هيلزبره (المملكة المتحدة): وصل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الإثنين إلى إيرلندا الشمالية، في زيارة يسعى من خلالها لحض الوحدويين والجمهوريين على التوصل لاتفاق يضع حداً للشلل السياسي الذي تشهده المقاطعة من جراء القيود المفروضة في مرحلة ما بعد بريكست على خلفية توترات مع الاتحاد الأوروبي.
ومنذ عشرة أيام تشهد مؤسسات المقاطعة شللا تاما بعد الفوز التاريخي لحزب شيف فين الجمهوري في انتخابات إيرلندا الشمالية.
لكن “الحزب الديموقراطي الوحدوي” المؤيد للمملكة المتحدة، الذي أثار حفيظته “بروتوكول إيرلندا الشمالية” المتفق عليه في إطار اتفاق بريكست الذي وقعته بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي، عرقل انتخاب رئيس للبرلمان.
يرفض “الحزب الديموقراطي الوحدوي” المساعدة في تشكيل إدارة تنفيذية قبل تغيير البروتوكول للتخلص من عمليات التدقيق التجاري بين إيرلندا الشمالية وبر بريطانيا العظمى الرئيسي، والذي يعتقد أنها تهدد وضع المقاطعة ضمن المملكة المتحدة.
ولدى وصوله إلى قصر هيلزبره، حيث من المقرر أن يجري محادثاته، أطلق نحو مئتي متظاهر هتافات ضد جونسون بينهم نشطاء ضد بريكست وأقرباء لضحايا “الاضطرابات”.
وكانت رئاسة الحكومة البريطانية قد أعلنت، الأحد، أن جونسون سيلتقي جميع الأطراف المعنيين، وسيبلغهم بأن لندن “ستؤدي دورها لضمان الاستقرار السياسي”، لكن يتعيّن على السياسيين في إيرلندا الشمالية “العودة إلى عملهم” لمعالجة المسائل المرتبطة بالقضايا الحياتية اليومية التي تهم المواطنين.
وتصر حكومة جونسون على أن البروتوكول يهدد السلام الهش في إيرلندا الشمالية بين القوميين الموالين لإيرلندا وأولئك المؤيّدين للبقاء ضمن المملكة المتحدة.
وحذّرت من أنها ستفعل المادة 16 من اتفاق بريكست لتعليق العمل بالاتفاق، أو تصدر تشريعا يحذف شروطه من قانون المملكة المتحدة، إلا إذا وافق الاتحاد الأوروبي على تغييره.
وقال جونسون، في مقال نشرته صحيفة “بلفاست تلغراف” الإثنين، إن أولئك الساعين لإلغاء البروتوكول “يركّزون على الأمر الخطأ”، داعيا بدلا من ذلك إلى تعديله.
وأضاف “آمل أن يتغيّر موقف الاتحاد الأوروبي… ما لم يحصل ذلك، فستكون هناك حاجة إلى التحرك”.
وتابع “سنضع تقييما مفصلا أكثر وسنحدد الخطوات التالية للبرلمان في الأيام المقبلة، فور عودتي من مناقشات مع الأحزاب المحلية”.
وفي لندن، قال الناطق باسم جونسون للصحافيين إن وزيرة الخارجية ليز تراس ستتحدث في البرلمان الثلاثاء “لتحديد الأساس المنطقي لنهجنا”.
لكن وزير الخارجية الإيرلندي سايمن كوفيني حذّر لندن من القيام بتحرّك أحادي.
وقال كوفيني للصحافيين في بروكسل إن “إيرلندا الشمالية مرتبطة بالتوافق ومحاولة إيجاد مواقف وسط يمكن للجميع التعايش معها والمحافظة على الاستقرار السياسي”.
وأضاف “هذا النهج الذي علينا اتباعه حاليا، لا التحرّكات الأحادية أو التهديدات بتحرّكات أحادية، والتي أعتقد أنها لا تساعد إطلاقا”.
وتابع “التحرّك بشكل أحادي لخرق القانون الدولي، وعدم احترام القرارات الديموقراطية في إيرلندا الشمالية، سيزيد الأمور سوءا إلى حد كبير، ولن يحسنها، في ما يتعلّق بمحاولة حل مشاكل البروتوكول”.
وأردف “هذا آخر ما تحتاج إليه أوروبا في الوقت الحالي بينما نعمل معا بشكل جيد في مواجهة العدوان الروسي ونستجيب للدعم الذي تحتاج إليه أوكرانيا حاليا”.
من جهتها، اتّهمت زعيمة “شين فين” ميشيل أونيل الحزب الديموقراطي الوحدوي بالتسبب بحالة شلل في المقاطعة. وقالت للصحافيين الأسبوع الماضي “أنوي القول له (جونسون) مباشرة أن عليه التوقف عن الخنوع للحزب الديموقراطي الوحدوي”.
وأضافت الوزيرة الأولى المنتخبة أن الحكومة البريطانية “تلعب لعبة العض على الأصابع مع المفوضية (الأوروبية) حاليا، ونحن عالقون وسط” المعركة.
ويفرض البروتوكول عمليات تفتيش على البضائع القادمة إلى المقاطعة من انكلترا واسكتلندا وويلز، لضمان عدم عودة الحدود الفعلية بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا المنضوية في الاتحاد الأوروبي جنوبا.
وكان إلغاء الحدود الفعلية جزءا أساسيا من اتفاق الجمعة العظيمة عام 1998، الذي وضع حدا لثلاث عقود من العنف الطائفي في إيرلندا الشمالية.
ويتوقع أن تتزامن زيارة جونسون مع أخرى سيقوم بها وفد من الكونغرس الأميركي. ولعبت الولايات المتحدة دور الضامن لاتفاق الجمعة العظيمة وأعربت عن قلقها حيال تهديدات المملكة المتحدة بشأن البروتوكول.
وقال الناطق باسم جونسون للصحافيين الجمعة إن الوضع بات “خطيرا للغاية” وعلى الاتحاد الأوروبي إبداء مزيد من المرونة، لكن بروكسل تصر على أنها لن تتفاوض مجددا على البروتوكول.
(أ ف ب)