يعرف النزاع او الصراع الداخلي في العادة على انه تضارب في المصالح والمعتقدات واختلاف في توزيع عوائد الثروة وتقاسم السلطة، وقد برهنت اغلب الدراسات التي اجريت حول موضوع النزاع الداخلي في دول الوطن العربي مرده الى عدم اخذ البعد الديمغرافي والجغرافي في الحسبان، اضافة الى تضارب المصالح والاختلاف في توزيع مكاسب الثروة والسلطة بشكل عادل مما ادى الى اضعاف هذه الدول وتفتيت نسيجها الاجتماعي والديمغرافي وروابطها التنظيمية وجعلها عرضة لتكون لقمة سائغة لدى دول الجوار والدول الطامعة في ثرواتها وخيراتها واراضيها. كل هذا ما كان له ان يحدث لو تم الاخذ بعناصر الجغرافيا السياسية والديمغرافيا الوطنية والتي هي عوامل استقرار وثبات لهذه الدول ولنظامها السياسي، ولكن لم يكن هذا! ان سياسة التهميش تارة واسلوب التطنيش تارة اخرى لبعض المناطق الجغرافية في الوطن العربي، وكذلك تهميش البعد الديمغرافي الوطني ادى الى تصاعد النزاعات وارتفاع وتيرتها في السنوات القليلة الماضية وادت الى استنزاف في مقدرات الثروة المادية والبشرية وشكلت حالة وجع في خاصرة الوطن العربي وحالة عدم استقرار فية، وعملت على ارباك برامج التنمية ومشاريعها واعاقة عجلة التقدم والتطور لعشرات السنين. ان الاستقرار السياسي والتنمية لا تتم في ظل النزاعات والاحتقانات الداخلية وسياسات التهميش لبعض فئات المجتمع، ولكن يمكن التغلب عليها واحتواؤها باعادة الجغرافيا السياسية والديمغرافيا الوطنية الى مربعها الطبيعي في العمل السياسي وذلك من خلال اجراءات وسياسات عامة اجتماعية واقتصادية وثقافية تجعل كل قوى المجتمع بكافة فئاته ومناطقة الجغرافية خلية نحل في العمل وعينا ساهرة على استقرار وامن الوطن وتتعزز اكثر واكثر بوجود مظلة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وقبل هذا وذاك وجود الارادة السياسية الواعية والمنتمية لحاضر الوطن والمستشرفة لمستقبله والقادرة بامكانياتها الذاتية على مواجهة الازمات والتحديات بكل حكمة ودراية وتنهد باخلاص لبناء المجتمع المدني الديمقراطي الذي يضمن الحياة الكريمة للجميع. بهذه المفاهيم يتم بناء السلام والاستقرار والامن لاوطاننا وننهي حالات النزاع والصراع الداخلي الى غير رجعة ونعزز دورنا في خدمة السلام العالمي ونبني المجتمع العربي القوي على مبادئ الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية تحت مظلة الديمقراطية التي ينشدها الجميع من المحيط الى الخليج . الدكتور زيد احمد المحيسن