خارجية النظام السوري: مسار التطبيع مع تركيا مستحيل قبل سحبها قواتها من الشمال

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي»: أعلن نائب وزير الخارجية لدى النظام السوري بسام الصباغ موقف بلاده من التطبيع مع تركيا مؤكداً أن مسار تطبيع العلاقات السياسية معها «مستحيل» قبل سحب قواتها من سوريا.
ودعا أنقرة إلى سحب جيشها من الأراضي السورية، مبيناً أن النظام السوري مستعد لمناقشة أي جوانب أخرى مع أنقرة، بعد سحب قواتها وعدم الإصرار على بقائها في الأراضي السورية، مستنداً في تصريحات نقلتها وكالة «ريا نوفوستي» الروسية، على قرارات مجلس الأمن الدولي التي تدعو إلى «احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها» مشيراً إلى تصريحات مماثلة صدرت ضمن صيغة أستانة، التي تعد تركيا طرفاً فيها. وذكر الصباغ في تصريحاته، أن وجود القوات التركية على الأرض السورية «احتلال غير قانوني» وأضاف: «يجب سحب قواتها العسكرية، وإلا فإن تطبيع العلاقات بين البلدين سيكون مستحيلا».
وكانت موسكو قد دعت قبل أيام إلى عقد اجتماع رباعي جديد لتطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري، وقالت وزارة الخارجية الروسية إنها تؤيد عقد اجتماع رباعي بشأن سوريا في أقرب وقت ممكن وفق وكالة تاس الروسية. وصرح نائب وزير الخارجية الروسي مبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف، بأنه «لا يوجد موعد محدد للاجتماع بعد لكن من الممكن التحرك في هذا الاتجاه» مضيفاً أن المباحثات ودور الوساطة مازال قائماً مع «أصدقائنا في دمشق، وفي أنقرة، وبالطبع في طهران، هو أننا لسنا بحاجة إلى إضاعة الوقت، وعلينا أن نتحرك بأسرع ما يمكن». مشيراً إلى أن حكومة بلاده تضع «اللمسات النهائية» على خريطة الطريق لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
صحيفة الدايلي صباح التركية، نشرت قبل أسابيع، مقالاً كتبه مدير قسم الدراسات الأمنية في مؤسسة «سيتا» في أنقرة مراد يشيلطاش تحت عنوان: «المستقبل المجهول للمحادثات التركية السورية» تحدث فيه عن مسار النقاشات الدبلوماسية بين الحكومة التركية والنظام السوري وعن الغموض الذي يكتنف مثل هذه النقاشات وعن أُفقها وما إنْ كان هناك احتمالات لتطوير اللقاءات المحدودة التي جرت بين الطرفين في مختلف المسارات الدولية التي تم بناؤها من أستانة إلى جنيف، إضافة للصعوبات التي تَحُول دون تحقيق تقدُّم في تلك العلاقات في حال وجودها.
وعبرت الصحيفة التركية عن أن وصف العملية الجارية بين أنقرة ودمشق بأنها «تطبيع» أمر غير دقيق ومُفرِط في التفاؤُل لسببين أساسيين؛ إذ إن المشكلة الأولى تدور حول وضع سوريا كدولة معترَف بها ضِمن المجتمع الدولي، تمتلك حدوداً وتتمتع بعضوية في الأمم المتحدة، مع ذلك يتطلب التطبيع الحقيقي تحقيق 3 شروط متعلقة بسيادة سوريا؛ ووحدة أراضيها، وتماسُكها السياسي. حالياً لم يتم تحقيق أي من هذه الشروط.
هناك تحدٍّ آخر وفق المقال الذي ترجمه مركز «جسور» للدراسات، يتعلّق بعدم التوافق بين الظروف الحالية والنتائج المرغوبة، إذ إن إحدى القضايا الأساسية في المحادثات بين تركيا والنظام هي مكافحة الإرهاب؛ حيث تمّت الإشارة في السنوات الأخيرة بشكل متكرر إلى اتفاقية أضنة كوثيقة أساسية في هذا الشأن. مع ذلك ما يزال تشكيل نهج تعاوُنيّ جديد بين الطرفين لمحاربة المنظمات الإرهابية مثل حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي)، غير واضح، ولإحداث تغييرات في التوجُّهات السياسية بالنسبة لهذين البلدين، يجب على أحد الأطراف، سواء كان تركيًا أو النظام، تعديل مواقفهما بشكل كبير بشأن وحدات حماية الشعب؛ إذ إن تركيا ثابتة في موقفها ضد حزب العمال الكردستاني وفرعه في سوريا، وتهدف في النهاية إلى تحييد الوحدات الكردية وتقليص الأراضي التي تسيطر عليها تلك الوحدات وبالتالي تضعيف وجودها السياسي شمال شرق سوريا، وهنا تكمن إستراتيجيات محتملة متعددة، كلها توفر حلولاً قصيرة الأمد فقط.
ويمكن للنظام القضاء على وجود حزب العمال الكردستاني على طول حدود تركيا وطرد وحدات حماية الشعب أيضاً من مناطق مثل منبج وتل رفعت. لكنّ الامتثال الطوعي من حزب العمال غير محتمل، مما يتطلب إجراءات إكراهية لا يمتلك النظام حالياً القدرة أو النية لتنفيذها، وكبديل محتمل فقد تطلق تركيا عملية عسكرية محدودة مع الجيش الوطني السوري ضد حزب العمال ووحدات حماية الشعب، مما يقوّي موقف النظام ضد الجماعة، مع ذلك فإن التحدي الذي تمثله الشراكة المستمرة بين وحدات حماية الشعب والولايات المتحدة يجعل المحادثات مع النظام صعبة ومعقدة، لذلك فالاختلافات في ترتيب الأولويات لقضية مثل الإرهاب هي العامل الرئيسي وراء عدم تقدُّم المحادثات.
وتطرق المصدر إلى الغموض الذي يكتنف دور المعارضة السورية في المناقشات التركية السورية، فقبول الشروط التي وضعها النظام من أجل السلام يعني ضِمناً استسلام المعارضة السورية، التي لا تستطيع التفاوُض عملياً مع النظام وهي تتخلى عن هياكلها العسكرية والسياسية، لا يمكن أن تقبل تركيا مثل هذا السيناريو.
وبالنظر إلى حالة عدم اليقين التي تميز مفاوضات المصالحة، أظهر المقال مخاطر عديدة موجهة ضد تركيا، وقد يمثل الحفاظ على الوضع الراهن، إلى جانب الوجود المتزايد لوحدات حماية الشعب شمال شرق سوريا، تهديداً إستراتيجياً لتركيا. كما أن هناك خطراً من أن يستخدم النظام المحادثات لإطالة أمد النزاع إستراتيجياً، علاوة على ذلك إن مسعى إيران لتعميق وجودها في الأراضي السورية وإعادة تشكيل سوريا ديموغرافياً يمثل تحدِّياً إضافياً لتركيا.
وفي مايو/ أيار الماضي، اتفق وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران وسوريا، خلال اجتماع رباعي في موسكو على تكليف نوابهم لإعداد خريطة طريق لاستئناف العلاقات بين دمشق وأنقرة، المقطوعة منذ بدء الأزمة السورية في العام 2011. وذكر بيان ختامي للاجتماع الوزاري الرباعي في العاصمة الروسية أن المشاركين في الاجتماع اتفقوا على «تكليف نواب وزراء الخارجية بإعداد خارطة طريق لتطوير العلاقات بين تركيا وسوريا، بالتنسيق مع وزارات الدفاع والاستخبارات للدول الأربع».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية