بعد اسبوعين، وربما اقل، سيبلغ الامريكيون الاسرائيليين والفلسطينيين بانه لم يعد مجال للمناورات، تقريب المواقف والاحابيل المتذبذبة. وسيقررون بانه على اساس الاتصالات حتى الان، هذه هي المبادىء التي يرونها كإطار للاتفاق الدائم خذه أو دعه. ولن يرغب الطرفان في أن يتهما بافشال المفاوضات. لن يرغبا في أن يسمعا من واشنطن السؤال المدوي والحازم ‘ماذا تقترحون إذن؟’. سيرغب الطرفان، رام الله والقدس في التحفظ؛ قبول ما هو جيد في نظرهم فقط (في اسرائيل ترتيبات أمن واعتراف بدولة يهودية، لدى الفلسطينيين دولة على اساس حدود 67 وعاصمة في شرقي القدس). وسيرغب الزعماء في تكرار التجربة السيئة لخريطة الطريق: ارسال رسائل على رسائل لصياغات على نمط ‘نعم، لكن’. والتشديد على كلمة ‘لكن’. هذه مناورة قديمة معروفة. موقعة خيبة أمل. الامريكيون لا يعتزمون السماح بذلك. فبنيامين نتنياهو وأبو مازن يكونان مطالبين بقبول اطار التسوية الدائمة. نقطة. نعم، سيكون بوسعهما أن يقولا ان لديهما تحفظات هامة، ولكن دون أن يفصلاها، وعمليا أن يقودا نحو تذويب الوثيقة بكاملها. ما لديكم لتقولوه، سيقول الامريكيون لاسرائيل والفلسطينيين، قولوه في الغرفة المغلقة. أما الوثيق فاقبلوها. يجدر الايضاح: هذه ليست وثيقة أمريكية. وهي ستعرض كاجماع الطرفين. كيري هو الوسيط. وتفهم واشنطن جيدا بانه اذا ما اعتبرت الورقة كـ ‘رؤيا امريكية’ فليس لها اي معنى. ومن المتوقع لوزير الخارجية أن يلقي قريبا خطابا للجمهور الاسرائيلي ويعرض هذه المواقف. وبكلمات اخرى: المنصة أعدت، المسامير دقت، ومسار الذبح جاهز. المباراة انتهت، على الاقل على المستوى الاعلامي. قد لا يخرج اتفاق سلام من هذا، ولكن أزمة ائتلافية محتمة تقريبا. لقد تحدث جون كيري أمس عن الوهم الاسرائيلي بالامن والازهار، وعن المقاطعة المهددة على الابواب. هذه ليست اقوال عفوية، انها سياسة. اوروبا وامريكا توصلتا الى الاستنتاج بانهما تفهمان بانه كيف يمكن ممارسة ضغط فاعل على اسرائيل: من خلالها نجاحها. لقد شهدت اسرائيل في الثلاثين سنة الاخيرة معجزة اقتصادية. في واقع العولمة، تربط هذه المعجزة بكاملها بالعلاقات المتبادلة بين الاسرائيليين والعالم الغربي. ولكن للنجاح، كل نجاح، يوجد ضعف ثابت: ما اعطي يمكن أيضا أن يؤخذ. النجاح هو نعمة كبيرة، وهو ايضا نقطة ضعف. الاستراتيجية الغربية واضحة: العرض على الجمهور الاسرائيلي الخيار بين الازهار، الثراء والنجاح وبين استمرار السيطرة في الضفة. رد بينيت ‘لم يولد بعد الشعب الذي سيتنازل عن بلاده بسبب تهديدات اقتصادية’ يلقى غير قليل من التحدي التاريخي. فقد دحر الصرب نحو تسوية مع الغرب في حرب يوغسلافيا بسبب ضغط سياسي واقتصادي (فقط تخلوا عن الارض الاقليمية، نزعا للشك). الابرتهايد الجنوب افريقي انهار ضمن امور اخرى بسبب عقوبات حازمة ومقاطعة اقتصادية. ايران ترى بحقوقها النووية صخرة وجود وسيادة، وحشرت الى المفاوضات والى التنازل عن التخصيب بسبب الضغط الاقتصادي. عمليا، في عالم عصرنا، اذا كانت الامم تساوم على الاراضي، فان هذا بشكل عام يرتبط بشكل عميق مع تهديدات اقتصادية وفرص نجاح. المطرقة التي يضرب بها كيري يمكن أن تبدو ضعيفة في البداية، ولكن طرقه سيتعاظم.