بغداد ـ «القدس العربي»: ينتظر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، جدول أعمال «دبلوماسيا حافلا» هذا الشهر، إذ من المقرر أن يقوم خلاله بثلاث جولات خارجية هي الأولى له منذ تسلّمه المنصب في أيار/ مايو الماضي، تشمل السعودية وإيران والولايات المتحدة الأمريكية.
ووفقاً لتصريحات مسؤولين عراقيين، فإن زيارة الكاظمي إلى السعودية من المقرر لها أن تكون اليوم الإثنين، تليها زيارة إلى إيران مساء غدٍ الثلاثاء، قبل أن يتوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية في موعدٍ لم يُحدد بعد، لكنه في هذا الشهر، لإتمام الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن.
وصباح أمس، وصل وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف إلى العاصمة العراقية بغداد، في زيارة من المقرر لها أن تستمر يوماً واحداً، على أن يختتمها ليل اليوم ذاته في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.
وقال ظريف في تصريح أدلى به للصحافيين فور وصوله مطار العاصمة بغداد، إن الزيارة تعدّ «فرصة عظيمة» نظرا للزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء العراقي إلى طهران، لاتخاذ الترتيبات اللازمة قبل زيارته.
وأضاف: «اليوم في بغداد، سوف تتاح لي الفرصة للقاء عدد من المسؤولين العراقيين، بما في ذلك رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس البرلمان، ورئيس السلطة القضائية، وكذلك مع عدد من المسؤولين السياسيين ورئيس هيئة الحشد الشعبي».
ونوه إلى اعتزامه مناقشة التعاون بين البلدين، الذي تم الاتفاق عليه خلال زيارة حسن روحاني لبغداد (في آذار/ مارس 2019)، وكذلك القضايا الإقليمية، ومقتل سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهما، وباقي قضايا التعاون الإقليمي.
ووفقاً لرئيس الدبلوماسية الإيرانية، فإن زيارته تأتي قبيل زيارة الكاظمي إلى السعودية (اليوم) الإثنين.
وأضاف لوكالة الانباء الإيرانية الرسمية «إيرنا»، إن «ترتيبات زيارته إلى بغداد كانت معدة سابقا وقبل إعداد زيارة الكاظمي للرياض وطهران».
وأكد «عدم ارتباط الزيارتين ببعضهما»، مبينا «أنها فرصة جيدة لتنسيق أكثر قبل الزيارة الإقليمية لرئيس وزراء العراق».
وتابع أن «العراق بإمكانه المشاركة في الترتيبات الأمنية في الخليج ولعب دور مهم في هذا الشأن».
واعتبر هذا الأمر من القضايا التي سيبحثها في بغداد مع المسؤولين فيها، لافتاً إلى أن «الجمهورية الإسلامية لطالما كانت تؤكد على التعاون الإقليمي وقدمت مقترحات متنوعة بهذا الشأن، وآخرها كان مشروع (سلام هرمز) أو (مشروع الأمل) الذي قدمه الرئيس الإيراني حسن روحاني في وقت سابق من هذا العام».
وعقد ظريف أولى لقاءاته في العاصمة بغداد، بنظيره العراقي فؤاد حسين، أعقبه مؤتمر صحافي مشترك.
وقال حسين في المؤتمر: «تطرقنا إلى التبادل التجاري الذي انخفض مؤخراً بسبب الإجراءات الصحية وغلق المنافذ الحدودية، أكدنا على إيجاد سبل الاستمرار بالعلاقات التجارية رغم مواجهتنا لجائحة كورونا، كما تطرقنا إلى الزيارات الدينية وأخذ الحيطة بهذا المجال بسبب كورونا».
علاقات متوازنة
وأضاف: «في مجال الوضع الإقليمي تمت الإشارة إلى ضرورة حماية سيادة العراق، وقلنا لظريف أن قوة العراق تعني قوة المنطقة، ونريد علاقات متوازنة مع جميع دول الجوار منطلقا من المصلحة العراقية والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وناقشا برنامج زيارة الوفد العراقي برئاسة الكاظمي قريبا الى إيران خلال الايام المقبلة».
ظريف، قال إن «العلاقات الإيرانية والعراقية لن تتزعزع، وبالنسبة لنا فإن العراق القوي يحق له أن تكون له علاقات بناءة مع جميع دول الجوار، ويمثل ذلك استقراراً للمنطقة، ونرحب بالدور الفاعل للعراق في المنطقة والخليج»، مؤكداً أهمية «حماية السيادة الوطنية للعراق».
وزاد: «علينا أن نكون على وعي تام في مواجهة التهديد الأمني المتمثل بداعش»، لافتاً في الوقت ذاته إلى السعي لـ«تطوير التعاون الاقتصادي، ولدينا تعاون جيد في مجال الطاقة والتجارة وسنستمر بها وهذه العلاقات في مستوى التوقعات»، مبيناً أن «الزيارات المتبادلة بين البلدين ستنعكس ايجابا على المنطقة».
وتابع: «للأسف اغتيال سليماني والمهندس قامت به أمريكا عبر عملية إرهابية وهي خسارة كبرى لمواجهة داعش وسيتعاون العراق وإيران في متابعة هذا الموضوع الذي نعتبره مهما جدا»، لافتاً إلى أن «العراق جار مميز في التعاون الاقتصادي مع إيران».
وأكد: «سنتابع ملفات الملاحة والحدود المائية والربط بين سكك الحديد بين البلدين».
الكاظمي أيضاً استقبل ظريف، حيث نقل الأخير له، وفق بيان حكومي «اهتمام إيران على أعلى المستويات بالزيارة المرتقبة (للكاظمي) إلى إيران، لبدء مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين».
أكد سعي بلاده لدور متوازن وإيجابي في صناعة السلام في المنطقة
وأكد خلال اللقاء، أهمية العلاقات الثنائية بين العراق وإيران وتطويرها وتنميتها في مختلف المجالات، بما يخدم مصالح الشعبين العراقي والإيراني، فضلاً عن العمل المشترك من أجل دعم أمن المنطقة واستقرارها.
وأضاف: «العراق يسعى إلى تأكيد دوره المتوازن والإيجابي في صناعة السلام والتقدم في المنطقة، بما ينعكس إيجاباً على كل شعوبها بالمزيد من الاستقرار والرفاه والتنمية المستدامة».
في حين أشار ظريف، إلى أن بلاده «تتطلع الى مرحلة جديدة وإيجابية من العلاقات مع العراق، والتوجه لتفعيل الاتفاقيات بين البلدين في مختلف المجالات».
وتضمنت زيارة وزير الخارجية الإيراني، لقاء رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، ورئيس هيئة «الحشد الشعبي»، فالح الفياض، وزعيم تحالف «الفتح»، هادي العامري، وزعيم تيار «الحكمة»، عمار الحكيم، قبل التوجه إلى أربيل للقاء المسؤولين الأكراد.
وكشفت وزارة الخارجية، عن الملفات التي سيبحثها رئيس الوزراء خلال زيارته المقبلة إلى السعودية وإيران.
وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد الصحاف للوكالة الرسمية، إن «زيارة رئيس الوزراء إلى السعودية ستتضمن بحث ملفات العلاقات الثنائية بين العراق والسعودية منها مؤشرات الطابع الاقتصادي والصحي والزراعي والمالي والتبادل الاستثماري والاقتصادي».
وأضاف أن «رئيس الوزراء سيزور أيضا إيران وسيبحث خلال الزيارة ملفات عديدة من بينها التبادل التجاري».
وأشار إلى أن «وزير الخارجية فؤاد حسين بحث مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المرتقبة الى طهران وأهم الملفات التي تتصل بهذه الزيارة».
خفض التوتر
وأكد الصحاف أن «طهران داعمة لحكومة الكاظمي والنهج الذي تتبعه في إطار سعي الدبلوماسية العراقية للانفتاح على كل الأطراف وخفض التوتر والتصعيد في المنطقة».
ويرى السياسي العراقي البارز، نائب رئيس الوزراء الأسبق، بهاء الأعرجي أن زيارة ظريف إلى العاصمة العراقية بغداد في هذا التوقيت «تطوراً للسياسة الخارجية للعراق».
وقال في «تغريدة» على صفحته بـ«تويتر»، أمس، إن «زيارة ظريف جاءت بعد فشل المحاولات في جعلِ زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لإيران قبل السعودية».
وأضاف أن «هذا تطورٌ في السياسة الخارجية أن يلعب العراق دور الوسيط مع جيرانه وليس ساعيَ بريدٍ كما يريد البعض منهم».
في المقابل، أفاد مسؤول حكومي، أن زيارة الكاظمي المقررة إلى السعودية وإيران هي «محاولة لتحقيق التوازن في العلاقات»، فيما أشار إلى أن الكاظمي سيستقبل وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف قبل أن يتوجه إلى الرياض للقاء ولي العهد محمد بن سلمان».
ونقلت «فرانس برس» عن المسؤول الحكومي قوله: «الكاظمي سيزور السعودية وإيران على التوالي هذا الأسبوع، في محاولة لتحقيق توازن في العلاقات مع الغريمين الإقليميين خلال أول رحلة خارجية له منذ استلام منصبه».
وغالباً ما وجدت بغداد نفسها عالقة في شد حبال بين الرياض وطهران، وحتى واشنطن، التي من المقرر أن يزورها الكاظمي أيضاً في وقت لاحق من الشهر الجاري.
وكان العراق اقترح على السعودية مطلع الشهر الجاري حزمة من فرص التنمية التي تركز على الطاقة، لذا من المتوقع أن تركز المحادثات بين الطرفين على تمويل تلك المقترحات ومشاريع البنية التحتية الأخرى، إلى جانب إعادة فتح معبر عرعر الحدودي بين البلدين.
ومن المقرر أن يسافر الوفد مباشرة إلى طهران مساء الثلاثاء، حيث سيلتقي الكاظمي المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي.
وتولى الكاظمي منصب رئيس الوزراء في أيار/مايو بعد أن شغل منصب رئيس جهاز المخابرات لنحو أربع سنوات، ما ساعده على تكوين علاقات متنوعة.
وإضافة إلى صداقته مع ولي العهد السعودي، للكاظمي علاقات جيدة أيضاً مع أجهزة الاستخبارات الإيرانية ودوائر حكومية في الدولة، ما قد يجعل منه حسب مراقبين، وسيطاً بين الخصمين الإقليميين.
وحسب الوكالة الفرنسية، فإن الكاظمي محبوب في واشنطن أيضاً التي سيزورها قريباً لمتابعة الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة. وستكون هذه المرة الأولى التي يزور فيها رئيس وزراء عراقي البيت الأبيض منذ ثلاث سنوات.
ولم يوجه المسؤولون الأمريكيون دعوة إلى رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، الذي اعتبروه مقرباً جداً من إيران.