارنة مع الماضي، يعد هذا تغييرًا مهمًا في نمط الردود.
وتشير الصحيفة، في تقرير لها جرى ترجمته ونشره على مواقع محلية، إلى أنه لا ينبغي جر إسرائيل إلى التصعيد لأن البالونات هي في الواقع محاولة من قبل حماس لممارسة الضغط من أجل تحقيق تهدئة في قطاع غزة، دون تصعيد.
لكنها توقعت نقلا عن مصادرها، أن يكون هناك تدهور للأوضاع بسرعة، في حال عدم وجود تحرك سياسي.
وتوضح أن المشاكل في غزة لا يمكن حلها بالوسائل العسكرية وحدها، وقالت “على الرغم من أن وتيرة التصعيد بطيئة، لكن الاتجاه حتى لو كان التصعيد يزحف ببطء هذه المرة لذلك، فإنه وبدون تحرك سياسي، فإن حدوثه سيكون مسألة وقت فقط”.
وتقول الصحيفة، إنه “بعد مرور أكثر من شهرين على انتهاء حرب غزة، وهي الفترة التي جرت خلالها محاولات للتوصل إلى انفراج في المفاوضات بشأن ملف تبادل الأسرى، هناك أيضًا مجال للتساؤل، ما إذا كان ينبغي لإسرائيل أن تسعى جاهدة من أجل وسيط آخر ليأخذ زمام المبادرة من مصر”.
وتضيف “إذا كانت إسرائيل تعتبر التوصل إلى تسوية غير مباشرة مع حماس مصلحة إسرائيلية، فعليها التفكير بجدية في إدخال وسيط آخر في الصورة”.
ومن جانبه، ذكر تقرير عبري آخر، أن حركة حماس في قطاع غزة ترسل رسائل لإسرائيل عبر استمرار إطلاق البالونات الحارقة، تؤكد خلالها أنها جادة بشأن مطلبها المتمثل بدخول المساعدات القطرية إلى قطاع غزة.
وأشار إلى أن حركة حماس تؤكد أنها مستعدة لتصعيد حالة التوتر، وربما الوصول إلى جولة جديدة من القتال، في حال لم يجر تلبية مطالبها.
ورغم استمرار الوساطة المصرية التي تجددت خلال الأيام الماضية، إلا أن إسرائيل لم تقم بأي أفعال من شأنها أن تعمل على إعادة الأمور لما كانت عليه، خاصة وأن الفصائل الفلسطينية كانت قد أعطت خلال الفترة التي سبقت حلول عيد الأضحى، وخلال إجازة العيد، مهلة للوسطاء من أجل التدخل لإلزام إسرائيل بتطبيق بنود تفاهمات التهدئة التي جرى التوصل إليها، والتي جرى بموجبها توقف الحرب الأخيرة ضد غزة.
كما لا تزال تربط إسرائيل بين ملف الإعمار وإنجاز صفقة تبادل الأسرى، المتعثرة حاليا، فيما ترفض حماس الربط بين الملفات.
وتشمل قائمة مطالب الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس، إنهاء الحصار على غزة، ورفع القيود المشددة التي فرضتها سلطات الاحتلال، والمتمثلة في منع دخول العديد من السلع والمواد الخام المستخدمة في الصناعة، وأهمها مواد البناء، حيث أدت تلك القرارات الإسرائيلية إلى إلحاق ضرر كبير في اقتصاد غزة المتدهور، وزادت من معدلات الفقر والبطالة.
كما لا تزال إسرائيل تضع قيودا حتى اللحظة على إدخال أموال المنحة القطرية المخصصة لمساعدة 100 ألف أسرة فقيرة في القطاع، للشهر الثاني على التوالي، من خلال رفض دخولها بالآلية القديمة، مع عدم وجود آلية أخرى لوصول تلك الأموال.
وفي السياق، لا تزال سلطات الاحتلال، تطبق قرارها الأخير بتقليص مساحة الصيد أمام سواحل غزة، إلى ستة أميال بحرية بدلا من 12 ميلا، بزعم إطلاق “البالونات الحارقة”.
ويشار إلى أن الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، قال “إن قصف الاحتلال لقطاع غزة محاولة فاشلة لاستعراض قوته العاجزة، ولترميم صورة جيشه التي هزتها معركة سيف القدس”.
وأضاف “المقاومة الباسلة جاهزة للتعامل مع كل الخيارات، ولن تسمح للاحتلال بفرض معادلاته”.