خائن؟

حجم الخط
0

الخيانة هي الجريمة الأخطر في سجل القوانين الاسرائيلي. الجريمة الوحيدة التي عقوبتها الموت. ‘خائن’ هي أيضا الوصف الذي اختاره القاضي دافيد روزين أن يلصقه بايهود اولمرت، رئيس وزراء اسرائيل السابق الذي ادين بتلقي الرشوة وحكم امس بالسجن لست سنوات.
التواضع، كم كتب الحاخام الاكبر ‘الرمبام’ هو أحد أهم ما يتميز به القاضي. ومع ذات القائمة تندرج أيضا الحكمة، الورع، كراهية المال، محبة الحقيقة ومحبة الخلق. القاضي يهوشع غروس، الذي اقتبس عن ‘الرمبام’ شرح بان التواضع مطلوب للقاضي بانه يوجد خوف من أن يرى نفسه فوق الشعب، مثابة الرب.
الغرور هو الخطيئة التي وقع فيها أمس القاضي دافيد روزين. من سمو كرسيه تصرف كمن يضرب بسكرة القوة، الذي يؤمن بان لا شيء يقف في وجهه. ‘خائن’، قال ايهود اولمرت، ‘مجرم’. ‘خنزيرية’، قال. وأنا أرفض التصديق بان هكذا بوسع قاض في اسرائيل أن يتفوه. قاض آخر، القاضي برنزون اقتبس ذات مرة عن الحكيم ‘حزال’: ‘المحترم هو من يحترم الخلق’. اما اتهام اولمرت بالخيانة فهو تجاوز للخطوط. لقد شهد القاضي روزين على نفسه بانه قرأ الـ 19 رسالة التي كتبها في صالح رئيس الوزراء السابق قادة المؤسسات والجمعيات من أجل المحتاجين والناجين من الكارثة ممن ساعدهم. ولعل روزين قرأ الرسائل ولكن قلبه كان مغلقا.
القاضية المتقاعدة حيوتا كوخان، التي جلست صباح امس في ندوة المحللين في قناة 2، اطلقت سهما ساما نحو المتهم رقم 8. اولمرت، كما قضت، ارتكب خطأ جسيما في أنه لم يخفض الرأس امام المحكمة ولم يتصرف ‘بالتواضع المناسب’. قد تكون محقة. ولكن بالتأكيد توجد ايضا امكانية أنه مع كل الاحترام لقرار المحكمة، فان المتهم رقم 8 يعتقد بان جناب القاضي اخطأ في قراره. ايهود اولمرت تمسك بموقفه: لم اعطِ ولم أتلقَ الرشوة من أحد ابدا.
صعب، ويكاد يكون متعذرا في هذه الايام اطلاق صوت آخر يختلف عن الاصوات التي تنطلق في وسائل الاعلام عن ذنب اولمرت الذي اصبح شخصية شريرة. ومع ذلك، فقد برئت ساحة الرجل من مواد الاتهام الخطيرة في المحكمة المركزية في القدس (وادين بخرق الثقة). وينقض منتقدو رئيس الوزراء السابق على القضاة الذين برأوه (هيئة من ثلاثة قضاة برئاسة رئيس المحكمة) ويضعوهم امام عامود العار. لدى منتقدي اولمرت، القضاة لا يوجدون الا في تل أبيب. وهذا مخجل بقدر لا يقل. فإما أنكم تحترمون سلطة القضاء بشكل عام أو أنكم تقبلون القرارات فقط للقضاة الذين يعملون حسب ‘مذاهبكم الفكرية’.
وبعد هذه الاقوال، ينبغي أن نقول أيضا شيئا ما عن نظامنا السياسي: نحن ملزمون بالاعتراف بانه في الدولة التي يجلس فيها رئيس في السجن، ورئيس وزراء سابق يرسل للانضمام اليه، يوجد شيء ما فاسد. شيء ما يحتاج الى نظرة عميقة ومحاولة لمواجهة السؤال كيف وصلنا الى مثل هذا الوضع. وما هي العلة في نظام حكمنا؟
من يبحث عن مواساة قد يجدها في حقيقة أنه حتى بعد 66 سنة من الاستقلال فاننا لا نزال نوجد في مراحل تصميم وجه الدولة. ليس إلا.

يديعوت 14/5/2014

شمعون شيفر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية