جون كيري وبيتر من الرملة

حجم الخط
1

اتصل مشهدان في الوقت الاخير في تفكيري معا ولا يدعانني استريح. قبل ثلاثة اسابيع عرض لي ان كنت في مطعم في نيويورك احتفالا بيوم ميلادي. وكانت المائدة امامنا فارغة، وكانت اكبر من الموائد الاخرى ووجد على طرفها اصيص نرجس جميل. وبعد نصف ساعة اتى خمسة مدعويين الى المائدة. وميزت زوجتي على الفور الغريب الطويل القامة الذي ادار ظهره الينا، كان هو جون كيري وزير الخارجية الامريكي مع زوجته. ولم نعرف الثلاثة الاخرين.
كان المزاج النفسي للجالسين الى المائدة ممتازا. فلم يكف كيري عن الابتسام وتساءلت في نفسي: ‘لماذا يبتسم الا يعلم انه اصبح بمنزلة فكاهة تسير على الارض عندنا؟’ قد لا يعلم وقد يتجاهل ذلك مع العائلة والمقربين، لخصت بيني وبين نفسي.
وعدت الى اسرائيل وانا اخبئ في قلبي استنتاجاتي عن الشخص الذي يريد أن يغير اساليب عيشنا في الدولة وفي المنطقة. وآنذاك رأيت في صحيفة ‘هآرتس’ مقال بيتر من الرملة الى اسرة التحرير، الذي رد بصورة مسمومة على المقالة التي تحدث فيها جدعون ليفي عن كيف تلقى هو وصديقته بصقات من رجل أزعر (‘هآرتس’ 26/5).
ما كان جون كيري من واشنطن وبيتر ذاك من الرملة يتصلان في ذهني لولا ان ختم ذلك الاخير رده بقوله: ‘هكذا ستكون ههنا دولة افضل، لان فلسطينييه لا يعنونني ببساطة’. وفكرت في أن انقل رده الى كيري لكن الكسل والشعور غير العادي بالمسؤولية جعلاني امتنع عن فعل ذلك.
وتذكرت فجأة واقعة من الماضي، فقد كنت قبل سنوات غير قليلة في بعثة رسمية الى جنوب افريقية، والتقيت بوساطة السفير آنذاك الون ليئال مع واحد من وزراء نظام الفصل العنصري وقد كان في آخر ولايته وعرف أن ايام السلطة مع قيمها ومبادئها معدودة.
وبين لي ذاك الوزير بصورة مطولة أن نظام الفصل العنصري هو جزء لا ينفصل عن سياسة صحيحة، وان سقوطه يأتي ‘لاننا لم نستطع ان نصمد امام العقوبات الدولية والوصمة الاخلاقية التي علقت بنا’. ولم يثر السود عنايته. فقد كان يراهم قتلة خطيرين لا غير، لكنه اضطر الى قبول القضاء.
يؤمن بيتر من الرملة ايضا بما يكتبه ومعه كثيرون لا يستفيدون من التاريخ القريب. فهم ينددون بجميع صناع السلام من الاتحاد الاوروبي الى ادارة الرئيس باراك اوباما لانهم يصرون على تذكيرهم بوجود كيان فلسطيني ويتحدونهم بموقفهم الغريب، وهو ان اولئك الفلسطينيين يثيرون الاهتمام.
من المؤكد ان الفلسطينيين لا يهمون كثيرين في اسرائيل لكن ماذا نفعل والى اين نأخذ العار انهم هم خاصة من المجاهيل الذين لا يثيرون الاهتمام هم السبب الرئيس في كون مكانة اسرائيل الدولية مضعضعة جدا.
يكون عالم كبير يا بيتر يعتقد أننا شعب محتل بل مضطهد. تستطيع حينما تكون في ايوان بيتك مع اصدقائك ان تشكو من معاداة السامة وكراهية اليهود، ولكن لا يجرؤ أي رئيس حكومة على الاختباء وراء موقف كهذا. إذن ربما يجب علينا على كل حال أن نستقبل كيري الذي كان قبل سنوات معدودة فقط مرشحا جليلا لرئاسة الولايات المتحدة. فهو ربما يخدم مصالحنا الحقيقية بصورة افضل من التوأمين فايغلين بينيت. اللذين يدعوان الى مهاجمة ايران وتعريض أمن دولة اسرائيل وربما وجودها للخطر. ما زال كيري، الى الان على الاقل، يجول في المنطقة وتجاهل السخرية والاحتكار اللذين وجها اليه. الحقيقة هي ان وضعه، ووضعنا في الاساس، سيئ لانه يواجهه امثال بيتر عندنا وامثال مشعل عندهم ممن يريدون من اعماق قلوبهم ان يتبخر من المنطقة ويدعنا لمصيرنا.

هآرتس 4/6/2013

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول faris:

    الأخ العزيز عوزي سؤال دولة اسرائيل من اوجدها برطانيا ، فرنسا
    التجمع اليهودي الذي تزعمون انها دولة اسرائيل فهي باطله
    ولكن معظم العرب لا يفقهون
    اليهود بريئ من اسرائيل
    وجدت دولة اسرائيل لنزع الخيرات المحيطه بدولة اسرائيل من دول خليجية من بلاد الرافدين ومن بلاد الشام فدعنا من الحقد الطائفي والحقد المتعارف عليه بين الاديان فلولا الحروب لما عاشت الاديان وانتم ككيان وجدتم لتخلقوا الحرب وذلك من اجل منفعت اسيادكم ( اسياد اسرائيل) دولة اسرائيل الوهمي
    وللعلم المرتزقه التي بث معظم الدول العضمى لإقامه دولة اسرائيل لم تكن تعرف عن اليهودية شيئا وانما كاموا عاله على بلادهم
    واذكر مثال بتكوين استراليا فبعد ان كانوا محكومين بالنفي اصبحوا سكان وحرمت وجردت برطانيا من كل شي

إشترك في قائمتنا البريدية