عواصم ـ وكالات: كشفت صحيفة ‘ديلي ستار’ صندي امس الاحد أن جواسيس بريطانيين يعملون سراً داخل سورية في مهمة للعثور على أدلة تثبت أن نظامها يستخدم الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.
وقالت الصحيفة إن الجواسيس البريطانيين تسللوا إلى المناطق التي تردد بأن سكانها تعرضوا لهجمات بسلاح كيميائي.
وأضافت أن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، يعول على جهاز الأمن الخارجي في بلاده المعروف باسم (إم آي 6) لتقديم الدليل المطلوب.
ونسبت الصحيفة إلى مصادر في الحكومة البريطانية قولها إن لجنة الاستخبارات المشتركة الحكومية ‘ستقبل فقط بأدلة الجواسيس البريطانيين’.
وكان كاميرون أشار إلى ‘وجود أدلة محدودة لكنها متزايدة’ على استخدام القوات الحكومية السورية أسلحة كيميائية، وقال إن استخدام هذه الأسلحة ‘أمر خطير للغاية وجريمة حرب ويجب أن نتعامل معه على محمل الجد’، لكنه استبعد أن يؤدي ذلك إلى نشر قوات بريطانية على الأرض في سورية.
وأضاف رئيس الوزراء البريطاني ‘نحتاج إلى جمع المزيد من الأدلة على استخدام الأسلحة الكيميائية والقيام أيضاً بتوجيه تحذير واضح جداً للنظام السوري بشأن هذه الإجراءات المروعة’.
من جهة أخرى، ذكرت ‘ديلي ستار’ صندي أن قراصنة بريطانيين ‘اخترقوا رسائل البريد الالكتروني للرئيس السوري بشار الأسد واكتشفوا بأنه يتآمر مع إيران لترسيخ نظامه’.
وقالت الصحيفة إن القراصنة البريطانيين ‘استخدموا رموزاً سرية لتتبع تفاصيل الحرب الكيميائية وهجماتها في المستقبل’.
من جانبه أكد الرئيس التركي عبدالله جول أن بلاده لن تتسامح مع استخدام أسلحة الدمار الشامل في سورية. وقال جول في حوار مع صحيفة ‘الرأي’ الكويتية تنشره الأحد وحصلت ‘رويترز’ على نسخة منه ‘نحن ضد استخدام الاسلحة الكيماوية وأسلحة الدمار الشامل التي يجب أن تكون المنطقة خالية منها ولا نتسامح في هذا الشأن اطلاقا وهذا يجب أن يكون معلوما لدى الجميع.’
وأضاف جول أن ‘عدم الاستقرار في سورية يجعلنا نشعر بالقلق ونرى انه اذا طالت الأزمة فسيكون هناك تصرفات أو أعمال متطرفة من قبل بعض الجماعات وهو ما سيثير المشاكل في المنطقة.’
وذكر أنه يوجد في تركيا اليوم حوالي 200 الف لاجئ سوري في المخيمات فضلا عن 100 ألف اخرين يسكنون بامكاناتهم الذاتية في تركيا.
وعبر الرئيس التركي عن قلقه من تصاعد الخلافات المذهبية في المنطقة وألمه من سفك الدماء في العراق.
وقال إن ‘جميع المكونات في العراق هم أخوة لنا ولكن هناك قسما من القضايا التي تؤلمنا في التطورات السياسية الحاصلة في هذا البلد كسفك الدماء وازدياد العمليات الارهابية فنحن لا نريد للعراق سوى أن يستقر ويشعر بالأمان.’
وأضاف جول ‘وأهم ما يقلقنا تصاعد الخلافات المذهبية في هذه المنطقة فهذا يؤلمنا ويجعلنا نشعر بالقلق.’ وكانت دمشق وصفت السبت التصريحات الامريكية حول استخدام النظام السوري لاسلحة كيميائية بانها ‘محض افتراء’، في وقت حذرت موسكو، حليفة دمشق، من التحجج بهذه الاسلحة للقيام بتدخل عسكري في سورية.
وقال وزير الاعلام السوري عمران الزعبي في حديث الى تلفزيون ‘روسيا اليوم’ ‘استطيع ان اؤكد ان كل ما قاله الوزير الامريكي (وزير الدفاع تشاك هيغل) والحكومة البريطانية يفتقد الى المصداقية وهو محض افتراء واسلوب جديد من الضغط السياسي والاقتصادي على سورية’.
وقال ان هذا الكلام ‘مفبرك ومزور’.
واضاف الزعبي الذي يقوم بزيارة لموسكو، بحسب مقطع صوتي منشور على الموقع الالكتروني للتلفزيون، ‘اود ان اشدد مجددا على ان سورية، لو كانت لديها اسلحة كيميائية، لن تستخدمها، ليس فقط لانها تحترم الاعراف الدولية وقواعد الحرب، بل لاعتبارات انسانية واخلاقية’.
ووجه الرئيس الامريكي باراك اوباما الجمعة تحذيرا جديدا الى سورية من ان استخدام اسلحة كيميائية يمكن ان يؤدي الى ‘تغيير قواعد اللعبة’، واعدا باجراء تحقيق جدي حول المعلومات عن استخدام النظام لهذه الاسلحة ضد معارضيه.
واقرت واشنطن للمرة الاولى الخميس باستخدام النظام السوري ‘في نطاق ضيق’ لهذه الاسلحة، لا سيما منها غاز السارين.
واعتبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الجمعة ان ‘الادلة المتزايدة’ على استخدام النظام السوري لاسلحة كيميائية ‘امر بالغ الخطورة’، داعيا المجتمع الدولي الى بذل مزيد من الضغط ازاء هذا الواقع. واكدت وزارة الخارجية الفرنسية من جهتها ان على النظام السوري ان يلبي مطالب المجتمع الدولي لجهة القبول بتحقيق دولي في استخدام محتمل للاسلحة الكيميائية.
وجدد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بدوره دعوته ‘الملحة’ لنظام بشار الاسد للسماح لفريق الامم المتحدة المؤلف من خبراء في حظر الاسلحة الكيميائية بالتحقيق في الاتهامات حول استخدام مثل هذه الاسلحة في النزاع المستمر منذ اكثر من سنتين.
ورفضت دمشق استقبال فريق التحقيق الدولي الذي شكل في آذار/مارس بعد ان طلب بان كي مون بان يسمح له بالتنقل على كل الاراضي السورية، بينما تريد السلطات السورية منه ان يحقق فقط في عملية سقوط صاروخ قالت انه يحمل سلاحا كيميائيا في بلدة خان العسل في ريف حلب. ويتبادل النظام السوري والمعارضة المسلحة الاتهامات باطلاق هذا الصاروخ وغيره في مناطق اخرى في ريف دمشق وحمص.
وذكر الزعبي في حديثه الى ‘روسيا اليوم’ بان سورية هي التي طلبت ‘رسميا’ من الامم المتحدة التحقيق في حادثة خان العسل ‘التي استخدمت فيها المجموعات الارهابية المسلحة مادة كيميائية ما’. ووصف هذا الطلب بانه ‘مسؤول وشجاع، ويعبر عن سياسة سورية تجاه كل هذا النوع من الاسلحة سواء كانت لدى المجموعات المسلحة او لدى الاسرائيلي او لدى اي دولة مجاورة’.
الا انه اكد ان الحكومة السورية ‘لا تثق على الاطلاق بالامريكيين والبريطانيين لا بالمعنى السياسي ولا بمعنى الخبرات ولا بمعنى الاهداف المرجوة من هذا الافتراء’، مرحبا في المقابل بحضور خبراء من روسيا ‘الصديقة’.
وشككت موسكو اليوم في صدقية المعلومات حول الاسلحة الكيميائية.
وقال الموفد الرئاسي الروسي ميخائيل بوغدانوف من بيروت في تصريحات تلفزيونية ‘اذا كانت هناك دلائل جدية على استخدام السلاح الكيميائي في سورية، يجب اظهارها على نحو فوري’.
واضاف ‘يجب التأكد من هذه المعطيات وفق المعايير الدولية (…). يجب الا يمثل ذلك ذريعة للتدخل العسكري’.
وقال نائب وزير خارجية روسيا الداعمة للنظام السوري ‘لدينا تجربة تاريخية للتدخل بالعنف في الشؤون العراقية بحجة ان هناك اسلحة نووية… وفي نهاية المطاف تبين انه لم يكن هناك اي شيء’.
وركز الزعبي من جهته على السابقة العراقية. واتهم القوى الغربية الكبرى بانها تريد ان تكرر في سورية ‘السيناريو العراقي’ الذي ادى الى اسقاط صدام حسين العام 2008 بذريعة وجود اسلحة نووية في العراق.
ولم تعثر القوات الامريكية التي اجتاحت العراق وبقيت فيه اكثر من اربع سنوات على اي اثر لاسلحة نووية.
ويرى خبراء ان استخدام النظام لاسلحة كيميائية قد يرغم الولايات المتحدة على التحرك، مشيرين في الوقت نفسه الى ان الخيارات العسكرية المطروحة امام اوباما محدودة ومحفوفة بالمخاطر، ومذكرين بهاجس التجربة العراقية التي استندت الى معلومات استخباراتية خاطئة.
من جهة ثانية، يحذر المحللون من اقدام النظام السوري على نقل الصراع الى اراضي الدول المجاورة لا سيما الاردن ولبنان والعراق.
وفي العراق حيث حصدت اعمال العنف المتجددة 216 قتيلا على مدى خمسة ايام، قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان ‘الطائفية شر ورياح الطائفية لا تحتاج لاجازة عبور من هذا البلد الى اخر’.
واضاف ‘ما عودتها الى العراق الا لانها اشتعلت في منطقة اخرى في الاقليم’، في اشارة الى سورية التي تملك حدودا مشتركة مع العراق بطول نحو 600 كلم.
ميدانيا، قتل عشرة اشخاص السبت في قصف مصدره القوات النظامية على مدينة دوما في ريف دمشق، في وقت تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين الذي كانت تسيطر عليه القوات النظامية شمال حلب، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان.
واستمر القصف لليوم الثالث على التوالي على حي برزة في شمال دمشق الذي شهد الجمعة ‘اعنف الاشتباكات’ في العاصمة منذ بدء الاضطرابات في سورية قبل اكثر من سنتين، بحسب المرصد السوري.
كما استمرت السبت الاشتباكات في مدينة داريا التي تحاول القوات النظامية السيطرة عليها منذ اشهر. ونقل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان اصدره السبت عن المجلس المحلي لداريا ان صواريخ ‘تحمل رؤوسا تحتوي غازات سامة’ سقطت في وسط المدينة الخميس والجمعة، وان ‘سحابة غازية كبيرة نتجت عن انفجار تلك الصواريخ’.
واشار البيان، نقلا عن المجلس المحلي لداريا، الى ان الصواريخ تسببت ‘بوقوع 42 حالة اختناق ترافقت مع حساسية شديدة وحالات قيء حادة’.
واوضح ان ناشطين اعدوا ‘تقارير موثقة بالأفلام والصور’ حول الحادث الذي ادى ايضا الى ‘نفوق الكثير من الحيوانات’.
وراى الائتلاف في ذلك ‘تاكيدا على اصرار النظام على استخدام السلاح الكيميائي ضد المدن والقرى السورية التي استعصت بثبات أبنائها واصرارهم على الحرية’.
ودعا الائتلاف المجتمع الدولي الى ‘ارسال فرق من الخبراء لجمع عينات لتحليل ما استخدمته قوات النظام ضد المدنيين’، والى ‘رد جدي وخطوات عملية تضع حدا لجرائمه’.
في حلب (شمال)، افاد المرصد عن ‘سيطرة مقاتلين من عدة كتائب مقاتلة على مخيم حندرات للاجئين الفلسطينين عند مدخل حلب الشمالي’ بعد معارك تستمر منذ اشهر وتهدأ وتعنف بحسب الهجمات التي يشنها الطرفان.
وبلغت الحصيلة الاولية للضحايا الذين سقطوا السبت في اعمال عنف في مناطق مختلفة من سورية 63 قتيلا.