خبراء: البرلمان التونسي لم يخرق الدستور في جلسته الأولى

حجم الخط
0

تونس – «القدس العربي» من حسن سلمان: لم يتوصل البرلمان التونسي الجديد في جلسته الافتتاحية من التوصل إلى انتخاب مكتب الرئاسة (رئيس المجلس ونائبيه)، حيث اضطر رئيس الجلسة لإبقائها مفتوحة حتى يوم الخميس بناء على اقتراح من قبل «نداء تونس» وموافقة أغلب الأعضاء، وهو ما أثار جدلا حول «دستورية» هذا الإجراء، في وقت لم تنفِ فيه حركة النهضة وجود مفاوضات غير مباشرة مباشرة مع «النداء» حول هوية رئيس البرلمان المقبل.
وكان رئيس الجلسة علي بن سالم أعلن تأجيل النظر في انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه مع إبقاء الجلسة الأولى مفتوحة حتى يوم الخميس، بعد موافقة 161 على مقترح تقدم به حزب «نداء تونس» وزكته حركة «النهضة»، وأثار هذا الإجراء جدلا لدى بعض النواب الذي شككوا بـ «دستوريته»، فيما لمح آخرون إلى وجود «صفقة سياسية» بين أكبر كتلتين في المجلس تقوم على تقاسم الأدوار داخل المجلس وخارجه.
وأكد القيادي في حركة النهضة العجمي الوريمي أن قرار التأجيل تم بناء على اقتراح رئيس كتلة «نداء تونس»، مشيرا إلى أن اختيار رئيس المجلس سيكون بالتشاور والوفاق أو بالتنافس، مشيرا إلى أنه من الأفضل لـ «نداء تونس»، الذي يسعى لإقناع منافسيه بأنه لا يسعى للهيمنة، أن يقبل بمبدأ الوفاق ويبتعد عن تقديم مرشح للرئاسة.
وخلال حديثه مع «القدس العربي»، لم ينف الوريمي وجود مشاورات غير مباشرة حاليا بين «النداء» والنهضة» فيما يتعلق برئاسة المجلس وبقية الأمور السياسية، ملمحا إلى أن الأمور تتجه نحو تخلي «نداء تونس» عن رئاسة المجلس «كي يضمن وضعا أفضل في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية.
ويقول «في حال الوفاق فالأرجح أن ترشح النهضة عبدالفتاح مورو وفي حال المنافسة فسنرشح سمير ديلو، ونحن نعتقد بأن مورو ربما هو الخيار الأنسب للمرحلة، لكننا لن نضعه في كفة التنافس والترجيح لأنه مرشح فوق الأحزاب ويفترض أن يتم اختياره بالتراضي».
من جهة أخرى، اعتبر القيادي في الجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي أن الحجج المقدمة من قبل الأطراف التي دعت لتأجيل الجلسة «ضعيفة وغير مقنعة»، داعيا الأحزاب السياسية الكبرى إلى تحمل مسؤوليتها وعدم تحميل المجلس (البرلمان) مسؤولية تعثر المشاورات السياسية.
وأضاف لـ «القدس العربي»: «لا نرى موجبا لتأجيل النظر في انتخاب مكتب الرئاسة (رئيس المجلس ونائبيه)، وطالبنا باحترام الدستور وتطبيقه ومراعاة الأوضاع العامة في تونس والتي تستوجب أن يدخل مجلس نواب الشعب بسرعة في القيام بمهامه وصلاحياته، وخاصة فيما يتعلق بالبت بشأن القوانين التي لم يقع النظر بها فيها خلال المجلس التأسيسي، وخاصة قانون المالية المنظم للحياة الاقتصادية والاجتماعية خلال 2015 والذي ينص الدستور على أن تتم الموافقة عليه قبل 10 كانون أول/ ديسمبر الحالي».
وأكد أن الجبهة لن تقدم أي مرشح لرئاسة المجلس، و «لكننا سنرشح النائبة مباركة عواينية البراهمي لمركز النائب الأول للرئيس، وسنتعامل بإيجابية مع جميع المرشحين للرئاسة، في ضوء تفاعل بقية الكتل بشكل إيجابي مع مرشحنا لنائب الرئيس».
وكان بعض النواب اعتبروا أن تأجيل انتخاب رئيس المجلس ونوابه يعد خرقا كبيرا للدستور، مشيرين إلى أن الدستور لا يخول رئيس الجلسة بدعوة النواب مجددا للحضور، فيما اعتبر آخرون أن الأمر قانوني وتكرر في برلمانات عدة في العالم.
ويعلق الخبير الدستوري غازي الغرايري (الأمين العام للأكاديمية الدولية للقانون الدستوري) على هذا الأمر بقوله «من تجارب المؤسسات المقارنة نشهد بأن الجلسة تأخذ عدة حصص وتتجاوز هذه الحصص اليوم الواحد، ونسمي ذلك جلسة مفتوحة أي تبقى الهيئة في انعقاد، وبالتالي ما حدث في البرلمان التونسي لا يعتبر «شذوذا» أو خرقا للدستور، على أن تكون بقية الحصص المخصصة لاختتام هذه الجلسة متواترة وقريبة زمنيا حتى لا يقع التمطيط الذي يمكن استخدامه كأداة لربح وقت سياسي لهذا الطرف أو ذاك، أي أن علينا انتظار كيفية التعامل مع إنهاء الجلسة الأولى في الحصة القادمة لنتبين حدوث خرق للدستور أم لا».
وينص الفصل 59 من الدستور الجديد على أنه «ينتخب مجلس نواب الشعب في أول جلسة له رئيسا من بين أعضائه، ويشكل مجلس نواب الشعب لجانا قارّة (دائمة) ولجانا خاصة تتكون وتتوزع المسؤوليات فيها على أساس التمثيل النسبي، ويمكن لمجلس نواب الشعب تكوين لجان تحقيق، وعلى كافة السلطات مساعدتها في أداء مهامها».
ويؤكد الغرايري لـ «القدس العربي» وجود بعض التساؤلات القانونية المتعلقة بتركيب اللجان وسيرها وضبط النظام الأساسي، «فلما نلاحظ أن الرأي العام يضغط باتجاه الذهاب للتصويت مباشرة والعمل على قانون المالية بحكم العنصر الزمني الضاغط نتساءل: كيف يمكن الحديث عن التصويت لقانون والمجلس ليس له نظام داخلي يحدد قواعد التصويت».
كما يرى أن تبرير عدم دعوة المرزوقي من قبل المجلس بـ «الالتزام بقانون الفصل بين السلطات» أمر غير منطقي، على اعتبار أن التقاليد في تونس تقتضي حضور رئيس الجمهورية لهذا الحدث الهام، «خاصة وأنه مؤخرا تمت دعوة رئيسي الحكومة والجمهورية لحضور افتتاح السنة القضائية، وبالتالي فإن مبدأ الفصل بين السلطات يجب تطبيقه على جميع الحالات».
يُذكر أن المرزوقي غاب عن الجلسة الافتتاحية للبرلمان، حيث أشارت مصادر في الرئاسة أنه لم يتلق دعوة رسمية من المجلس كما هو معمول به في البروتوكول، وهو ما أثار استنكار عدد كبير من السياسيين الذين حملوا مكتب رئاسة المجلس السابق مسؤولية هذا الخطأ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية