خاشقجي وريجيني وجرائم اليمن وسوريا… تتصدر مؤتمر الإفلات من العقاب في الدوحة

نورالدين قلالة
حجم الخط
0

الدوحة ـ «القدس العربي»: وجه مؤتمر «مكافحة الإفلات من العقاب» الذي بدأت فعالياته، أمس الأحد، في بادوحة، نداء إلى المجتمع الدولي بالعمل على إعلاء مبادئ العدالة، والتصدي للجرائم التي تنتهك حقوق الإنسان ومتابعة المتسببين فيها.
وناقش المؤتمر، الذي افتتحه رئيس الوزراء ووزير الداخلية القطري عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، جرائم الحرب في سوريا، وجريمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وأوضاع حقوق الإنسان في مصر.
وفي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية، أكد رئيس اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان علي بن صميخ المري أن «حضور أكثر من 250 منظمة ومحكمة دولية وممثلي بعض الوزارات ومراكز الأبحاث والخبراء، يمثل أكبر دليل على الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي لمحاربة الإفلات من العقاب».
ودعا إلى «إنشاء مرصد دولي للوقاية، والمساءلة، وعدم الإفلات من العقاب يقوم بالدراسات وتقديم المشورة، ودعم المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية ودعم الدول في تطوير التشريعات والآليات».
واقترح أن «تكون المفوضية السامية لحقوق الإنسان والبرلمان الأوروبي أعضاء أساسيين في هذه الآلية»، كما دعا «مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أيضا إلى إنشاء مقرر خاص معني في قضايا عدم الإفلات من العقاب».
وبين أن «على المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إنشاء فريق عمل لتقديم دراسة تقييمية عن الآليات الوطنية والإقليمية والدولية لمناهضة الإفلات من العقاب ورفعها للأمم المتحدة».
وطالب «المجتمع الدولي بإدراج الإرهاب وحصار الشعوب باعتبارهما جريمة ضد الإنسانية في نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998»، مقترحا تعديلا على النظام الأساسي وفقا للمادة 121 من النظام نفسه.
وأعرب عن أمله في أن «يخرج المؤتمر بتوصيات لتفعيل آليات العدالة الجنائية الدولية، وكفالة حقوق الضحايا في الوصول إلى آليات العدالة».

تحقيق المساءلة

مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، أكدت في مداخلة لها أن «التجارب الواسعة والمتنوعة التي يتناولها هذا المؤتمر تستند إلى حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي أن تحقيق المساءلة وإنهاء الإفلات من العقاب يجب أن يكون أولوية للمجتمع الدولي».
وحصرت، مسألة الإفلات من العقاب في ثلاثة جوانب، «النظر إلى المساءلة بطريقة شاملة، بالإضافة إلى إمعان النظر في أوجه التوافق بين المساءلة والوقاية، فضلا عن أن معالجة الصراع تتطلب النظر إلى أسبابه الجذرية، التي غالبا ما ترتبط بعدم المساواة والتمييز المنهجيين وكذلك الإقصاء الاجتماعي».

انتهاكات هائلة

أما رئيس اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي بيير أنطونيو بانزيري، فأعتبر أن «الافتقار إلى المساءلة في أعقاب عمليات القتل الوحشية التي تعرض لها الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول وطالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة، تؤكد أن آفة الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لا تزال قضية قائمة في العصر الحالي».
وزاد أن «العالم يشهد يوميا عدد هائل من انتهاكات حقوق الإنسان التي تمر دون عقاب أو اعتراف».
وأضاف أن «مبادرة الحكومة المصرية لتعديل الدستور تنطوي على إمكانية واضحة لزعزعة استقرار البلاد أكبر. علاوة على ذلك، فإن الاقرار بالحقوق العادلة للمصريين ومعالجة قضايا المساءلة أضحى أمرا غير مرجح في ظل سيطرة السلطة التنفيذية على القضاء وترسيخ مفهوم المحاكمات العسكرية للمدنيين في الدستور».
وبين أن «المساءلة هي التربة التي يمكن أن يتجذر فيها السلام..المساءلة يمكنها أن تزرع بذور المصالحة».
ودعا إلى «إرساء مبدأ المساءلة كركيزة أساسية في بنية العدالة الدولية»، معتبرا ذلك من «أكبر التطورات في العصر الحديث في مجال مكافحة الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني».
سيمون آدمز، المدير التنفيذي للمركز العالمي للمسؤولية عن الحماية، أوضح أن «الإفلات من العقاب هو أحد المسببات الرئيسية لتفشي العنف والجريمة، كما أن عدم تطبيق العدالة على مرتكبي المجازر يفتح شهية الآخرين لارتكابها».
وشدد على «ضرورة تضافر الجهود الدولية لمنع مثل تلك الحوادث من التكرار مثل الذي وقع في سوريا حيث شن النظام السوري هجمات كيماوية على المدنيين في العام 2013 ولم تطاله المساءلة القانونية عن الجريمة التي ارتكبها فتكررت الهجمات بالأسلحة الكيميائية ستة مرات بعدها لعدم وجود رادع حقيقي».
وأضاف أن «التاريخ علمنا أنه عند التخلي عن تطبيق العدالة فذلك يجعلها أكثر تفشيا في دول العالم وضرب مثالا على ذلك حادثة مقتل 40 طفلا من التلامذة في اليمن في قصف صاروخي ولم تتم إدانة أي جهة في تلك الحادثة».
وأكد على «ضرورة حظر بيع السلاح للدول التي تتلطخ أيديها بالمجازر ضد المدنيين كالحرب الجارية في اليمن والتي لقي آلاف المدنيين الأبرياء مصرعهم فيها». كما نوه على أن «استخدام حق الفيتو من بعض الدول هو أحد أهم معوقات محاسبة الجناة وتقديمهم للعدالة».

المطالبة بتعويضات

في السياق، أشار باولو سيرجيو بينهيرو، رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية في سوريا، في تصريحات لـ«القدس العربي» إلى أن «العالم يعج بنزاعات حادة تشكل مسألة الإفلات من العقاب نقطة أساسية فيها»، داعيا إلى «ضرورة تطبيق مبدأ مساءلة المتسببين في هذه النزاعات ومتابعتهم قضائيا». وقال: «لما لا المطالبة بتعويضات نتيجة الجرائم ضد الإنسانية التي تم ارتكابها».
وبشأن الضوع في سوريا، بين أن «على عاتق الدول والحكومات مسؤولية عظمى لمكافحة الإفلات من العقاب، وأن في حالة سوريا هناك انقسامات حادة في المجتمع الدولي حيال الوضع في هذا البلد، لكن عدة مؤسسات يمكنها المساعدة في تسوية الأوضاع في سوريا على غرار لجان التحقيق وتقارير المبعوثين الخاصين».
وأضاف «أنا على بينة من التزام قطر بقضايا حقوق الإنسان عندما شاركت قطر مع المؤسسات الدولية، خاصة في إطار السعي نحو استتباب الأوضاع في سوريا»، معتبرا ذلك «عمل مكمل لجهودنا الرامية إلى تحسين الأوضاع في سوريا».
إلى ذلك، اعتبر رئيس التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان كارلوس نيجريت موسكيرا في تصريحات لـ«القدس العربي» أن «المهم حاليا أننا أهم المنظمات العالمية في مجال حقوق الانسان تجتمع اليوم في قطر، للعمل على وضع حد لمسألة الإفلات من العقاب في العالم، لأنه مادام هناك إفلات من العقاب فلا وجود لحقوق الإنسان. وأيضا إذا لم يكن هناك مجال لحقوق الإنسان فلا وجود للديمقراطية».
أضاف أن «قطر تنظم هذا المؤتمر للحديث عن ثلاثة أمور: الإفلات من العقاب، حقوق الإنسان والمساءلة وتطبيق العدالة»، مشيرا أن إذا تم «تنظيم المسائل الثلاثة في إطار ديمقراطي يمكننا أن نصل إلى نتائج رائعة».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية